تخفيض للمواد أم لعبة إثبات وجود

تخفيض للمواد أم لعبة إثبات وجود

الأزمنة

الأحد، ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

زهير جبور
منذ حرب المؤامرة المستشرسة المجردة من الإنسانية... شهدت اللاذقية ضغوطات في المواد التي تشكل شريان الحياة اليومية للمواطنين من الغاز إلى المازوت والبنزين والطاقة والخبز وغلاء الأسواق, والمعاناة بكامل أبعادها. وتمكنت من شل الحركة المعتادة, ووجهت بمزيد من الصبر. خاصة مادة الخبز وهي الأخطر, وغيابها يلغي مفهوم الفقراء بتدبير الحال. ولا حال من دونه. ثلاثة أسابيع مضت حتى الآن على ما ظهر دفعة واحدة من غياب تام لجميع هذه المواد إلا الخبز. والخشية أن يشمله. وهنا الصعوبة البالغة التي لا يمكن تجاوزها إلا في توفره مهما كانت الأسباب. حدث هذا دون تدرج أو إعلام مسبق, ومعه حلت موجة برد شديد, ليست في أوانها وغير متوقعة بمثل هذا الشهر. ليشهد الريف أمطاراً غزيرة جداً وعلمنا أن تساقط حبات البرد شكّل ظاهرة ليست معهودة, وأنّ الحبة الواحدة بضخامتها أكبر من بيضة دجاجة يمكنها أن تقتل إنسان إن صدمت رأسه. ويقول أبو نذير البالغ من العمر 65سنة إنّه لم ير مثيلها في حياته.. وإنّها استمرت مدة زمنية، وتراكمت على الأرض. ويختم إنّه الخير. أما طوفان المدينة فقد أفرغ شوارعها من المارة والعربات، وهكذا فإنّ الطبيعة أنهت الخوف من الجفاف, وبعثت الطمأنينة في النفوس. ليحل خوف آخر من صنع الإنسان. وقد اختفت أسطوانات الغاز كأنه لم يكن لها أي وجود من قبل. سبق أن حصل ذلك, لكنها ضبطت من عدة اتجاهات, ولم تصل الحال إلى ما هي عليه وأثرها انمحى تماماً.. أين تسرب الغاز؟ ماذا حل به؟ وهو في بيوت المسؤولين. والمتنفذين, وأصحاب القرار, ومستودعاتهم موجود. وأصبحت رؤية المواطن حاملاً أسطوانة على كتفه راكضاً من مكان إلى آخر اعتيادية. أو (بيدونه) البلاستيكي بحثاً عن المازوت والبنزين, وكذلك صف العربات بخط طويل, هي الحال التي تعيشها اللاذقية اليوم.
•    ما وصلنا منها..
السيد عماد محمد مدير التموين يبرر أنّ عناصره عددهم قليل ولا يستطيعون سد الفجوات القائمة في السوق بشكل عام وبعضهم فرز لمراقبة توجه الأسطوانات من المركز الرئيسي للتوزيع إلى مراكز الوكلاء في الأحياء ووصولها إلى المستهلك وإبعادها عن الاحتكار والاستغلال, لكن هذا لا يظهر على أرض الواقع ولو حصل لما كانت حالة الاختناق قائمة كما هي عليه. وشكّل السيد المحافظ لجنة سميت الغاز, الهدف منها عدالة التوزيع, ووصوله وضبط مساره. وفي الوجه الآخر فإن تم دفع المبلغ المطلوب أسودَ تظهر الأسطوانة فتية ممشوقة صالحة للاستعمال. والمصادر تؤكد أنّ نقصاً كبيراً طرأ على مخصصات المحافظة حيث قلت الكميات المرسلة. وفي يوم 2-12-2014 وصلت إلى (14000) ألف أسطوانة. وهذا العدد هو الأكبر منذ شهر مع ملاحظة أنّ سكان اللاذقية اليوم 2.300000 مليون.
•    والحديث يطول..
أما في المازوت والبنزين فترى شوارع خلت من العربات والسرافيس وهذا يعني شللاً للحركة العامة. خاصة بين مركز المدينة والمدن والقرى وكل صاحب حاجة في التنقل. ومشهد الازدحام على محطات الوقود ومراكز بيع الغاز أصبح الشغل الشاغل للجميع, وأحاديثهم تدور حوله وتراكضهم ينتهي عند إمكانية تواجده.
•    فوضى ومشاجرات
هذا الأمر أدى إلى حالة فوضى. والكلّ يحاول أن ينقذ ساعات انتظاره الطويل. دون تقيد بدور أو ضبط مع محاولات للحد من ذلك بواسطة العناصر الذين فرزوا من جهات رسمية غير تموينية، لأنّ رقابتها لا تنفع بمثل هذا الوضع المخزي.
وما رأيناه على مواقف باصات النقل الداخلي لا يصدق.. وجميعها مشاهد تبعث على الأسى المتصاعد. لأنه موجود بطبيعة الحال. والانتظار كما يقولون يطول لأكثر من ساعتين. وهذا ما نقل إلينا على موقف جبلة – اللاذقية، عدد الباصات العاملة(111) باصاً منها القديم أو متوسط العمر. وآخر دفعة وصلتنا مع بداية الأحداث ومر على تشغيلها ما يقارب الأربع سنوات. ومع تضاعف عدد السكان, وتوزع إقامتهم. واستقبال الأخوة الوافدين. أصبح الأمر يقتضي إعادة نظر, ودراسة جدية تساهم في التخفيف من الضغط على أقل المعايير.
•    هل هو العجز؟
سوف نحاول إقناع أنفسنا بما يدلي به السادة الوزراء من تصريحات وتذكيرنا دائماً بأننا في حالة حرب, والمطلوب هو التقشف. وهي مفردة أخذت تتردد كثيراً. وحال المواطن يقول: نحن نعيش في قلب الحرب ولا حاجة لتذكيرنا، وماذا بقي لنا كي نتقشف به.. هل ترك أي شيء.. ولماذا نواجه ذلك الغلاء الذي فاق الشرح. ولا يقابل بتنفيذ قيمة المادة في السوق. ويختلف ثمنها بين حانوت وآخر.. دكان تواجه أخرى. عقليات مباحة على مدى تفكيرها.. وطمعها.. جربنا سعر اللبنة. وصل الكيلو من 500 إلى 700 ل.س. والمبرر هي بلدية أو غير بلدية. ومنها ما هو مغشوش مضافاً إليها (النشاء) دون رقابة صحية. وكأن تسمم من يأكلها لا يعني أحداً.. هو الاستهتار المغلف بالمنفعة بين المراقب والمراقب وبصراحة لم أستطع الوصول إلى حل معادلة بلدية وغير بلدية, واللبنة من اللبن, واللبن من الحليب.. فماذا يجري في هذا الغياب؟
ثم أسعار مواد الغسيل والجلي والتعقيم المنزلي والصابون.. جميعها دون استثناء متضاربة. وإذا ما احتج أحدهم على أنّ التسعيرة مكتوبة على السلعة. جاء الرد (هاتها واخرج) بين مكان وآخر وصلت شفرة الحلاقة الرجالية إلى 350-250-175 ل.س.. وهي من النوع الوسط. كان ثمنها السابق (15) ل.س وحين حاولنا مجرد النقاش جاء الرد السريع (الحق على الدولار).
هل عجزت الجهات التي هي على رأس عملها وتتقاضى مرتباتها, ووقودها. لهذا الغرض تحديداً من الضبط. عناصر التموين لا تكفي للتغطية حسب مدير التموين. أما المواطن المقهور فيجد أنّهم يغضون النظر ويتركون المجال ولهم في ذلك مصالح معروفة.
خفضت الكميات التي تصل إلى المحافظة من الغاز والمازوت والبنزين لا بأس.. أليس بإمكانهم تنظيم طريقة توزيعها بغرض هيبة القانون, وأن لا تتحول إلى فوضى والمواطن يتحمل مسؤولية وإذا قيل له عُد بعد أسبوع واحصل على أسطوانة الغاز فسوف يلتزم دون نقاش على أن يعود ويحصل عليها فعلاً.
•    إنه الوجه الآخر..
قالوا إنّهم واجهوا اختناقات سابقة. لم تكن بهذه الشدة التي هي عليها الآن. وعللوا ذلك لقدوم المحافظ، وما قام به من أعمال وخطوات, وما حمله من أفكار لمحاربة الفساد، وحسب رأيهم إنّها لعبة لي الذراع. وإلا فماذا يعني أن ينتشر الاختناق الرهيب بهذه السرعة ويفرض حضوره ولم يمر على تواجده في المحافظة شهر أو أكثر. ربما تكون آراء من استمعنا إليهم مقبولة. إذا ما قيست بحجم الفساد وجذوره, وانتشاره في كل المفاصل. وإذا كانت هي الحقيقة فعلى الشرفاء أن لا يقفوا في الحياد. والأمر يلتصق بلقمة عيشهم, واحتياجاتهم الأساسية.. أثناء كتابة الموضوع كشفت دوريات التنظيم والمراقبة. وعلمنا أنه تم حجز بعض الموزعين لمادة الغاز وأنّ الإجراءات بخصوص انحسار الوضع القائم تتخذ. وبين التخفيض الفعلي لأسباب اضطرارية فرضتها القيود علينا وبين لعبة إثبات وجود. سوف ننتظر النتائج.. والمسببات.