قراءة منهجية في كتاب "المفاتيح العشرة للنجاح" للدكتور إبراهيم الفقي

قراءة منهجية في كتاب "المفاتيح العشرة للنجاح" للدكتور إبراهيم الفقي

ثقافة

الأحد، ٩ مارس ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
لازال واقع الشعب العربي غريباً منذ أن رزح تحت نير الاستعمار حتى يومنا هذا.. يؤمن بالغياهب التي تأخذه إلى المستحيل!!.. وإن كان ما أذهب إليه نسبياً, إلا أن النتيجة تؤدي إلى صحة ذلك الواقع ومدى خطورته، باعتباره أصبح يؤمن بالخرافة ويتلقف ما هو على السطح دون أن يغوص إلى الأعماق ويمكن أن يصنع من الحبة قبة!!..
فماذا إذا كان ما هو مكتوب على غلاف الكتاب الذي هو بين يدي صحيحاً وإنه تم بيع ملايين النسخ دون أن يسأل واحد عن ثمنها ودون أن يسأل هل أتى مؤلف الكتاب بأشياء خارقة ابتكرها وأبدعها، أم أنه جاء بما جاء به غيره وكتب على غلاف كتابه وعلى متن الصفحات الأولى ممنوع التصوير والاقتباس!..
"المفاتيح العشرة للنجاح" يعددها في الصفحات الأولى من كتابه وهي الدوافع والطاقة والمهارة والتصور والفعل والتوقع والالتزام والمرونة والصبر والانضباط، ثم يقدم شرحاً لتلك المرتكزات التي عدّدها ولا يلتفت القارئ إلى بعض العبارات التي بدأ فيها شرح مرتكزات ما، على سبيل المثال يبدأ بشرح الدوافع والتي يعتبرها محرك السلوك الإنساني بقول لفرانسيس بيكون (نصيب الإنسان موجود بين يديه)، ثم يتساءل: هل توافق معي على أننا من دون دوافع لا نمتلك الرغبة بعمل أي شيء، متابعاً سرده كمعلم صف يقف أمام التلاميذ ويأتي بأمثلة وشروحات..
وبرغم كل الشهادات التي يحملها والتي بدأت بعلم الميتافيزيقا ومرت بالتكييف العصبي والبرمجة والطاقة والتنويم والسلوك البشري وإدارة المبيعات والتسويق وأشياء أخرى، إلا أنها تبتعد عن الواقع لتقترب من ما يشبه الحلم!!.. أي قد تكون هي شهادة الميتافيزيقا مطبقة على ما يطرحه، إلا أن إبراهيم الفقي نسي مثلاً أن كلمة "دون" إذا سبقها حرف جر تغير مجرى الموضوع!..
فكل هذه الثقافات لم تشفع له وتعرّفه إلى ذلك، وكل هذه المبيعات لم يدرك القارئ أن ما هو في الكتاب شرح لتلك الكلمات والعبارات التي جاءت في مقدمات مرتكزاته.. وكما بدأ الدوافع بقول لفرانسيس بيكون يبدأ المهارة بقول لجيم رون "البحث عن المعرفة هو إحدى الخطط للوصول إلى السعادة والرخاء". كما يبدأ مفتاحه الثامن بقول لأرستوتلس: "الحكمة هي التجربة مضاف إليها التأمل"، ثم يدل على نفسه من خلال الغلاف في كلمات تقول: "سيأخذك الكاتب والمحاضر العالمي إبراهيم الفقي إلى اكتشافات يرشدك فيها إلى الطريقة التي تصبح فيها متحمساً في الحال ويكون لديك الخطة التي تمكنك من الاحتفاظ بهذا الحماس وتمدك بالطاقة المتأججة في أي لحظة"..
وغالباً يقتصر كثير من أدعياء الثقافة على (طق الحنك) وبرامج التلفزة التي تدخل في إطار الدعاية والإعلان والربح المادي..
وإن ما كتب على غلاف الكتاب من دعايات سيدفع بكثيرين إلى اعتباره أداة تنموية تدريبية لمجرد أنه اشتراه ووضعه على رف مكتبة أو على طاولة دون قراءة أو تصفّح لأنه إذا فعل ذلك سيجد القارئ الذي كان مطلعاً قليلاً على علم النفس أو علم الطاقة؛ بأن فاخر عاقل، علّامة علم النفس السوري، قد تعمق بمثل هذه المفاتيح وشرحها وقدم فيها كثيراً من الكتب والمؤلفات بشكل علمي ومنهجي وقد لا يكون هذا الرجل معروفاً إلا عند القلة وعندما كان إبراهيم الفقي يبحث عن طريقة مادية للوصول؛ صدر كتاب "طبائع البشر في الكويت" لفاخر عاقل، وفي سورية صدر العديد من الكتب له ولغيره مثل وليد زريق الذي قدم مناهج بحثية وأسساً علمية سواء عبر نظريات الفلسفة وعلم النفس وغيرها أو عبر الكتب السماوية، وكان القرآن الكريم نموذجاً حيوياً وهاماً في ذلك المجال.. وفي حال امتلك القارئ بعض الأسس التطبيقية بعلم النفس يجد أن ما هو داخل هذا الكتاب لا يتعدى رغبة الشركات المذكورة في رفع اسم صاحبه شعاراً أمام المثقف العربي الضعيف!!..
فكيف فعلت شركة والت ديزني الأمريكية ما فعلته؟!. ولا يسأل القارئ إن كان عنترة العبسي في زمن الجاهلية قد درس في والت ديزني أو في المركز الكندي للتنمية البشرية أو هل درس الميتافيزيقا في أمريكا أو زار معهد التنمية في كندا؟!..
وهل يعلم إنسان هذا الزمان أن كل هذه البهارات والترّهات لا تضيف شيئاً ولا يمكن أن تصل إلى ما يفعله حفظ بيت شعر واحد لعنترة العبسي في التقوية والتنمية أو تضيف ما أضافته الصحراء العربية والخيول الأصيلة أو ما قاله أبو الطيب المتنبي في مطالع قصائده أو أبو القاسم الشابي أو أحمد شوقي وهل درس أبو الطيب المتنبي في الولايات المتحدة الأمريكية حتى قال:

الرأي قبل شجاعة الشجعان    هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة      بلغت من العلياء كل مكان

هل بمقدورنا القول: إن شخصية قائل هذه الأبيات ينقصها تنمية ويجب أن تمر على السيد فقي بمهاراته وخوارقه التي أفتش فلا أرى منها شيئاً حتى تكتسب شيئاً، وهل بمقدوري أن أقول: إن أبا القاسم الشابي الذي مات في العشرينيات من عمره لم يكن ماهراً عندما قال:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة      فلا بد أن يستجيب القدر

ومن المفترض أن أتساءل قليلاً إذا جرّب القارئ العربي الذي يقرأ كل عشر سنوات صفحة وقرأ كل شهر كتاب هل سيظل رهين برامج التلفزة أو كتب  "البسطات السريعة" أو رهين الدعايات الأمريكية وغيرها فيطرح نفسه صاحب طاقة وتنمية ويصدق ما طرحه ويبدأ بالشرح والتنظير والتهويل والتكبير.. إذاً علينا أن نفتش عن رفات عنترة العبسي ونضعه في مشفى الأمراض العقلية لأنه ناقص التنمية وقوة الشخصية إلى حد قال فيه:

وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي       حتى يواري جارتي مأواها

وقال:
وإذا شربت فإنني مستهلك         مالي وعرضي وافر لم يكلم


ونضيف إلى هذه الشخصيات عباس محمود العقاد والطيب تيزيني ونبيل طعمة وعبد الرحمن منيف وغسان كنفاني ونزار قباني وكثيرين فكيف اشتغلوا على التنمية والفلسفة وعلم النفس وكيف دخلوا التاريخ ولم يشربوا "متة"  وهم يسمعون إلى إبراهيم الفقي أو يقرؤون مفاتيح نجاحه.
لقد مات إبراهيم الفقي رحمه الله فعلى الباحث في باراسكولوجيا القرآن أن يقرأ له شيئاً من سورة القارعة عساه يفسّر لنا ما معنى ميتافيزيقا هو ومن يردد هذه الكلمة.