هل تحقق الحكومة الجديدة حلم السوريين.. نار جديدة تلسع المستهلكين والدولار سبباً..إجراءات لم تعد تصلح.. فمن سيطاله الحساب؟!

هل تحقق الحكومة الجديدة حلم السوريين.. نار جديدة تلسع المستهلكين والدولار سبباً..إجراءات لم تعد تصلح.. فمن سيطاله الحساب؟!

الأزمنة

الاثنين، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤

*أحمد سليمان
لم يكد ينسى السوريون أنّ أزمتهم المتفجرة والمستمرة التي أتت على مختلف جوانب حياتهم، وإلى حد ما تعودوا على آلامها في جانب حياتهم المعيشية، حتى يفاجؤوا بين ليلة وضحاها بعودة الضغط على جراحهم من جديد، لدرجة الألم الذي يسبب الصراخ لا الأنين..
فبينما كان هؤلاء المواطنون المغلوب على أمرهم والذين يحاولون بشتى ما تبقى لديهم من قدرة شرائية تأمين احتياجات موسم المدارس -والتي تتطلب تلك الحسبة كما يقال.. في حين لم تتمكن الغالبية من هؤلاء المغلوب على أمرهم تأمين مؤونة الشتاء- اندفعت فجأة أسعار الاحتياجات المعيشية الى أعلى وبنسب مختلفة على خلفية ارتفاع سعر الدولار، الذي قفز فجأة ودون سابق إنذار إلى نحو 200 ليرة، ولم يشتر ولم يبع أي أحد سواء من التجار أو المستوردين أي سلعة أو كمية بهذا السعر، إلا أنّه وفي ذروة هذا الارتفاع أمسك التجار البضاعة التي بين أيديهم ولم ينزلوها إلى السوق طبعاً لتسعير هذه البضاعة بسعر الدولار الجديد.
إجراءات للمركزي
ورغم إعلان مصرف سورية المركزي في أولى جلسات التدخل عن بيع شريحة من الدولارات لمؤسسات الصرافة والمصارف إلا أنّ هذه المؤسسات لم تقبل على شراء أي مبالغ ما دفع المصرف المركزي إلى عقد جلسة تدخل أخرى وأجبرت هذه المؤسسات والمصارف على شراء كميات من الدولارات وإعادة بيعها بأسعار للمواطنين في محاولة كما قالت مصادر لخفض الارتفاع لأسعار الدولار إلى حدود الـ170 ليرة خلال أيام لا نعرف إلى متى تمتد، فهل سيتم عقد جلسات بيع أخرى للوصول إلى هذا الرقم، لكن مصادر أشارت إلى أنّ المصرف وضمن إجراءات التدخل المباشر في سوق القطع قرر بيع شرائح كبيرة من القطع الأجنبي لكل من مؤسسات الصرافة المرخصة العاملة في سورية حددها بـ 300 ألف دولار أميركي لكل شركة و100 ألف دولار أميركي لكل مكتب كحد أدنى بسعر صرف 186 ليرة للدولار لبيعها في السوق للأغراض التجارية وغير التجارية دون ضوابط بسعر يبلغ 187 ليرة للدولار بما يغطي حاجة السوق ويعيد الارتياح إلى المتعاملين في السوق وتبديد حالة الذعر والخوف التي أحدثها المضاربون خلال الأيام السابقة, حيث أكد حاكم المصرف الدكتور أديب ميالة أنّ عملية التدخل مستمرة وبشكل يومي حتى وصول سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات توازنية مقبولة، إضافة إلى استمرار التزام مصرف سورية المركزي قبول طلبات شراء القطع الأجنبي من قبل كل من المكاتب ومؤسسات الصرافة بشكل يومي لتلبية حاجة السوق ومتطلبات استقرار سعر الصرف.
عرضة للابتزاز
 وقد تكون إجراءات المصرف المركزي من حيث الهدف جيدة على أن يتبع هذا الإجراء انخفاض في أسعار السلع المستوردة في السوق المحلية والتي تحدثت العديد من المصادر عن ارتفاع في أسعار هذه السلع (المستوردة) ما بين 10-15 بالمئة رغم أنّه لم يشتر ولم يبع أحد أي سلعة عند ارتفاع الدولار الذي لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام، وهذا ما يعرفه القاصي والداني، وإنّ هذه الأيام لا يمكن أن يتم خلالها إجراء صفقات وتثبيت سعر الدولار عليها في الأسواق العالمية ما يجعل المواطنين عرضة للابتزاز مرة أخرى وقدرتهم الشرائية بالكاد تتحمل تأمين احتياجاتهم الغذائية اليومية هذا إذا أمكنهم ذلك.
واللافت للانتباه هو ارتفاع أسعار المنتجات المحلية بهذه النسبة أو أكثر وخاصة منتجات البيض والفروج التي اختفت لأيام قليلة في السوق وخرجت مباشرة بسعر أعلى مما سبق بنحو 25بالمئة على أقل تقدير. حيث كان صحن البيض بين 550 ليرة إلى 600 ليرة وفجأة وفي منتصف الأسبوع الماضي بلغ 750 ليرة، والفروج الذي كان سعره بين 390 و420 ليرة للكيلو الحي صعد إلى فوق حافة الـ 500 ليرة إلى جانب ارتفاع في أسعار المعلبات والزيوت والدخان وغيرها بنسب متفاوتة لكن في حدها الأدنى 10 بالمئة.. وإن استطاع المصرف المركزي تخفيض سعر الدولار إلى حدود الـ 170 ليرة ونجح في ذلك فمَن يضمن أن تعود الأسعار إلى مستوى ما قبل هذه الفورة الأخيرة.
 تحرير بلا عقاب
أسعار المنتجات في السوق المحلية وفي معظمها محررة وليس بيد السلطات الرقابية إلا مخالفة الحلقة الأخيرة من الحلقات التجارية المتمثلة ببائع المفرق، ولا القيام بأي إجراء بحقه بشأن تسعيرة المواد التي يبيعها، إلا إذا لم يعلن عنها وفي مكان بارز، ما يعني أنّه لا ضوابط ولا ضغوط ستحدث على هذه الحلقات أو الحلقات الأخرى السابقة من المستورد والتاجر وتاجر الجملة والموزع، ولعل الاعتماد على مبدأ العرض والطلب هو ضرب من خيال الاقتصاديين لم يجدوا له تفسيراً له في سوقنا السورية في سنوات ما قبل الأزمة، فكيف الآن والحرب مشتعلة في العديد من المناطق رغم الجهود والتضحيات الكبيرة التي يقدمها الجيش لتحرير هذه المناطق.. واستئنافاً نتمنى أن تبذل الجهات الأخرى جهوداً تواكب أو تصل إلى حدود جهود وتضحيات الجيش لمحاربة التجار المحتكرين الذين يأكلون لحم إخوتهم الميتين منهم والأحياء.
 والمازوت
ليس من باب تبرير ارتفاع الأسعار إلا أنّ عاملاً آخر لابد من ذكره حالياً وهو الأزمة التي تشهدها السوق المحلية فيما يتعلق بالمازوت واحتكاره من قبل اصطحاب محطات الوقود، وما يتبع ذلك من ندرة في كمياته وارتفاع أسعاره في السوق السوداء نتج عنه ارتفاع في أجور النقل التي كانت بالأساس مرتفعة وبسبب صعوبة النقل بين المحافظات وبين المدن والقرى نتيجة التهديد الإرهابي للسائقين بالقتل أو الخطف أو سرقة السيارة أو المواد التي تحملها ما يتطلب اتخاذ إجراءات للحد من هذا الموضوع وتوفير المادة بأسعارها المعلنة.
 تنام دهراً..
وهنا نتساءل عن دور جهة حكومية تنام دهراً وتستيقظ شهراً وهي هيئة المنافسة ومنع الاحتكار التي تخرج كلما تهدأ أو تستقر الأسواق بتصريح لتتحدث عن استقرار الأسواق وتوفر السلع فيها، دون أن تتساءل عن موضوع الاحتكار الذي تتم ممارسة أقسى درجاته بحق السوريين الذين بالكاد يجدون في جيوبهم ما يسد رمقهم، في حين لا تجد هذه الهيئة تبريراً لعدم قيامها بإجراءاتها سوى أنّ الظروف غير مناسبة لتطبيق قانونها وممارسة إجراءاتها بحق هؤلاء ممن يخالفون القانون، ولا ندري إن رأت أو سمعت كيف أوقف التجار توريد المواد إلى المحلات بحجة الجرد، وأنّهم يريدون قطف ثمار الارتفاع الوهمي لهذه السلع، بالطبع لم ترَ؟؟ ولا ندري متى ترى، وهي كما دوريات حماية المستهلك لا ترى أي مخالفة وإن رأت فهي تعالجها على طريقتها التي يعرفها القاصي والداني.
ونعرف جيداً أنّ مؤسسات التدخل الإيجابي ورغم ما تشهده من إقبال لافت من قبل المواطنين إلا أنّها لن تغطي وليس بمقدورها أن تغطي الجزء الأكبر من احتياجات المواطنين ففي أيام عزها وانتشارها على نطاق واسع -وهذا كان قبل نحو خمس أو ست سنوات- لم تكن تغطي أكثر من 15 بالمئة في أقصى استثمار لطاقاتها، فكيف الآن وفي ظل إغلاق الكثير من منافذ البيع التابعة لها من جانب، ودخول الشركات الخاصة إلى الاستثمار في مراكز عديدة من جانب آخر، وهي الآن كما يقول كثير من المواطنين أنّها تبيع بأسعار توازي أسعار السوق للعديد من السلع وخاصة المحررة منها فكيف بها أن تكون أداة تدخل إيجابي في السوق.
 العبرة في التنفيذ
 لا ندري ما سيتضمنه بيان الحكومة الجديدة من رؤى حول الحفاظ على مصلحة المواطن وتأمين متطلبات عيشه وبالضرورة لن يفاجئ هذا البيان المواطن لأنه يدرك أنّ تنفيذ بيانات الحكومة السابقة كانت في وادٍ والمواطن في واد، وكل ما تضمنته جمع آمال الناس في بضع أوراق وما تضمنه من أفكار لن يجد جزء كبير منها على الأرض أي تنفيذ، ليس لعدم القدرة، بل لأنّ أدوات وإجراءات التنفيذ التي تتعامل بها الحكومة لم تعد تتلاءم مع معطيات الواقع الذي أصبح من الصعب التعاطي معه بأدوات غير فاعلة وإجراءات لن تجد على الأرض أي تنفيذ لها.
بوصلة المواطن
ومن هنا على الحكومة وإن انتقت كلماتها في بيانها وكانت بوصلتها المواطن، عليها أن تحدد له الإجراءات الممكن تنفيذها، وهذا يسهم في مساعدته على الاستمرار في حياته وتقديم حلول لمشكلاته وتذليلها، وخاصة أنّه لا رؤية حالياً عن رفع رواتب العاملين في الدولة.
تحلم الغالبية العظمى من السوريين بممارسة أقسى درجات العقاب بحق من يمارس الاحتكار والمضاربة والتلاعب بأسعار قوتهم وحاجياتهم، وأن يشاهدوه بأم أعينهم وقد لاقى هذا العقاب باسمهم وباسم القانون.. فهل سيتم اتخاذ هذا الإجراء باسم الشعب السوري؟ لأنّ من يقتل بالسلاح أو بالسكين معروف أين هو، لكن من يقطع عنا قوتنا يعيش بيننا، فهل نفعلها ونعلن الحرب على المحتكرين؟!.