رغم الضربات التي تلقتها قوى الإنتاج وصمود الاقتصاد الوطني.. القطاع الخاص متفائل بالإسهام بدور فاعل شرط توضح الرؤية

رغم الضربات التي تلقتها قوى الإنتاج وصمود الاقتصاد الوطني.. القطاع الخاص متفائل بالإسهام بدور فاعل شرط توضح الرؤية

الأزمنة

السبت، ٩ مايو ٢٠١٥

أحمد سليمان
 لا تزال قوى الإنتاج في سورية تتلقى الضربات من جهة، وتضمد الجراح من جهة أخرى، لتطلق العمل في موقع إنتاج هنا، أو هناك، باحثة من مساحة أمان، لتضخ ما تيسر من إمكانات، تسد احتياجات السوق المحلية من السلع والمنتجات في الوقت الذي مازال فيه بعض رجال الأعمال يسألون ويتساءلون عن النهج الاقتصادي الذي تعتمده الدولة/ الحكومة خلال هذه السنوات من عمر الأزمة، والتي (الحكومة/ الدولة) تحاول أن تؤمن لهذه القوى ما استطاعت من وسائل دعم ومساعدة لهذه القوى – مع المآخذ على طريقة التعاطي والأداء الحكومي مع متطلبات الدعم..
جرعة من التفاؤل
وفيما تكثر الدراسات التي تناولت الاقتصاد السوري والتي يشي بعضها بكثير من التشاؤم حول قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في وجه الأزمة والاستمرار في تأمين متطلبات حياة المواطنين واحتياجات الحرب، في ظل الاستنزاف المستمر لمطارح الإنتاج الحقيقي وبخاصة (الصناعة والزراعة) مع استمرار هذه الحرب وتمددها في امكاكن وانحسارها في اماكن أخرى، تظهر بعض الرؤى والدراسات التي تسلط الضوء على القوى الفاعلة في هذا الاقتصاد، لتعطيها جرعة من التفاؤل على قدرتها على العمل والإنتاج، وتأمين احتياجات السوق المحلية من المواد والسلع التي تؤمن بدورها متطلبات المواطنين بالرغم من الفاتورة الكبيرة التي دفعها الاقتصاد الوطني على مدى سنوات الأزمة وقواه الحقيقية المنتجة.
الصمود
 وتقدم غرفة تجارة دمشق في رؤيتها لحالة الاقتصاد السوري خلال العام الماضي رؤية تفاؤلية لمقدرة هذا الاقتصاد لتصف ذلك العام بأن العنوان الأبرز كان (صمود الاقتصاد السوري) الذي تعرض لأشد الضغوطات والتي كان هدفها الوحيد هو الاقتصاد وحرمانه من عوامل ومقومات تقدمه. حيث تؤكد أن هذا الصمود استند إلى مجموعة من المقومات المتينة التي بقيت تدعم الاقتصاد السوري ليبقى ينتج ولو بالحد الأدنى، منها استمرار ميناء طرطوس وميناء اللاذقية بالعمل بعيدين عن عمليات التخريب وتوافر المواد الغذائية في أغلب المناطق السورية ونقل جزء من المعامل إلى المناطق الآمنة وافتتاح الورشات الصغيرة في أماكن بديلة واستقرار نسبي لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار خلال عام 2014 ودعم الدول الصديقة وخاصة في مجال توفير حوامل الطاقة.
لقد اتبعت سورية - حسب ما بينته الغرفة- سياسة توفير الأولويات (الوقود والغذاء) لكون العقوبات الغربية أضرت بشكل حقيقي بقطاع النفط الذي كان يشكل المصدر الأساسي للدخل حيث تراجع الإنتاج النفطي في سورية إلى 14 ألف برميل يومياً بعد أن كان 385 ألف برميل عام 2010 أي بتراجع قدره 96%، وبناء عليه أصبح الهاجس الأولي لدى الحكومة هو استمرار عمل الاقتصاد ولو بأقل طاقة إنتاجية معتبرة أنه رغم هذا الصمود إلا أن اقتصادنا الوطني قد سجل تراجعاً كبيراً في أغلب القطاعات أو النشاطات نتيجة الأزمة التي تمر بها سورية.
الصرف المتراجع
 فمن الاستقرار النسبي بسعر صرف الليرة السورية عام 2014 رغم فقدانها ثلاثة أرباع قيمتها فقد كان سعر الصرف في عام 2011 كل 1 دولار = 50 ل.س وخلال عام 2013 وصل إلى 1 دولار = 300 ل.س مع تدهور كبير وحقيقي ولكن في عام 2014 عاد سعر الصرف إلى مستويات مستقرة كل 1 دولار يتراوح بين 150 و160 ل.س. إذاً مع ما رافق ذلك من تراجع للقدرة الشرائية للمواطن السوري إلى تكبد قطاع الصناعة السورية خسائر بنحو 2,2 مليار دولار وذلك بالقطاعين العام والخاص وهذا الرقم غير نهائي 500 مليون دولار منهم قطاع عام حيث أغلق ونهب أكثر من 90% من المنشآت الصناعية في المدينة الصناعية بحلب و40% من المنشآت الصناعية في مدينة عدرا بريف دمشق و20% في مدينة حسياء، أما المنشآت التي بقيت تعمل فهي لم تستخدم أكثر من 30% من طاقتها الإنتاجية.
وتراجع زراعي
فحجم الأضرار في قطاع الكهرباء بفعل الاعتداءات المتكررة على محطات التوليد والنقل كما تبين الغرفة بلغ نحو 400 مليون دولار، حيث تم إيقاف 34 مجموعة توليد من أصل 54 رغم جاهزيتها نتيجة لنقص في مادة الفيول ويعتبر قطاع الكهرباء من أهم القطاعات التي تؤثر في القطاعات الإنتاجية وعلى الحياة المعيشية للمواطن في حين تعرض قطاع الزراعة لخسائر كبيرة تجلت في عدم القدرة على زراعة معظم الأراضي نتيجة الأوضاع الأمنية وسفر عدد كبير من المزارعين ونقص كميات الوقود، وبناء عليه تراجعت نسبة مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي من 20% عام 2010 إلى 5% عام 2014 ولقد شهدت المحاصيل الاستراتيجية تراجعاً واضحاً بالإنتاج بالمقارنة مع عام 2010 القمح 60% القطن 90% الشعير 75%.
السياحة المفقودة
وقطاع السياحة أيضاً بلغت خسائره حوالي مليار ونصف المليار دولار حيث انخفض التدفق السياحي بحوالي 95% ونتيجة لهذا التراجع ارتفعت نسبة البطالة في سورية حيث وصلت إلى 45% لأن توقف قطاع السياحة أدى إلى ربع مليون عاطل عن العمل يعملون في قطاع النقل السياحي والمطاعم كما وأدى ذلك إلى مغادرة الخبرات السياحية سورية وأيضاً المستثمرين السوريين في هذا المجال وكانت مساهمة قطاع السياحة حوالي 14% من الناتج المحلي عام 2010 وانخفضت إلى 2% عام 2013 ، وفي عام 2014 عادت إلى التحسن لتصل إلى 7% وذلك لأن الإنسان السوري بدء يتأقلم مع الأحوال الموجودة، تتحدث الغرفة عن هذه لقطاعات والخسائر التي لحقت بها مشيرة إلى أن الموازنة التقديرية لعام 2015 قد بلغت 1554 مليار ليرة سورية بزيادة قدرها 164 مليار ليرة عن عام 2014 مع بلوغ اعتمادات العمليات الجارية 1144 مليار ليرة سورية بزيادة قدرها 134 مليار ليرة سورية عن موازنة 2014 فيما قدرت الاعتمادات المخصصة للاستثمار بمبلغ 410 مليارات ليرة سورية بزيادة قدرها 30 مليار ليرة عن العام الماضي في حين قدرت النفقات الاجتماعية بمبلغ 983,5 مليار ليرة سورية بزيادة قدرها 368,5 مليار ليرة سورية عن عام 2014 فيما نفقات الدعم للمشتقات النفطية وصلت إلى نحو 338 مليار ليرة سورية ودعم الطاقة الكهربائية والدقيق والسكر بـ 195 مليار ليرة سورية ورصد مشروع الموازنة 50 مليار ليرة سورية لعملية إعادة الإعمار والذي يعتبر مبلغاً قليلاً إذا ما قورن بحجم الخسائر الفعلية التي تعرضت لها سورية.
ما ينتظر الخاص
ورغم التراجع الذي حدث كما قلنا في قوى الإنتاج الحقيقية إلا أن الغرفة ترى ضمن رؤيتها وفي محور الدور المنتظر للقطاع الخاص أن القطاع الخاص استمر في المشاركة في صنع حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي السوري وهو يتطلع إلى تحقيق شراكة حقيقية مع القطاع العام تؤدي إلى نهضة فعلية وإعادة إعمار منهجية ووضع تصور كامل عن سورية بعد الأزمة وحتى عام 2025 يجب أن يحدد الأولويات وإلى أي مدى نريد أن نصل بمختلف القطاعات – ويقوم القطاع العام والخاص بتقاسم المهام والمسؤوليات، كما ينتظر عودة رؤوس الأموال السورية مع انتهاء الأزمة، وبدأت بوادر هذا الإنجاز في عام 2014 وعلى أمل أن يكون عام 2015 هو عام الانطلاقة الفعلية لعملية إعادة الإعمار.
معالجات...
 وبالرغم من كل ما حدث في مختلف القطاعات إلا أن الحكومة أصرت العام الماضي على معالجة بعض المشكلات التي عانى منها هذا الاقتصاد عبر إصدار مجموعة من القوانين والمراسيم والقرارات بهدف إعادة تفعيل مساهمة القوى المنتجة في الاقتصاد الوطني وبخاصة القطاع الخاص منها إعادة جدولة القروض والتسهيلات الممنوحة لأصحاب الفعاليات الاقتصادية المتأخرين عن سداد التزاماتهم تجاه المصارف العامة لغاية تاريخ صدور وإحداث نقابة مقاولي الإنشاءات وتنظيم عمل العمال المنزليين السوريين ومنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخه شاملاً بعض الجرائم الاقتصادية وتصديق الاتفاقية الموقعة بين وزارة المالية السورية ووزارة المالية الروسية حول تقديم روسيا الاتحادية مساعدة مالية من دون مقابل للجمهورية العربية السورية وفرض رسم (طابع الشهيد) وإعفاء المكلفين بضرائب دخل الأرباح الحقيقية العائدة لأعوام 2012 وما قبل من الفوائد والجزاءات والغرامات وإحداث محاكم مصرفية بدائية واستئنافية وتمديد العمل بالمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2014 المتعلق بإعادة جدولة القروض والتسهيلات الممنوحة لأصحاب الفعاليات الاقتصادية إلى جانب قرارات تتعلق بفرض رسم 10% على ضريبة ريع العقارات ورؤوس الأموال وإحداث مديرية الأموال المصادرة والمستولى عليها واعتماد أحكام وشروط ترخيص المكاتب الخاصة بتشغيل العمال المنزليين وتمديد العمل بالقرار 816 بإعفاء بعض المواد الغذائية الأساسية المستوردة من الرسوم الجمركية والسماح للقطاع الخاص باستيراد مادة المازوت براً استثناءً من أحكام المنع لمدة ثلاثة أشهر من تاريخه إلى جانب مجموعة من قرارات هيئة الاستثمار السورية المتضمنة اعتبار عدد من المشاريع مشمولة بأحكام المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007.
تفاؤل واقعي
قد نقف في صف من بقي في الوطن ليساهم في صمود بلده مع الشد على أيدي من لديه الرغبة في العودة من رجال الأعمال والصناعيين والمستثمرين للعودة وخاصة مع التفاؤل الذي تبديه الغرفة باعتبارها المنظمة الأقدم في سورية على مستوى الاقتصاد الوطني ورأيها هذا فيه الكثير من التفاؤل المستند إلى واقعية حقيقية في ظل الأرقام الواردة.. فهل تتوضح بعد فترة رؤية الحكومة / الدولة للتوجه الاقتصادي وتشارك كل القوى ببناء اقتصاد سورية ؟؟!!!.