أحمد أبو زينة: باتجاه عالم ذي تجريد بحت !!

أحمد أبو زينة: باتجاه عالم ذي تجريد بحت !!

ثقافة

الاثنين، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٣

ريم الحمش
 artreem@hotmail.com
الأمل..التفاؤل..السعادة..المرح والفرح، هذا ما يدعو إليه الفنان التشكيلي أحمد أبو زينة في معرضه الذي أقيم مؤخراً برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة الشعب بدمشق.
ضمّ المعرض خمساً وعشرين لوحة تشكيلية تنتمي إلى التجريدية بقياسات مختلفة وبتركيبة فنية وجمالية تتناغم فيها كل مقومات العمل الإبداعي الذي يوحي بالحركة ويبعث صدى موسيقاه في شكل ابتكاري جديد، يتمظهر بعمق ونوعية تشكيلية معاصرة، تجعل من عناصر العمل سمة لونية منسجمة بطبقات خفيفة وأشكال متعددة فارقة، وأحياناً تتمثل في كتل لونية منزوية في خانات شكلية، بصياغة وتنغيم ونظْم منسجم مع كل المكونات الجوهرية، وتقوم بتحريك تلك الكتل عبر مساحات متقاطعة حيناً ومتوالفة أحياناً بكتل أخرى.
عن عمله يقول أبو زينة: إن نجاح تجربتي الفنية يعتمد على التوازن والقدرة وتوظيفهما لخلق عمل فني ناجح، وهمّي في النهاية هو التوجه لقيم الآخرين لوضع علاقة بين التضاد بمفاهيم روحية وواقعية إنسانية ومخاطبتها بألوان ومساحات لونية تصادمية متضادة وممزوجة بروحانية وواقعية تبسيطية لخلق حوار حضاري إنساني بكلمات أخرى في توضيح اللامرئي.
يقترح الفنان أبو زينة عالماً ذا تجريد بحت، ومرتبطاً برؤيته للأشياء والكائنات ويستند مسلكه التقني إلى التناقضات وعفوية التعامل مع الألوان وقيم الشفافية والعمق مما يجعل المتلقي أمام سينوغرافيا بصرية في مسار تشكيلي يرتكز على حرية الحركة وينأى عن أي تعامل منظم ومفكر فيه مع العوالم المحيطة؛ فمن خلال تفوقه الإبداعي في التعامل مع الضوء يمنح لكل عمل من أعماله نقطة "تبئير" تقود المتلقي في عملية اكتشاف أعماق اللوحة وأبعادها المختلفة فلكل لوحة من لوحات أبو زينة شهادة ميلاد فنية، وحالة شعورية وروحية وتصوير نوعي لأبحاثه المستمرة، لأن عالمه الفني التصويري يتسم بتوالي وتتابع الارتجالات والأصداء، ما يعزز استمرارية وديمومة أعماله التشكيلية، ويعمق بنياتها الموسيقية الداخلية وإيقاعاتها الشعرية الصامتة وفق لعبة التلاشي الدقيقة.
يقول الفنان أبو زينة: المشهد الذي أبحث عنه موجود في ذاكرتي وعاطفتي وهو عبارة عن أفكار ومشاعر وألوان مأخوذة من الحياة المشرقة والبعيدة عن الكآبة والحزن وكل ما يعكر النفس البشرية، متمنياً أن تكون هذه المحاولات في هذا المعرض تتحدث عن نفسها لخلق قاعدة صلبة روحانية المشاعر في نفس المتلقي.
نطل من خلال لوحات أبو زينة على موهبة فنية، تفكر كيف تحول عناصر هذا المظهر إلى علاقات لونية وشكلية، تقع في صف الفن التجريدي بامتياز انطلاقاً من علاقته العفوية باللمسة المتحررة، وما تجسده وتقيمه من تطلعات فنية تزيد من الإحساس بالحرية التلوينية والتكوينية، يوضح ذلك طغيان الحقل البصري الذي يجعل لنفسه مساحة رحبة، حيث نجد في لوحته امتيازاً لأي لون، حتى الضوء يتبادل الأدوار مع العتمة، عن ذلك يقول أبو زينة: الغرض من أعمالي إثارة المشاعر للمشاهد من خلال ألواني, فاللون هو المحرض الرئيس في أعمالي حتى إنه يبدو معقداً أحياناً؛ فأنا أضع الألوان على اللوحة مباشرة ولا أحمل /باليت/ وألجأ عادة إلى اللون الصريح، ولا أمزج الألوان مع بعضها لأني أبتعد عن فكرة انسجامها مع بعضها، وغالباً ما ألجأ إلى حوار الألوان الصريحة على القماش مباشرة..الألوان الصريحة تحرّضني وأنا بالتالي أضعها على اللوحة للغرض نفسه لتحريض المشاعر الصافية لدى المتلقي.
الفنان أحمد أبو زينة خريج قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 1970، عمل أكثر من ثلاثة عقود في تصميم وتنفيذ الديكورات الداخلية، ويمتاز بأسلوبه التجريدي وتصوير الألوان المتضادة والصارخة، كما أقام العديد من المعارض داخل سورية وخارجها، ونال مؤخراً جائزة «بينالي الخرافي الدولي الرابع» في الكويت للفن المعاصر الذي شارك فيه 90 فنانة وفناناً تشكيلياً من 17 دولة عربية بينها سورية.