أسعار الدواء.. أكثر من 200% زيادة..والمواطن يبحث عن البديل!!

أسعار الدواء.. أكثر من 200% زيادة..والمواطن يبحث عن البديل!!

الأزمنة

الأحد، ٢٩ مارس ٢٠١٥

محمد العمر
ثمة تساؤلات تطرح نفسها أمام ما يعانيه الدواء المحلي بالمحافظة من فوضى سعرية جامحة، إذ لم يكن يتصور أن تصل الأمور لهذا الحد، فالفوضى بالأسعار وفقدان الدواء تضرب أطنابها بأغلب المناطق، والصيدليات، إذ قفزت الأسعار أكثر من 200% وصار شراء الدواء عبء ثقيل على الدخل المحدود، وما تفاوت السعر بين صيدلية وأخرى إلا غيض من فيض مما يحدث، ليس هذا فحسب، بل يتم إخفاء الدواء عن المواطن بحجة غير موجود حتى يتم الاستغلال بشتى الطرق والوسائل، ليتجه المواطن بعد هذا الجموح للأسعار إلى سوق الأعشاب، ربما يبقى حسب قوله أرحم بكثير من علبة الدواء..

فوضى السوق
"غلاء الدواء" هو حديث الشارع بالمحافظة، لكن بوسط هذه الظروف العصيبة وما يتعرض له البلد، قد عذر ما أمكن منها خاصة في مسألة نقص الأدوية وعدم توافرها بشكل متساوٍ بين صيدلية وأخرى أو في المراكز الطبية.. ليبرر عدد من الموردين للأدوية بدرعا وجود هذه المعاناة وبشرخ واسع عن السابق أي قبل الأزمة إذ كانت متوافرة نوعاً ما لكنها اليوم وبعد مرور عامين أصبحت أصناف كثيرة غير متوافرة وصار جلبها من دمشق العاصمة أرحم من التعب والشقاء بالبحث عنها. فارتفاع السعر وعدم وجوده لأصناف معينة، جعل سوق الأدوية يعاني من فوضى تتفاوت بين منطقة وأخرى، وهو ما أدى إلى نقص شديد في الأدوية، على خلفية رفع أسعارها بطريقة يقول الصيادلة هناك إنها "لا تلبي حاجة معامل الأدوية"، التي توقفت عن توريد الأدوية للمستودعات. فالذي حدث بالضبط إنه بعد قرار رفع أسعار الأدوية أن الفارق في السعر دفعه المواطن لكن لم يذهب هذا الفارق لأصحاب المعامل الذين زادت تكاليفهم بل صبّ في المرحلة الأولى في مصلحة الصيادلة فقاموا بتعديل أسعار ما لديهم من أدوية كانوا قد اشتروها واستجروها من المعامل وفقاً للأسعار القديمة قبل قرار رفع الأسعار، فإذا كان هامش ربح الصيدلي في الدواء محدداً بين 10-25% أصبح الربح بعد القرار أكثر من 150% تقريباً.
التسعير مجحف
الموردون والأطباء بدورهم ما زالوا يعتبرون طريقة التسعير الأخيرة "مجحفة وغير عادلة"، "وان هذه الطريقة في التسعير لا تعامل جميع الأدوية معاملة واحدة ضمن شرائح محددة، إذ باتت بعض الأدوية حسب قولهم تكاليف إنتاجها مرتفعة جداً، وبعض الأصناف الأخرى لا تحتاج إلى رفع أسعارها، لذلك فإن هذه الطريقة برفع الأسعار تسببت بتفاقم المشكلة بدلاً من حلها". وليس هذا فحسب بل صارت طريقة رفع الأسعار تأتي بطريقة مجحفة بحق الصيدلي أيضاً، الذي بات يتكلف بعملية نقل الأدوية من المستودعات إلى صيدليته في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة، قائلين: إن طريقة التسعير جعلت أرباح كثير من الأصناف الدوائية غير كافية لعملية المخاطرة بنقلها إلى الصيدليات، " الأمر الذي فاقم من المشكلة"، على حد تعبيره. ويبرر الموردون للأدوية عدم توافر الدواء بشكل واسع بسبب توقّف معظم معامل الأدوية في حلب نتيجة أعمال التخريب والتهديد من العصابات للمصنّعين رغم وجود فروع لهذه المصانع في كل من دمشق وريف دمشق وحمص وغيرها من المحافظات إضافة إلى تأثير العقوبات الاقتصادية على قطاع الأدوية، فقد أصبح المصنع حسب قول محمد الزوباني مورد أدوية يعاني من نقص حادّ في تأمين المواد الأولية لتصنيع أغلب أصناف الأدوية، كما أنه يعاني من نقص مستلزمات الإنتاج كالطاقة الكهربائية والمحروقات والتي تحتاجها بشكل كبير للصناعات الدوائية، وهذا بالتالي انعكس على الموردين إجمالاً، ومن جهة أخرى هناك معاناة تتمثل حسب قول تيسير المحمد (مورد آخر) بوجود صعوبات حول نقل الأدوية وشحنها، حيث تعرض العديد من شحنات الأدوية لعمليات السلب والسرقة السطو، الأمر الذي يحرم المحافظة أو غيرها من الدواء ويجعلها تفتقر إلى أصناف معينة باتت اليوم مطلب الكثير..
 
الدواء الوطني يبقى الحل
وحسب قول أحد موردي الأدوية بدرعا، رغم التحديات التي تواجهها صناعة الأدوية والمتمثلة بارتفاع أسعار بعض المواد الأولية وتكاليف الإنتاج من شحن ونقل وزيادة الخطورة عليه، ناهيك عن استيراد بعض التجهيزات والأجهزة مع انخفاض حجم التصدير بنسبة 40 بالمئة، وما يعصف بالأسواق من ارتفاعات قياسية، فإن قطاع الدواء الوطني - باستثناء المستورد منه- مازالت أسعاره مقبولة إذ لم ترتفع إلا الشيء القليل، هذا يأتي في ظل ظروف صعبة أثّرت سلباً على الإنتاج، لكن رغم رخص الدواء فإن هناك مشكلة أخرى بالمقابل لا مفرّ منها والتي أشار إليها أحد المخابر الطبية بمدينة درعا عبر المعاناة من النقل والشحن وتوفير المواد الأولية فضلاً عن مسألة السعر التي ما زالت المشكلة والعقبة الأساسية في ظل التحديات والظروف الحالية وما تتم إعاقته بالشحن والنقل وبالتالي زيادة التكاليف أكثر في الأجر، ويضيف: إن سعر الدواء الرخيص يشكل مع باقي الدول عقبة أساسية أمام التصدير، لأن الدواء بالنسبة لها يعد منتجاً سيئاً نظراً لتدني سعره مع العلم أن الرقابة تكون مشددة في أغلب المعامل الدوائية.
 
تبريرات الصيادلة
دوماً " التبريرات موجودة" كما يقال "، فالصيدلي يضع المسوغات سواء كان ذلك في فقدان سوق الدواء المحلي أو ارتفاعه، كما أن بعض الصيادلة قالوا إن العديد من الأصناف الدوائية المختلفة فقدت في الأسواق، مثل الملينات الكيماوية والنباتية وأدوية الدوالي والأوعية والمعقمات والأدوية الخاصة بالأعصاب والحبوب والإبر والشاش، وغيرها، وذلك بسبب خروج بعض المعامل المحلية أو بعض خطوط الإنتاج عن العمل وخاصة في حلب وحمص، إلى جانب تأثر نحو 2000 صنف دوائي، إلا أن البدائل لها موجودة من الصناعة المحلية بحسب الصيادلة. ولفت الصيادلة إلى صعوبة التنقل لعمال المعامل وما يعنيه ذلك من تأثير على استمرار العمل ببعض خطوط الإنتاج.. وأبدى الصيادلة تفهمهم لأثر كلفة نقل الأدوية من حلب إلى دمشق والى المحافظات التي ارتفعت من 25 ألفاً لـ125 ألف ل.س، مشيرين إلى بعض الأدوية التي يتم تهريبها إلى الداخل والتي تباع بأسعار مضاعفة تخضع للعرض والطلب وهي تطلب بشكل خاص من بعض المرضى والزبائن الذين يفضلون نوعيات محددة من الدواء بغض النظر عن السعر، وهذه الأدوية لا تتجاوز نسبتها الـ1% من حجم الدواء المحلي والمستورد.
مديرية الصحة بدورها تركز بجولاتها المتكررة حسب قولها على الصيدليات بضرورة الالتزام بتوفير المنتج الدوائي وفق الشروط الفنية المعتمدة فيما يخص الغلاف الكرتوني، والنشرة الخاصة باستعمال الدواء، ووجود الصيدلاني على رأس عمله، وإبراز الترخيص الخاص ببيع الدواء والالتزام ببيع الدواء وفق التعليمات، وبنفس الوقت تشدد الصحة على عدم التساهل بحق الصيدليات والمشافي المخالفة للتعرفة أو بأسعار الأدوية، أو في حال وجود أدوية مزورة. مشيرةً إلى أنه لا خوف على سوق الدواء الوطني، من حيث النوعية والتسعير في ظل وجود سياسة دوائية وطنية صارمة، ومخبر مرجعي معتمد إقليمياً ووجود تشاركية بين الجهات المعنية بصناعة الدواء.
 
"الأعشاب هي "البديل"
اليوم وعلى ضوء ارتفاع أسعار الدواء أو عدم وجودها بات الكثير يتجه لسوق الأعشاب الطبية التي حلت محل الدواء وتكلفة الشراء الباهظة من الصيدليات التي باتت أسعارها متفاوتة بين منطقة وأخرى، وصار البعض يتجه للإنترنت للاستفسار عن العلاج العشبي لمرض يعانيه، ولا يريد الذهاب للطبيب بحيث يوفر أجرة معاينة الطبيب في العيادة الخاصة، أو للبحث عن أعشاب منحفة أو مقوية للمناعة وغير ذلك من الأعشاب الموجودة على الإنترنت ويقومون من ثم بالتوجه إلى دكاكين بيع الأعشاب في السوق. وربما اختلف سوق الأعشاب أيضاً وباتت أسعاره أيضاً مرتفعة إلا أنه يبقى أرحم قليلاً من علبة الدواء، إذ قام أصحاب محال بيع الأعشاب برفع الأسعار لحجج مختلفة؛ منها صعوبة الحصول عليها بسبب الحرب والتنقل بين المدن والأرياف والجبال حيث مصدر هذه الأعشاب بالمناطق الريفية والجبلية. ورغم ارتفاع أسعار الأعشاب فإنها تبقى أرخص ثمناً من الأدوية الكيميائية الموجودة في الصيدليات.
مي علاء الدين، موظفة، كانت تتجول في سوق البزورية تريد شراء بعض الأعشاب المنحفة، تقول لنا: «هذه الأعشاب التي نأخذ وصفاتها عن طريق الإنترنت أو من خلال القنوات الفضائية التلفزيونية الطبية والاجتماعية تغنينا عن زيارة الطبيب في عيادته، ومن ثم توفر علينا دفع أجور المعاينة التي ارتفعت بعد الأزمة، حيث تتراوح المعاينة مابين 1000 و2000 ليرة، بينما كانت قبل الأزمة بين 500 و1000 ليرة، إضافة إلى أنها أرخص تكلفة من وسائل التنحيف الأخرى كالانتساب للأندية الصحية المتخصصة بالتنحيف أو إجراء عمليات الشفط المكلفة مادياً التي ارتفعت أجورها في المشافي بشكل كبير بعد الأزمة.
علاء السعد، بائع أعشاب طبيعية قال: إن هناك أسباباً أخرى لإقبال المواطنين على الأعشاب، وهو كما يقول ظاهرة موجودة من الأحداث، وقد تكون توسعت بعد الأزمة؛ ومنها أن شريحة من الناس تثق بالعلاج الطبيعي لما يشكله من أمان أكثر من الأدوية المصنعة من مواد كيميائية، قد تكون لها تأثيرات جانبية، كما أن هناك أطباء يصفون لمرضاهم الأعشاب، وهذا دليل على أنها تحقق الفائدة المرجوة للمريض، إضافة لرخص ثمنها مقابل الأدوية الكيميائية. ومن المعروف - يتابع علاء - أن بيئة المحافظة غنية بالنباتات الطبية حيث توجد فيها، وجميع هذه الأعشاب ومنها الشيح والقيصوم والزعتر البري والخلة والمردكوش وإكليل الجبل والزعرور والمريمية والنعناع والبقدونس الصخري والزلوع والبابونج والزوفا وغيرها الكثير، تعالج أمراضا كثيرة، كما أنها مفيدة في تقوية مناعة الجسم والتنحيف أو زيادة الوزن للنحيفين، ومنها ما يساعد على فتح الشهية وحل مشاكل أخرى الجميع بات يعرفها.