وزارة الكهرباء تشرح واقع التقنين في المحافظات السورية.. الوزارة تكبدت ما يقارب 3 مليارات ليرة لنقل الفيول إلى محطات التوليد

وزارة الكهرباء تشرح واقع التقنين في المحافظات السورية.. الوزارة تكبدت ما يقارب 3 مليارات ليرة لنقل الفيول إلى محطات التوليد

الأزمنة

السبت، ٦ سبتمبر ٢٠١٤

روله السلاخ
لقد ألقت الأزمة الحالية بظلالها على كافة مكونات الدولة السورية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية إضافة إلى استهدافها للبنى التحتية. وكان لقطاع الكهرباء النصيب الأكبر من الاعتداءات الإرهابية، كونه القطاع الأهم في دعم مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فمنذ بداية الأزمة يتعرض هذا القطاع بمنشآته (محطات توليد ومحطات تحويل وشبكات نقل وتوزيع) إلى اعتداء تلو الآخر، ووزارة الكهرباء بكافة مؤسساتها وعامليها ودون كلل أو ملل تبادر إلى معالجة الأعطال الناجمة عن هذه الاعتداءات قدر الإمكان بهدف الحفاظ على استمرارية التغذية الكهربائية وإيصالها إلى المواطنين في كافة المحافظات بلا استثناء. وكانت خسائر وزارة الكهرباء كبيرة حيث تجاوزت (200) مليار ليرة سورية، ناهيك عن الخسائر البشرية التي لا تقدر بثمن، حيث استشهد أكثر من (150) عاملاً أثناء قيامهم بواجبهم في إصلاح الأعطال، ثم بعد ذلك بدأت الاعتداءات الإرهابية التي أدت إلى استهداف المنشآت النفطية التي تؤمن الوقود اللازم لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، فقامت منذ أكثر من سنتين بضرب السكك الحديدية التي تنقل الفيول إلى محطات التوليد، الأمر الذي أثّر على عملها، فانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية في تلك المحطات، وقد بادرت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى إيجاد بدائل لنقل الفيول إلى محطات التوليد عن طريق الصهاريج، وهذه البدائل كلّفت وزارة الكهرباء مبالغ وتكاليف إضافية تجاوزت (3) مليارات ليرة سورية لتحفيز سائقي الصهاريج على نقل الفيول إلى محطات التوليد بهدف الحفاظ على استمرارية توليد الطاقة الكهربائية وبالتالي استمرارية التغذية الكهربائية للإخوة المواطنين.
وتبذل الحكومة مساعي كبيرة لتأمين الموارد اللازمة ضمن الأولويات المتاحة لاستيراد النفط اللازم لسد العجز الحاصل في كميات الوقود المتاحة، حيث نحتاج يومياً إلى استيراد (15 – 20) ألف طن مكافئ نفطي (غاز – فيول – مازوت) بقيمة (9 – 12) مليون دولار أميركي، ما يعادل (1530 – 2040) مليون ليرة سورية، ما يبين حجم المبالغ المطلوبة بشكل يومي في حال تم استيراد الوقود، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير في ضوء محدودية الموارد ودعم قطاع الكهرباء.
توقف ثلاث محطات عن العمل
وفي ضوء التحدي الكبير الذي أبرزه عمال وزارة الكهرباء وإصرارهم على إصلاح الأعطال التي تصيب المنشآت الكهربائية بعد كل اعتداء بهدف الحفاظ على استمرارية التغذية الكهربائية، بادرت المجموعات الإرهابية مؤخراً (قبل أربعة أشهر) إلى تصعيد استهدافها لقطاع الكهرباء عن طريق استهداف أنابيب نقل الغاز إلى محطات التوليد، فانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل كبير، ولاسيما في المنطقة الجنوبية (دمشق – ريف دمشق – درعا – السويداء – القنيطرة) وتوقفت ثلاث محطات توليد رئيسية في المنطقة الجنوبية عن العمل على الرغم من جاهزيتها التامة للعمل وإنتاج الطاقة الكهربائية وهذا ما أدى إلى انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المولدة بشكل كبير، والتي وصلت إلى (1500 – 1600) ميغا واط في حين أنّ الطلب على الطاقة الحالي يبلغ حوالي (6000) ميغا واط، بمعنى أنّ الطاقة المولدة المتاحة لا تتجاوز نسبتها (25 %) من الطلب على الطاقة، وهذا ما اضطر وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي على كافة محافظات القطر، وذلك للمحافظة على وثوقية الشبكة الكهربائية واستقرارها وتجنباً لانهيارها.
اجتماع يومي لتحديد احتياجات المحافظات
بناء على ذلك، وفي ضوء محدودية كميات الطاقة الكهربائية المولدة، يعقد يومياً اجتماع يضم فعاليات مؤسسات الوزارة (توليد – نقل – توزيع)، يتم خلاله تحديد كميات الوقود المتوفرة (فيول – غاز)، ويوضع برنامج لتشغيل محطات التوليد وتحديد كميات الطاقة الكهربائية الممكن توليدها استناداً إلى كميات الوقود المتوفرة.
بعد تحديد كميات الطاقة الكهربائية المتوقعة، يتم توزيعها على كافة محافظات القطر، آخذين بعين الاعتبار
استهلاك المحافظة، طبيعة أحمال المحافظة، التجمعات السكانية المتواجدة في كل محافظة والتي تشكلت في ضوء الأزمة، إضافة إلى اعتبارات أخرى. واستناداً إلى كميات الطاقة المخصصة لكل محافظة، تقوم الشركة العامة للكهرباء في المحافظة المعنية بوضع برنامج تقنين يتناسب مع هذه الكميات المخصصة للمحافظة، بحيث أنّ برنامج التقنين هذا يحقق العدالة بين كافة مناطق المحافظة قدر الإمكان، وبطبيعة الحال يؤخذ بعين الاعتبار بعض الحالات الاستثنائية لتأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت الهامة والحيوية والخدمية في المحافظة (مشافي – مخابز – مطاحن - مضخات آبار مياه.... الخ).
 وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه عند تأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت الحيوية والتي لا يمكن تغذيتها بشكل منفرد، فإنّه قد يتواجد بعض الأبنية والمساكن التي تتغذى من الخطوط المغذية لهذه المنشآت، وبالتالي فإنّ هذه الأبنية ستتغذى بشكل مستمر بالطاقة الكهربائية وتعفى من برامج التقنين شأنها شأن المنشآت الحيوية التي تتغذى من نفس الخطوط، علماً أنّ هذه الحالات قليلة جداً، وتسعى وزارة الكهرباء بشكل دائم نحو فصل وعزل تغذية المنشآت الحيوية قدر الإمكان ووفق الإمكانات الفنية المتاحة.
و الجدير ذكره، أنّ برامج التقنين هذه قد تتعرض للتغيير في كل لحظة، بسبب تعرض أي جزء من المنظومة الكهربائية لأعطال إما لأسباب فنية أو بسبب اعتداءات المجموعات المسلحة، وهذا سيؤدي حتماً إلى زيادة ساعات التقنين أو انخفاضها، أي إنّه في ظل هذه الظروف التشغيلية للمنظومة الكهربائية يتعذر تثبيت برنامج تقنين، لأنّه متغير تبعاً للحالة الفنية للمنظومة الكهربائية. وتوضح وزارة الكهرباء والعاملون فيها أنّ أكثر ما يؤلمهم ويجعلهم قلقين هو انقطاع التغذية الكهربائية واللجوء إلى التقنين الخارج عن إرادتهم، وأنّ أكثر ما يسعدهم هو إعادة التغذية الكهربائية ورؤية سورية بكافة جغرافيتها منارة ومتلألئة كما عهدناها دائماً، ولعل فرحة عمال الكهرباء لا توصف عند إصلاح كل عطل على الرغم من المعاناة والتعب والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل.
 إنّ هذا الإحساس والشعور بالواجب يدفع وزارة الكهرباء بكافة عامليها إلى بذل المزيد من الجهود لإصلاح كافة الأعطال التي أصابت الشبكة وإعادة التغذية الكهربائية واستمراريتها إلى سابق عهدها. وهنا لابد وأن نطمئن المواطنين أنّ واقع المنظومة الكهربائية جيد بالرغم من كل التخريب الذي طالها حيث بالإمكان إيصال الطاقة الكهربائية من خلالها إلى جميع المواطنين على امتداد الجغرافية السورية مع تحسن واردات الوقود.
إنّ هذا الواقع الذي فرض على سورية، يفترض علينا جميعاً كمواطنين سوريين أن نتكيف معه، وهذا منطقي ومطلوب، فمعظم الشعوب التي تعرضت لكوارث وحروب أقل وطأة من الحرب التي تتعرض لها سورية عانت من فقدان مكونات المعيشة اليومية (نقص في المواد الغذائية – نقص في المياه – نقص في الكهرباء) ومع ذلك استطاعت التكيف مع هذه الظروف وتجاوزت أزماتها.
رغم كل ذلك، فهناك تنسيق دائم مع وزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الدفاع والجهات المختصة والمجتمع المحلي لتحسين واقع واردات الوقود من غاز وفيول. وهذا يأتي من خلال إعادة تشغيل بعض الآبار التي خربتها المجموعات الإرهابية والاعتداءات على خطوط الغاز في منطقة القلمون والمناطق الشرقية والشمالية الشرقية، ونأمل أن يكون ذلك بالقريب العاجل، مشيرين إلى أنّه في ظروف الحرب لا يمكن وضع برنامج زمني يحدد إنجاز العمل لأنّه دائماً هناك متغيرات لحظية.