«مئوية الإبادة الأرمنية»...عربش: الأرمن.. كما أسطورة طائر الفينيق

«مئوية الإبادة الأرمنية»...عربش: الأرمن.. كما أسطورة طائر الفينيق

ثقافة

الخميس، ٨ مايو ٢٠١٤

صادف الرابع والعشرين من نيسان لعام 2015 الذكرى المئوية لسلسلة المجازر المرتكبة بحق الأرمن فأصدر سمير عربش كتاباً حمل عنوان «2015 مئوية الإبادة الأرمنية»، مشيراً إلى أن هذه المجازر بلغت ذروتها على يد الاتحاديين من خلال ارتكاب جريمة إبادة وصفت من معظم المؤرخين والمفكرين على أنها الصفحة الأكثر سواداً في تاريخ القرن العشرين
كما قيل عنها إنها الأبشع في تاريخ البشرية، تحالف عنصري بين الطورانية والصهيونية أودى بحياة مليون أرمني، والهدف هو محو الأرمن والعرب من الوجود، وواصفاً إياه بأنه تحالف مفعم بالشوفينية اعتمد عمليات تطهير مذهبي وطائفي.
جاءت مقدمة الكتاب بقلم د. نبيل طعمة فكتب: «مئة عام مضت على أقبح مجزرة مرّت من بين عقول الإنسانية سمة الجنس الحي؛ التي فقدها بعضه المتجلي مع نهاية السلطنة العثمانية التي أقدمت على محاولة إبادة شعب بأكمله، وبما أن الحق لا يموت ولا يفنى، وبحكم وجوده اللامادي لا تستطيع القوى المادية ومهما بلغت بها القوة أن تفنيه».
 
عمق التاريخ
أراد الكاتب أن يضيف بكتابه لبنة جديدة إلى الكتب التي تناولت هذا القضية أملاً أن يكون بمنزلة صوت صارخ في الضمير العالمي، فكانت البداية مع أرمينيا من عمق التاريخ وحتى الاحتلال العثماني، إذ أشار المؤلف إلى أن المكتشفات الأثرية أثبتت أن الأرمن القدامى استوطنوا منذ غابر الأزمنة في المناطق الجبلية من هضبة أرمينيا الواقعة بين هضاب آسيا الصغرى وبلاد فارس، أما الدراسات المفصلة التي تناولت تاريخ الشعب الأرمني وأصوله العرقية توصلت إلى أن الأرمن هم من الشعوب الهندو-أوروبية.
كما تحدث الباحث عن السلطان الأحمر أي السلطان عبد الحميد الثاني الذي دام عهد لمدة ثلاثة وثلاثين عاماً وحكمه الاستبدادي بشكل خاص مع العرب والأرمن وشعوب البلقان، وقرار الإبادة وخطط تنفيذه.
 
شهود عيان
وبعد ذلك انتقل ليروي لنا تفاصيل المجزرة الكبرى، مشيراً إلى أن انشغال أوروبا بنيران الحرب العالمية، أتاح الفرصة أمام الاتحاديين للبدء بالمجازر، ومبيناً أن ضحايا المذابح تربو على ثلثي الشعب الأرمني.
وعرض عربش بعض الشهادات الحية التي وردت على لسان شهود عيان (أتراك وأجانب وأرمن)، منها شهادة سكرتير المدير العام المساعد لشؤون المنفيين في مذكرات نعيم بك إذ قال «لا أنسى ليلة عاصفة قوية تلحق الخراب والدمار بكل شيء، إذ على مسافة قليلة من رأس العين كنت في مكتب القائم مقام وكنت أسمع عويل المنفيين البؤساء الذين كانوا تحت رحمة العاصفة»، أما محمد شريف باشا سفير الدولة العثمانية في السويد قال بعد خمسة أشهر من عمليات الإبادة: «إن المجازر التي اقترفها العثمانيون بحق الأرمن فاقت وحشية جنكيز خان وتميورلنك من دون شك، وكم أشعر بالأسى والأسف عندما يفكر العثمانيون أن شعباً ذكياً موهوباً يجب أن يختفي من التاريخ».
 
اعترافات دولية
وأوضح المؤلف أن أول إشارة بالاعتراف بهذه الجريمة وردت في أحد قرارات مؤتمر السلام عام 1919 في باريس الذي نص (نظراً لسوء إدارة الأتراك لرعاياهم من الشعوب الأخرى، والمذابح التي ارتكبوها بحق الأرمن وبحق شعوب أخرى في السنوات الأخير)، أما الإشارة الثانية كانت عبر معاهدة سيفر عام 1920، وفيما يتعلق بالجمعية العامة للأمم المتحدة فقد أعلنت قراراها عام 1946 أن الإبادة العنصرية تعتبر بموجب القانون الدولي جريمة بحق روح وأهداف الأمم المتحدة نبذها العالم المتمدن.
 
علاقات راسخة
وعن العلاقات الأرمنية العربية بيّن عربش أنها تعود إلى القرن الأخير قبل الميلاد، وتحديداً إلى عهد ديكران الثاني 95-55 ق. م، إذ كان هذا النوع من العلاقات قد اتخذ صبغة عسكرية بادئ الأمر، إلا أنه سرعان ما تطور إلى شتى أنواع العلاقات الأكثر رسوخاً وصداقة.
وأضاف قائلاً: «تقول الأسطورة إن طائر الفينيق ينبعث من رماده مجدداً، بعد أن يحترق، فهو كائن أسطوري ورد ذكره في التراث الشعبي القديم لدى الفينيقيين والإغريق والرومان والفرس والصينيين والمصريين، هكذا هم الأرمن الذين كانوا ينبعثون من رماد محارقهم عبر آلاف السنين من تاريخ حفل إلى جانب الإنجازات الحضارية، بمختلف أنواع الويلات والنكبات التي لم يتعرض لها أي شعب في العالم، حيث دفعوا ضريبة وجودهم في الحياة زهاء مليوني شهيد بسبب أبشع جرائم الإبادة العنصرية التي ارتكبها العثمانيون بحقهم».
كتاب جديد حمل عنوان «2015 مئوية الإبادة الأرمنية» لسمير عربش، تناول فيه قضية الأرمن مسلطاً الضوء على تاريخ أرمينيا، وجرائم الإبادة التي ارتكبها العثمانيون بحق الشعب الأرمني، كما تناول النص الكامل لقرار المحكمة الدائمة للشعوب، والعديد من الملفات المتعلقة بهذه القضية.