"تحت قبة ما" مجموعة شعرية لصالح محمود سلمان..

"تحت قبة ما" مجموعة شعرية لصالح محمود سلمان..

ثقافة

الثلاثاء، ٢٩ أبريل ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
يعتمد الشعراء غالباً في منظوماتهم الشعرية على عاطفتهم في كتابة أي نص شعري، إذ تشكل العاطفة بشكل طبيعي الركن الأساس في بنية القصيدة، وهذا الركن غالباً ما يتوفر عند معظم الشعراء الذين يمتلكون مواهب حقيقية ونزوعاً تجاه الحالة الإنسانية. إلا أن الشاعر صالح محمود سلمان اختلف بشكل كلي عن الحالة التي اعتمدها أقرانه من الشعراء؛ فإذا تناولنا نصه "منى" الذي يقول فيه:
( عاد من رحلة في أعالي البحار / تكلله نفسه / لم يزر أحدا قبل رحلته / بعد عودته لم يزره أحد)
نجد أن العاطفة التي سببت كتابة هذا النص لم تكن وحدها في نسيج القصيدة حيث أضيف إليها مكونات أخرى تمكنت من أن تحقق انسجاماً في الرؤى الفلسفية وفي العاطفة الشعرية، وبرغم الأسباب السيكولوجية التي سببت وجود النص نجد أن الحالة الفلسفية موجودة تماماً مضافة إلى التشكيل الشعري والعاطفة مما يدل على وجود تشكيل ليس بقليل حتى تمكن النص من انتزاع هويته على الساحة الشعرية.
وذلك تجلى أيضاً في النظام الشعري الذي اعتمد المنطق في المقدمات والنتائج وما بينهما أمام تكوين النص الشعري. وهذا لا يختلف كثيراً في الجمل الشعرية التي تكونت من ألفاظ منتقاة وأسلوب تعبيري يؤدي إلى سهولة ممتنعة. والعمل على وجود نص لا يختلف عن اللوحة التشكيلية في تركيبه وتشكيله الشعري؛ لاسيما أن الحوارية التي بات يعتمدها الشاعر تعمل على تثبيت مكانة النص الشعري الذي جاء بها الشعراء الأقدمون لاسيما أن القصيدة التي بين يدينا وعنوانها (وسألت عن قلبي) تحمل كثيراً من الدلالات التي أوجدها الشاعر سلمان في حواريته الشعرية التي قال فيها:
( وسألت عن قلبي صديقي النهر
قال: اليوم حياني ومد الكف للعشب/ اشتهيت حديثه المقطوف من همس الحصى كالبيلسان).
وإن كانت الدلالة الشعرية كثيرة في نصوص الشاعر فهي تتراوح وتتفاوت بين السهولة والصعوبة في كتابة النص الشعري أو سلامته، وهذا أسلوب اعتمده الشاعر وغلب على تناوله قصائد المجموعة ومعانيه. ولا تختلف الومضة الشعرية التي حضرت في بعض قصائده فهي موجودة بشكل ملحوظ دون أن يفرط بكينونة القصيدة وحضورها الفني وألقها الإنساني مما جعل المتلقي أيضاً متمكناً من متابعة الشاعر الذي يريد أن يرفع وطنه ويشهر عواطفه ويصل إلى فوضى الحضور هنا وهناك؛ خلافاً لما فعله الشاعر صالح سلمان حيث يقول في نص "مشهد":
(ماء على الفيروز يرسم بهجة للعيد)
والعيد المدثر يدرك تماماً مدى أهمية النص الحديث إلا أن شخصية الشاعر إذا لم تتمكن من حماية أدواته فلابد للقصيدة من الانفلات والضياع كما جاء في قصيدة "المنفي" يقول:
(يكفيك أنك لم تكن سطراً تخط حروفه/ أيضاً تبعثر ما تراه/ وقد تجمع/  إنما في بقعة ختمت عليها قبضة)..
وهذا ما يعتمده الشاعر صالح محمود سلمان في قصائده التي سلكت أسلوباً حديثاً قوامه العاطفة والتجديد والرؤى الشعرية والأصدقاء.