في الإصلاح والنفع العام...ماذا عن قوانين الاستملاك المتناقضة؟!! ومتى يتمّ إعادة النظر في العدل والإنصاف؟!

في الإصلاح والنفع العام...ماذا عن قوانين الاستملاك المتناقضة؟!! ومتى يتمّ إعادة النظر في العدل والإنصاف؟!

الأزمنة

الاثنين، ٢٣ فبراير ٢٠١٥

السويداء- فريال أبو فخر firyaaf14@gmail.com
يعاني أغلب مواطني السويداء من عدم إنجاز إفراز معاملات عقاراتهم، والتي يمضي عليها عشرات السنين دون الاكتراث من قبل المعنيين بالنظر بتلك المعاملات، ليبقى المواطن يتنقل بين الدوائر الرسمية تائهاً لا يعرف ماذا يفعل بالرغم من استكماله لكافة الشروط القانونية لفرز هذا العقار أو ذاك، ومثال على ذلك العقار رقم 4896 الذي مضى سبعة أعوام لغاية هذا التاريخ ولم تنجز معاملة الفرز له، مع أن معاملة الإفراز وحسب أحد المتصلين بالأزمنة ليست بالمشكلة الكبيرة، فبقليل من الاهتمام يمكن للجهات المعنية أن تفعل المعجزات، وبهذا تجنب المواطنين تجميد عقاراتهم وأرزاقهم والتي يمضي عليها عشرات السنين لا يستطيعون تحريك ساكن فيها وكأنها ليست ملكاً لهم.
ما نفع وجود المجلس إذا كانت المعاملة تستغرق كل هذا الوقت؟!!
واحد من المالكين لهذا العقار والبالغ عددهم 26 مالكاً اتصل بالأزمنة شارحاً ما يتعرضون له من تقصير وإهمال بحقهم، ما يضطرهم إلى مراجعة الدوائر الرسمية مرات ومرات ولكن دون الاكتراث لمطالبهم، وأضاف: لقد قمنا بإيداع إضبارة العقار الذي يحمل الرقم 4896 في السويداء الشرقية 1/1 لدى مجلس المدينة منذ عام 2006 على أمل فرزه وتقسيمه على مالكيه- وأنا واحد منهم- ولكن لغاية هذا التاريخ لم يحرك ساكن من قبل المجلس وتساءل: إذا كانت معاملة لفرز عقار لم تنته منذ عام 2006 فما نفع وجود المجلس في المحافظة إذا كانت هذه المعاملة تستغرق كل هذا الوقت، ولماذا كل هذا التقصير والمماطلة من قبلهم بحقنا، مع أننا قمنا وجميع المالكين بدفع كل ما يترتب علينا من رسوم، ولكن لا جديد!! بالرغم من مطالباتنا المتكررة بأن أعمالنا البنائية والإنشائية متوقفة والرجاء العمل سريعاً لحل هذا الموضوع بعد أن دفعنا رسومنا، لمنحنا تراخيص نظامية للبدء بأعمال البناء وكذلك فالج لا تعالج- بحسب تعبيره-.
لا تناقض مع مخطط التوسع، بما يتوافق مع ضابطة المقاسم الجديدة
مالك آخر أضاف: لقد قمنا نحن المالكين بتقديم كتاب إلى محافظة السويداء وذلك بتاريخ 19/3/2007 ذكرنا فيه بأنه تم تنزيل المخطط التنظيمي من قبل مكتب التقسيم والتنظيم في مجلس مدينة السويداء، وعلى هذا الأساس تم استكمال الثلث النظامي لتقديمه كمشروع تقسيم وإفراز إلى مجلس مدينة السويداء بشكل نظامي، إضافة إلى ذلك فقد تم تصديق المخططات من قبل نقابة المهندسين مع دفع كل الرسوم المترتبة على المالكين، إلا أنه- بحسب المالك- وبعد تقديم المشروع لتدقيقه نهائياً من قبل مجلس مدينة السويداء تبين ما لم يكن في الحسبان، فهناك جزء من العقار بات خارج المخطط التنظيمي" وكأنو ناقصنا مشاكل" ولاسيما عند التوسع الجديد لمجلس المدينة، علماً بأن المجلس قام بتنزيل المخطط التنظيمي مرتين من قبل مكتب التقسيم، وفي كلتا المرتين كان المخطط متطابقاً، إذ تبين أن جزءاً من هذا التنظيم يقع في التوسع غير المعمول به، حيث تبلغ مساحة هذا الجزء 11 ألف م2 من مساحة العقار البالغة 29527م2، مع العلم بأن هذا الجزء لا يمكن فصله عن المساحة المنظمة لكونه مشيداً عليه الأبنية والحصص موزعة بالتراضي بين المالكين، وإن عدم قيام مجلس مدينة السويداء بتنظيم هذا الجزء وشطبه من التنظيم سبب خلافات بين المالكين، وقد تم توزيع طرق تخديمية للمقاسم من أصل الثلث النظامي ولا تناقض مع مخطط التوسع، وذلك بما يتوافق مع ضابطة المقاسم الجديدة، وعلى الرغم من ذلك مازال مجلس مدينة السويداء لا يكترث لكل هذا ولا يعير معاملة الإفراز أي اهتمام.
عدم عدالة بعض القوانين والمتعلقة بالمجال الضريبي والذي يمثل معاناة حقيقية للمواطنين
ويمثل تحديث القوانين وتطبيقها أي ما يسمى الإصلاح القضائي جزءاً رئيسياً من عملية الإصلاح الشاملة المنشودة لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لجماهير الشعب كافة، ومن هذا المنطلق فقد شكا الكثيرون من عدم تطبيق كثير من القوانين التي صدرت بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى عدم عدالة بعضها، ولاسيما فيما يتعلق بالمجال الضريبي والذي يمثل معاناة حقيقية للمواطنين، وقد شكل الاستملاك على القانون 60 لعام 1974 تعدياً واضحاً على حق الملكية الخاصة المصونة بالدستور، وذلك كون قيمة المتر المستملك موضوعة ومحددة أصلاً بالقانون، بحيث لم يعد هناك حاجة لتشكيل لجان يتمثل فيها المالكون، وهي أسعار زهيدة جداً وإن كانت مختلفة بدرجات متباينة بين المشجّر والبعل، وقد تم تخصيص الاستملاك على القانون 60 للجمعيات السكنية بهدف حل أزمة السكن، وتحسين ورفع مستوى أعضائه اقتصادياً واجتماعياً، من خلال تأمين الأراضي وتشييد المساكن وملحقاتها وتمليكها للأعضاء بسعر التكلفة، وذلك وفقاً للمبادئ التعاونية والاجتماعية للدولة في مجال الإسكان.‏
ما الذي حصل؟
ولكن الذي حصل ولاسيما في مدينة السويداء أنه جرى الكثير من الاستملاكات على القانون 60 لعام 1974 بذريعة إعطائها للجمعيات السكنية وبسعر التكلفة، ولكن معظم الأراضي المستملكة بيعت من قبل مجلس مدينة السويداء- حينها- إلى جهات حكومية وأفراد أيضاً، وبأسعار مضاعفة عشرات الليرات، ودون أن يأخذ المالكون الأصليون أثمان عقاراتهم حتى على القانون 60 نفسه، وأبرز مثال على ذلك العقار 4537 الذي وإن كان قد وُزّع قسم منه للجمعيات السكنية، إلا أن القسم الأكبر قد وُزع للدوائر الرسمية، إضافة إلى الأفراد من خارج مالكي العقار الأصليين، وهذا مخالف لنص القانون 60 نفسه، والشيء الغريب واللافت أيضاً أن مالكي العقار لم يستلم أحد منهم قيمة حصته السهمية في العقار المذكور لتفاهة المبلغ المحدد بـ 4 ليرات سورية للمتر الواحد، وعلى هذا الأساس سوف يقومون بتقديم دعوة قضائية بهذا الخصوص، وبهذا المعنى انقلبت الدولة ممثلة بمجلس مدينة السويداء، إلى تاجر منافس يأخذ الأراضي من أصحابها بأسعار زهيدة ويبيعها بأضعاف أضعافها، ويستوفي من الجهات المشترية أثمانها كاملة ونقداً، ويتجاوز مصالح المالكين الأصليين للعقار، ويضرب بها عرض الحائط، علماً أن معظمهم من ذوي الدخل المحدود الذين ليس باستطاعتهم شراء الأراضي داخل المخطط التنظيمي للمدينة.
أعضاء اللجنة هم غالباً من الموظفين الذين لا يجرؤون على الرفض!!.
وبناء على كل هذا أبدى لنا الباحث والحقوقي محمد طربيه برأيه القانوني حول هذا الموضوع فقال: إذا كان الدستور الجديد قد جاء فعلاً لمعالجة معاناة الناس، وتحقيق العدالة التي يفترض أن تكون للجميع، فإن المُلحّ الآن إعادة النظر في قوانين الاستملاك المختلفة وتوحيدها في قانون واحد يلغي ما سبقه من قوانين لا تخلو من التناقض أحياناً، ويكون التقدير فيها عادلاً ومنصفاً، وذلك بمراعاة الأسعار الرائجة والدفع النقدي بحيث لا يتم تنفيذ الاستملاك إلا بعد التأكد من وجود المبلغ كاملاً لدى مالية الجهة المستملكة، وأيضاً هذا من اقتراحات الإصلاح أن تكون غاية النفع العام هي غاية حقيقية وليست كيدية، إذ كثيراً ما كان يحدث أن يرغب مسؤول تنفيذي كالمحافظ مثلاً، أو رئيس مجلس المدينة، باستملاك منطقة ما تخص شخصاً أو أشخاصاً محددين- وهذا ما حصل منذ عشرات السنين ولدي وثائق وإثباتات بهذا الخصوص- فيعطي توجيهاته المباشرة وغير المباشرة للجنة الفرعية للاستملاك بالإقرار بضرورة الاستملاك، بحجة أنه يحقق منفعة عامة، وأعضاء هذه اللجنة هم غالباً من الموظفين الذين لا يجرؤون على الرفض.
مع أن الملكية الخاصة مصونة بالدستور إلا أن قانون الاستملاك يحرم المستملك عقاره من الانتفاع به في سبيل المصلحة العامة
إن عدم عدالة بعض القوانين الصادرة قد شكلت معاناة حقيقية لكثير من المواطنين، ولعل من أبرز جوانب تلك المعاناة قانون الاستملاك الذي يحرم المستملك عقاره من الانتفاع به في سبيل المصلحة العامة، أو ما يسمى النفع العام هذا ما أضافه الحقوقي طربيه وتابع: ولمّا كان الدستور السابق والحالي ينصان على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز الاعتداء عليها، ولمّا كان تبرير الاعتداء عليها بالاستملاك هو المنفذ الشرعي لعمليات الاستملاك، فإنه من الضروري أن يكون التعويض الذي يتلقاه المستملَك عقاره عادلاً ومساوياً للقيمة الحقيقية لعقاره وقت الاستملاك، وإذا كان الدستور القديم والقوانين الصادرة في ظله تنص على أن يكون استملاك العقار مقابل تعويض(عادل) - منتقداً لجهة عمومية كلمة عادل- وفقدان الجهة التي تحدد عدالة قيمة العقار، ما يؤدي إلى إثارة الكثير من اللبس والاجتهادات، فإن الدستور الجديد قد يحول ذلك إلى القول أن تكون متناسبة مع القيمة الفعلية الرائجة للعقار، وفي الحالتين فليست العبرة بالنصوص، وإنما بتطبيقها، إذ إنه من الملاحظ أن دفع المبلغ المستحق للمواطن في الحالتين يتأخر عشرات السنوات، ما يُنقص القيمة الشرائية الحقيقية لليرة بسبب الغلاء وانخفاض قيمة الليرة، علماً بأن التعليمات التنفيذية لقانون الاستملاك 20 ولاسيما لعام 1974 تتضمن أن يكون المبلغ مرصوداً بكامله بالسنة التي جرى فيها الاستملاك.
شراء العقارات من القطاع الخاص وارتفاع أسعارها
وبالعودة إلى الجمعيات السكنية بالسويداء والذي ألزم صدور القانون 17 لعام /2007/ الوحدات الإدارية بتوفير الأرض للجمعيات السكنية إلا أنه- على أرض الواقع- لم يؤمن مقسماً واحداً وبقيت الجمعيات تعاني من صعوبة في الحصول على الأرض التي تريد لإشادة المساكن التعاونية، وقد لجأ بعضها لشراء الأرض من القطاع الخاص وبأسعار مرتفعة بالريف القريب من المدينة، كما أقر القانون 17 إحداث مصرف تعاوني ولكن هذا المصرف لم يحدث حتى تاريخه وبقيت الأمور مرتبطة بالمصرف العقاري، وعلى الرغم من أن الجمعيات السكنية هي جمعيات أهلية بالأساس وليست"قطاعاً عاماً"، وقد وُجدت أصلاً بهدف حل مشكلة السكن، إلا أنها تتعرض لصعوبات ومشاكل الترخيص والتنفيذ الذي يتعرض لها أي شخص يريد أن يُنشئ مسكناً له، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تتعرض بشكل أكبر للكثير من الصعوبات لكون الجهات الحكومية لا تقدم لها التسهيلات اللازمة الذي وفّرها لها بالأساس القانون 17 لعام 2007 ومثال على ذلك إنه ورد بالقانون 17 أن تكون مدة القرض فيها 25 سنة، ولكن لغاية الآن لم يتم تفعيل الأنظمة والقوانين الصادرة بهذا الخصوص وهناك تقصير من الجهات الحكومية المسؤولة عن هذا العمل؛ فالجمعيات السكنية تصطدم أثناء قيامها بعملها بالإجراءات الروتينية بمجالس المدن والبلدات، وعندما تعرض الجمعية المشروع أمام أعضائها تصرّح بأنها تحتاج لشهرين لأخذ تراخيص للعمل بالمشروع وإنجاز الأعمال التنفيذية للمباشرة بالعمل، ولكنها تفاجأ بأن الرخصة التي تحتاج لشهرين تبقى أكثر من سنتين، وهناك الكثير من النماذج لجمعيات سكنية في مدينة السويداء على هذا الشكل بمجالس المدن والبلدات، والنتيجة أن الجمعية تتقدم لتأخذ الترخيص فنجد أن ترخيصها يتأخر أضعاف المدة التي خصصتها الجمعية بسبب التعقيدات الروتينية.