معدلات النمو الاقتصادي تأثرت بالوضع الأمني والسياسي..الأزمة أثرت على القرار الاستثماري بشكل كبير

معدلات النمو الاقتصادي تأثرت بالوضع الأمني والسياسي..الأزمة أثرت على القرار الاستثماري بشكل كبير

الأزمنة

الاثنين، ١ سبتمبر ٢٠١٤

روله السلاخ

بعد مرور أربع سنوات على الأزمة بدأت بعض الجهات بإعادة النظر بوضع الاقتصاد السوري من وجهة نظرها، والعمل على إعداد الدراسات التي من شأنها الكشف عن الحال الذي وصل إليه الاقتصاد وما قام به. يتابع فريق الدراسات في هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية إعداد الدراسات والبحوث الميدانية حول الأسواق الخارجية، وفرص التسويق لبناء قاعدة بيانات مرجعية لتطوير خطط وبرامج تنمية التصدير، ومنها الدراسة التي أعدتها الهيئة في مجال النموذج الكلي للاقتصاد السوري.

تغير المؤشرات حسب العرض والطلب
والتي بيّنت أنّه من نتائج الانحدار تأثر العرض الكلي بإنتاج العام السابق ومدخلات الإنتاج والرقم القياسي العام للأسعار والزمن كتعبير عن أثر متغيرات أخرى بالأسعار الثابتة. كما تبيّن أنّ هناك علاقة طردية معنوية بين العرض الكلي والإنتاج المحلي الإجمالي في العام السابق. أما ما يتعلق بالأسعار الجارية، هناك علاقة طردية معنوية بين العرض الكلي وكافة المتغيرات المختارة. وأظهرت نتائج الانحدار أيضاً تأثر الطلب الكلي بالمتاح من السلع والخدمات في العام السابق والدخل الكلي والرقم القياسي العام للأسعار والزمن كتعبير عن متغيرات أخرى. وبخصوص الأسعار الثابتة فهناك علاقة طردية معنوية بين الطلب الكلي والدخل الكلي. أما بالأسعار الجارية، هناك علاقة طردية معنوية بين الطلب الكلي والرقم القياسي لسعر المستهلك والدخل الكلي وعلاقة عكسية معنوية مع متغير الزمن. من ناحية أخرى.
يتأثر الطلب الكلي بالمتاح من السلع والخدمات في العام السابق وسعر الفائدة والإنفاق الحكومي ومعدل ضريبة الدخل ومتغير الزمن، بالأسعار الثابتة أو الحقيقية.
حسب منحنى فيليبس هناك علاقة بين مستوى التضخم وفجوة الناتج. ولكن نتائج الانحدار تشير إلى أنّ مستوى التضخم يتأثر إلى حد كبير بمستوى التضخم في العام السابق.
وتتأثر الكتلة النقدية (عرض النقود) بالكتلة النقدية في العام السابق والدخل الكلي وسعر الفائدة وسعر الصرف، ولكن هناك علاقة معنوية فقط مع الكتلة النقدية في العام السابق وسعر الصرف وإيجابيته. كما أنّ هناك علاقة طردية معنوية بين سعر الصرف وسعر الفائدة.. يتعلق سعر الفائدة بدوره بسعر الصرف والكتلة النقدية والدخل ومتغيرات أخرى. بالأسعار الثابتة أو الحقيقية، هناك علاقة طردية معنوية بين سعر الفائدة وسعر الصرف والكتلة النقدية والدخل كما هو واضح من نتائج الانحدار. وفي الأسعار الجارية هناك علاقة طردية معنوية بين سعر الفائدة والكتلة النقدية، وعلاقة عكسية معنوية بين سعر الفائدة وسعر الصرف والدخل.
تم اختبار النموذج من خلال إجراء صدمتين في الميزان التجاري من خلال زيادة السعر العالمي للمستوردات ومضاعفة سعر الصرف. تبين أنّ النموذج يعكس أثر هذه التغيرات على طيف واسع من المتغيرات الكلية المطلقة والنسبية. وتبين أنّه من خلال النموذج يتم حساب ظاهرة انتقال الأثر بشكل آلي لعدد كبير من المؤشرات، ولكن يتطلب الأمر إعادة حساب بعض المتغيرات. وتجدر الإشارة هنا بأنّ التغيرات في الأسعار العالمية وفي سعر الصرف تنتقل بشكل جزئي إلى الأسعار المحلية.
الأزمة أدت إلى تراجع النمو الاقتصادي
وفي تحليل آخر قدمته الهيئة عن الوضع الراهن للاقتصاد السوري تشير فيه إلى أنّ الاقتصاد السوري شهد مرحلة من النمو الحقيقي المستقر ابتداء من عام 2006 وحتى العام 2010، حيث بلغ معدل النمو السنوي الوسطي لهذه الفترة حوالي 5%. وكان معدل النمو الأعلى في الفترة الأولى خلال عام 2006 حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 6%، كما لم يقل الناتج في تلك الفترة عن 3% في عام 2010.
في حين دخل الناتج المحلي في مرحلة نمو سلبي مستمر منذ العام 2011 وحتى العام 2013 مسجلاً معدل نمو (-3%، -18% و-15%) على التوالي، ما يبين الأثر الكبير للأزمة التي تمر بها سورية على النمو الاقتصادي. كما بلغ معدل النمو السنوي الوسطي للفترة الثانية 2011- 2013 حوالي -16.5%، وخلال كامل السلسلة انحدر معدل النمو الاقتصادي إلى أقل حدوده في عام 2012 (-18%) بينما وصل الناتج كقيمة بالأسعار الثابتة إلى حده الأدنى في عام 2013 (994) مليار ليرة سورية تقريباً.
تعتبر الأزمة التي تمر بها سورية هي السبب الأساسي في التراجع الكبير بمعدل النمو الاقتصادي، وخصوصاً أنّها أثّرت بشكل مباشر على جميع القطاعات الاقتصادية.
وتبيّن أرقام معدل النمو الاقتصادي مدى تأثير الوضع الأمني والسياسي الذي تشهده سورية على الأداء الاقتصادي فيها، ما يعني أنّ أي رؤى مستقبلية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مستوى الاستقرار السياسي في البلاد. حيث كان قطاع الزراعة يسيطر على ربع الناتج المحلي الإجمالي في عام 2006 (24%) ثم بدأ يشهد تراجعاً ملحوظاً ليصل إلى أدنى مستوى له من حيث المساهمة بالناتج في عام 2010 إذ سجل 16% فقط، لكن مع ظروف الأزمة بدأت حصة قطاع الزراعة بالازدياد حيث حقق في عام 2012 حوالي 21% وفي عام 2013 تقدر مساهمته بحوالي 22%.
إنّ ارتفاع حصة قطاع الزراعة ليس ناجم عن زيادة في الناتج على المستوى القطاعي لكن التراجع النسبي لبقية القطاعات هو الذي أعطاه (أي قطاع الزراعة) حصة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
شهد قطاع تجارة التجزئة والجملة زيادة متواترة من 18% في عام 2009 إلى 23% في عام 2013.
كذلك كان الأمر بالنسبة لقطاع الاتصالات الذي ارتفعت مساهمته من 8% عام 2006 إلى 15% عام 2013.
من القطاعات التي حققت زيادة في حصتها من الناتج، قطاع الخدمات الحكومية (11% عام 2006 وصلت إلى 13% عام 2013). إلى ذلك حافظ قطاع البناء والتشييد على مساهمة مستقرة بالناتج خلال السنوات السابقة (4% طيلة الفترة)، وانحصرت حصة قطاع المال والتأمين عند حدود 5-6%.
أما قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية فكانت مساهمته 4% تقريباً خلال كامل الفترة.
التراجع الأهم والأكبر كان في قطاع التعدين والصناعة إذ تراجعت حصته من 24% عام 2006 إلى 14% عام 2013. كما شهد الناتج المحلي الإجمالي على مستوى القطاعات الاقتصادية تراجعاً فيها جميعاً خلال الفترة المدروسة وإن كان حجم التراجع يتباين من قطاع لآخر. كما تراجع الناتج في قطاع الزراعة من حوالي 292 مليار ليرة سورية عام 2006 إلى حوالي 217 مليار ليرة في عام 2013.
بعد أن وصل قطاع البناء والتشييد إلى ما يقارب 59 مليار ليرة في عام 2010 تراجع إلى 40 ملياراً في عام 2013. كان قطاع المال والتأمين في أفضل حالاته عام 2010 إذ بلغ ناتجه 88 مليار ليرة سورية لكنه تراجع إلى حوالي 56 ملياراً في عام 2013.
شهد قطاع الخدمات الحكومية قفزة مهمة في عام 2010 ووصل ناتجه المحلي الإجمالي إلى 191 مليار ليرة وعاد ليتباطأ بشدة في الأعوام اللاحقة مسجلاً حوالي 125 مليار ليرة في عام 2013.
واجه قطاع التعدين والصناعة تراجعاً هو الأكبر فبعد أن كان ناتجه المحلي الإجمالي 353 مليار ليرة سورية في عام 2010 تراجع إلى 141 مليار ليرة في عام 2013.
وصل قطاع تجارة التجزئة والجملة إلى أكثر من 299 مليار ليرة في عام 2011 وعاد إلى 224 ملياراً في عام 2013. وبلغ قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية ذروته في عام 2010 وسجل ناتجه 588 مليار ليرة ليعود بدوره إلى 398 ملياراً في عام 2013. ساهمت القطاعات في معدل النمو بدرجات مختلفة تبعاً لأهميتها في تركيب الناتج، وتبعاً لحجم التغير الذي شهده كل منها. كانت القيمة السلبية الأكبر في الأعوام الثلاثة الأخيرة تأتي من قطاع التعدين والصناعة، بسبب التراجع الكبير في قيمة الناتج على المستوى القطاعي وضعف مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
بالرغم من أنّ معدل نمو الناتج كان سلبياً في عام 2011 إلا أنّ مساهمة قطاع الزراعة في النمو كانت إيجابية، حيث شهد ناتج القطاع ارتفاعاً مهماً في هذا العام وبلغ معدل النمو فيه 19%.
من حيث نوعية النمو وطبيعته مازال الاعتماد في السنوات الأخيرة متركزاً بشكل متناوب بين العمل ورأس المال كمحفزين أساسيين للنمو الاقتصادي.
ارتفعت مساهمة العمل في النمو الاقتصادي لعام 2011 بسبب زيادة حصة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج.
دور الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج في السنوات الأخيرة يعتبر معدوماً وفي بعض الأحيان كان سالباً ما يعني أنّ النمو الاقتصادي في سورية يقوم على العوامل الكمية (العمل، رأس المال).
تكمن المشكلة الأساسية هنا في أنّ العوامل الكمية تخضع لقانون الغلة المتناقصة مع الزمن بعكس العوامل النوعية التي لا تخضع لمثل هذا القانون.
الحاجة لاستثمارات بنسبة 26%
بالتالي وللمحافظة على معدل النمو تحتاج سورية دائماً إلى المزيد من الاستثمارات، بينما لو كان الاعتماد على العوامل النوعية لأصبح تحقيق معدلات النمو ممكناً باستثمارات أقل.
تفوّق الاستثمار الخاص في سنوات عديدة على الاستثمار العام من حيث حصة كل منهما في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المدروسة. نجم ذلك عن استجابة القطاع الخاص للقوانين العديدة ذات العلاقة بتحسين بيئة الأعمال والتي صدرت في السنوات الأخيرة (مثل قانون الاستثمار 8 والقانون 9 غيرها).
بدأت مساهمة الاستثمار الخاص في الناتج تشهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة لاسيما مع دخول الأزمة التي أثرت كثيراً على القرار الاستثماري للمستثمرين في السوق السورية.
بالمقابل شهدت حصة الاستثمار العام من الناتج تراجعاً لكن نسبته من الناتج بقيت أفضل حيث كان تراجعه في سنوات الأزمة أقل حدة.
وفق التقديرات ضمن الحالة الطبيعية تحتاج سورية إلى حجم استثمارات لا يقل عن 26% من الناتج المحلي الإجمالي إذا أخذنا حالة سنوات الخطة الخمسية العاشرة.
لكن البيانات والتقديرات تبين مدى ابتعاد حجم الاستثمار حالياً عن القيم المطلوبة، وباعتبار أنّه ظهر معنا سابقاً أهمية العوامل الكمية في النمو الاقتصادي فهذا سيؤثر على تقدير معدلات النمو في الفترة المقبلة.
الضرائب.
غياب أي تطوير لأشكال الضريبة في السنوات السابقة
بعد تحسن مهم في الضرائب على الدخل والأرباح، ما يعني تطوراً في دور القطاع الخاص فيما يتعلق بالإيرادات الضريبية، حصل تراجع وربما سيستمر هذا التراجع مع ظروف الأزمة التي تمر بها سورية.
حققت هذه الإيرادات قفزة مهمة جداً في عام 2009 بارتفاعها 42% لكن التراجع كان بنسبة مقاربة في عام 2010 وتواصل مع عام 2011.
تبلغ حصيلة الضرائب في حدود 0.4% من الناتج خلال الفترة 2006- 2011، بينما تراجعت نسبة الضريبة على أرباح الشركات كما ظهر معنا خلال السنوات نفسها بحوالي 1.5% لتصبح حوالي 2.8%، ما يعني ضعفاً في تطبيق مبدأ العدالة الضريبية.
هناك تزايد ملحوظ في قيم الدعم الحكومي لمواجهة الأعباء الكثيرة التي رتبتها الحكومة على نفسها ومن الصعب جداً تقدير الحجم الحقيقي للدعم، حيث يرتبط الأمر بطريقة التعريف، لكنه من الناحية الرسمية ارتفع من 257 مليار ليرة سورية في عام 2006 ليصل إلى حوالي 512 مليار ليرة في عام 2011، وهو يتأثر بأسعار المشتقات النفطية وتغيرها.
سيزداد الطلب على الطاقة في سورية مع عملية إعادة البناء ومن شأن الاستمرار بآليات الدعم المتبعة تبديد أي جهود في مجال إصلاح المالية العامة.
لم تشهد السنوات السابقة أي تطوير في مجال أشكال الضرائب والمقصود هنا (الضريبة على القيمة المضافة)، والتي يتوقع أنّها كفيلة بزيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 5% عند معدل جباية 15%.
سجّل الدين العام في عام 2011 حوالي 36% من الناتج المحلي الإجمالي وهو ضمن الحدود المسموحة والتي تصل إلى 42% من الناتج حسب الخطة الخمسية 11.