بعد انقطاع ثلاث سنوات.."نبض ولون" في صالة السيد بدمشق!!

بعد انقطاع ثلاث سنوات.."نبض ولون" في صالة السيد بدمشق!!

ثقافة

الثلاثاء، ٢٥ مارس ٢٠١٤

ريم الحمش
artreem@hotmail.com
شهد معرض نبض ولون للفنون التشكيلية الذي افتتح في صالة السيد بدمشق تحت رعاية وزارة الثقافة إقبالاً مميزاً من عشاق الفن التشكيلي، إذ أتاح الفرصة للجمهور ولمتذوقي الفنون الجميلة للاطلاع والتعرّف على أعمال هؤلاء الفنانين والفنانات وعلى الحركة التشكيلية السورية بصفة عامة إذ إنه أول معرض تستضيفه الصالة بعد فترة ركود استمرت ثلاث سنوات بسبب الأزمة.
يتضمن المعرض لوحة واحدة للفنان علي السرميني تجسد دمشق القديمة إلى جانب 25 لوحة متنوعة الخامات بين المائي, إكرليك، زيتي بالإضافة إلى النحت والغرافيك لستة عشر فناناً شاباً من متفوقي كلية الفنون الجميلة منهم معيدون ومنهم طلاب دراسات عليا، وهم: أحمد النفوري، إياد الحموي، جهيدة البيطار، حسان جربوع، خولة العبد الله، رهف مرتضى, سامي الكور، شذى الحوراني، شذى ميداني، صبا رزوق، عبيدة زريق, علاء الشرابي، علي المير، عمار عسالي، وعد شيخ قويدر.
يقول الفنان التشكيلي علي السرميني: للفن التشكيلي الدور الكبير في هذه الحياة للتعبير عن مشاعر الأمل والتفاؤل بمستقبل سورية الذي ما زال فيه نبض وحياة وضرورة خلاصنا من هذه الأزمة وانتصارنا على هذه الحرب القذرة ضد بلادنا, وما هذا المعرض إلا تطواف بين أزمان وحالات مختلفة تتغنى بقضايا إنسانية عديدة، وكلها تصب في صلب ما يود أن يعبر عنه الفنان تجاه الحب, الوطن, والجمال.. والجميل في هذه الأعمال التي تعكس حساسية الفنان العالية هو معالجة كل فنان لأعماله برؤيته الخاصة وأسلوبه الفني الذي تتجسّد فيها أفكار متنوعة تبعاً لاتجاه ومكونات كل فنان.

رؤى حديثة...
تحت ظلال الواقعية المختزلة يبحر علاء الشرابي وهو معيد في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بدمشق، ليقدم لنا حواراته التشكيلية في صمت الكلام وخيال وتأمل وكلها تأملات فنية تسطع تفسيراتها من خلال الألوان التركيبية والتي منحت العمل التشكيلي نوعاً من الإضاءة الجمالية فتداخل الألوان وزخمها بدا لنا كمشهد رومانسي بداخله رسوم لأشكال حيوانية وأسطورية خفيفة الظل تبعث في المشاهد طاقة إيجابية لا تقاوم.
خولة العبد الله.. معيدة في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بدمشق قدمت عملاً واحداً أظهرت فيه مهارات أكاديمية واضحة في توزيع القيمة التشكيلية على كافة أرجاء اللوحة التي تماهت فيها مع السريالية كمنطق فلسفي وحالة جمالية كما شاركت شذى ميداني بأربع لوحات تتداخل فيها العلاقات اللونية والعمل التجريدي.
أحمد النفوري خريج قسم التصوير من كلية الفنون الجميلة بدمشق في عام 2013, قدم عملاً واحداً اعتمد فيه على اللون وطاقته التعبيرية وفق نظم إيقاعية تعزفها فرشاة انعكاسية غنية بالضوء، وبقدرة التماهي الوهمي بالفراغات المتصلة والمنفصلة، لتبرز مزايا لغة الفنان النفوري الحياتية التناقضية، وفلسفته النابضة بالفن البصري الذي يعتمد على حركة جزئيات اللون، والتلاعب بالفواصل والفراغات والأبعاد، وكأنه يكتب نوتات موسيقية تعتمد على التوازن والتضاد والإحداثيات الهارمونية وكأنه يترك للبصر سرعة ملاحظة مبنيّة على السكون والحركة من خلال اللون والحجم، والشكل التجريدي في مساحات تفتح حدود البصر لنتأمل اللون وسماكته، وحركة ضربات تتنازع فيها المشاهد الحسية لتظهر بين العتمة والضوء بوصفها سرديات تتجاور وتتحاور من خلالها الألوان بشكل مواز للخطوط القلقة المتراخية حيناً والمشدودة أحياناً أخرى.. كما تضمنت أعمال الغرافيكي الوحيد الفنان إياد الحموي موضوعات إنسانية وبتقنية طباعة (اللينينيوم)، وهو خريج قسم الحفر والطباعة بكلية الفنون الجميلة بدمشق, وتميزت أعمال الفنانة جهيدة بيطار- وهي من مواليد (1991)، تخرجت من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق 2013- ببساطة الصياغة البصرية برؤية إبداعية نسيجها اللون والخط وحركة المفردات, فهي ترسم بأمل جميل وأمنيات تظل في مسافات اللوحة تعبر عن الحالة البصرية المبهرة وتمضي لتقنعنا حتى لو كنا في حالة انتظار لهذا المخفي والذي ترمي إليه محورياته بأن الأمل قادم عندما يظهر فجره ويأتي إلينا.. كما شارك الفنان حسان جربوع بلوحة كبيرة واحدة عكست الحالة المزاجية اللونية بطرح فلسفي نلمس من خلاله الميول إلى الرؤية الذاتية بمفردات لونية شعرية نستطيع تحليلها من خلال عامل التصور البصري والقدرة على التشكيل التجريدي البحت بتوظيف اللون وانسيابيته في لوحة الفنان, وتحاول الفنانة وعد الشيخ قويدر- من مواليد (1990) خريجة قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق 2013- العمل على موضوعات صعبة للاستفادة مما تعلمته في الكلية فتحول اللون إلى لحن بصري فلا يهم عند النظر إليه أن نشاهد من خلاله عناصر ملموسة أو أطياف أشكال أو أشكال بقدر الاستمتاع بتصور اللمسة اللونية ومكانها وما نتج عنها من تكوينات وتنغيمات لونية والأثر الذي تحدثه في تشكيل سيمفونية تطرب العين، وتوقظ الحس، محدثة بذلك جدالاً فكرياً في خيال المتذوق أو المشاهد للوحات الفنية.
ربا سرايجي.. تخرجت من قسم النحت في كلية الفنون الجميلة بدمشق قدمت عملي نحت لشخصيتين حيث تكتشف التناقضات الحسية من فرح.. حزن.. ألم.. دهشة.. قلق.. وخوف، وما إلى ذلك من المشاعر المختلفة التي صاغتها ربا بتعبيرية تجريدية منحت الجسد صفة الكل. انطلاقاً من الكل إلى الجزء، وبالعكس حيث ترى في تكتلاتها صلابة تجمعات هي من طبيعة الإنسان المجبول عليها فطرياً.. أما صبا رزوق فتعتبر الفن تجربة ذاتية تسائل كل الأسئلة التعبيرية المألوفة، وتحاول صياغة مسالك إبداعية تتسم بالانزياح والمغامرة، ليبقى الهم المركزي في العملية الإبداعية هو تحقيق المعادلة الصعبة للتشخيص الجديد الذي يكمن في محو الفواصل بين التجريد الخالص والواقعية القصوى.. كما استطاعت عبيدة زريق السيطرة على مكوناتها اللونية لتكوين نوتات نابضة بلون يمتلك قوة الحياة لنتنقل وجدانياً بين الواقع التعبيري المأخوذ من الطبيعة وقوتها التخيلية، والخيال الواقعي المأخوذ من الإنسان، وفلسفته القادرة على جمع الصور الكونية والحسية، والفكرية في معنى حياتي متجانس وجودياً مع الحالات الفنية التشكيلية، والمعادلات الجمالية التي يحملها اللون وجزئياته المقترنة بالضوء وبنبض تشكيلي خاص بعبيدة زريق ورؤيتها للحياة.
معرض نبض ولون علامة مهمة في الفن السوري المعاصر تنبئ بفجر جديد.


عالمي....
"سيرة حياة رأس" للفنان العراقي صادق الفراجي
يستقبل مركز بيروت للمعارض البيال، مجموعة من الأعمال التشكيلية وتجهيزات فيديو موزعة في الصالات الفسيحة، من إنتاج الفنان العراقي صادق الفراجي الذي اختار العيش والعمل في أوروبا..
"سيرة حياة رأس" هو عنوان هذه الإطلالة من بيروت التي تستمر إلى 13 نيسان 2014.
رجله النموذج الذي يغطي الكثير من المساحات في الأعمال المعروضة، هو على ما يبدو رجلٌ آلي، "روبوت"، لا يحسب للجاذبية حساباً بل يطير في فضاء كأنه يمشي على مياه إنه المتحرر من الأثقال والمشكلات لأنه يجسد المخلوق ذا الملامح المموهة، منتصباً وسط المكان من دون أن يتميز عن سائر الذين يرافقونه، كأنهم ترددات افتراضية لوجوده هنا، في الرأس أو في الكعب، أو مشقلباً هكذا تتواجه الأجساد ولا تتآخى أو تتلاقى فراغات ووحدات مضاعفة عشرات المرات، مهما كانت الإيقاعات العشوائية فاضحة أو هوائية أو مجانية.. لا نعرف لماذا كل هذا السواد فوق أرض مونوكرومية بيضاء وطحينية، مضافاً إليها مشحات سوداوية تصغر في مكان وتكبر في مكان آخر.
الشخص المضاعف عدده في المساحات الكبيرة، هو كما يتصوره الفنان من الرموز التاريخية، مع نكهة تدعو للابتسامة لا نعرف كيف ولماذا أتى أبطال من غياهب التاريخ ليتحدّونا ببرودة، من دون أن يراعوا أذواقنا أو ثقافتنا أو معرفتنا بأسرار الماضي وأشخاصه الذين عُرِفوا بأفعالهم السيئة أو اللافتة.
انتقالاً إلى تآليف أخرى، حيث نرى وجوهاً مرصوصة، سوادها وخطوطها البيضاء يمنحانها علامات تعريفية تساهم في الاقتراب منها في حالة لا مبالية أولاً، لتتحول فيما بعد إلى تفحص وتركيز لفك أسرارها ومحاولة معرفة أصحابها تزور المربّعات التي تستقبل هذه الوجوه، كلمات منها عناوين تروي قصصاً خاصة أو فكرة راجحة أو تسمية آنية تربك المتلقي ربما أو تتحداه من دون رحمة.
يقول الفنان الفراجي: فجأةً أتذكر الفنانين الذين يتقنون فن المسرح الإيمائي ويعرفون كيف ننسى أسماءهم ووجوههم ولا نعود نرى سوى ليونة أجسامهم ومهارة تعابيرهم التي تحركنا هل نبكي أم نضحك؟ أتذكر موهبة فائق حميصي التي أطربتنا وأعجبتنا وكانت بارعة في إيمائها الصامت أفكر كم فقدنا من القيم الفنية بسبب الحرب!!
أعود إلى هذه الظلال السوداء ثم أفارقها أتجول بين عنصر من هنا وعنصرين من هناك أو تجمعات، لكنني لا أتخلص من الشعور بعزلتها بين المحفورات والمطبوعات والرسوم والفيديو، يطول المشوار صادق الفراجي لا يخترع البارود لكنه يعرف تنويع معروضاته لجلب اهتمام المتلقي ودفعه إلى التساؤل إلى أي مدى ينجح في مغامرته في تحدي المنطق الافتراضي على حساب مسايرة ذوق المتفرج العربي العادي؟.