خدعة سعودية... «داعش» هبطت من المرّيخ!

خدعة سعودية... «داعش» هبطت من المرّيخ!

ثقافة

الخميس، ١٥ يونيو ٢٠١٧

الرايات السود لفحت mbc من خلال «غرابيب سود» الذي يجسد ظاهرة تعد الأكثر دموية ووحشية عرفها التاريخ الحديث، بهدف إعادة رسم «قيم الإسلام الحقيقي، والتربية المدنية والعلم والوعي والحرية» كما روّج صنّاع العمل. شعارات رنّانة تطايرت خلف هذا المسلسل الأقرب الى التوثيقي والتجميعي لشهادات واقعية عانت على يد التنظيم الإرهابي.

«غرابيب سود» (تأليف لين فارس، وإخراج حسام الرنتيسي وعادل أديب وحسين شوكت) الذي طرحته الشبكة السعودية في البرمجة الرمضانية بعد تأجيل وأخذ ورد في الأشهر الماضية، لا يمكن سلخه عن السياق السياسي والإستراتيجي وحتى الإعلامي الذي تنتهجه السعودية. يأتي هذا العمل الذي يشيطن «داعش»، في وقت يحشد فيه هذا البلد كل إمكانياته الدعائية لصناعة صورة مغايرة للمملكة. صورة «نظيفة» من الدم والتورط في حروب وصراعات، ودعم للجماعات المتطرفة، التي تنهل في الأصل من الفكر الوهابي الذي تقوم عليه السعودية عقائدياً.
عمل درامي رمضاني، يأتي بعد تدشين ما سمي مركز «إعتدال»، من قبل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار (مايو) الماضي، بعد الإنتهاء من «قمة الرياض». مركز يضم 200 مهندس وألفي عامل، يسير وفق 3 إتجاهات: الفكري والإعلامي والرقمي، ومهمته رصد كل الأنشطة التي تخرج من الشاشات والساحات الإفتراضية على مدار الساعة، وتحليلها، وتقديم «النصح والإرشاد» بناء عليها.

دأبت الأجهزة الإعلامية
والدعائية والفنية على تبرئة المملكة من دعم التطرف

دأبت الأجهزة الإعلامية والدعائية لرفد مصطلح «الإعتدال» بالمملكة، وبالتالي إسقاط أي صلة بالإرهاب ودعم الجماعات المسلحة المتطرفة، والترويج بأن ظاهرة التطرف «حديثة في المملكة». ساعد في ذلك، الثقل الذي وضعه وزير الدفاع محمد بن سلمان في ما أسماه «رؤية 2030» كخطة إصلاحية ترتكز إلى الإقتصاد في الدرجة الأولى، وترفع مشاركة المرأة في العمل، والإنفتاح الثقافي من خلال إستقدام فنانين معروفين إلى المملكة. وليس الإتيان بالموسيقار المصري عمر خيرت في آذار (مارس) الماضي لإحياء حفلة للمرة الأولى، الا ترجمة لهذه السياسة والإستراتيجية، التي لا تخرج بالطبع عن الشق الإعلامي المتمثل في شبكة mbc ومتفرعاتها، التي يستحوذ عليها بن سلمان.
قبل أيام، وتحديداً فجر 5 حزيران (يونيو)، حوصرت قطر فجأة إقتصادياً وسياسياً، من قبل السعودية وبعض الدول الخليجية. حصار في البر والبحر والجو وحتى في الإعلام (الجزيرة)، أتى بعد زيارة ترامب الى السعودية، وإعتبار قطر المموّل الأساسي للإرهاب وللجماعات المتطرفة. حشد الإعلام السعودي والإماراتي طويلاً لتظهير هذه الصورة عن قطر، وبالتالي إبعاد أي شبهة تخص المملكة. على العكس، بانت الأخيرة على أنها محاربة ومناهضة للإرهاب، وتعمل على قطع دابره بشكل فوري... لترسو الصورة النهائية على ما يلي: السعودية موئل الإعتدال وساحة للقيم الإسلامية الصحيحة، وقطر مركز التمويل والدعم للإرهاب. بقيت «إسرائيل» خارج هذه المعادلة، وسمعنا أصواتاً سعودية كثيرة تبرّئها من تاريخها الدموي، وتقدم لها خدمة العمر في الإفادة من هذا التشظيّ العربي/ العربي، لتخرج في النهاية، كنسخة منقحة قريبة للإسلام ومعادية لـ «التطرف» (الناطق بإسم جيش الإحتلال أفيخاي أدرعي نموذجاً).