صور من معرض الكتاب في دمشق .. خطوة ثقافية متقدمة ودليل عافية سورية

صور من معرض الكتاب في دمشق .. خطوة ثقافية متقدمة ودليل عافية سورية

ثقافة

الأربعاء، ٩ أغسطس ٢٠١٧

بعد أن حالت ظروف سورية والحرب عليها دون انعقاد معرض الكتاب الذي يعقد في دمشق، والذي وصل مرحلة قارب أن يكون معرضاً دولياً، جاءت الدورة الأولى بعد توقف في العام الماضي، وقد كانت عودة المعرض دليل بدء العافية في المفاصل العامة السورية، وخاصة الثقافية، وشكل انعقاد المعرض مفاجأة إيجابية، وبادرة شجاعة من وزارة الثقافة وخاصة أنها جاءت بعد التشكيل الوزاري الأخير بأيام قليلة، والمعني بالشأن الثقافي يعرف أهمية انعقاد المعرض، والشجاعة في إقامته مع المشاركات المرافقة التي تتحدى كل الظروف.

المشاركات المرافقة
شهدت الدورة الماضية إقامة ملتقيات شعرية وقصصية، تعاون على إقامتها وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب، وفي هذه الدورة تم العمل على إقامة ملتقيات مماثلة مرافقة لأنشطة المعرض، وتشكل هذه البداية بشرى ثقافية مهمة، وإن كان الأمل أن تكون الأنشطة المرافقة أكثر جماهيرية وأكثر جذباً لأسماء ثقافية كبيرة وجديدة بمشاركاتها، إذ إن أغلب الأسماء المشاركة هي أسماء مكرسة سواء كانت تحقق حضوراً أم لا تحقق.

الوجود الرسمي
عاد المعرض للانعقاد بإشراف وزارة الثقافة وتنظيمها، وهو عبء كبير يقتضي الكثير من الجهد والتعب وبرعاية من السيدة الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية، وبمشاركة واسعة من أغلب الوزارات المعنية، والجهات الثقافية ما ترك أثراً كبيراً عند القارئ وزائر المعرض.
ولم يقتصر الحضور الرسمي على الافتتاح، فقد التقى الزوار في أيام المعرض المختلفة بعدد من المسؤولين والوزراء وهم ينتقون كتبهم التي تهمهم وفي أوقات مختلفة تناسب أوقاتهم، وهذا شكل عنصراً فاعلاً في نفس الزائر.

المتابعة الدائمة
لم تغب وزارة الثقافة عن المعرض وأروقته، وقد شهد المعرض زيارات عديدة من وزير الثقافة السيد محمد الأحمد، كما أن الوزير كان يتابع المعرض وإيجابياته ومشكلاته بشكل شبه يومي، كما كان يرصد نسبة الإقبال والحضور في كل يوم من أيامه، وكانت معالجته لأي مشكلة أو شكوى بشكل سريع.

توقيع الكتب
في عدد من دورات معرض الكتاب شهدنا توقيع كتب من مؤلفين مشهورين وشبان ولكن هذه الدورة شهدت أكبر عدد من حفلات توقيع الكتب، وقد أخذت التوقيعات طريقين:
التوقيع الرسمي، وقد قامت به شخصيات ومؤسسات رسمية في قاعات المكتبة المخصصة لهذه الغاية.
التوقيعات الخاصة، إذ قامت دور النشر بتنظيم حفلات توقيع في أجنحتها للكتب التي طبعتها، ومن الأشياء التي تدفع أملاً بالنفس أن عدداً من هؤلاء الكتاب حضر من أماكن بعيدة لتوقيع كتابه، فالكاتب فراس السواح حضر من الصين لتوقيع كتبه الكاملة في طبعتها الجديدة عن دار التكوين بدمشق، ومحمد عضيمة حضر من اليابان، إضافة لتوقيع كتاب مهمين لكتبهم مثل توقيع عادل محمود لروايته الجديدة، ود. عصام تكروري، وهذه التظاهرة غاية في الأهمية لما تخلق من علاقة حميمة بين القارئ والكاتب.
وقد خصص اتحاد الكتاب العرب جدولاً لتوقيع الكتب الصادرة عنه على مدار أيام المعرض.
الجو الثقافي الفني
في ساحة المعرض وجد عازف يقوم بعزف مقطوعات موسيقية كلاسيكية وأخرى معروفة عند الزائر، وقد استرعى العزف انتباه الزوار، ووجد كثيرون فرصة في افتراش البلاط والعودة إلى حياة جميلة من الكلمة والعزف، وقد تاق إلى مثل هذا الجو الذي أثرت فيه الحرب، ويمكن للوزارة أن تستفيد من عازفيها الذين يعملون على ملاكها لتوسيع هذه الظاهرة وتعميم ثقافة موسيقية عالية.

رتوش نحتاجها
غابت بعض الشكليات المهمة عن الدورتين، وهي وسم الكتاب بختم المعرض وبأكياس المعرض، وهذا أمر ضروي جداً لأنه يشكل علامة الحدث، وأظن أن الأجنحة كانت مأجورة، ولا مشكلة في رفع نسبة لطباعة أكياس ذات سمة واحدة وتوزيعها على الدور كما كان يحدث قبل الحرب على سورية، فالمعرض ذكرى وهوية، وهذه الشكليات تمثل إعلاناً مهماً للمعرض ولعودة الحياة الثقافية والعامة إلى طبيعتها، وهذا أفضل من تأبط الكتب، خاصة وأن احترام الكتاب أمر مهم للغاية.

نوعية الكتاب والدور
شهدت هذه الدورة ارتفاعاً في المشاركة كماً ونوعاً، لدور نشر داخلية وخارجية، خاصة وعامة، والأمل معقود أن تتسع المشاركة أكثر في دورات قادمة، وعند التوسع تتمكن إدارة المعرض والوزارة من غربلة المشاركات أكثر، لتكون الكتب الفكرية ذات السوية العالية هي الغاية، بدل تكرار أسماء الكتب القديمة، والعودة إلى كتب تجاوز عمرها قروناً، وربما يشكل معرض الكتاب فرصة للخروج إلى أطر ثقافية جديدة.

الكتاب نفسه في أكثر من مكان
الزائر للمعرض يجد أمراً غير مسوغ، وخاصة في مجال الكتب التراثية، فالكتاب نفسه في أكثر من جناح، عند الناشر الأصلي، وعند أجنحة أخرى، وأستثني من ذلك الكتب التي لها أكثر من طبعة وأكثر من ناشر، أما أن يكون الكتاب نفسه في أكثر من دار وبأسعار متفاوتة فهذا بحاجة إلى رقابة.

غياب عن التسعير
يمثل معرض الكتاب فرصة حقيقية لعاشق الكتاب ليجد بغيته في مكان واحد، ولكن الملاحظ أن الأسعار عالية، وهنا نلحظ ارتفاع التكاليف، ولكن الأسعار تجازوت مقدرات الناس المهتمين بالكتاب، ومن المفترض على الإدارة أن تدرس الأسعار ولو برفق مع الناشرين، وإلا فبماذا نفسر أن عدداً لا بأس به من الكتب يباع خارج المعرض بسعر أقل من سعر المعرض!
إن عودة معرض الكتاب في رحاب دمشق ومكتبتها يشكل نقطة أمل كبيرة تسجل لوزارة الثقافة والجهات الثقافية المعنية، وتمثل حراكاً غاية في القيمة في أجواء الحرب على سورية، والأمل يحدونا أن يبدأ الاستعداد من اليوم لمعرض العام المقبل وكتبه وفعالياته المرافقة، واستتمام النواقص لتدارك الملاحظات سعياً للوصول إلى المستوى الذي نرجوه لكتابنا وبلدنا ومؤسساتنا.