مشكلات وهموم وصعوبات أبناء ريف السويداء: رحلة من الاستحضار لمشكلات متجذرة منذ عشرات السنين من دون إيجاد الحلول أو جزء منها !!..

مشكلات وهموم وصعوبات أبناء ريف السويداء: رحلة من الاستحضار لمشكلات متجذرة منذ عشرات السنين من دون إيجاد الحلول أو جزء منها !!..

الأزمنة

الأحد، ١٧ مايو ٢٠١٥

السويداء- فريال أبو فخر firyaaf14@gmail.com
مرة أخرى تطفو على السطح مشكلة معاناة وهموم مواطني ريف السويداء والذي لا يختلف حالهم عن مواطني المدينة من حيث التقصير والإهمال بالخدمات المقدمة لهم، والأهم أن أحدهم قرأ تحقيقاً كانت الأزمنة قد نشرته عن معاناة سكان ريف محافظة السويداء، ما جعله يُقدم على الاتصال بنا من دون تردد بعد أن أكد للأزمنة- ودون مجاملة حسب تعبيره- أنها من أهم الوسائل التي تلقي الضوء على معاناة سكان السويداء سواء أكان ريفاً أم مدينة، عرفنا فيما بعد أن هذا المواطن من قرية" العفينة" الواقعة إلى الجنوب من المحافظة لتبدأ معه رحلة استحضار مجموعة من المشكلات والصعوبات التي تواجه أبناء قريته والتي أثقلتهم بهموم متراكمة منذ عشرات السنين حتى أصبحوا غير قادرين على تحمل كل تلك الأعباء والهموم.
إدخال جزء ضمن دائرة التنظيم وشطب الطرق الملحوظة..
ولنبدأ من أولى المشكلات المهمة بتساؤل بسيط: هل من المعقول أن تقوم مجموعة من الأهالي بتسطير كتاب عن طريق المجلس البلدي المسؤول عن القرية منذ عام 2012 ولغاية هذا التاريخ لا نجد إجابة شافية؟ هذا ما ذكره لنا المتصل شارحاً للأزمنة بأن المطلوب هو ضم الجزء المتبقي من العقار 804 إلى المخطط التنظيمي لقرية العفينة، إضافة لتعديل الطرق التنظيمية وذلك حسب واقع الأبنية الحالي بهدف تسوية أوضاع الأبنية المخالفة وتقسيم العقار المذكور حسب نظام ضابطة البناء، بعد أن تمددت الأبنية العشوائية في جزء من العقار المذكور، وهذا التمدد حسب تعبيره دفع أهالي القرية لمطالبة مجلس بلدة القريّا- والتابعة له هذه القرية- العمل على إدخال هذا الجزء ضمن دائرة التنظيم وشطب الطرق الملحوظة هناك لأن تنفيذها سيكتسح عشرات المنازل المشيدة وفعلاً قام مجلس بلدة القريّا بتسطير الكتاب رقم 1003 تاريخ 5-9-2012 لمحافظ السويداء تضمن: إن العقار 804 من المنطقة العقارية 1/5 العفينة قد تم تسجيله باسم مجلس بلدة القريّا وقد تم رفع طبوغرافي للأبنية العشوائية المشيدة عليه وتبين أن معظمها مكتسح بطرق تنظيمية، وتابع: كل هذه الإجراءات جعلت محافظة السويداء بإحالة كتاب سطرته إلى مديرية الخدمات الفنية لعرضه على اللجنة الإقليمية وبدورها ردت مديرية الخدمات على محافظة السويداء بكتابها رقم 5930 تاريخ 30-9-2012 متضمناً اقتراحها بإحالة الطلب إلى بلدة القريّا لعرض الموضوع على اللجنة الإقليمية حين انعقادها بشكل دوري وإلى الآن مازالت المشكلة قائمة بين أخذ ورد وكتب وتسطير وإحالة وتأجيل، وتساءل: إلى متى سنبقى بهذه العقلية الرافضة للعمل الجدي ومطمطة قضايا ومشكلات الناس إلى أجل غير مسمى، وإذا كانت مسؤولتنا لا تريد العمل فلتقدم استقالتها وتعطي مجالاً لأشخاص يرغبون بالفعل ومن خلال منصبهم تقديم الخدمات للمواطنين وليس استغلال هذا المنصب لغاياتهم الشخصية وأهدافهم غير الشرعية؟ نحن أبناء القرية مللنا من المطالبة بأدنى حقوقنا الإنسانية وحاجاتنا الرئيسية الأساسية والتي من المفروض الاستجابة لها لمجرد تقديمنا لها ولكن نستغرب كل هذا الإهمال والتقصير حتى بات جزء من ثقافتنا، واسألي أي مواطن متى تقدم بطلب أو حاجة معينة وتم الاستجابة له على الفور؟، لماذا كل هذه الإجراءات الروتينية والتي تهدف إلى تعقيد مصالح المواطنين، لماذا تقبع مشكلاتنا وطلباتنا في أدراج المكاتب والغرف المعتمة ولا يتم الاستجابة لها؟ لماذا يوصلونا إلى مرحلة من اليأس من كثرة ما نقدم من شكاوى ومصائب فوق رؤوسنا؟ والغريب أن أحدهم لا يشعر بنا وبمعاناتنا وهمومنا؟ واستكمل حديثه بالتساؤل: هل كتب علينا أبناء الريف أن نبقى بعصور ما قبل المدنية والتطور مع أننا نقوم بدفع ما يترتب علينا من رسوم وفواتير بمختلف أنواعها، فكيف نقوم بواجبنا اتجاه الخدمات المقدمة لنا، وبالمقابل نظل نستجدي هذه الجهات لحل مشكلاتنا وهمومنا التي تراكمت منذ عشرات السنين ولغاية هذا الوقت لم تحل ولا حتى جزء من مشكلاتنا، ولم تتم الاستجابة لبعض منها.
هناك بعض الظلم الذي لحق بالبعض الآخر من فلاحي ومزارعي القرية..
 أما المشكلة الثانية والتي حدثنا عنها المتصل فتبدأ من ستينيات القرن الماضي عندما عملت وزارة الزراعة على منح سندات ملكية لبعض الأهالي بالمحضر رقم 702 إلا أن هذا السندات لا تسمح للشخص إلا بالتصرف بهذه الأرض عن طريق زراعتها والاستفادة بها أي حق الانتفاع، وبالوقت نفسه تحرم عليه استملاكها، وهذا ما يعاني منه مزارعو وفلاحو هذه الأرض على اعتبار أن هذه الأرض التي استصلحوها هي بمثابة الإيجار والاستئجار بالنسبة لهم، وتساءل: هناك بعض الظلم الذي لحق بالبعض الآخر من فلاحي ومزارعي القرية عندما قامت وزارة الزراعة بتسجيل بعض العقارات باسم مزارعي القرية إضافة لمنحهم سندات تمليك، وتساءل: كيف تقدم الوزارة على منح هذه السندات لبعض أبناء القرية، ولا تقوم على منح سندات تمليك لكل مزارعي القرية الذين يشعرون بعدم الإنصاف والعدل جراء هذا التصرف، والذي جعلهم يصرون على تقديم الشكوى تلو الأخرى نتيجة قناعتهم بأنهم أصحاب حق بعد أن تقدموا لوزارة الزراعة عن طريق مديرياتها في المحافظة، بتسطيرعدة كتب للعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة، وعدم ظلم المزارعين والفلاحين والذين أمضوا حياتهم طوال هذه الفترة بتقديم الشكاوى وتسطير الكتب منذ أربعين عاماً وأكثر، إلا أنه للأسف لم يتلقوا أي ردود تجعلهم يدركون بأن هناك من يشعر بهم وبمطالبهم، ومن جهة ثانية لقد قام فلاحو القرية بتقديم اقتراح على وزارة الزراعة بإقامة مشروعات استثمارية ضمن هذا المحضر تعود بالنفع على الدولة والمواطن معاً، إضافة لتشجيرها بأشجار حراجية، ولاسيما أن هذه المنطقة غنية بالينابيع ومن الخطأ تركها هكذا من دون أي أمل بالاستفادة منها ومع هذا لا أحد يستجيب للمشاريع المثمرة والتي تعود بالنفع على الجميع!!.
خطوط التوتر الكهربائية العالية فوق البيوت ومطالبة بالتوسع الشاقولي..
أما المشكلة الخطيرة والتي تهدد حياة سكان هذه القرية فهي تواجد خطوط التوتر العالي الكهربائية، وتتجسد المشكلة بتمدد هذه الخطوط فوق بيوت أهالي القرية ما يشكل خطراً على حياة السكان ناهيك عن أن أصحاب هذه المنازل لا يستطيعون إشادة البناء فوق طوابقهم الأولى بسبب تمدد هذه الخطوط الكهربائية الخطرة، ما شكل معاناة حقيقية للسكان إذ أخذوا يبحثون عن عقارات أخرى لكي يتم البناء فيها مع أن بيوتهم موجودة ولو لم تكن هذه الخطوط متمددة لوفرت عليهم مصاريف إضافية هم بغنى عنها، أحد الأهالي ذكر للأزمنة بأنه تم الكشف على خطوط التوتر الموجودة في تلك المنطقة، حيث قامت شركة الكهرباء برفع مقترح للمؤسسة العامة للعمل على نقل هذه الخطوط، وكالعادة لغاية هذا التاريخ لا يوجد أي إجابة شافية من خلالها يستطيع السكان أن يستفيدوا من بيوتهم المملوكة لهم في إشادة أبنية أخرى حسب ضابطة البناء المسموح بها ضمن هذه القرية، فللتوسع الشاقولي فوائده حيث يحفظ الأراضي الزراعية حالياً من العبث بها، فبعد الفورة العقارية التي شهدتها أرض المحافظة مدينة وريفاً أصبح من الضروري الآن السماح بالبناء الطابقي ضمن هذه المناطق لأن التوسع الشاقولي، يحافظ على الأراضي الزراعية ولا يحمل المواطن أعباء مالية إضافية، والأهم من ذلك يعد ذلك التوسع الحل الأمثل لأزمة السكن, فمثلاً المسموح ضمن ريف المحافظة بناء طابقين فقط وهذا طبعاً غير كاف وسيخلق مستقبلاً انعكاسات سلبية لأن التوسع الأفقي سيفرض على مجالس المدن والبلدات توسيع المخططات التنظيمية والذي سيكون على حساب الأراضي الزراعية، وسيرغم المواطنين على شراء عقارات بديلة بقصد البناء وكلنا يعرف الارتفاع الذي طرأ على أسعار العقارات، ومن هنا باتت الحاجة ملحة لحل مشكلة التوتر العالي الممتدة خطوطه فوق بيوت أهالي قرية العفينة.
الإهمال والتقصير بالحاجة الأهم للإنسان في خبر كان ومياه الشرب ملوثة
وعلى ما يبدو فإن مشكلة الصرف الصحي وتداخله مع المياه العذبة والينابيع التي تغذي سكان هذه المناطق تعد القاسم المشترك بين جميع سكان هذه القرى، فالإهمال والتقصير بالحاجة الأهم بالنسبة للإنسان أصبحت في خبر كان ومياه الشرب أصبحت ملوثة ولا أحد يستطيع حل هذه المشكلة المهمة بعد أن أدخل نبع الشرقية ذا المياه الغزيرة في مستنقع التلوث بمياه الصرف الصحي في هذه القرية، حتى بات سكان القرية جميعاً يطالبون مراراً وتكراراً بإخراج هذا النبع من دائرة الاستثمار المائي بعد أن قام أحد المتعهدين بتنفيذ خط للصرف الصحي وقد قام هذا المتعهد بتحويل مياه النبع إلى هذا الخط حارماً أهالي القرية من هذه المياه التي كانت تستخدم فيما مضى للشرب، علماً بأنه تمت مخاطبة مديرية الموارد المائية بالعديد من الكتب إلا أن مديرية الموارد المائية كان ردها سلبياً حسب تعبير أهالي القرية، لتتقاطع هذه المشكلة مع مشكلة سد جبل العرب والقريب من هذه المنطقة والذي يعد مصدر مياه الشرب لحوالي 14 قرية فهو على حاله من تعرض مياهه لمياه الصرف الصحي المنحدرة بغزارة في وادي راجي والذي يعد المغذي الأساسي لهذا السد، وعلى هذا الأساس تساءل أحد الأهالي: هل يعقل أن سداً بهذه الأهمية لا تقدم له الحلول المناسبة من إنشاء محطات للمعالجة في تلك المنطقة؟ ولاسيما أن الأولوية للقرى الواقعة على السدود، كما أن العبث بمياه السد من قبل صيادي السمك حدث بها ولا حرج في ظل عدم تسيير الجهات الرقابية للمراقبين ضمن هذه المنطقة، ما شجع الكثيرين على مخالفة القرارات والقوانين الخاصة بهذه المنطقة، والتي تمنع ما يحدث من تجاوزات ومخالفات بعد أن أقفلت الجهات المعنية والمسؤولة عن هذه المناطق أعينها، والأهم من كل هذا ما زال جسم السد معرضاً للانهيار ما استدعى الأهالي للمطالبة بترميمه وتأهيله للمحافظة عليه بعد إرسال العديد من الكتب والمراسلات للجهات المعنية ومنها الموارد المائية ومحافظة السويداء، وكالعادة لا استجابة لكل تلك المطالبات حتى باتوا يفقدون الأمل ويتقاعسون في تسطير كتب جديدة لمعرفتهم وثقتهم بأن ما من شيء سيحل، بعد أن أغمضت الجهات المعنية أعينها وصمت آذانها إزاء أي مطلب أو كتاب أو مراسلة يسطرونها أو يبعثونها.
كلمة أخيرة
ما ينطبق على سكان هذه القرية ينطبق على جميع أبناء الريف في محافظة السويداء، فهم يعانون ما يعانون من مشكلات كثيرة وصعوبات وهموم تأبى أن تفارقهم في ظل عدم استجابة الجهات المسؤولة لمطالبهم، فهم وكما صرحوا لنا بأنهم ملّوا ويئسوا من تقديم الشكاوى والمطالبات الواحدة تلو الأخرى ولكن ما من شيء يتغير!! حتى بعد مضي عشرات السنين على حدوث المشكلة وتجذرها، لتبدأ رحلة من الاستحضار للمشكلات والهموم والصعوبات من دون إيجاد الحلول المناسبة أو جزء من الحلول كما حدث معنا في هذا التحقيق.