الأتمتة التي لم تنتج خدمات علم النافذة

الأتمتة التي لم تنتج خدمات علم النافذة

الأزمنة

الأحد، ٨ مارس ٢٠١٥

زهير جبور
حينذاك انصب كامل الاهتمام في عمل تحديثي متطور. سوف يخرجنا من الروتين المتبع، وجاءت تسميته(الحكومة الإلكترونية) ولمجرد ورود المفردة الثانية، فهو ما أوحى الارتباط بعالم الأتمتة عبر حكومة يمكن التعامل معها في كل مكان لتسهيل عمل المواطنين والتواصل معهم، وضمان تعريفهم على الخدمات التي تقدم. ويقول المتابعون: إن تصميم الموقع جاء بشكل احترافي، ويمكن الدخول إليه عبر الجوال، أو الأجهزة العادية، والتعامل معه بمنتهى البساطة لخلوّه من التعقيد، وهذه نقطة إيجابية، بحيث توفر لمن يمتلكون المبادئ الأولية تشغيل الجهاز والدخول والحصول على المعلومة المطلوبة التي اقتصرت على تقديم الاستفسارات في مجالات الصحة؛ الزراعة، الثقافة، المالية. أما في المفهوم العام للعمل فهو تقديم الخدمات وليس توضيح الاستفسارات، أي يمكن للمواطن الحصول على إخراج قيد النفوس وصولاً إلى ترخيص لشركة أو معمل من أجل اختصار الوقت وإلغاء الروتين وتخفيف العمل عن الموظفين مهما كانت درجاتهم في المسؤولية والتواصل مع المواطنين أينما كانوا.
•    اختصار القيمة
أعلن عن هذه الخدمة الإلكترونية قبل عشر سنوات، وطلب أن تجهز المديريات المختصة في المحافظات ما سمي حينها النافذة الواحدة، أي إن المواطن يقدم طلبه لينتقل آلياً من نافذة إلى أخرى في الدائرة لينجز ويخرج بأقصى سرعة من الواحدة المعتمدة التي توافر عناء الذهاب والإياب، وملاحقة التواقيع، وتعفى من صعوبات الإجابات الباردة.. (المدير غير موجود) (رئيسة الشعبة إجازة ولادة) (الأوراق ناقصة) وفي بلدية اللاذقية التي تعطلت فيها المصاعد من 12 سنة ولم يتم إصلاحها إلى الآن يتطلب الأمر صعود المراجع من الطابق الأرضي حتى الطابق السابع، حيث تتوزع الأقسام وقد يحضر المعني بالموضوع وغالباً لا يحضر، ومن أقسى العقوبات على أبناء اللاذقية أن يربطهم سوء الطالع بأي عمل في البلدية، وإلى جانب التعامل الفوقي، واللامبالاة وعدم الاهتمام، وقلة الاحترام، فسوف يجد باباً مفتوحاً وثلاثة مغلقة، ولن يتلقى أي جواب يخدمه، اختصرت قيمة العمل الأتمتي على تقديم المعلومة المطلوبة لتنفيذ الأعمال ميدانياً وخضوعها للروتين المعهود الذي يعود في بعض الدوائر للنصف الأول من القرن الماضي، أما في تعريف الخدمة الإلكترونية فإنها تعني تطوير ونشر وتنفيذ السياسات والقوانين وإيجاد الآلية الأساسية التي من شأنها تفعيل تقنية المعلومات والاتصال وكامل الخدمات المطلوبة.
•    كيف يتم العمل؟
تنقلنا في عدة دوائر داخل مدينة اللاذقية بهدف الوصول إلى معرفة كيف تسير الأمور عبر النافذة الواحدة، وما تقدمه من تسهيلات، وخاصة أن الدوائر كانت قد أعلنت عن افتتاحها قبل سنوات، مثل المالية، البلدية، النفوس، ومن تستقبل المراجعين الكثر والذين هم على صلة بها من خلال حركة أعمالهم اليومية، في دائرة النفوس التقينا العديد من المواطنين الذين حدثونا عن بيان قيد عائلي ينظم عبر الكمبيوتر، هذا إن كانت الشبكة متاحة والكهرباء غير مقطوعة، ملاحظة مهمة (الشبكة لا تعمل وهي تنقطع باستمرار والكهرباء حدث ولا حرج بين 5 إلى 6 ساعات انقطاع في الليل والنهار) انتهت الملاحظة، هي الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد وينبغي تقديرها ولو على حساب الجهد الشخصي لمواطن تجاوز الثمانين من العمر، يجلس على درج الدائرة ليستريح من العناء والجهد الذي بذله، أما المولدات فلا يتوافر فيها الوقود، وبعد ذلك تأتي الإعاقة الأكبر حين يطلب أن يدقق فيما أعطاه الحاسب خوفاً من الأخطاء، ويتم التدقيق عبر السجلات التي تعود لعشرات السنين بأغلفتها السوداء السميكة واهتراء أوراقها وحبرها شبه الممحي بحكم الزمن، وهل هذه الأتمتة للخدمة السريعة؟ وما الفائدة أن عدنا للسجلات وبقيت هي الأساس؟ هذا ما يحصل مع مواطنين استمعنا إليهم وهم يتساءلون: لماذا الحاسوب إذاً وثمة معاملات تتطلب إنجازاً لا يأخذ من الوقت إلا دقائق، ليؤجل لمدة أسبوع أو أكثر ولأسباب يحددها الموظف دون توضيح.
•    وفي البنوك
تطلب الجهة ذات العلاقة براءة ذمة من البنوك التجاري، العقاري، الصناعي، وحاضنها الأم المركزي، وجميعها تتبع لوزارة واحدة، وعلى صاحب تلك البراءة التي ستقدم للجهة التي طلبتها لتسير معاملته أن يحصل من كل بنك متفرداً على تلك البراءة، وهنا نعود لموضوع الأتمتة والنافذة، وفي حال توحيد شبكات هذه البنوك فيمكن إصدار براءة ذمة عبر كوة واحدة مصدقة من البنوك المعنية وتقديمها للجهة الطالبة.
•    ملاحقة الجابي
ثمة جباة للأموال يتوزعون خاصة في المالية، البلدية، وإذا ما أراد المواطن تسديد ذمته المالية فعليه ملاحقة الجابي المختص. منهم من يصل في ساعة محددة صباحاً ويغادر لمتابعة أعماله في الجباية ولا يعود إلا في نهاية الدوام إن عاد، ومنهم من كتب على بابه إعلاناً يوضح أن الدفع يتم من الثامنة صباحاً حتى التاسعة، أو من الواحدة حتى الثانية ظهراً، طريقة متبعة عندما كان عدد سكان مدينة اللاذقية /25000/ نسمة وما زالت مستمرة حتى الآن وعدد سكان اللاذقية المدينة من دون الإخوة الوفدين إليها من المحافظات الساخنة قارب المليون، وكانت فقط أربعة أحياء بينما اليوم 30 حياً سكنياً وانضمت إليها الأطراف المحيطة التي شكلت مدينة أخرى، ومع ذلك بقيت البلدية واحدة والجباة بنفس الطريقة ولا ينقصهم سوى ارتداء الطربوش الأحمر، وعلى المواطن ملاحقتهم، وكان بإمكان النافذة المعنية أن توحد الضرائب في إيصال، فما السبب الذي لم يشمل دراسة التوسع الذي طرأ، ما أدى إلى انتشار المخالفات بشكل فاضح والفساد بما هو عليه، ولم يتم التفكير في بلدية ثانية أو تطبيق الطرق العلمية المخطط لها لإنجاز الخدمات التي تتوسع وتتضارب، وهذا يشمل مديرية الكهرباء والماء والعمران وغيرها.
•    تراكم الأخطاء
تقسم بين ما قبل الأزمة التي عاشتها البلاد وما بعدها وكان يمكن للمخطط النزيه أن يقدم دراساته الدقيقة في تطوير العمل، وجعل المدينة أنموذجاً حضارياً من بين مدن المتوسط، لكن الفساد حال من دون ذلك، ما أدى إلى التوسع الفوضوي المخالف دون تخطيط، وأعاق مسألة التنظيم، وما بعد الأزمة ازدادت الأمور سوءاً وفساداً، ورفعت لافتة الظروف الأمنية التي وفرت للكثيرين جداً فرص الفساد واستغلالها، وفي تصريح للسيد محافظ اللاذقية: إن بابه مفتوح لكل شكوى، وهو أعلن بأنه سيعالج المرض لكن الدوائر متكورة على هواها، يتحكم بها من هم بلا ضمير ولا حسٍّ بالمسؤولية وتحتاج للمعالجة، أخبرني مواطن أنه قال للموظف عملك خدمة الناس وإنجاز معاملاتهم، فجاء رده: أنا أعمل متى أشاء وأخدم من أشاء.. وأضاف المواطن: هذه المشيئة تخضع للمبلغ الذي يتقاضاه قبل الاطلاع على الأوراق المقدمة إليه، ومن أمثاله كثيرون جداً على رأس عملهم وفي كل الدوائر دون استثناء، هل نجدد في مفهوم علم الأتمتة والنافذة ونطور فيه؟ ونجعله خدمة حقيقية ناجحة، أم سنتركه على حاله مجرد وهم لا يعطي النتائج الإيجابية والفساد يحاصره لأنه يضر بمصالحه وتوجهه المستشرس. وما نرجوه أن تكون إجراءات السيد محافظ اللاذقية في العمق وليست جراحة تجميلية في إزالة مظاهر البسطات وغيرها مما شاهدناه مؤخراً وهي تعود تدريجياً وتحتاج لمتابعة مستمرة.