المخالفات والتعديات على المواقع الأثرية وصلت حدودها القصوى!!.. "والحبل على الجرار"..

المخالفات والتعديات على المواقع الأثرية وصلت حدودها القصوى!!.. "والحبل على الجرار"..

الأزمنة

الأربعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠١٤

firyaaf14@gmail.comالسويداء- فريال أبو فخر

مخالفات بالجملة بالأبنية السكنية المشادة منذ بدء الأزمة وحتى هذا التاريخ!! ولكن أن تصل هذه المخالفات إلى حرم المواقع الأثرية وتُترك حتى تكتمل وتستفحل ومن ثم- وتحت ضغط الجمعيات الأهلية والشكاوى المتكررة- نسعى لقمعها، هنا يكون في الأمر مدعاة للشكّ عن الجهة الداعمة والتي تقف خلف إشادة هذا البناء، مع أنّه ملاصق لمبنى أثري هام (متحف شهبا الأثري).
لم يحصل على الموافقات والتراخيص!!.
وتبدأ القصة عندما أقدم أحد المواطنين في مدينة شهبا والذي يملك عقاراً إلى الجهة الشرقية من المتحف بالحفر ضمن هذا العقار لتشييد البناء المزمع إقامته من قبله، مع أنّه لم يحصل على أي من الموافقات والتراخيص من دائرة آثار السويداء أو حتى مجلس مدينة شهبا، وحسب أحد المواطنين الذي اتصل بالأزمنة مستنكراً هذه التعديات التي تحصل على حرم المواقع الأثرية بأنّ هذا المواطن قد أكمل أعمال الحفر، وقام بعد ذلك بتشييد القبو ومن ثم بدأ بأعمال البناء للطابق الأول وتساءل: أين الجهات المعنية من كل ما يحدث؟!! وإذا كانت المخالفات قد سُمح بها ضمن العقارات والمناطق الأخرى ومن ثم يتم تسويتها لاحقاً، فمن الضروري الآن المحافظة على مواقعنا الأثرية وعدم التعدي عليها لحمايتها واستمراريتها لما تحمله من إرث ثقافي وحضاري.
عدم تصرف الجهات المعنية بالسرعة القصوى لوقف هذه التعديات، واقتصارها على توجيه الكتب والمراسلات فيما بينها جعل لهذه الظاهرة مجالاً للنمو، وإلا كيف نفسر إقدام الكثير من المواطنين تقديم الشكاوى على من يتعدون على حرم المواقع الأثرية، ليتم "تطنيش" كل هذه الشكاوى حتى يصبح البناء أمراً واقعاً، والأنكى من ذلك أنّ المواطن المخالف لا يكتفي بطابق ليلحقه بطابق وطابقين وثلاثة، بسبب الإجراءات الروتينية التي تستغرقها المراسلات التي تحصل بين الدوائر الحكومية من دوائر الآثار إلى الوحدات الإدارية وباقي المؤسسات والدوائر المعنية بهذا الأمر، ليتم بعد ذلك وبناء على كل هذه المراسلات بالعمل على تحرير الضبوط ومحاسبة المخالف بعد أن يكون وكما يقال بالمثل الشعبي" اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب".
الحفر ضمن وجيبة الحماية..
ومن خلال ما أفادنا به المواطن الذي هاتف الأزمنة فقد قامت دائرة الآثار بالسويداء بعد تقديم الشكاوى من قبل المواطنين بتوجيه كتاب إلى محافظة السويداء في شهر شباط الفائت، والذي تضمن أنّه بعد الكشف الحسي على المخالفة المذكورة فقد تبين أنّ العقار يقع ضمن شريحة حماية موقع متحف شهبا، وذلك بموجب قرار تسجيل مدينة شهبا القديمة لعام 2010، وأنّ المواطن قد قام بالحفر ضمن وجيبة الحماية من الجهة الشرقية من دون الحصول على موافقة دائرة الآثار، لذا يرجى الإيعاز لمجلس مدينة شهبا من أجل توقيف الأعمال في العقار، وإلى قيادة شرطة المحافظة من أجل تنظيم الضبط القانوني اللازم بحق المخالف، وأضاف: بعد كل هذه الإجراءات وتحرير الضبوط بحق هذا المخالف مازالت المخالفة قائمة، ولم يُنفذ على أرض الواقع أي من الروادع لتوقيف العمل، لنسعى مرة أخرى نحن ومن يريدون حماية أوابدنا الأثرية من العبث بها إلى تقديم شكاوى أخرى، ما دفع دائرة آثار السويداء إلى إرسال عدة كتب إلى محافظة السويداء في الشهر الثالث من العام الجاري، وتضمن هذا الكتاب أنّ المواطن المذكور مازال مستمراً بأعماله المخالفة لقانون الآثار، ولاسيما أنّه ينوي تشييد بناء طابقي، الأمر الذي قد يؤدي إلى حجب الرؤية عن الموقع الأثري والمتحف والإساءة إلى هذا المعلم الأثري الهام، وإنّ الاستمرار بالبناء بهذه الطريقة سيؤدي إلى مخالفات أخرى يتعذر قمعها مستقبلاً. لذا يرجى الإيعاز لمن يلزم من أجل توقيف الأعمال وقمع هذه المخالفة الخطرة حفاظاً على موروثنا الحضاري، إلا أنّه وعلى الرغم من كل تلك المراسلات والكتب التي سُطرت فقد بقيت المخالفة مستمرة والمواطن لم يتوقف عن العمل، وهذا ما يؤكده كتاب دائرة آثار السويداء المؤرخ بتاريخ 18/5/2014 والموجه إلى محافظة السويداء والذي يحمل في مضمونه: (لاحقاً لمراسلاتنا السابقة حول هذه المخالفة فإنّ المواطن لم يلتزم بأي من الكتب التي نطالب فيها عن طريق مجلس مدينة شهبا، والمتضمن التوقف عن العمل وإزالة المخالفة لحماية الدارة الرومانية من التشويه العمراني) ويضيف: بعد الكشف على العقار بتاريخ 11/5/2014 وجدنا أنّ المواطن قد قام بتركيب القالب الخشبي على مستوى الطابق الأول لمحلات تجارية، ما أدى إلى إخفاء واجهة الدارة الأثرية والمتحف بشكل كامل من جهة الطريق الشرقي وهي الجهة المفتوحة لمشاهدة هذا المعلم الأثري، علماً أنّه سبق لنا أن قمنا بتحريك دعوى الحق العام بحق المخالف، إلا أنّ هذا الإجراء الإداري والقانوني لا يمكن الدائرة من إزالة المخالفة أو توقيفها بالوقت المناسب، لذا يرجى الإيعاز لمن يلزم لاتخاذ الإجراء اللازم لقمع هذه المخالفة الخطرة على معالم مدينة شهبا.
وضع إشارة الحجز..
أحد المواطنين في مدينة شهبا ذكر للأزمنة أنّ هناك تقصيراً وإهمالاً واضحين من قبل الجهات المعنية، وتساءل: لماذا يسمحون بالأساس بإقامة هذا الطابق أو الطابقين، وأضاف: لقد قام مجموعة من الأهالي الشرفاء بتقديم العديد من الشكاوى عند البدء بعمليات الحفر من قبل هذا المواطن، لماذا لم تتصرف الجهات المعنية وتوقفه عند البدء بالحفر؟.. سؤال مشروع، أليس كذلك؟ أم إنّ هناك من يستفيد من هذه المخالفات ويقبض الرشاوى لتمرير التعديات على حرم المواقع الأثرية ومن ثم يتهربون من تحمل المسؤولية، والدليل الإيعاز-فيما بعد- إلى مديرية منطقة شهبا لمعالجة هذه المخالفة، وبناء عليه قامت مديرية المنطقة بتنظيم الضبط اللازم بحق المخالف وإحالته إلى القضاء، إضافة لوضع إشارة حجز ومنع تصرف على صحيفة العقار وإزالة قسم من القالب الخشبي في الطابق الأول برضا صاحب البناء ومن دون ممانعة، كما تم تنظيم ضبط من قبل شرطة مجلس مدينة شهبا وذلك بناء على كتاب رئيس المجلس المؤرخ بتاريخ 15/5/2014 حيث تعهد صاحب البناء بإزالة بقية القالب الخشبي، هذا ما يؤكده كتاب مديرية المنطقة المؤرخ بتاريخ 22/5/2014 الموجه إلى قيادة شرطة المحافظة، ليصار بعد ذلك إلى إزالة الحديد والبلوك وقسم من القالب الخشبي على نفقة صاحب البناء.
وإذا كان صحيحاً ما أفادنا به مصدر في دائرة آثار السويداء بأنّ صاحب المخالفة قد توقف بالفعل عن العمل مدة أسبوع ولكن حالياً يتابع العمل، مع العلم بأنّه غير حاصل على ترخيص بناء من قبل مجلس مدينة شهبا، ليأتي تأكيد مجلس المدينة أنّ العمل مازال متوقفاً، نكون بذلك قد وقعنا بمطب آخر وهو التناقض بين تصريحات الجهات المعنية وموقفها الضبابي والذي من المفروض أن تكون على إطلاع واضح بما يجري على أرض الواقع من مخالفات حديثة وقديمة.
وبعد...
العمل متوقف أو غير متوقف هذا لا يهم الآن، المهم كيف نسمح بالتعدي على حرم المواقع الأثرية؟ مع أنّ المخالفة كانت واضحة، وقد قام عدد من المواطنين بتقديم الشكوى تلو الأخرى بأنّ هناك تعد واضح على الحرم الأثري، ولكن لا مجيب!! لتتم عمليات الحفر والبناء على مرأى ومسمع الأهالي، ليتم التحرك فيما بعد لقمع هذه المخالفة بعد أن وقع الفأس بالرأس، ليتابع تكرار مسلسل المخالفات المتعددة في السويداء القديمة وشارع النجمة والذي يعدّ من المناطق الأثرية الهامة بالمدينة، فبعد أن تم الاتفاق على ترميم الشارع وإعادة تأهيله لاستثماره كشارع قديم وإحياء الصناعات والحرف اليدوية الشعبية فيه وعدم السماح بتغيير معالمه أو الترخيص بالبناء فيه ولاسيما باستخدام الإسمنت، فإنّه قد تمت مخالفات عديدة تنسف مقومات ذلك الاقتراح وتلغي كل إمكانية بتنفيذه، ومنها تغيير معالم منزل أثري في منتصف الشارع من الجهة الجنوبية، وبالرغم من تزيين بابه المطل على الشارع بالزخارف البازلتية فقد طُمست داخله العناصر الأثرية بعد اكساء الجدران بالسيراميك تمهيداً لاستثماره واستخدامه كمطعم للصفيحة، وإشادة بناء مخالف بالكامل من الجهة الشمالية مؤلف من أربعة طوابق قابلة للزيادة، إضافة إلى أنّها لا تحقق النسبة المطلوبة بين ارتفاع البناء وعرض الشارع الذي يطل عليه البناء فيحجب النور والهواء، بالإضافة إلى إشادة أعمدة إسمنتية قبل نهاية الشارع من جهة الغرب ومحاذية له تمهيداً لإشادة بناء إسمنتي مخالف عليه، وبعد ذلك قامت دائرة آثار السويداء بتسجيل وتوثيق تعدٍ على أحد المواقع الأثرية وذلك عندما أقدم أحد مواطني مدينة السويداء على تحديثه أثرياً وتاريخياً /بتاريخ 14-8-2011 علماً أنّ الموقع وبحسب كتاب دائرة آثار السويداء المؤرخ بتاريخ 7-7-2011 يقع ضمن مدينة السويداء القديمة وهو مسجل لدى دائرة آثار السويداء بالقرار رقم 379 تاريخ 24-8-2008، وليتم استبداله بكتل إسمنتية بارتفاع ثلاثة طوابق ما أدى إلى اندثار معالمه الأثرية, علماً بحسب كتاب دائرة آثار السويداء أنّ صاحب العقار لم يسبق وأن حصل على موافقة تخوِّله بهذه الأعمال, والأهم من ذلك هو استمراره بأعمال البناء هذه، وكالمعتاد اقتصرت إجراءات دائرة الآثار فقط على تشكيل لجنة مهمتها الكشف على هذه المخالفة والتي قامت فعلاً بذلك، حيث تبيّن لديها وجود تعدٍ على موقع أثري مسجل وموثّق أصولاً لدى دائرة آثار السويداء حيث قُدرت الأضرار المعنوية الناجمة عن هذه الأعمال بحوالي/50/ ألف ليرة سورية، فيما قُدرت الأضرار المالية التي لحقت بهذا الموقع بسبب الأعمال البيتونية تلك بحوالي مليوني ليرة.
وبعد أن قامت لجنة الآثار وبالتنسيق مع دائرة آثار السويداء بالكشف سابقاً على أحد العقارات الواقعة على الآثار، ووعد صاحبه بالتقيد بشروط الترميم دون إزالة أو طمس أي عنصر أثري موجود بالعقار، عاد وحفر أرض العقار بالآليات الثقيلة وأزال العناصر الأثرية منه ورحّلها، وفي تقرير اللجنة المشكلة للكشف على هذا العقار والموجه إلى رئيس دائرة آثار السويداء متضمناً ما خلصت إليه جولتهم الاستكشافية على هذا العقار، ولنبدأ من الحُجرة الأولى الخاصة بالقبو والتي يتخلل بعض جدرانها عناصر أثرية, أما الحجرة الثانية وكل ذلك بحسب التقرير فمدخلها عبارة عن جدار أثري متصدع ويشكل جزءاً من البناء الأساسي، بينما لا تحتوي الحجرة الثالثة على أي أجزاء أثرية إلا أنّ جدارها الشمالي متصدع وآيل للانهيار، أما بقية الحُجرات فلم تتمكن اللجنة من دخولها نتيجة الردميات؛ لذلك اقتصر الكشف فقط على 20% من العقار بسبب الردميات التي وصلت إلى أكثر من مترين، وبناءً على ما ذكر بات متعذراً على شعبة التنقيب منح أي أسبار في هذا العقار نتيجة لخطورة العمل بسبب التصدعات الموجودة في السقف وبعض الجدران, وعندما تواصلت لجنة الآثار (جمعية العاديات) مع دائرة الآثار أثناء عمل الآليات الثقيلة في المواقع تم إبلاغهم أنّه تم تبليغ المواطن صاحب العقار باليوم السابق بإيقاف العمل ولكن العمل استمر بسبب عدم جدية الموظف المكلف بذلك، وقد تم بعد ذلك ردم المنطقة بحجر مكسور متجاوزاً الاشتراطات الأثرية علماً بأنّ الرخصة رخصة ترميم.
كلمة أخيرة
الأهم هو تفعيل القوانين النافذة بشكل جدي، وتطبيقها على الجميع، لقطع الطريق على العابثين بالآثار من المواطنين والمسؤولين على حد سواء، فبين وصول الكتب والمراسلات وتداولها ودراستها التي تُسطّر بين الجهات المعنية، وصل أمر المخالفات إلى حدوده القصوى، فالمواطن يُوقَف عن العمل بعد تخريب المعالم الهامة لآثارنا!!.. وصاحب العقار الذي بدأ بالحفر يصبح في الطابق الأول قبل أن تأخذ الجهات المعنية قراراً بالإيقاف بسبب المماطلة وترحيل المشكلة من دائرة إلى أخرى وتضييع الوقت بالمعاملات الروتينية، وذاك الذي بنى طابقين مخالفين على العظم فوق طابقين سابقين بدأ بالكساء، والحال كذلك مع باقي العقارات" والحبل على الجرار".