حالات صوفية في معرض للتشكيلي وليد الآغا

حالات صوفية في معرض للتشكيلي وليد الآغا

ثقافة

السبت، ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧

اختزل التشكيلي وليد الآغا سنوات الحرب على سورية عبر أعمال معرضه المقام حالياً في صالة لؤي كيالي بالرواق العربي من خلال اسلوبه الفني الخاص المعتمد على تناغمات الحرف العربي مع الرموز السورية القديمة ضمن مناخات لونية صوفية متنوعة في احساساتها وانفعالاتها الفنية.

وجاءت الأعمال السبعة والستون بأحجام صغيرة في معظمها مع وجود ثلاثة أعمال بأحجام أكبر وبتقنيات تعددت بين الغرافيك وطباعة الشاشة الحريرية والكولاج بما يخدم فكرة العمل والاسلوبية التي اعتمدها موثقا عبر تجربته سنوات الحرب على سورية بانفعالات لونية نزقة احيانا وطغيان للسواد وانحسار النور في بعض الأعمال مع بروز الاحمر بعدد منها وغياب للتوازن في مكونات اللوحة وصولا لعودة هذا الانضباط اللوني والتكويني بين الحرف العربي والرموز مع هدوء متناغم في اللون الذي بدأت تعود له الحياة.

وعن هذه التجربة قال التشكيلي الآغا في تصريح لـ سانا: “كانت السنوات السبع الماضية عصيبة علينا جميعا ومعاناتنا الداخلية فيها كبيرة فجاءت هذه الأعمال انعكاسا طبيعيا لحالة الحزن التي عشناها كما تعكس ولادة الأمل من جديد بالخلاص والعودة للحياة”.

وتابع الآغا: “ألوان اللوحات تغيرت بالتوازي مع الحالة التي كنا نعيشها طوال سنوات الأزمة حيث فقدت لوحتي ألوان البهجة والفرح مع بداية الأحداث وسيطرت القتامة في انعكاس للحالة النفسية التي حلت علينا ولكن ألوان المحبة والسلام بدأت تعود إليها مؤخرا شيئا فشيئا”.

وأكد صاحب الاسلوب الفني الخاص أن الحضور الفني للحرف العربي سيزداد مستقبلا في اللوحات التشكيلية وهذا ما يثبته الواقع الفني مع خصوصية كل فنان حروفي في الاسلوب الذي يتعاطى فيه مع الحرف العربي وطاقاته الجمالية والبصرية والدلالية التي لا تنفذ مبينا أن تعدد الأساليب الفنية الحروفية اغناء لهذا الفن ويحقق الاستفادة المثلى من طاقات الحرف العربي البصرية والتقنية.

وأوضح الآغا أن الحرف العربي تكوين فني بصري جمالي كأي تكوين جمالي معتمد في المدارس الفنية المنهجية لافتا إلى أن كل فنان يقدم مساره الفني ويطور جمالية عمله من خلال قناعاته ومخزونه الفكري والبصري.

وقال: “تجربتي الفنية قائمة على الحرف العربي وتناغمه مع رموز الحضارات السورية القديمة الغنية بدلالاتها وجمالياتها التي لا تنضب وبكل ما تحفل به من ارتباط بالأرض والتاريخ والحضارة” مبينا أن هذه الرموز التاريخية مصدر إلهام لتقديم الجمال والفن للحفاظ على ارثنا من الضياع خاصة مع محاولات الإرهاب تدمير تاريخنا وحضارتنا.

وتابع الآغا: “ثقافتنا الفنية تركت أثرا كبيرا في الخارج وتلقى كل الاهتمام والاقبال ” مشيرا الى ان لوحاته تروي حكاية سورية أصيلة بدلالاتها الحضارية والصوفية العميقة.

وعبر التشكيلي الآغا عن مخاوفه على حال الفن التشكيلي حيث بدأت تظهر تجارب قائمة على الاستسهال والاستنساخ والتقليد مبديا خشيته من الوصول لنتائج لا تحمد عقباها في الحركة التشكيلية السورية مع وجود اختلاف كبير بين العقود الثلاثة الاخيرة من حياة هذه الحركة وبين ما نشهده اليوم من تجارب فنية شابة.

ودعا الآغا إلى التعامل مع واقع التشكيل السوري الحالي بعقلانية وانفتاح من كل الفنانين من خلال إقامة الندوات والحوارات والنقاشات لإعادة الحياة والغنى والأصالة للحراك الفني كما كان في زمن الرواد ومن جاء بعدهم من أجيال رسخت المشهد التشكيلي السوري لأن “دخول المال والاستثمار إلى الفن أفسد حالة البحث والتجريب الفني الجاد خاصة عند الفنانين الشباب” حسب تعبيره.

وأكد الآغا ضرورة ألا يكون العائد المادي للفنان على حساب أصالة وصدق عمله الفني مشيرا إلى أهمية جيل الشباب بما يمتلكونه من طاقات وشغف للبحث الفني والتجريب مع ضرورة فتح حوارات معهم لربطهم أكثر بإرثهم.

وختم الآغا بالقول: “سورية ستبنى من جديد في كل المجالات وخاصة من الناحية الفنية وسيتم وضع اسس بناء متين للفن التشكيلي يرتكز على حب الوطن والإخلاص في العمل للتعبير عن عمق ارثنا الفني التاريخي والحضاري”.

وليد الآغا من مواليد دمشق عام 1953 وخريج قسم الاتصالات البصرية بكلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1979 وعمل محاضرا فيها بين عامي 1982-1989 له معارض فردية وجماعية داخل سورية وخارجها وأشرف على عدة ورشات عمل فنية للمركز الوطني للفنون البصرية وأعماله مقتناة لدى عدد من المؤسسات العامة في سورية وضمن مجموعات خاصة داخل سورية وفي عدد من البلدان.

محمد سمير طحان