"اشتقتلك يا حمص".. في حضرة الدمار نهوض

"اشتقتلك يا حمص".. في حضرة الدمار نهوض

الأزمنة

الجمعة، ٢٢ أغسطس ٢٠١٤

سلوان حاتم
"اشتقتلك يا حمص" هو عنوان المقطع الغنائي الذي عرضته مؤخراً الإخبارية السورية لفرقة "صدى  سورية". قدّم الأغنية "نادي حمص الثقافي الاجتماعي" والذي يعرّف عن نفسه بأنه "قيد التأسيس".
في حمص حيث زنوبيا ترتل أشعار ديك الجن, وتحضن قلعة الحصن طيف نهر العاصي، الزمن لا يكف عن الدوران ولا يقف عند ساعة محددة. تأتي "اشتقتلك يا حمص" في سياق ثقافة النهوض الراسخة في عقول الشباب السوري، والأجمل من ذلك هو تأكيد الشباب على ضرورة نفض الغبار عما حدث في الماضي؛ والوفاء لذكرى من سبق وعمل على استنهاض المشروع الثقافي.
يبثّ المقطع المصوّر على مدى (18 د.) لوحة فنية لآمال مرسومة على جدران المدينة. ترصد عدسة المخرج"أسامة سميح محمود" واقع الحال في حمص عبر لقطات متتابعة في نقل واقعي لأحياء المدينة التي آلت إلى خراب؛ وكأن الحياة عبر المقطع المصوّر تعود صوتاً وصورة، فرقة موسيقية وعدسة ولوحة جدارية على بناء مهدّم من تنفيذ الرسام غياث محمود، منتهية بصورة للملحن الراحل أسعد ليلى صاحب اللحن والذي تمّ إهداء العمل لروحه.
يريد صنّاع العمل إيصال رسالة مفادها أن ما فعله الإرهابيون من دمار لن يثبط العزيمة وأن الموسيقا والفن عموماً قادران على إعادة الحياة إلى كل ما لحق المدن من دمار!.
الدمار لم يمنع تقاسيم العود من التمازج مع هواء المدينة، ولم يمنع ثقل حجم البيانو من الانتقال إلى المكان، والعازفون اختاروا غرفاً متباعدة ليخرجوا منها.
الفن والأدب لا يمكن تفرقتهم عن الحياة. وكما عادت الروح إلى المكان عبر الفن ستعود الحياة إلى البناء من جديد بسواعد أبناء البلد. فمن تكمن في روحه ثقافة الفن لابد أن تكمن في داخله ثقافة الحياة ليكتب "ثقافة النهوض".
حمص يا مدينة ديك الجن آن لك أن تنهضي كما ستنهض كل المدن السورية، الفرات وسيف الدولة والمعري وبصرى.. لتعلّمي كل العالم أننا من التراب جُبلنا.. وها نحن ننفض غبار الماضي ونمسح آلام الدمار بالثقافة والحب..
وكما قال الملحن الراحل أسعد ليلى عنك - كما ورد في نهاية الأغنية المصورة- نقتبس قوله: (مهما حاول البعض أن يخرجها عن سياقها التاريخي وأن يغيّر وجهها الحضاري إلا أنّ الوجه الحقيقي لحمص سيبقى مشرقاً)..
يغلبنا الحنين ورغم الخراب تبقى الديار.. فالأوابد لها عبق كبير..يشبه رائحة الأرض.. والذكرى تسري كما الدم في الوريد.. ويكمن الفن في تحويل القبح إلى جمال، ولم تكن "اشتقتلك يا حمص" كأغنية إلا شكلاً من أشكال ثقافة النهوض التي تسري في عروق جميع السوريين.