قراءة نقدية في مجموعة سلافة الروح النقدية للدكتور راتب سكر

قراءة نقدية في مجموعة سلافة الروح النقدية للدكتور راتب سكر

ثقافة

الاثنين، ٣١ مارس ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
في سلافة الروح تعتمد في قصائدها أسلوباً شعرياً حديثاً إلا أنه لا يتخلى عن الجوهر الشعري الأصيل فهي تجمع بين الأصالة والمعاصرة وفق الجوهر الحقيقي لمنظومة الشعر التي تعتمد على البناء التركيبي المكون من العاطفة والموسيقى والدلالات الصور، وهذه أسس تأتي عبر عملية التحول من الكم إلى الكيف التي تتكون من التكثيف الذي تلتقطه مخيلة الشاعر وتدمجه بالثقافات المتنوعة ثم تعمل العاطفة على التحول الكيفي الذي يأتي بالقصيدة كما جاء في قصيدته على أبواب صاحب بريد الموصل التي يقول فيها:
يا سيدي.. وأمير أوراقي الصغيرة
سامح غفلتي.. عن دهرها
وأعن عثار توهمي.. وجنون خطوته
يحث شرود لهفتها
وهذه أنماط شعرية ترتكز على موهبة حقيقية طالما دافعها الانفعالي الوجداني الذي يتأجج بالأحاسيس والمشاعر خلال تواصل الشاعر مع أولئك الذين يلعبون دوراً أساسياً في تكون الجوهر؛ ومن هذه المكونات يأتي الشعر ودون قصد تدخل القيم الجمالية والدلالات التي يبتكرها الشاعر بفعل موهبته وبتأثير لثقافته فتجتمع قاطبة لتشكيل لوحة النص الشعري بما تذهب إليه من موضوع لابد أن يكون للوجدان وجود في أهدافه، يقول في قصيدة بيان المثقل بالتنائي:
سلام على مثقل بالتنائي.. وقد باعدت.. سكرة الدهر رحلي
يدي لوحت من بعيد.. كأيدي سكارى يغيبون ما بين واد وتل
وحيداً أنادي.. تغطي المسافات صوتي.. وأي الغيابات يكفي لقتلي
وثمة حالة أخرى ترفل فيها مجموعة سلافة الروح هي ظهور الأصالة الشعرية في قصائده بعد أن شهدت مخيلته الواقع الشعري القديم بما فيه من رؤى اجتماعية ومواضيع عكست حياة شعوب ومجتمعات وأوضحت معالم حضارات لكنها بحاجة لم يفهم مكنوناتها ويتمكن من التوغل في سراديبها؛ لذلك ظهرت حالة الإسقاط والمحاكاة والتناص التي من شأنها أن تعلي مكانة القصيدة وتدل على مقدرة التعبيرية من حيث تفاعله وتعامله مع امتداد القصيدة عبر الأزمان؛ وذلك بعد إنجاز عمله الإبداعي الذي تظهر فيه موسيقى الشعر الجاهلي وأنغامها وامتدادها الإنساني بشكل أعطى رؤى جديدة أجاد الشاعر في صياغتها وطرحها، يقول في قصيدة معرفة الدار بعد توهمي:
بذل الوجود ضياءه.. بظلام أيامي.. وعتم توهمي
مالت بشائره.. تراقص جرة العسل الجميل.. على خبايا علقمي
وواضح أن الكتابة الشعرية عند راتب سكر ترتكز أساساً على دافع الانفعال الحسي الصادق الذي يشير لمتلقي النص أنه أمام واقع.. وينتمي هذا الواقع إلى أساس فني من المفترض أن يكون مختلفاً كون نتيجة هذا الانفعال لا تشابه الانفعال الآخر عند الإنسان العادي يقول راتب سكر في قصيدته (بحضرتها البتول):
مرّ الخريف.. مبعثراً أوراقه.. في طلعة الوادي.. فلون بالشحوب
رسوم رحلته وغاب.
ثمة أمر هام لا بد من التوصل إليه أن هذه العاطفة تعتبر فعلياً السبب الرئيس في آلية الحركة التي تبدأ منذ الكلمات الأولى في النص إلى الكلمات الأخيرة والتي من المفترض أن تكون متواصلة ومتكاملة كما ورد في أغلب قصائد النص، وقصيدة سلافة الروح نموذج.. والتي يقول فيها:
أتدري كنه ترتيلي؟
تنقله على الأغصان
يسحب قوس حكمته
بأوتار الكمان
إلى أن يقول في نهاية النص:
فيمضي نحو غايته.. مدينته القصيدة.. رتلت بمراحه.. أنشودة
ملأت جناح الشوق.. في الكون الرحيب.