عن إنقاذ الاقتصاد الوطني!! المشروعات المتوسطة والصغيرة.. أضرار بمئات المليارات ومشاكل متراكمة بلا حلول!!

عن إنقاذ الاقتصاد الوطني!! المشروعات المتوسطة والصغيرة.. أضرار بمئات المليارات ومشاكل متراكمة بلا حلول!!

الأزمنة

الأحد، ٢٢ فبراير ٢٠١٥

*أحمد سليمان
Ahmadsulyman@gmail.com

تكاد المشكلات التي كانت تواجهها المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سنوات ما قبل الأزمة لا تذكر، مقابل ما أصابها حاليا من تدمير ممنهج وسرقة وتخريب نتيجة الحرب على سورية، وخاصة المشاريع الصناعية منها والتي كانت أضرارها أضعافاً مضاعفة عن الأضرار التي لحقت بمثيلاتها في القطاعات الأخرى، بسبب طبيعة هذه المشاريع التي تتطلب آلات وتجهيزات وأبنية وحيزاً مكانياً وعمالة ومواد أولية ومنتجات نهائية ما جعلها عرضة لاستهداف الإرهاب المسلح بشكل مباشر، لتصل أضرارها إلى مئات مليارات الليرات السورية هذا حسب ما هو متوافر من إحصاءات وربما تصل الأرقام إلى أكثر من ذلك.
لابد من استعادة الدور
 ومهما طالت هذه الحرب على سورية فإنها حتما ستنتهي، وحينها لابد من استعادة دور القطاع الخاص في العملية التنموية في مختلف القطاعات- بالطبع إلى جانب القطاع العام – حيث يشكل حجر الأساس في مرحلة إعادة الإعمار وإقلاع القطاعات الاقتصادية، نظرا لما يتصف به من مرونة وحيوية وقدرة على الاستجابة لمتطلبات واحتياجات السوق المحلية في المنتجات والخدمات، الأمر الذي يتطلب إيجاد آلية لتنمية وتطوير مشروعات هذا القطاع المتوسطة منها والصغيرة وحتى المتناهية الصغر، لأنها المدماك الرئيس في أي اقتصاد.
إن وضع سياسات اقتصادية على المستويين الآني والاستراتيجي تحفز هذه المشروعات وتقدم لها الرعاية والدعم والتسهيلات اللازمة لتمكينها من القيام بدورها المنوط خلال المرحلة القادمة؛ هو ما تعمل عليه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية حسب مصدر فيها باعتبارها الجهة التي تتولى الإشراف على هذه المشروعات من خلال المديرية الخاصة بها عبر العمل على تطوير نظام تمويل لهذه المشروعات من خلال التنسيق مع مصرف سورية المركزي والجهات الأخرى المعنية لإحداث وتفعيل دور المؤسسات الائتمانية المتمثلة بمؤسسة ضمان مخاطر القروض ومؤسسة التصنيف الائتماني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دور المصارف العاملة في تمويل هذه المشروعات.
السياسات الحمائية
إن حزمة من السياسات الحمائية التجارية الموجهة لدعم قطاع الأعمال المحلي والتركيز على حماية المنتجين الصغار من خلال إقامة حاضنات أعمال للمشروعات الصغيرة؛ هو ما تعمل عليه الوزارة حسب المصدر الذي أشار إلى مساهمتها الفعالة في تطوير قانون الاستثمار وإيجاد بيئة مرنة وجاذبة للاستثمارات الجديدة الوطنية والأجنبية وتفعيل تشابكاتها مع الشركات الصغيرة والمتوسطة المنتجة محلياً وعملها على توحيد الجهة الإشرافية للمشروعات في الوزارة بموجب موافقة الحكومة على توصية لجنة الخدمات والبنى التحتية في إطار تعزيز اللامركزية والتشاركية مع القطاع الخاص والأهلي. ويشير المصدر أيضاً إلى ما تعمل عليه الوزارة لإعادة هيكلية مديرية المشروعات الصغيرة وإحداث مركز رصد وتقييم أداء المشروعات وإعادة هيكلة الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات بما يخدم أولويات الحكومة في تنمية المشروعات وتقوية الدور التمويلي للهيئة إلى جانب التنسيق مع الجهات المذكورة لتعديل مرسوم إحداث الهيئة ومهامها وآليات عملها بما يتناسب مع الدور الراهن الموكلة به وبما يعزز الاستجابة لمتطلبات المرحلة الحالية.
لاشي دون سيولة
وقد لا يكون أي إجراء ناجعاً في هذه المشروعات ما لم تتوافر لها السيولة المالية وخاصة المتضررة منها لتذليل الكثير من الصعوبات الواقفة في وجه إعادة انطلاقتها من جديد، ودوران عجلة إنتاجها وتشغيل عمالتها لتلبية حاجات المواطنين من المنتجات الغذائية والضرورية.. فإحداث صندوق القروض الصغيرة كما اقترح اتحاد غرف الصناعة في دراسة له ليقوم بتقديم القروض وخدمات الادخار والخدمات المالية الأساسية الأخرى للسكان الذين لا يستطيعون الحصول على تمويل ويكونون قادرين على الإيفاء به أو لا يستطيعون الحصول على هكذا تمويل إلا بشكل محدود لتشمل تلك الخدمات قروض رأس المال العامل، اعتبره صندوقا للتنمية الصناعية غير ربحي بطبيعته, أي إنه مصمم لمساعدة ذوي الدخل المتدني في الحصول على القروض والخدمات المالية الأخرى، إذ تتفاوت مبالغ القروض فيما بينها حسب نوع المشروع التجاري، حيث تتراوح هذه القروض ما بين مليون إلى عشرة ملايين ليرة على تقديم أنماطً متعددة من القروض كقرض المواد الأولية والقرض الصناعي إضافة إلى أنواع أخرى من القروض التي تقدم لأغراض أخرى كالتوسع بالمنشأة وترميم البناء وشراء الآلات وتدريب العمالة.
ضمانات!!!
وذهبت الدراسة إلى تحديد الضمانات لهذه القروض من خلال قيام كل من يود الاقتراض إيجاد كفيلين اثنين من المجتمع المحلي الصناعي إلى جانب إمكانية استخدام العقار أو الآلات كضمان على أن تتراوح فترة السداد بين السنة وعشر السنوات، غير ربحية تتقاضى رسماً إدارياً لتغطية نفقاتها الإدارية وتختلف عن المصرف الذي يفرض رسوماً أدنى إلا أنه لا يمنح قروضاً صغيرة، وفي جميع الأحوال عند الانتهاء من سداد القرض الأول تصبح الرسوم الإدارية للقروض التالية أقل منه. ويقدم الصندوق خدمات استشارية صناعية للمقترضين الصناعيين من أجل وضع خطة عمل تجارية معهم إضافة لتقديم دورات تدريبية لدعم المقترضين حيث تستهدف هذه القروض أصحاب الورش الصناعية الصغيرة وصغار الحرفيين، كمحاولة لدعم أعمالهم وزيادة دخلهم، وفي الوقت الذي تلعب فيه القروض الصناعية والمهنية والخدمية التي تستهدف الحرفيين والصناعيين والعمال وأصحاب الورش والمهنيين والمهندسين وغيرهم دوراً مهماً في النهوض بأعمالهم إذ تعينهم هذه القروض على دعم أعمالهم بالمواد الأولية اللازمة والأجهزة والمعدات المطلوبة، وهذا ما يسهم في نهاية المطاف في تحسين جودة منتجاتهم وزيادة دخلهم الذي ينعكس بدوره على المجتمع والإبقاء على فرص العمل.
استدامة المشروع
إن هذا النوع من التمويل الصغير يعتبر مشروعاً تنموياً غير ربحي وفي بيئة تتسم بالتحديات وكلفة التشغيل العالية يكون رسم الخدمة الذي تضيفه المؤسسة إلى المبلغ الإجمالي للقرض هو الضامن الرئيسي لاستدامة المشروع إذ إن الاستدامة والاستمرار في العمل هو المعيار الأكثر حسماً في نجاح التمويل الصغير حددت المؤسسة قيمة هذا الرسم نتيجة لدراسات معمقة ومستفيضة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع السوري والبالغ نصف معدل رسم الخدمة للقروض الصغيرة في مناطق عديدة من العالم.
وتعتبر شروط الاقتراض بحد ذاتها نوعاً من المساعدة للمقترض إذ إن منهج التمويل هذا يعتمد بشكل أساسي على مبدأ التكافل الاجتماعي وليس على الأصول الثابتة فحسب وقد أوجدت المؤسسة في هذه الحالة نظاماً فريدا للقروض يستند إلى ضمانات بديلة قد تكون أكثر قوة وتأثيراً من توافر الأصول الثابتة وتتمثل بعامل الضمان الاجتماعي، وتتعامل المؤسسة في هذه الحالة مع مجموعات متكافلة متضامنة من الأفراد يضمن كل منها بعضه البعض، وتلعب جدية المشروع والجدوى الاقتصادية له وسمعة المقترض والعادات والتقاليد والأخلاق دوراً أساسياً في موضوع الضمان للكفيل والمكفول.
وبالإضافة إلى ما سبق يمكن تقديم خدمات أخرى إضافية مثل الإيداع والادخار حيث تشكل خدمات الودائع والادخار والحساب الجاري خطوة هامة في عمل المؤسسة التي تهدف من خلال هذه الخدمات إلى المساهمة في تشجيع المستفيدين على الادخار والاستفادة من الميزات الكثيرة التي يؤمنها الادخار والإيداع والمشاركة في نمو المؤسسة من خلال زيادة رأس المال الموظف في عمليات الإقراض والذي ينعكس بدوره إيجاباً على حجم وعدد القروض الممنوحة من قبل المؤسسة للمستفيدين من الشرائح الفقيرة والمهمشة في المدن والأرياف.
ميّسرة وفورية
وفي البحث عن حلول للأزمة المالية لتلك المؤسسات فإن أول ما يتبادر إلى الذهن منح قروض ميّسرة وفورية بشروط سهلة، وهنا تم اقتراح عدد من النقاط الهامة كتحديد ماهية المنشآت المشمولة من حيث الأولوية كصغر حجمها وعدم استفادتها من قروض، ومقدار الدمار الذي أصابها، مع الإشارة في هذه النقطة إلى لزوم تشكيل فريق عمل ميداني من غرفة الصناعة والمصرف المانح والمحافظة إضافة إلى التخفيف من المعاملات البيروقراطية والاكتفاء بضمانات محدودة، وهنا يعود للجنة تحديد الضمانات، وتحديد مقدار المبلغ الممنوح،
وينظم مصرف سورية المركزي آليات العمل، وإشراك البنوك الخاصة في هذا البرنامج على اعتبار أنها لم تسهم حتى الآن في خطط التنمية، وأن ينضم للمنظومة المصرفية التقليدية صندوق لدعم الصناعة يتم إنشاؤه ليعمل بآلية بعيدة عن الطرق التقليدية وضمن مصادر تمويل الحكومة لهذا البرنامج التحفيزي، ليطرح هنا سؤال فيما لو تستمر في الاقتراض من البنوك كما في السابق حيث اعتمدت على الاقتراض من الجهاز المصرفي بشكل أساسي لتمويل هكذا خطط وذلك لتتيح المجال للتوسع في إقراض القطاع الصناعي الخاص، ولاسيما مع خطط تراجع سعر الفائدة حالياً بشكل ملموس وهو ما يمثل فرصة حقيقية لكي تؤتى السياسات الصناعية أهدافها في تنشيط الاستثمارات الصناعية الخاصة وتوليد فرص العمل وتنمية الصادرات خلال إزالة العوائق.
الآلية المناسبة
إن سعي الحكومة لتحقيق الأمن الصناعي عبر الاعتماد على الذات وتأمين احتياجات السوق المحلية والمواد الأولية للصناعات المحلية والحد من الاستيراد وصناعة منتج وطني بجودة عالية وقادر على المنافسة في الأسواق العالمية يتطلب العمل بتشاركية بينها وبين اتحاد غرف الصناعة السورية في صنع القرار ووضع الخطط والسياسات للارتقاء بأداء القطاع الصناعي وتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية من بنى تحتية ومواد أولية وتوفير المناخ المناسب للاستثمار في هذا القطاع وفرص عمل جديدة للشباب من جميع المناطق ولاسيما الريفية من أجل تحقيق استقرار اجتماعي وتنموي إلى جانب توطين صناعات جديدة تتلاءم مع إنتاج كل منطقة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من أجل تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على النهوض.. فهل يوجد هناك من لا يكتفي بالسمع؟!، هل يوجد من ينفّذ ويجد الآلية المناسبة لتوفير الأطر التمويلية لمشاريع هذه القطاع؟؟؟!!.