قرية sos للأطفال تعمل على رأب الصدع الأسري وتؤمّن للمحرومين حياة كريمة

قرية sos للأطفال تعمل على رأب الصدع الأسري وتؤمّن للمحرومين حياة كريمة

الأزمنة

السبت، ١٣ ديسمبر ٢٠١٤

ثلاثة وثلاثون عاماً مضت على افتتاح أول قرية للـ«sos» في سورية ومنذ ذلك الحين والقرية الموجودة في ريف دمشق تعمل على رأب الصدع الأسري من خلال استقطاب الأطفال الذين كان يمكن للخلافات الأسرية أن تقضي على مستقبلهم، فعملت جمعية القرى على توفير حياة كريمة لهم وتأمين كل مستلزماتهم الحياتية، إضافة إلى إيجاد الأم البديلة التي تعمل ليل نهار على راحة أبنائها الجدد في القرية، وخاصة أنّ عسف الحياة لحق ببعض الأمهات، فوجدن أنفسهن يلتصقن بأبناء ليسوا من أرحامهن ولكنهن استعضن بهم عما جارت به عليهن الأيام وعقوق الأبناء لتكتمل اللوحة في صورة البيت البديل والأم البديلة والحياة الجديدة التي يشق بها الصغار رحلة العمر المحفوفة بأشواك العادات والتقاليد.
في الطرق الضيّقة التي توصل بين البيوت الجميلة في القرية كان يسير أطفال أتعبهم حملهم الخبز لأقرانهم في زمن أصبح البحث عن لقمة العيش لآلاف الأطفال رحلة تحفّها المخاطر والكثير من ذل السؤال لأطفال لا يجد ذووهم اليوم مأوى بعد أن هجّرتهم يد الإرهاب من بيوتهم، ووضعتهم في مهب الريح كورقة خريف تتقاذفها الأزمة والأرصفة التي يبيت بعضهم عليها في حرّ الصيف وبرودة الشتاء.
كانت العيون الصغيرة تترقبنا بوداعة قلّ نظيرها، وصار بادياً أنّ التربية الحسنة أصبحت سمة أدبهم، والابتسامات تغمرنا بفرحها، وحزن عميق يتبدى في تلك التنهدات التي يطلقها بعضهم وهو يتحدث عن البيئة التي جاء منها والبيت الذي نشأ فيه وكان مسقط رأسه قبل أن يتحول إلى ذكريات حنيناً إلى أقرباء لم يبالوا يوماً لبعدهم، وأقران كانوا يمرحون معهم فقدوا اليوم تواصلهم معهم وهو ما رأيناه مع الأطفال الذين نزحوا من قرية أطفال خان العسل.

تبعات نفسية
القرية اليوم تشهد اكتظاظاً في أعداد الأطفال بعد أن استقبلت أطفال « sos» من حلب وعدداً من الأطفال الذين شردتهم الأزمة والحرب في مناطقهم.
وهناك كان لنا لقاء مع معاون مدير القرية محمود جمال الدين الذي أسهب في الشرح عن القرية وعرّف جمعية قرى الأطفال بأنّها جمعية غير ربحية تعمل على توفير الرعاية الأسرية المستمرة للأطفال المحرومين منها وحماية حقوقهم ومساعدتهم عبر استقبالهم لدى أسر بديلة تعطيهم الأمان والحب والحياة الكريمة.
وأضاف: نستقبل الأطفال من عمر اليوم الواحد وحتى ست سنوات، وحالياً نستقبل أطفالاً أعمارهم ما بين 13 و14 عاماً ويتم قبولهم، وجاء إلينا 5 أشقاء لم نستطع فصلهم ويتم اليوم فصل الشباب في بيت الشابّات، والحالات التي استقبلناها كانت تنضوي تحت سقف الضرورة والعمل الإنساني والأخلاقي، ولكن ترتب عليها تبعات نفسية عاش تحت وطأتها أطفال القرية الذين كانوا يتساءلون لماذا يأتي هؤلاء ويذهبون مع أهلهم الذين يجدونهم لدينا، ولا يسأل أحد عنهم؟ ولذلك فإننا نحتاج دائماً إلى الطاقم النفسي والتربوي.
وعن التأثير النفسي للمنطقة التي يوجد فيها الأطفال على مجموعة المتطوعين والفعاليات المختلفة التي كانت تقدم عوناً مادياً أو معنوياً للقرية قال: بسبب حساسية المنطقة لم يعد يأتي إلينا الكثير وأصبح هناك إحجام عن الحضور.

صعوبة التأقلم
الاختصاصية النفسية آمنة الشيخ قالت: إنّ أهم مشكلة تواجهنا هي لحظة دخول الطفل إلى القرية، وكان التفكك الأسري ومجيئه بسبب طلاق الوالدين، ويعاني بداية من النظام المحدد الذي يفترض به أن يتبعه، فهناك وقت للدراسة ووقت للنوم ووقت للطعام ويتغير سلوك الطفل ويصبح أحياناً عدوانياً، وحين يكون الطفل كبيراً يصبح التأقلم صعباً، ولعلاج مثل هذه الحالات تشترك الأم البديلة مع المتخصصين في العلاج ولها الدور الأكبر، وفي الحالات المستعصية نستعين بأطباء نفسيين.
عاملون في القرية قالوا: إنّ العمل الإنساني يأخذنا في حياتنا الخاصة إلى حياة هؤلاء الأطفال الذين وجدوا أنفسهم وحيدين في هذا العالم لنكون أسرتهم وأهلهم، ولأنّ العمل إنساني فهو يأخذ منا وقتاً طويلاً، إذا لا مجال للتفكير هنا بعدد ساعات العمل.
اسماعيل عبد الحي
ESMAEEL67@LIVE.COM