ألقاب الكتّاب والفنانين.. تسميات فضفاضة أم عرف اجتماعي؟

ألقاب الكتّاب والفنانين.. تسميات فضفاضة أم عرف اجتماعي؟

ثقافة

الثلاثاء، ١٧ أبريل ٢٠١٨

لانزال نقرأ في أدبيات بعض الكتّاب والإعلاميين عبارات تفخيم وتعظيم لهذا الروائي أو الشاعر أو المسرحي… بالقول: الشاعر الكبير، روائي مصر الأول، روائي سورية الأهم، كبير المسرحيين، الناقد الأول… إلى آخر هذه الألقاب!.. لمحاولة مقاربة هذه المسألة في ثقافات أخرى توجهت «تشرين» لبعض الأدباء المترجمين بالسؤال التالي: هل لمستم مثل ما يشبه هذا التفضيل أو التعظيم غير المعقول في الآداب التي تترجمون من لغاتها للعربية، وفي رأيكم ما أسباب عدم منطقيتها لدينا؟.
في حال الجائزة فقط
الدكتور غياث الموصلي: إن الأديب هناك لا يشار إليه بتلك الألقاب بل بكلمة روائي، أو شاعر، أو ناقد أو مسرحي، أو سينمائي…الخ، وفي حال حصول هذا الأديب على جائزة أدبية، فقد يتم التنويه إليها وغالباً في الصحافة أو على غلاف الرواية أو العمل الأدبي وأضاف: تاريخياً نحن نميل إلى تمجيد الفرد أياً كان موقعه في المجتمع.
موقف عاطفي
يسلّم د.نزار عيون السود الذي ترجم كتباً ليس في مجال الأدب فقط بل في مجال علم الاجتماع والنفس، والإعلام، من اللغة الروسية، يسلّم بالمبالغة في مثل هذه التسميات والألقاب التي تعطى ربما أحياناً لمن لا يستحق. لكن د.عيون السود يرى أن «هذه الألقاب والتسميات لا يعوّل عليها ولا يؤخذ بها إذا لم يكن هناك إجماع على ذلك». فمثلاً، لقب (أحمد شوقي أمير الشعراء) لقب معترف به من الجميع ولا أحد يعترض عليه. وفي رأيه «إن إعطاء هذه الألقاب بإفراط ولمن لا يستحق يعكس موقف الكاتب أو الصحفي الذاتي العاطفي منه.
نظرة تقدير
أما المترجمة المصرية يارا المصري التي في حوزتها كتب شعرية وروائية من الأدب الصيني، تقول: المسألة «بالنسبة للأدب الصيني مختلفة بعض الشيء، لأن ثمة تصنيفاً للكتّاب مثل (كتّاب الصف الأول) وكتّاب (الصف الثاني) وهناك الروائيون الذي يكتبون روايات الإنترنت والشعر، وهناك الكتاب الصينيون المغتربون الذين ليس بالضرورة أن يكونوا متصدرين المشهد الثقافي الصيني، ربما نلمس بعض التفضيل أو التعظيم لأدباء الجيل القديم مثل (لوشون)، كما نعظم عندنا نجيب محفوظ وطه حسين وغيرهما».
وفي نظر يارا فإن الصينيين مثل غيرهم من شعوب العالم، ينظرون نظرة تقدير وإجلال لكاتبهم (مويان) الذي فاز بجائزة نوبل للآداب، كما يقدرون الموهوبين من كتّابهم وشعرائهم، كما يقدرون الشاعر (خاي زي) الذي مات شاباً ومنتحراً، وعن نفسها تقول: «لم أشغل بالي في الحقيقة بتمحيص الساحة الثقافية في الصين، وهي شاسعة، بتعدد المقاطعات والأقاليم الصينية حتى أعطي إجابة واضحة عن السؤال، من حيث مدى النفاق الثقافي في الصين، أو إذا كان موجوداً بالفعل، كما الحال في العالم العربي.
تكوين نفسي واجتماعي
الشاعر د. شاكر مطلق الذي يترجم عن الألمانية شعراً ودراسات، يعيد المسألة إلى أن الشعوب والحضارات تتميّز وتتمايز عن بعضها، بطرائق مختلفة في العيش وفي التفكير وفي أشكال ووسائط التعبير عن هذا التفكير والعواطف، حتى في مناطق تقترب من بعضها حضارياً وجغرافياً وتاريخياً ولغوياً، مثل العالم العربي. فمن هذا المنطلق «يمكن الكشف عن ظاهرة المغالاة في التعبير التي نمتاز بها في الشرق بعامة، وفي العالم العربي بخاصة، حيث نقول مثلاً: ألف ألف مبارك، ونتمنى للآخر أن يعيش ألف سنة، أو نقول: أنا أنتظر منذ ساعة (والواقع بضع دقائق)، وتعبك راحة (!) غير القابلة للفهم عند الآخر الأوروبي، ولا دلالة لعبارة «العين لا تعلو على الحاجب»… إلى آخره. إذاً، المغالاة، معترف بها اجتماعياً ويجعلها مفهومة ومقبولة في عدد من جوانب الحياة اليومية، لكن في جوانب ونشاطات فكرية لا مجال فيها لمثل هذه المغالاة لأن عليها أن تلتزم بالموضوعية في حالة الدراسات الأدبية أو النقدية..إلى آخره. ويعود بنا د.مطلق إلى زمن دراسته في ألمانيا قائلاً: «عندما درست في جامعة هامبورغ في خمسينيات القرن الماضي، قرأت في جريدة (زوريخ الجديدة) وهي سويسرية للباحث (أرنولد فون هوتنغر) مقالاً قال فيه: (إن ما أنجزه الإغريق في المرمر أنجزه العرب في اللغة) وهو قول صائب ويشرح السبب في إطلاق الألمان على اللغة العربية سمة (الغنية بالورود)، أي الزخرفة بالكلام وبالتعبير عن المشاعر.. هذا في رأيي أمر تمتاز به لغتنا بثراء مفرداتها ومرادفاتها، وهو إيجابي لا غبار عليه، إلاّ إذا استعملنا هذا الزخرف الكلامي في غير موضعه، أي في البحث والدراسات والنقد وغير ذلك، حيث يتطلب الأمر الموضوعية والدقة». ود.مطلق يرى أن «الإفراط والمغالاة قد تحوّل الأمر إلى مهزلة.