أطفال الأزمة يعيشون" الفقد" في أسوأ صوره..د.محفوري: مشاركتهم همومهم وتقديم الحلول الناجعة لهم

أطفال الأزمة يعيشون" الفقد" في أسوأ صوره..د.محفوري: مشاركتهم همومهم وتقديم الحلول الناجعة لهم

الأزمنة

الاثنين، ٢٦ يناير ٢٠١٥

خلّفت الأزمة وراءها آلافاً من الأطفال اليتامى يعيشون الفقد في أسوأ صوره، فعدا عن فقدهم لحدب الأب وعطفه وتأمين حاجياتهم غير المحدودة في دورة الحياة التي لا تكاد تقف عجلتها أمام حدود الاكتفاء، فإنّ عسفاً يصيبهم من ذويهم والمحيطين حولهم يتلخص في اللامبالاة تجاه مشاعرهم وما يكنونه من ألم ذلك الفقد، وليتحول ذلك الفيض البريء من الأحاسيس إلى مشكلة نفسية، وعقدة سرعان ما تظهر آثارها في جو الأسرة ومحيط المدرسة والأقارب ولذلك نجد من كل واحد من فرق المتطوعين الشباب الذين يقدمون الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال الصغار خير مثال على المواطن الصالح الذي يدفع بذيول الأزمة إلى الخلف محاولاً فك عقدها، وتذليل الصعاب لدى الناشئة ليكونوا اللبنات الأساسية لمجتمع يفترض بنا تأهيله قبل أن نبدأ بإعادة إعمار ما تم تخريبه على يد العصابات المسلحة، وتسونامي التكفيريين الذي عمل على هدم الحجر وتخريب العلاقات الإنسانية عند البشر، وأطفال (الفقد) أنموذج من صور الحياة لأطفال تسمّرت وجوههم على أبواب منازلهم ينتظرون عودة من فقدوه والغائب من ذويهم وليتجرعوا مرارة يتذوقون طعمها للمرة الأولى في حياتهم.
للمرة الثانية: لم أكن مقتنعاً يوماً برغبة وزارة الشؤون الاجتماعية في إيجاد حل لمشكلة اجتماعية أو إنسانية (أخصّ الطفولة منها) لأسباب تتعلق بالتجربة التي كانت تفشل دائماً، وفي كل مرة كنا نلقي باللوم على فداحة الأزمة التي ألقت بالآلاف على أبواب الوعود الموصدة والأمل الخادع الذي تبين لنا أنّه فطرة من أصحابه على تسويف ما لا يؤجل، وإطفاء شمعة جديدة في سراديب الحلقات المفرغة من البحث غير المجدي، وكانت النتيجة أن لاذ المفجوعون بفجيعتهم بعد أن ضاعوا في متاهة الوعود والمؤسسة صاحبة الشأن تعمل على مبدأ "لن تروا طِحنا".
مئات الآلاف من الأطفال يعانون اليوم الفقد والحرمان وأبسط الحقوق التي تفرد لها الهيئة السورية لشؤون الأسرة بين الفينة والأخرى ورشات عمل لن يكون أثرها إلا محدوداً، وعشرات المتطوعين غير المؤهلين لم يفلحوا في هزيمة الخوف الذي يسيطر على أطفال رؤوا بعيونهم فظائع الحرب التكفيرية التي تشن ضد سورية.
منعكسات الأزمة
أطفال كثيرون يعانون الأزمات بمختلف أشكالها وأهمها النفسية وما تخلفه من اضطرابات هي واحدة من منعكسات الأزمة وهنا يحدثنا الدكتور رمضان محفوري الاختصاصي بالأمراض النفسية قائلاً: إنّ أهم المشكلات هي الكوابيس وخوف الطفل من الذهاب إلى النوم بمفرده، وهنا يجب علينا إفساح المجال للطفل كي يقص علينا ما يراه في نومه، وعلينا أن نخبره بأنّ الأحلام السيئة هي أمر طبيعي بعد الأزمات والكوارث وهي تصيب الكبار أيضاً، وأنّ هذه الكوابيس سوف تختفي تدريجياً وهنا لا نترك الطفل يقص علينا تفاصيل مخيفة لكي لا تترسخ في ذهنه وأن نجيبه ببساطة بأنّها مجرد أحلام مزعجة حقاً ويؤسفنا أنّها تأتي إليك لتزعجك هكذا ولكنها تأتي للآخرين أيضاً، ولنتحدث عن أحلام أخرى جميلة تود لو تراها في نومك.
مخاوف
يرى الدكتور محفوري ضرورة مشاركة الطفل مخاوفه وتقديم المعلومات والحلول المتوازنة والواقعية والعمل على إيجاد صندوق يستطيع الطفل أن يكتب همومه ومخاوفه ويرميها فيه ثم خصص وقتاً لقراءة هذه الكتابات والرسوم إن وجدت، ثم خصص وقتاً لكي تقرأ هذه الكتابات مع الطفل نفسه وعلمه طريقة حل المشكلات والتصدي لها وإذا لاحظت على الطفل توتراً أو انحرافاً في السلوك أو عدوانية غير معتادة أو حركة زائدة فشجع الطفل على الانخراط في فعاليات وتمارين لتصريف التوتر الناجم عن المشاعر المتقدة والإحباط الذي يعاني منه.
نصائح
يقول الدكتور محفوري: وفّر للطفل مكاناً يفرغ فيه انفعالاته ويعبر عنها وحاذر أن تقول له بأنّك تتوقع منه أن يكون قوياً لأننا نشعر بعد الكوارث والمصائب بأنّ الآخرين تركونا ولا نستطيع أن نمنع أنفسنا من أن نغضب منهم لذلك لا بأس من أن يخرج هذا الغضب وأن تحدثني عنه، وفي هذه المواقف حتى الكبار يرتجفون من الخوف أو الغضب فلا بأس من ذلك، ولربما تظهر لدى الطفل مشكلات صحية ناجمة عن شدة الانفعال كالصداع وآلام العضلات وآلام في المعدة من دون سبب واضح وهنا علينا أن نُعلم الطفل كيف يعبّر عن مشاعره وابقَ هادئاً قدر المستطاع لأنّ هذا يهدئ من روع الطفل.
إسماعيل عبد الحي
Esmaeel67@live.com