ريما سلمون ..تشكيل إبداعي يوقظ فينا نبضاً آخر

ريما سلمون ..تشكيل إبداعي يوقظ فينا نبضاً آخر

ثقافة

الجمعة، ١٨ ديسمبر ٢٠١٥

ريم الحمش  
يعتري لوحات الفنانة ريما سلمون نوع من الغرابة التخيلية لا يمكن وصفها بالسريالية إنما
هي تعبيرية تجريدية لها لمسة الفن المعاصر الذي يحاور المتلقي بالشكل والخط واللون والفراغات والظل الذي تتركه أو تمده أو تعطيه صفة الوجود المرافق للإنسان وكأن العين الواحدة المتعددة الجوانب هي لعبة تقنية بصرية يبدو فيها الإنسان مجرداً من ملامح الوجه فضلاً عن الحركة اللونية التي تعج بالضوء وبالتدرجات التكنيكية المحاكية لإحساسات تخيلية تخفي في طياتها المعاني الجمالية المحسوسة من دون تمويه، تترجم من خلالها ريما تعابير الألوان الحارة والقوية بصياغة تجمع العناصر الفنية مع المفاهيم الملامسة تعبيرياً لتجريد يحاكي الواقع بتخيلات ذات معانٍ تضج بالحياة وبرونق لوني ذي علاقات مترابطة مع بعضها من حيث اتجاهات خطوط اللون والميلان مع الحركة الضوئية الانعكاسية الناتجة عن قوة الألوان وخطوطها منجذباً نحو الواقع متخذاً من الخيال منحى فنياً تعبيرياً يتواءم مع المفهوم المعاصر المتحرر من نظم التشكيل وحدود الألوان وتدرجاتها النسبية المنسجمة مع توليفات الحركة المركبة بصرياً كمشهد يحثها على المزج الفني المعاصر.
تعتق سلمون رسوماتها وتتركها ترابية وتوزع اللون بسماكات مختلفة تكمن في خلق الجمال النابع من كينونة الإنسان أو الشخوص التي تخوض معها رحلة الاستمتاع التجريبي مع القيم المجردة من النزاعات والصراعات التي تعكس هموم الإنسان المجادل أو المناقش أو المحقق للسلام بشكل جمالي ذي طابع إنساني منحوت تشكيلياً باستبطان تراجيدي يرتكز على الثنائية وعلى المحاورة القادرة على مواجهة التضاد بالتقابل لتتخلص من النوازع السلبية التي يتصف بها كلا الجنسين المرأة والرجل وبتحرر تخلصت منه بنزع الملامح الإنسانية والتآخي إيحائياً معها وبتجريد يتصل بالتعبير الحسي والانفعالي الذي يتطلب قدرة في إظهار الاختلاف والتقارب والتماثل وضمن الأبعاد الوجدانية المنطقية التي لا تبتعد عن المحسوس ولا تتوافق مع الملموس، مغمورة بالظل والضوء,لا تنفي تعرجات النفس الباحثة عن هدف تشكيلي محمل بالمعاني التي تضج بالحياة إذ تنقلنا إلى البنية التجسدية من خلال الشكل المجرد وكأنها تدعو المتلقي للعودة إلى الذات أو إلى استكشاف الإنسان نفسه من دون تمييز بين رجل وامرأة رغبة منها في تحميل اللوحة لغتها الخاصة المساعدة في إضفاء الأطر الأسلوبية الموسومة بمضمون فلسفي مغاير ويثير دهشة المتلقي بتعقل يسهم في الكشف عن نسبة جمالية ذات قاعدة مدروسة في صيغة التضاد والتوافق اللوني أو الفراغي، له دلالاته وحيويته البصرية وريما تضفي محسوسات ذات خلجات شاعرية على روح الشكل إذ تتضح وسيلتها التعبيرية من خلال الايحاءات التي تستبطنها في رسوماتها ذات القدرة التخيلية وكأنها تستنطق الواقع الإنساني المتخيل من خلال أبعاد استعارية شخوص اللوحات تجسد المعنى وفق العناصر الجمالية المتحررة من أكاديمية الفن التشكيلي لتبدو متناسبة مع بساطة الرؤية معتمدة بذلك على الخطوط العمودية والتعرجات وحتى الانحناءات لتكتسب صفة إنسانية خاصة ربطت بين انفعالية الحركة وحيويتها وبين مساحات اللون الدافئة على خلفية الشكل الرمادية لوحة تعبيرية تطالعك بأجواء لونية دافئة.
عالمي:
الفارسية ومستغانمي تعزفان على وتر الحب في جنيف مع خطوط حمودة
اجتمعت ريشة الفنانة التشكيلية العمانية عالية الفارسية مع كلمات الأديبة والروائية الجزائرية الكبيرة أحلام مستغانمي في المعرض التشكيلي وتر وحب الذي احتضنته مدينة جنيف السويسرية مؤخراً وكان الرسم هو حقل الإيحاء الكبير للأدب عبر 10 لوحات متنوّعة وأريكة حملت عنوان أنثى الانتظار، وهناك صوت ثالث انضم إلى المعرض وهو الخطاط الجزائري السويسري عبد الرزاق حمودة.
وجاءت الفكرة الاستثنائية للمعرض من قبل الفنانة عالية الفارسية انطلاقاً من متابعتها الدؤوبة لأعمال الكاتبة والروائية أحلام مستغانمي منذ عام 2004م وطرحت عالية الفكرة على الكاتبة ورحّبت بها لتوافق أساليبهم الأدبية والفنية.
وبجهود ذاتيّة سافرت الفارسيّة إلى سويسرا لتنظيم المعرض وإخراجه بالأسلوب الذي تسعى إليه والذي حصد إعجاب كل من سنحت له الفرصة لزيارته وتمّ افتتاح المعرض تحت رعاية سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي المندوب الدائم للسلطنة لدى الأمم المتحدة بجنيف
وقالت الروائية أحلام مستغانمي: لطالما تمنى الكتاب لو استطاعوا الرسم والعزف بالكلمات ويقال: الرسامون موسيقيون صامتون لأنهم يهدوننا مع كل لوحة مقطوعة موسيقية صامتة نحن من نجعلها تنطق وإنني سعيدة بهذه السيمفونية المشتركة التي عزفها اثنان من المبدعين الاستثنائيين على إيقاع كلماتي.
ورداً على سؤال عن سر اختيار اسم المعرض قالت الفارسية: إن هناك عدة أسباب لذلك منها تجسيد لوحاتها لهذا العنوان وقوة العلاقة بين الدلالات الأدبيّة للنصوص والمعاني التي يحملها الفن التشكيلي بل لا فن بغير دلالة ذهنيّة مشكلة تشكيلاً حسياً وتعبر عن فكر ووجدان وتجارب عميقة من الحياة الإنسانية والسبب الرئيسي للنجاح المبهر للمعرض هو تضافر جهود الجميع في إبراز مبادرة مميزة وبمناسبة غالية على الجميع.
ويذكر أن الفنانة عالية الفارسية تحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال وتدربت في كلية سنترال سانت مارتنس في مجال التصميم الجرافيكي، بدأت مسيرتها الفنية أواسط تسعينيات القرن الماضي، حيث تُعد اليوم من أكثر الفنانات العمانيات مشاركة في المعارض والمناسبات الدولية تتميز معارض الفارسية بأفكارها الخارجة عن السائد النمطي ودمجها المحكم بين وسائل التعبير الإنساني المختلفة تم تكريم عالية الفارسية بالعديد من الجوائز والدروع والإشادات خلال مسيرتها الفنية التي تجاوزت العقدين من الزمان قضتها في رواية الحكاية العمانية للعالم أجمع.