أسعار مواد البناء إلى أين؟! البلوكة بـ 45 ليرة وطن الحديد أكثر من140 ألف ليرة وإشاعات بوجود إسمنت مهرب فاقد للمواصفات!!!

أسعار مواد البناء إلى أين؟! البلوكة بـ 45 ليرة وطن الحديد أكثر من140 ألف ليرة وإشاعات بوجود إسمنت مهرب فاقد للمواصفات!!!

الأزمنة

الاثنين، ٢ مارس ٢٠١٥

درعا - محمد العمر
في معادلة خابت كل التوقعات فيها، أسقطت بورصة ارتفاعات أسعار مواد البناء وما يحصل بالسوق العقاري، كل الرهانات التي تدعي انخفاض السعر على المدى القريب، لا سيما أن السوق بهذه الفترة يشهد فورة سعرية بارتفاع مواد البناء وصلت إلى مستويات قياسية جداً، بعدما وصل سعر البلوكة الواحدة بدرعا إلى 45 ليرة سورية كما وصلت مادة الاسمنت لمستوى قياسي، خمسة وعشرون ألف ليرة للطن الواحد، أما مادة الحديد فقد وصل الطن الواحد إلى أكثر من 140 ألف ليرة، فمادة الحديد التي كانت قد ارتفعت في الفترة الأخيرة إلى مستويات قياسية ووصل العام الماضي إلى 170 ألف ليرة، قد تراجع سعره اليوم تراجعاً يكاد لا يذكر، فلم يؤثر على سعر الشقق السكنية بعد، وكذلك فإن مواد البحص والرمل وغيرها قد نالت نصيبها من الارتفاع بعد غلاء مادة المازوت بالفترة الأخيرة، وتبقى الأسعار متفاوتة بين سوق وآخر، بين منطقة وأخرى، الأمر الذي يطرح إشارات استفهام عديدة؛ ما الذي يحصل وأين الرقابة على هذه المواد ؟ وأين دور حماية المستهلك في الرقابة على أسعار تلك المواد؟!.
 
أعباء إضافية
ويتوقع مراقبو السوق العقاري أن تبقى أسعار مواد البناء والتشييد مرتفعة نظراً لارتباط بعضها بأسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار، ولاسيما مادة الحديد والتي يستورد قسم كبير منها من الخارج عبر تجار حديد لهم اليد الطولى في رسم أسعار المبيع للمستهلك وما يحملون المستهلك أيضاً من أجور شحن وغيره، فقد سجلت أسعار المادة مؤخرا ارتفاعاً حاداً وصلت إلى حدود 135-140 ألف للطن الواحد بعدما كان 8 آلاف قبل الأزمة، وعزا بعض العقاريين هذا الارتفاع الكبير في مادة الحديد اليوم إلى مقدار الصرف بين العملات الأجنبية والليرة السورية، بينما يرجع أحمد الخضر أحد تجار الحديد في مدينة درعا السبب إلى الكلف العالية للمادة ومقدار سداد البضاعة وما يلحقها من أجور شحن وغيره وكلها باتت مكلفة كثيرا، مشيراً إلى أن هذه الأسعار ستتسبب في انتكاسة للعقارات ولحركة البناء إذا ما بقيت مرتفعة، مما يزيد من أعباء المتعهدين والمقاولين والشركات الخاصة المنفذة للمشروعات ولاسيما السكنية بسبب زيادة الأعباء والتكاليف التي أخذوها كشماعة منذ أكثر من سنتين وتعليق كل مشكلات تأخير تنفيذ المشروعات طوال سنوات مضت عليها، يضيف إنه نتيجة لغلاء مواد البناء وصعوبة تأمينها مترافقة مع زيادات في تكلفة الشحن وأجور النقل تعثرت وبشكل كامل الأنشطة العمرانية في بعض المحافظات، وحسب الوقائع فإن هناك شبه توقف عن متابعة إنجاز وحدات سكنية أو بناء عقارات من قبل مطورين عاديين.. الأمر الذي أوجد حالة من تفاقم أزمة الحصول على شقة مناسبة وزاد من حركة الطلب عليها، فمواد البناء تتناقص يوماً بعد يوم وإن وجدت فأسعارها نار.. فكل الأعمال والأنشطة العمرانية مؤجلة ولا أحد مكترث بها..!
 
الخسارة واضحة..!
 يبدو من خلال هذه الارتفاعات لمواد البناء أن المتعهد هو الخاسر الأكبر مهما حاول تعويض خسارته باعتبار أن جميع المواد من إسمنت وحديد إلى الخشب جميعها تأثرت بارتفاع الدولار وانخفاض الليرة وهذه التغيرات السعرية الحادة طالت كل شيء ولعبت دوراً سلبياً على صعيد إعادة النشاط الاستثماري والحركي، ومهما قام المتعهد برفع الأسعار فلن يعوض في كثير من الأحيان ثمن الأرض التي شيد العقار عليها علما بأن بعض المتعدين يبيعون بسعر التكلفة أو أقل من التكلفة لتسيير مشاريعهم المتعطلة.
أحد تجار مواد البناء بالمحافظة أكد أنه ونتيجة لضعف حركة البيع والشراء وتراجع القدرة الشرائية للمواطن في ظروف الأزمة إضافة إلى انخفاض الطلب بشكل كبير على مواد التشييد ومواد الإكساء الداخلي، فإنه بصدد تصفية محله والعزوف عن العمل في هذا المجال الذي لم يعد ذا جدوى، وقال: لا يُقدم على شراء مواد كالأسمنت والجبص وغيرها من المواد إلا المضطر، ولا تكون عمليات الشراء بكميات كبيرة كالأطنان بل بالكيلو غرامات المعدودة”، وعلّق قائلاً: حركة البيع ضعيفة جداً وقليلة، ولا يشتري هذه المنتجات إلا المضطر في حين كنا قبل هذه الفترة نبيع بكميات كبيرة، ولا تبيت مواد البناء عندنا أكثر من 24 ساعة”.
 
أسعار قياسية
ما يحدث اليوم بالسوق العقاري هو انفلات سعري حقيقي في أسعار العقارات ومواد البناء، فالأسعار ترتفع أكثر وأكثر منذ أربعة أعوام بل إن الارتفاعات مستمرة طالما أن الدولار لا يزال مرتفعاً، ما ينبئ حسب قول خبراء العقار بأن هذه السوق لن تتنازل عن عرشها العاجي التي وصلت إليه في كثير من المناطق السورية، خاصة وصولها في بعض المناطق إلى أسعار ضرب من الخيال. وحسب ما يراه أهل الكار فإن الارتفاعات هذه تفاجئ كل من راهن على انخفاض العقار لأسباب منها أن السوق العقاري جيد للشخص كملاذ آمن لأمواله خاصة في هذه الظروف، ويعتبرون أن العقار أفضل من الذهب لأن العقارات حسب قولهم تحافظ على أسعارها ولا تنخفض، بينما الذهب فهو في كل يوم بسعر جديد، بعدما وصل عام 2012 إلى فوق 10000 ليرة سورية واليوم يبقى مضطرباً, فكل يوم سعر جديد نزولاً وصعوداً.
 
ظروف معقدة
ويتجه أحمد محاميد صاحب مكتب عقاري للقول بأن أغلب التوقعات عما وصف بحالة الركود الثقيلة العاصفة في السوق العقارية هذه، تسفر عن مزيد من التعقيدات والإشكالات التي قد تترافق مع مثل ظروف معقدة كهذه، حيث لا مبيع ولا شراء بل توقف شبه تام لأعمال أنشطة البناء في معظم مناطق المحافظة والمناطق؛ حتى تلك الآمنة البعيدة عن الأحداث توقفت أنشطة البناء بسبب تفاقم أسعار مواد البناء وارتفاع أجور العمالة والشحن والنقل، وأن حالة من عدم الاستقرار هي القائمة ولا توحي التوقعات بمزيد من الانخفاض في الأسعار خلال الأشهر القادمة، مشيراً إلى أن حالة من الضبابية تغلف القطاع منذ فترة ليست بالقليلة..! ليقدر بعض المتابعين نسبة تراجع حركة البناء بـ90% خلال العام الحالي بينما كانت مقبولة منتصف العام الماضي ورغم تراجع الحركات العمرانية، إلا أن لا تراجع يذكر طرأ على أسعار الأراضي حتى تلك البعيدة عن النطاق العمراني في الشهور الماضية.
 
سوق مرتبك
يبدو أن العقارات اليوم حسب قول حمد العسلي تاجر عقارات في إزرع، هو سوق مرتبك ومشوش، فلا يكفي ما يصيبه من عدم استقرار بالأسعار بمواد البناء حتى يكون هناك ما يربكه أكثر، خاصة عما شاع مؤخرا عن وجود إسمنت تركي مهرب غير صالح، ليشير العسلي إلى أن هناك مخاطر حقيقية في حال تم استخدام إسمنت فاقد للمواصفات لما قد يسببه من كوارث على الأبنية، وإذا ما استخدم فهو خطر لا يقل عن الخطر الاقتصادي والاجتماعي، ويأتي ذلك حسب قوله في وقت تشهد فيه الأسواق ولاسيما سوق البناء والتشييد غلياناً شديداً طال كل مستلزماته وأساسياته الضرورية وهذا الارتفاع سيؤثر على المطورين والمقاولين وعلى فاتورة حساباتهم وخسائرهم وقد يتسبب ذلك أيضاً بتأخير تنفيذ عشرات المشاريع السكنية المباشر بها منذ سنوات، وكانت المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء قد جددت تحذيراتها من استخدام الإسمنت التركي المهرب في الأبنية بسبب عدم خضوعه لأي فحوص مخبرية وتحاليل علمية وفنية.