المقدم غسان جديد في مهب الريح .. تفاصيل – خفايا – آراء .. شهادات في الراحل(5 من 6)

المقدم غسان جديد في مهب الريح .. تفاصيل – خفايا – آراء .. شهادات في الراحل(5 من 6)

ثقافة

السبت، ٢٠ أبريل ٢٠١٣

شمس الدين العجلاني
alajlani.shams@hotmail.com
المقدم غسان جديد، من الضباط السوريين الذين أسدل عليهم الستار، ولم يعد أحد يتذكره، برغم إنه في يوم ما وزمان ما، كان حديث القاصي والداني، فأي أمة هذه التي تنسى أولادها! قيل فيه في الخمسينات من القرن الماضي، ما جعله يكون تارة في الدائرة البيضاء، وأخرى في الدائرة السوداء، ولم يخرج علينا أحد ليقول لنا الحقيقة المغيّبة، هو شهيد الوطن والواجب في عرف البعض، وهو مجرم قاتل في عرف البعض الآخر، مما جعل تبيان اللون الأبيض من اللون الأسود أمراً معقداً...
هنا نستعرض بعضاً مما قيل في الراحل غسان جديد ممن عاصروه سواء كانوا أصدقاء له أم غير أصدقاء..

إبراهيم يموت:
حول مشاركة المقدم غسان جديد في الانقلابات العسكرية يقول أحد قادة الحزب السوري القومي الاجتماعي إبراهيم يموت: " كان أركان حلف بغداد يعدون انقلاباً في الشام يكون أواخر عام 1956، وكان ذلك بعد استقالة عبد المسيح والمعارضين لحلف بغداد المشبوه.
صلة الوصل من الجانب العراقي كان اللواء الداغستاني والزعيم صالح السامرائي، ومن الحزب المقدم غسان جديد يعاونه المقدم محمد معروف وسعيد تقي الدين وكلف غسان جديد بقيادة الانقلاب في الشام، وذكر تفاصيل ذلك الصحافي البريطاني المعروف "باتريك سيل" في كتابه، الصراع على سورية، إلا أنه جرى صرف النظر عن الانقلاب في الشام بعد أن رفض غسان جديد التوقيت المحدد له، وبعد أن تسربت أخباره للسلطة في دمشق."
ويؤكد صديق غسان الضابط محمد معروف اشتراك غسان في الانقلابات العسكرية: (تتالت لقاءاتي مع غسان، وجمعته بالملحق العراقي العقيد السامرائي الذي لمست منه قناعةً واستعدادا لمؤازرتنا في كل عمل من شأنه تغيير الوضع المتردي في سورية) ويتابع: (كان غسان، عميد الدفاع في الحزب، قد أجرى اجتماعاً لمجلس العمد وعرض على المجتمعين خطة مقتضبة لإحداث انقلاب عسكري في سورية وشرح الوضع السياسي والعسكري وأن الفرصة مؤاتية للحركة وأن حظها من النجاح كبير، وقد حصل على موافقة الحزب وتفويض منه، وأطلقت يده في العمل... كانت مهمة غسان هي إدخال عدد من القوميين مع بعض العسكريين إلى دمشق بلباس عسكري لاعتقال عدد من الضباط الذين يشكلون خطراً حقيقياً على الحركة، ثم احتلال الأركان والإذاعة لإعلان البيان الأول...).
ويتهم نصر الشمالي على لسان الفريق عفت البزري المخابرات الأمريكية باغتيال غسان جديد: «كان الفريق البزري يعتقد اعتقاداً راسخاً أن الجهة التي اغتالت المالكي هي ذاتها التي اغتالت أنطون سعادة واغتالت غسان جديد، إنها المخابرات الأمريكية، وهو كان يدعم قناعته هذه بالمعلومات التي اطلع عليها بوصفه عضواً في هيئة المحكمة التي نظرت قضية المالكي. لقد كان يترحم عليهم جميعاً ويعدّهم شهداء الوطن وضحايا العدو الأمريكيِ».

موسى علي السيد:
يشير موسى علي السيد إلى نقطة هامة لم يتم التدقيق بها والوقوف عندها فيقول: "لا يحتاج غسان جديد إلى شهادة من أحد، ولكن لابد من تأكيد حقيقة أن الأموات لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، أما الأحياء فيفعلون، فمناقبية غسان جديد الوطنية فوق الشبهات، إذ يكفينا أنه دفع ثمن وطنيته المتألقة بالعنفوان من دمه، وهو بعد في عز شبابه، حيث تم اغتياله في بيروت في 19 شباط 1957، وقبل يومين من هذا التاريخ قالت إذاعة إسرائيل. أي في السابع عشر من شباط، إنه تم اغتيال غسان جديد في رأس بيروت...".

عبد السلام العجيلي:
يشير الكاتب والسياسي عبد السلام العجيلي في معرض حديثه عن جيش الإنقاذ وتعداد المشاركين في عداد الجيش فيقول، الملازم صلاح الشيشكلي وهو شقيق لأديب الشيشكلي، والملازم عبد الحميد السراج، والملازم شفيق العبيسي الذي استشهد فيما بعد، والأستاذ خليل كلاس وهو محام من حماة، والأستاذ عبد الكريم زهور مدير تجهيز ثانوية دير الزور ومحمد عطورة وهما من حماة أيضاً، والملازم عمر صفر، وفؤاد جديد الذي كان برتبة نائب في شرطة الجيش وتطوع في جيش الإنقاذ. "ويقول العجيلي، إنه سمع أخا غسان جديد، الضابط في الجيش السوري، ينذره وهو يودعه، قائلاً: - إذا جبنت يا فؤاد فأنا أقوصك... ويقول العجيلي إن غسان جديد لم يتخلف إلا قليلاً فقاد سرايا الهجوم في معركة بيسان ودخل فلسطين إلى منطقة المثلث الخطر...

المحامي نصري أبو سليمان:
المحامي نصري أبو سليمان الذي تولّى مهمة الدفاع عن المقدم المسرح غسان جديد أمام المحكمة العسكرية التي نظرت في قضية اغتيال عدنان المالكي، عرض في المحكمة ملف المقدم المسرح غسان جديد، فتبيّن أن إحالته إلى مجلس التأديب العسكري جاء بناء على اقتراح مقدم من العقيد عدنان المالكي، وموافقة رئيس الأركان شوكت شقير، وحين وافق أعضاء مجلس التأديب العسكري على تسريح المقدم غسان جديد اعترض العقيد عدنان المالكي، وطلب إحالة المقدم غسان جديد إلى القضاء العسكري لإصدار حكم بحقه وإيداعه السجن أولاً، ومن ثم تسريحه استناداً إلى قرار القضاء العسكري، ونتيجة عدم اتفاق أعضاء مجلس التأديب العسكري في هذه الجلسة أجّل الموضوع إلى جلسة أخرى، ولم يطوَ الملف نهائياً كما يقول رياض المالكي أو شقيقه عدنان المالكي، وفي الجلسة الثانية أقنع أعضاء مجلس التأديب عدنان المالكي بأن يسرعوا بتسريح المقدم غسان جديد، لأن إحالته إلى القضاء العسكري غير مضمونة النتائج، لاسيما وأن النائب العام العسكري العقيد محمد الرافعي له أفكار قومية. وعليه وافق المجلس العسكري في الجلسة الثانية بكامل أعضائه على تسريح المقدم غسان جديد، وصدر قرار التسريح موقعاً من رئيس الأركان شوكت شقير ووزير الدفاع خالد العظم ورئيس الجمهورية شكري القوتلي. ولم يكن للعقيد عدنان المالكي أية صلاحية بالتوقيع على مثل هكذا قرارات، لأنها من صلاحية الثلاثة الذين وقعوا على قرار التسريح، وهم رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الجمهورية....

رياض المالكي:
يجب التوقف عند مذكرات رياض المالكي شقيق عدنان المالكي "على درب الكفاح والهزيمة" حيث ورد: "تذكرت بعد حديث الضابط السيد برهان أدهم، يوم أن زارني في مكتبي صديق لي في أوائل عام 1955، وأطلعني على الأثر السيئ الذي تركه تسريح المقدم غسان جديد من الجيش في الأوساط السياسية، موضحاً أن النقمة في تلك الأوساط منصبة في الدرجة الأولى على أخي عدنان، الذي كانت تعزى إليه جميع الإجراءات التي تقوم بها القيادة العسكرية، ولخلو ذهني من أية فكرة حول موضوع تسريح الضابط المومأ إليه, لم أعلق على كلام صديقي بشيء. ولدى العودة إلى الدار اجتمعت بعدنان وسألته عن قصة ذاك الضابط المسرح، بعد أن ذكرت ما سمعت عن الضجة التي سببها تسريحه, فقال لي: (إن هذا الشخص حقير ولا يستحق أدنى اهتمام، والضجة التي تتحدث عنها ليست إلا مصطنعة).

مصطفى طلاس:
يصف مصطفى طلاس المقدم غسان جديد فيقول: "رجل مربوع القامة، قوي الشكيمة، تذكرك بنيته القوية بنشأته الجبلية، وشفتاه الملمومتان بمزاجه الشرقي، وهو من مواليد دوير بعبدة في محافظة اللاذقية، وكان قد اتبع دورة في مدرسة تطبيقات المشاة في فرنسا، فزاد منعة في الشخصية. ونظراً لانتمائه للحزب السوري القومي الذي يساند الشيشكلي، فقد ازداد "تشوفاً" ثم أهليته الشخصية، وكفاءته العسكرية وبخاصة حضوره الطاغي، أكسبه احترام الطلاب له، واستحوذ على إعجابهم، كما انصاع له أكثر الضباط المتخرجين لكونه الضابط الأقدم.."، وفي معرض حديثه عن أسباب اغتيال المقدم غسان جديد يقول وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس: "وكان سبب القتل تصفية حسابات مع العقيد عبد الحميد السراج".
يتبع