هل سنحقق نسبة نمو 2% خلال العام الحالي؟ بين تحقيق النمو وغياب مقوماته!!

هل سنحقق نسبة نمو 2% خلال العام الحالي؟ بين تحقيق النمو وغياب مقوماته!!

الأزمنة

السبت، ٩ أغسطس ٢٠١٤

الأزمنة| خاص
سورية ستحقق نسبة نمو تصل إلى 2% خلال العام الحالي 2014، تصريح أثار انتباهنا حقاً عندما قرأنا هذا العنوان المنشور في أحد المواقع الإعلامية المحلية، ولدى تصفحنا لهذا الخبر وجدنا أن هيئة التخطيط والتعاون الدولي صرّحت بهذه النسبة.
وهنا يكون السؤال: كيف تم بناء هكذا نسبة نمو للاقتصاد السوري، بالرغم من تبعات الأزمة وثقل آثارها التي لا تزال موجودة على الاقتصاد السوري وعلى المجتمع وعلى المستهلك.. كيف وقد توقف إنتاج المعامل والمصانع وتفشت البطالة وتضاعفت معدلات التضخم كثيراً، وضعفت القدرة الشرائية لكل المستهلكين إلا القليل، وفقدت الطبقة الوسطى واتسعت الطبقة الفقيرة وكثر المستغلون والمحتكرون والمتلاعبون، كيف يمكن تحقيق نسبة نمو في ظل العوامل السابقة وفي ظل غياب أهم عنصر للنمو وهو عنصر الأمان والاستقرار, وخاصة أن الاستثمار الخاص يعتبر جباناً ولا يخفى على أحد أن الاستثمارات هي العامل الأساسي لرفع معدلات النمو.. كيف ذلك؟
طالب: من الصعب تحقيق نسبة نمو في ظل تراجع قطاعاته
الخبير الاقتصادي نضال طالب أوضح في تصريحه لـ "الأزمنة"، أن هكذا نسبة نمو للاقتصاد السوري من الصعب توقعها وليس تحقيقها، لافتاً إلى إنه على مدى سنوات الأزمة التي مرت بها سورية تراجع القطاعان الصناعي والزراعي اللذان يعتبران من قطاعات النمو الأساسية للاقتصاد السوري، بالإضافة إلى توقف القطاع السياحي والخدمات وغيرها من قطاعات النمو المساعدة والداعمة له.
ولفت طالب إلى إنه لا يوجد تطور ملحوظ على أرض الواقع يمكن أن يؤدي إلى تحقيق النسبة المذكورة من النمو في الاقتصاد السوري، بل لا يوجد تفاؤل لتحقيق هذه المعدلات من النمو، مشيراً إلى أن القطاعات الإنتاجية هي التي تدير عجلة الإنتاج وتحقق معدلات النمو, وهذه القطاعات تضررت كثيراً في الأزمة ولا يوجد إنتاج إلا بحدود دنيا، وهذه الحدود للإنتاج غير قادرة على تحقيق معدلات النمو المذكورة.
ولفت إلى أن عوامل النمو الاقتصادي حالياً غير موجودة.. فالخطة الخمسية العاشرة كانت تستهدف تحقيق معدلات نمو تصل إلى 5% وكان ذلك في الوقت الذي لم يكن هناك أي أزمة تمرّ على سورية، والقطاع الصناعي منتعش والزراعي والسياحي وغيرها من القطاعات الاستثمارية الأخرى، فكيف لنا حالياً أن نحقق نمواً يشكل نصف المستهدف من الخطة الخمسية العاشرة في ظل الخسائر المخيفة التي مني بها الاقتصاد السوري وتوقف عجلة الإنتاج وتدمير البنية التحتية، مشيراً إلى أن نسبة النمو المشار إليها يجب أن تكون مستقبلية وبعد انتهاء الأزمة الحالية التي تمر على سورية.
الجزائري يقول بأن النمو كاد يصل إلى 3.5% لولا تراجع الأمطار
خبير اقتصادي أوضح أن الاقتصاد السوري حالياً قادر على تحقيق معدلات نمو تصل إلى 2%، لافتاً إلى إنه قادر على تحقيق معدلات أكثر من ذلك لولا الضعف الذي أصاب القطاع الزراعي خلال الموسم الحالي والمتعلق بموسم الأمطار.
وهذا ما أكده رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور همام جزائري الذي أوضح أن الاقتصاد السوري كان من الممكن أن يحقق معدلات نمو تصل إلى 3.5% لولا تراجع مستوى الأمطار.
الجزائري أوضح أيضاً في تصريحه، أن ذروة الأزمة تجلت في سورية بمنتصف 2012 حتى أيلول 2013، ولكن منذ تشرين الأول 2013 وحتى اليوم وخلال النصف الأول من العام الحالي نحن نراقب ونقيّم التحسن بمؤشرات الإنتاج والإنفاق الاستهلاكي والحركة التجارية والاستثمارية وإن كانت الأخيرة بدرجة أقل.
ولفت إلى تركيز الحكومة بشكل رئيسي على قطاع الصناعات التحويلية والزراعية والإنفاق الاستهلاكي والإنفاق الحكومي، ومع بداية العام القادم سيؤثر القطاع الإنشائي إيجاباً في تعزيز هذا النمو.
الخبير أكد على ما قاله الجزائري، مشيراً إلى أن عوامل الاستقرار الذي شهدته أسواق سورية خلال الفترة الماضية والحالية سواء من حيث الأسعار المتعلقة بالسلع والمواد أم استقرار سعر الصرف ولمدة طويلة بالإضافة إلى التحسن على أرض الواقع بالنسبة للأزمة، واستمرار عمليات الاستيراد والتصدير رغم كل العقوبات الاقتصادية, عدا عن بدء عجلة الإنتاج بالدوران وخاصة في المدن الصناعية، كل ذلك يمكن أن يساهم بتحقيق هذه النسبة في النمو كون السوق السورية متعطشة كثيراً للسلع، كما أن نسب البطالة ستنخفض فور بدء عمليات الإنتاج والتي تعمل الحكومة حالياً على تحقيق دوران هذه العجلة، "فنحن نرى كيف تسعى إلى تأهيل المجمع الصناعي في حوش بلاس حالياً وإمداده بكل ما يحتاجه وبسرعة عالية، كما نجد كيف وضعت الحكومة رؤية استراتيجية مستقبلية لإعادة العجلة الإنتاجية والحياة الطبيعية كما كانت في السابق بحلب، والإعلان عن إعادة تأهيل منطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب".
وعن العقوبات الاقتصادية التي تشكل عائقاً في تحقيق نسب النمو وجذب الاستثمارات وغيرها من الأمور، أوضح الخبير أن سورية سعت منذ فرض العقوبات الاقتصادية عليها إلى كسر هذه العقوبات وعدم التأثر بها، حيث توجهت شرقاً ونجحت في ذلك حيث عملت على تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول البريكس في شتى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والمعارض.. وهذا من شأنه أن عزز الحركة التجارية لدى سورية وفتح أسواقاً جديدة للسلع السورية.
ونوه الخبير إلى أن نسبة النمو التي ذكرتها هيئة التخطيط الدولي معقولة ومنطقية في ظل العوامل الحالية وفي ظل تعطش الأسواق السورية، رغم كل الظروف القاسية التي فرضتها الأزمة على الاقتصاد السوري الذي أثبت مع مرور سنوات الأزمة أنه اقتصاد حقيقي ومتين ومتنوع وقادر على الصمود أكثر.
النمو يحتاج إلى الاستقرار والاستمرار في الإنتاج..
المركز السوري لبحوث السياسات ومقره دمشق، لفت إلى أن خسائر الاقتصاد السوري بسبب الأزمة حتى الربع الأول من العام الماضي ارتفعت إلى 84.4 مليار دولار بعد أن كانت نهاية 2012 نحو 48.4 مليار دولار أميركي بالأسعار الجارية، أي إن خسائر الربع الأول من عام 2013 هي حوالي 40 مليار دولار، هذا سابقاً، حالياً ما هي خسائر الاقتصاد السوري؟!..
لقد أوضح مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في "الإسكوا" عبد الله الدردري، أن التكلفة المقدّرة لعملية الإعمار والتنمية في سورية تتراوح بين 165 و200 مليار دولار، منها نحو 60 ملياراً من الاستثمارات العامّة التي يفترض أن تتحمّل كلفتها الحكومة، لافتاً إلى أن الاقتصاد السوري خسر نصف الناتج المحلي منذ بداية الأزمة تقريباً، وأنّ الضرر طال جميع القطاعات بنسب مختلفة.
إذاً وكما ذكرنا سابقاً فإن النمو لا يمكن الحديث عنه، ولو كان هناك تعطش في الأسواق المحلية ولو دارت عجلة الإنتاج، فنرى أن النمو يحتاج إلى متطلبات وأسس من الصعب توافرها حالياً وخلال العام الحالي.