حملات إغاثية تعثرت.. ومتطوعون قوِّضت جهودهم..فمن يعمل على عرقلة وصول القوافل الإنسانية إلى أهدافها؟

حملات إغاثية تعثرت.. ومتطوعون قوِّضت جهودهم..فمن يعمل على عرقلة وصول القوافل الإنسانية إلى أهدافها؟

الأزمنة

السبت، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٤

إسماعيل عبد الحي
esmaeel67@live.com
لم تكن هي المرة الأولى التي تتعرض فيها حملة إغاثية إلى المضايقات ويتعذر على العاملين فيها إيصال المساعدات الإنسانية إلى جموع المحتاجين، ومن لا يملكون مأوى أو أشياء تقيهم برودة الشتاء أو حرّ الصيف، لكن وكما يقولون: إذا عُرف السبب بطل العجب، فالذين يعرقلون توزيع المساعدات الإغاثية يرفلون في بحبوحة من العيش تنأى بهم عن الإحساس بالمهجرين وآلاف المواطنين الذين لم تترك يد الإرهاب لهم شيئاً، ويزيدون في معاناة هؤلاء بقرارات اعتباطية لا تنمّ عن إدراك أبعاد ما يقومون به أو إحساس بمخاطر إطالة معاناة المتشبثين بوطنهم، وما يمكن أن تخلفه فيهم من آثار نفسية لن تمحى مستقبلاً بعوامل الزمن.
- بعض الاختلاف يتم التعامل معه على أنه وجهة نظر، ووحدهم المهجرون يدفعون ضريبته مزيداً من المعاناة والألم، ولأنّ الأخطاء واردة في الأزمات، فإنّ غياباً للرقابة يزيد من حدتها ويصبح ارتكابها أمراً متاحاً، خاصة أن التعامل معها يتم من منظور النيات الحسنة التي تولدّ أخطاء إنسانية!.
- قضية عرقلة إيصال المساعدات الإغاثية ليست جديدة فقد كان يفترض أن تطفو على السطح ولكن تشابك العلاقات المصلحية منعت من نشرها، وهي تضعنا أمام تساؤلات محيرة تتمحور حول الإثراء السريع لحفنة من تجار الأزمات والعاملين في الحقل الإغاثي الذي يثمر رخاء يدور في فلكهم، ولامبالاة تجاه ما يحدث من إيصال المساعدات إلى غير مستحقيها، وإطالة أمد المعاناة للمتضررين من خلال وعود لن تثمر يوماً بلسمة للجراح.
كم من الشركات والحملات الإنسانية سوف تحجم عن المجيء إذا بقيت نظرية «المحاصصة» وتطبيقاتها سائدة، وكم من المعاناة سوف يتكبدها المتضررون إذا توقفت المعونات الإنسانية من أي جهة دولية رسمية تعنى بالشأن الإغاثي، في ظل تفشي البطالة وغياب الأعمال والحرف والتخريب المتعمّد لعجلة الاقتصاد في بلدنا من أجل إضعافها إلى أقصى درجات الممكن، وتخريب منظومة القيم الاجتماعية لكي تطول الأزمة إلى ما لا نهاية.
- كانت وزارة الشؤون الاجتماعية تعمل على الدوام على درء الأخطار التي تتهدد المجتمع، وتناهض الظواهر المجتمعية السلبية من خلال إيجاد حلول دائمة لها، ولعل التطور الكمي في
عدد الجمعيات الأهلية كان مؤشراً إيجابياً للتصدي للسلوكيات غير السليمة في جميع المناطق التي تحتاج رعاية، وتوعية من خلال الجمعيات المتخصصة.. ولكن أن تحيد الفروع عن الأهداف المرسومة لها، فالأمر أصبح بحاجة إلى تقييم وتقليم.
بعيداً عن مرامي الحملات الإغاثية وأهدافها وخاصة أن بعضها كانت انتقائية ولشرائح محددة رسمت إشارات استفهام كثيرة حول الشعارات التي رفعتها أو الطريقة التي اعتمدتها في التوزيع، ولم يتم البحث في الأسباب كثيراً فهي في النهاية تقدم عوناً إنسانياً لأشخاص وضعتهم الحرب في مهب الريح بعد أن فقدوا بيوتهم وأشياءهم، ولعل في "حملة الوفاء الأوروبية" التي حملت في قوافلها المتلاحقة رسالة وفاء للشعب السوري الذي احتضن الفلسطينيين منذ النكبة وحتى الآن كانوا أهلاً ومواطنين أعزاء، لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات ذاتها، ولأنّ الأعمال العظيمة يتوجها أشخاص محدودون، ويعزونها لأنفسهم في معظم الأحيان، لم يرق الترويج الإعلامي الذي رافق الحملة للبعض فحاولوا أن يضعوا العثرات أمام عجلات الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية التي كانت تصل على الأغلب إلى المناطق الأشد احتياجاً والى مراكز الإيواء التي يعاني قاطنوها شظف العيش وسوء الأحوال المعيشية.
في البداية, لم أصدق أنّ ثمة أشخاصاً يحاولون عرقلة إيصال مساعدات إنسانية إلى المتضررين ولأسباب تتعلق بالموافقات والإجراءات الورقية التي يمكن استكمالها!! وكانت نتيجتها (أي العرقلة) أن فسدت مواد غذائية وانتهت صلاحية مواد أخرى، والإيحاء من مسؤول إغاثي وحكومي في الوقت نفسه بأن ستة أشهر تضاف إلى انتهاء الصلاحية ويمكن استهلاك مادة الحليب ولتكون النتيجة "تكدس المواد الفاسدة " في المستودعات بعد أن تكبدت الحملة عناء المجيء بها وتكاليفها الباهظة نسبياً وكانت النتيجة أن توقفت الحملة عن الجد في سيرها وحضورها وبقي المتخمون بأحلامهم في الإثراء من جوع الآخرين.
استياء
ممدوح كمال بدوي نائب رئيس الحملة والذي عرفته على الدوام شخصاً هادئاً كان وللمرة الأولى منفعلاً ومستاءً من العراقيل التي وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية أمام عجلات الحملة وشكك في استمراريتها إن لم تذلل تلك الصعاب التي تحاول الإساءة إلى الحملة التي تحمل في طياتها وفاءً للشعب السوري الذي احتضن الفلسطينيين المتضررين من ويلات الأزمة.. ولخصّ عمل الحملة  بقوافلها المتلاحقة، فهي لا تحمل إلا الخير والمساعدات الإنسانية لهذا البلد الذي ابتلي بهجمة شرسة طالت كل مقومات الحياة فيه، وجاءت تخفيفاً للألم الذي يصيب القاطنين في الأماكن التي تدور فيها أعمال مسلحة، ولأن جمعيات إنسانية لم تدخل سورية سابقاً بسبب التضليل الإعلامي وكان أن رأيته بعدها منسقاً للجزائريين الذين جاؤوا بمعونات رمزية ومن خلفها يريدون أن يستقصوا النبأ وغاب الجميع إلى أجل غير مسمى.
قال بدوي حينها: لأن الحملة تذهب إلى المحتاجين ولا تنتظر مجيئهم، لم يرُق للبعض ما نقوم به، وحاول أن يعزو كل ما نقوم به لنفسه، عدا عن مسألة المحاصصة التي هي أساس الخلاف، والتوزيع وفقاً لمبدأ المحسوبيات والمعارف ولأشخاص لم يتضرروا بالأزمة، وليس لهم أي حاجات إغاثية، وتالياً سيحرمون أشخاصاً متضررين فعلياً من وصول المعونات، وهذا ما يخلّ بالعدالة التي تحاول جميع المنظمات الإغاثية الوصول إليها.
أبواب مقفلة
لم تفلح كل المحاولات التي بذلناها للوقوف على حقيقة ما حدث فعلاً فالأبواب مقفلة كعادتها وأشخاص كثيرون لا يهتمون لأزمات المتضررين والمهجرين عن بيوتهم, والوعود والتسويف وسيل التصريحات لن تثمر أشياء تفيد المحتاجين ولن تعيد الذين جاؤوا سابقاً بالمعونات الإغاثية ليكرروا محاولاتهم في التخفيف من وطأة الحرب المعلنة على السوريين.