المخدرات الرقمية.. اضطراب وخروج عن السيطرة!!

المخدرات الرقمية.. اضطراب وخروج عن السيطرة!!

الأزمنة

السبت، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

إسماعيل عبد الحي
في زحمة التطورات المتلاحقة لوسائل التكنولوجيا والإدمان الذي أصاب النشء الجديد من حيث الجلوس ساعات طويلة أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر والموبايل والأساليب الحياتية الرتيبة التي خلقتها مواقع التواصل الالكتروني وتقنيات الاتصال المبتكرة تطالعنا هذه الأيام المخدرات الرقمية خطراً داهماً يطول كل البيوت التي يعتمد أبناؤها على وسائل الاتصال غير المراقبة أصلاً، تلك المخدرات التي تستهدف أنماطاً معينة من النشاط الدماغي من خلال استخدام أمواج صوتية وترددات غير مألوفة تمت هندستها لتخدع الدماغ بترددات مختلفة في الأذنين فيعمل الدماغ على توحيدها وتالياً يصبح غير مستقر كهربائياً أو حسب الدراسات الحديثة فإنّ المخدرات الرقمية هي ذبذبات صوتية أمواجها ما بين /ألفا/ وبيتا وصولاً إلى /دلتا/ يؤدي الاستماع إليها فترات طويلة إلى أحاسيس مختلفة كاليقظة الشديدة أو الدوخة أو الارتخاء.
للوقوف على خطورة هذا النوع الجديد من المخدرات التي تستهدف فئة الشباب إضعافاً له وللأجيال اللاحقة كان لنا لقاء مع الدكتور جلال الدين شربا الاختصاصي بالأمراض العصبية والنفسية ومدير عام مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية الذي حدثنا عن هذه الآفة الجديدة قائلاً: إنّ المخدرات الرقمية هي نوع جديد من أنماط الموسيقا التي يمكن سماعها من خلال سماعات أذن خاصة، وتكون هذه الموسيقا مختلفة التردد في كل أذن، ما يؤثر في الدماغ بطريقة مختلفة عن الموسيقا العادية التي يسمعها الإنسان العادي وبشكل طبيعي، وهذا النمط من الاختلاف في التردد والأمواج الصوتية يخلق حالة في الدماغ تشبه إلى حد كبير ما تحدثه المواد المخدرة كالأفيون والهيروين فتضطرب الكرات الدماغية وتخرج عن سيطرة القشر الدماغي الذي ينظم عملها، بل إنّ هذا القشر يتأثر أيضاً بهذه الموسيقا.
سريع الحدوث
يقول شربا: "إنّ هذا النمط من الإدمان سريع الحدوث، لا يحتاج أشهراً أو أياماً، بل فترة قصيرة ويؤثر في إمكانات الشخص الذكائية والاستيعاب والتواصل الاجتماعي والنوم والسلوك الاجتماعي ككل، ويجعل الشخص يميل إلى العزلة والابتعاد عن الحياة الاجتماعية، وعلى الأغلب نرى الشخص ينفرد في غربته أثناء استماعه إلى تلك الموسيقا وكذلك شروده وحركات عينيه، وشيئاً فشيئاً يفشل في أداء مهامه الوظيفية أو دراسته، كما يفقد شهيته للطعام ويصاب بنوع من الهزال مع مرور الوقت". ولدى سؤال الدكتور شربا عن نسبة الإصابة بهذا النوع عن الإدمان محلياً وعالمياً قال: حتى الآن لا توجد إحصاءات لهذا النوع من الإدمان نظراً لحداثة ظهوره وعدم مراجعة المصابين لمراكز العلاج، ولعدم فهم الأهل والمجتمع خطورة هذا النوع من الإدمان، إذ يعده الكثيرون مجرد استماع للموسيقا فقط. وأضاف الدكتور شربا: "هناك تقديرات تقول إنّه يوجد أكثر من مئة ألف مصاب في تركيا وعدة مئات في لبنان وعدة آلاف في السعودية".
الربح التجاري
وعن أهداف صناعة هذا النوع من المخدرات يقول شربا: إنّ الغاية ربحية، وهي تباع كالمخدرات الأخرى تماماً، ولكن مَنْ قام بصناعتها على درجة عالية من الاحتراف في عالم الصوتيات والرقميات، وقد تكون هناك أسباب أخرى لابتكار هذا النوع من الموسيقا كالتحكم بسلوكيات الأفراد كمرحلة أولى من التجارب، ومن استطاع التحكم بهذه الدارة يستطيع الوصول إلى ما بعدها، خاصة أنّها تستهدف شريحة الشباب والمراهقين الذين يدمنون الانترنت ووسائل الاتصال. وهي تحتاج لعلاج في أقسام خاصة في مستشفيات نفسية وبإشراف أطباء متخصصين نظراً لخطورة الأغراض حين يتم عزل الشخص عن تلك الموسيقا. أما عن الأساليب المتبعة في علاج هذا النوع من الإدمان فهي كما يقول شربا: "في المرحلة الأولى ومن ثم يتم العلاج الدوائي كمرحلة أولى، ومن ثم العلاج النفسي كمرحلة لاحقة لمعرفة التغيرات التي حدثت والأفكار وتطوراتها خلال مراحل الاستماع للموسيقا المصنعة مخدرات رقمية".