قصّة رجل إغاثة (1)..الأسباب الكامنة وراء إخفاق حملة الوفاء الأوروبية من الوصول إلى أهدافها..خذلان البعض ومساعدات لم تصل في وقتها!!

قصّة رجل إغاثة (1)..الأسباب الكامنة وراء إخفاق حملة الوفاء الأوروبية من الوصول إلى أهدافها..خذلان البعض ومساعدات لم تصل في وقتها!!

الأزمنة

السبت، ٢٨ فبراير ٢٠١٥

إسماعيل عبد الحي
 
لم تجد كل الكتابات التي أسهمت في توضيح حقيقة العراقيل التي وضعت أمام الحملات الإغاثية الخارجية ومنها حملة الوفاء الأوروبية التي وصلت إلى أهدافها في عدد من قوافلها المحملة بالمعونات، وخففت بشكل جزئي من معاناة المهجّرين والمناطق التي يعاني أهلها الأمرّين، فهم يتجرعون قساوة العيش وشظفه، عدا استخدامهم كدروع بشرية من المسلحين.
 توقفت حملة الوفاء الأوروبية في أوج عطائها وعملها ولم تتكشف الحقيقة إلا بعد أن قرر أحدهم أن يخرج عن صمته بعد أن ضاق ذرعا بالوعود التي لم تثمر يوما.
ممدوح بدوي نائب رئيس الحملة في قوافلها المتتابعة تحدث عن بدايات عمله في حملة الوفاء الأوروبية التي بدأت في غزة ومن ثم انتقلت إلى سورية تحت شعار " وفاء للشعب السوري الذي احتضن الفلسطينيين منذ النكبة وحتى اليوم " حيث قال : لأنه لم تنجح أي مؤسسات أو هيئات خيرية أو إغاثية في الوصول إلى الداخل السوري بالرغم من أن العدد الأكبر من النازحين السوريين والفلسطينيين موجود داخل الأراضي السورية. وسبب عدم نجاحهم في الدخول هو خوفهم من التعرض للقتل أو الاختطاف أو التعذيب. ومن الأسباب الأخرى لعدم النجاح في إيصال المساعدات إلى مستحقيها الحرب الإعلامية على سورية وتضليل وتزييف كثير من الحقائق حتى يتم إعاقة وصول المساعدات إلى الداخل السوري. طلب الأستاذ أمين أبو راشد أن تجهز قافلة إغاثية عاجلة في أقرب وقت ممكن حتى نطلع على الأوضاع في الداخل السوري ونتلمس احتياجات الناس عن قرب، فأجاب الدكتور محمد حنّون إنه ليس لديه مانع من إعداد قافلة تتجه نحو دمشق ولكن في الوقت الراهن لاتمتلك قافلة الوفاء الأوروبية المال الكافي المخصص للداخل السوري. فعرضت على الدكتور محمد حنّون والأستاذ أمين أبو راشد مشاركتي ودعمي لتحضير وإعداد قافلة الوفاء الأوروبية المتجهة نحو سورية فاستأذنت وسألت الدكتورمحمد حنّون هل أمين أبو راشد أهل للثقة ويمكن الاعتماد عليه فأجاب: بنعم.. فسألته هل تسمح لي بالعمل معه؟ فأجاب بالموافقة لأن أمين أبو راشد هو من سيتولى التنسيق لدخول القافلة إلى دمشق.
فاتفقنا على الدخول إلى دمشق. فقمت بتجهيز مئة طن من الدقيق وقامت قافلة الوفاء الأوروبية بتجهيز ألف وخمسمئة طرد غذائي ومن ثمِّ توجهنا إلى بيروت لإدخال قافلة الوفاء الأوروبية إلى دمشق برئاسة الدكتور محمد حنّون. حيث تم التنسيق مسبقاً بواسطة أمين أبو راشد مع أحمد فرحات للدخول إلى دمشق والخروج منها. وصلنا إلى بيروت. وفي اليوم التالي توجهت قافلة الوفاء برئاسة الدكتور محمد حنّون والمنسق أحمد فرحات إلى منطقة المصْنع اللبنانية حيث كان بانتظارنا مؤتمر صحفي صرح فيه الدكتور محمد حنّون أننا ننوي الدخول إلى دمشق. عند انتهاء المؤتمر توجهنا إلى الحدود السورية وفي اللحظة الأخيرة تراجع الدكتور محمد حنّون عن فكرة الدخول معنا. فدخلنا أنا وأمين أبو راشد وأحمد فرحات (أبو صبحي) وكان بانتظارنا هناك مؤتمر صحفي على الحدود السورية في منطقة جديدة يابوس الحدودية ومن هنا تولى الأخ أمين أبو راشد رئاسة حملة الوفاء الاوروبية.
وبعد المؤتمر الصحفي كان بانتظارنا وفد من وزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين في سورية الأستاذ على مصطفى ومجموعة من المسؤولين فتوجهنا إلى دمشق. كانت كل التسهيلات متاحة لنا وقمنا بتوزيع الطرود الغذائية والتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسة اللاجئين الفلسطينيين برئاسة الأستاذ علي مصطفى وقمنا بالاطلاع على أوضاع وأحوال النازحين والمتضررين من الأزمة في الداخل السوري فأدركنا مدى عمق المعاناة ووقفنا علي أهم الاحتياجات التي هم بأمس الحاجة إليها.
ولقد رأيت بأم عيني أن جميع التسهيلات كانت متاحة للأعمال الإغاثية من الحكومة السورية ومن  المسؤولين السوريين الذين استقبلونا بكل احترام وتقدير وشاهدنا مدى حرصهم على تقديم كل المساندة والدعم لكل من يرغب بتقديم المساعدات الإنسانية والأعمال الإغاثية.
فقررت أن أبذل قصارى جهدي لتوفير الاحتياجات الإنسانية للنازحين للتخفيف من معاناة أهلنا في سورية. فجهزت قافلة إغاثية تعد من أكبر القوافل الإغاثية المحملة بالمواد الغذائية ومواد التنظيف والمواد الصحية.
تنسيق وتعاون
يقول بدوي: تم تعيين أحمد فرحات (أبو صبحي) كمنسق لقافلة الوفاء الأوروبية على الأراضي اللبنانية والأراضي السورية حيث يستقبل المواد من ميناء بيروت ويعمل على إيصالها إلى دمشق ويقوم بعمل جميع التنسيقات مع وزارة الشؤون الاجتماعية والمسؤولين الأمنيين.
واستمرت قوافل الوفاء الأوروبية الإغاثية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية والدكتور طلال ناجي.
 قام الدكتور طلال ناجي بتوفير المرافقين والسيارات لنقل أعضاء وفد قافلة الوفاء الأوروبية وقد وجدنا من مكتبه كافة أنواع الدعم والمساندة لتسهيل إتمام مهمتنا على أكمل وجه.
وفي إحدى القوافل حصل خلاف بيني وبين أحمد فرحات في فندق الدماروز فطلبت منه عدم التدخل في التوزيع وأن يلتزم بدوره كمنسق للقافلة فقط وعدم اتخاذ أي قرارات إلا بعد الرجوع إلينا وأبلغته بأنني أرفض كل تجاوزاته في توزيع الحصص على محسوبياته وعلى معارفه دون علمنا وموافقتنا وتصاعدت حدة الخلاف بيننا فقام بتهديدي بأنه في حالة عدم التزامي بالصمت والسكوت حيال تصرفاته، فإنه يستطيع بمكالمة هاتفية واحدة تلفيق التهم لي بأنني أقوم بمساعدة المسلحين وبأنه سيتم إخفائي نهائياً ولن يستطيع أحد معرفة مكاني. فقررت في نفس اللحظة وبدون علم أحد مغادرة دمشق فخرجت في منتصف الليل وغادرت الفندق ووصلت إلى بيروت في الصباح اليوم التالي، ثم قمت بالاتصال بأمين أبو راشد وأخبرته بأنني حاليا في بيروت وذكرت له ما حصل بيني وبين أحمد فرحات (أبو صبحي) من خلاف والتهديد الذي قام بتوجيهه إلي. وأنني لن أعود للمشاركة في حملات الوفاء الأوروبية في داخل سورية مرة أخرى وسأقوم بالتصريح عما حدث معي وما تعرضت له من تهديدات وتجاوزات من  أحمد فرحات. فطلب مني الأخ أمين أبو راشد أن أقابل أبو عبدو من مكتب الدكتور طلال ناجي وأن أخبره عما حدث معي وهو سوف يقوم بحل الخلاف الحاصل بيننا وطلب مني عدم مغادرة بيروت قبل أن أقابل "أبو عبدو".
 التقيت أبو عبدو وشرحت له ما حصل وأسباب الخلاف وبينت له أن المساعدات التي في المستودعات داخل سورية في الفيحاء أنا من جاء بها ومن دفع ثمنها ولدي ما يثبت ذلك من المستندات وفواتير الشراء وبوالص الشحن وأني حريص جدا على إيصالها لمستحقيها فقط. وأوضحت له أن تدخل أحمد فرحات سيعيقني عن إيصالها لمستحقيها. فتعاطف معي أبو عبدو واتصل بالدكتور طلال ناجي أمامي وأخبره بما حصل معي، فقال لي إن الدكتور طلال ناجي تعهد بضمان سلامتك وعدم السماح لأحمد فرحات بالتدخل في توزيع المساعدات وطلب مني الدكتور طلال ناجي العودة إلى دمشق للعمل داخل سورية وقال لي أبو عبدو بعد تعهد الدكتور طلال ناجي لك فإن أي اعتداء عليك من قبل أحمد فرحات (أبو صبحي) سيعتبر اعتداء على الدكتور طلال ناجي نفسه وقال لي أبو عبدو إن أحمد فرحات لن يستطيع تجاوز الدكتور طلال ناجي فشعرت بالأمان والارتياح لأن هناك جهة تقف بجانبي فعدت للعمل في الداخل السوري بكل أريحية وسهولة. استمرت القوافل وكان سير الأمور ميسراً واستطعنا إتمام العمل بكل سهولة داخل الأراضي السورية.
 استمرت قوافل الوفاء بالدخول إلى سورية وتقديم المساعدات والمعونات للنازحين والمحتاجين. في أحد الأيام عاد أحمد فرحات ليتدخل في التوزيع وتخصيص المساعدات للمحسوبيات ولغير المستحقين والتوزيع دون الرجوع إلينا.
 فقررنا إعفاء أحمد فرحات من مهامه وتعيين منسق آخر بدلاً منه واستمرت القافلة في العمل. وذات يوم كانت القافلة تقوم بتوزيع المساعدات في مخيم اليرموك فحصلت مشادة بين الأخ أمين أبو راشد والسيد جمعة العبدالله. فقام أمين أبو راشد بالاتصال بأبو عبدو ليخبره عن الشجار الذي حدث بينه وبين جمعة العبدالله وبدوره قام جمعة العبدالله بالاتصال أحمد جبريل وتضخم الموضوع وتم اخراجنا من مخيم اليرموك أثر هذا الخلاف.
تم منع التوزيع ووقف أعمال الإغاثة بالرغم من توافر مواد إغاثية في مستودع حملة الوفاء الأوروبية كالمواد الغذائية وحليب الأطفال والحليب السائل وغذاء للأطفال حديثي الولادة وأجهزة التدفئة الكهربائية وخمسين ألف حرام (بطانية) وعدد ضخم من الملابس الشتوية والجاكيتات واستمر منعنا من التوزيع بالرغم من شدة احتياج الناس لها حيث كان الطقس شديد البرودة بسبب فصل الشتاء. واستمر المنع حتى تتم الموافقة لنا من وزارة الشؤون الاجتماعية باستئناف نشاطنا في العمل الإغاثي.
 على خلفية قرار المنع قرر وفد قافلة الوفاء الأوروبية المغادرة وبعد النقاش والتداول حتى لا نقع في حرج أمام الوفد تقرر السماح لنا بتوزيع 200 حرام أمام الوفد فقط من أصل٥٠ ألف حرام موجودة في المستودعات.
 بعد التوزيع قرر الوفد برئاسة أمين أبو راشد المغادرة من دمشق واخترت أنا عدم المغادرة والبقاء وحيداً في دمشق لترتيب الحصول على الموافقات لأتمكن من توزيع المساعدات الموجودة في المستودع.
 بقيت ثلاثة أشهر تقريبا في دمشق التقينا خلالها بالسفير الفلسطيني الخالدي حتى يساعدنا ويتم توزيع المواد الموجودة ولم يتمكن من مساعدتنا والتقيت بسفير منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي ولم يستطع مساعدتي أيضاً. ثم التقيت بالأمين العام لجبهة النضال خالد عبد المجيد ولم يستطع مساعدتي كذلك والتقينا بسماحة المفتي أحمد بدر الدين حسّون ولم يستطع مساعدتنا ولم نترك أحداً إلا وتواصلنا معه وجميع من التقينا بهم وعدونا خيرا ولكن للأسف لم يتم التوصل إلى حل لمشكلتنا حتى قررت استعادة المواد الإغاثية ومغادرة دمشق إلى بيروت والقيام بتوزيعها هناك على النازحين والمحتاجين.
 اتصل بي أمين أبو راشد وأخبرني أنه قام بالتواصل مع السيد أحمد فرحات (أبو صبحي) وفي حال قيامنا بإعادة المدعو أحمد فرحات (أبو صبحي) إلى منصبه السابق كمنسق لقافلة الوفاء الأوروبية فإننا سنباشر استئناف عملية التوزيع خلال ثلاثة أيام وبذلك يتم حل جميع المشاكل والعقبات التي نواجهها. فاشترطت على أمين أبو راشد عدم السماح للسيد أحمد فرحات المدعو (أبو صبحي) بالتدخل في التوزيع أو التخصيص لمحسوبياته نهائياً فوعدني بضمان ذلك.
أعاد أمين أبو راشد السيد أحمد فرحات إلى منصبه كمنسق للقافلة وتم دخول الوفد برئاسة أمين أبو راشد إلى دمشق وتم توزيع جزء من المساعدات الموجودة في المستودع.
أثناء التوزيع بدأ أحمد فرحات بتكرار سلوكه وزادت كثرة مطالبه بحجة أن هذه المطالب سيتم استخدامها للحصول على موافقات وتسهيلات حيث قام بمطالبتي بالحصول على سيارة مصفحة وساعة يد ماركة رادو … الخ.

وللحديث تتمّة