أسواق درعا برمضان تشتعل وتكوي جيوب المواطن بفوضى سعرية جامحة..!

أسواق درعا برمضان تشتعل وتكوي جيوب المواطن بفوضى سعرية جامحة..!

الأزمنة

الثلاثاء، ١٥ يوليو ٢٠١٤

محمد العمر
على عكس التوقعات والتصريحات الخارجة بضرورة التشديد على أسواق المحافظة ومراقبتها خلال شهر رمضان، فإن الأسعار لم تنخفض في الأسواق على الإطلاق باستثناء بعض الخضار، بقيت في مكانها متأهبة لأي ارتفاع جديد، ورغم ذلك تشهد أسواق درعا منذ بداية رمضان المبارك حركة نشطة لخصوصية هذا الشهر في شراء الكثير من الحاجيات والمأكولات المختلفة عن بقية الأيام كقمر الدين والحلويات والعصير، ومع أن الكثير من المواد والحاجيات ارتفعت أسعارها قبل حلول شهر رمضان، لكن مع بدايته أيضاً ازدادت موجة الغلاء أكثر مجتاحةً الأسواق فوصلت إلى معدلات قياسية في بعض المواد لزيادة الطلب عليها وبالتالي تحكّم التجار والباعة بأسعارها.‏‏.!

فوضى سعرية!
مجمل القول، يمكن وصف حركة البيع والشراء في الأسواق بأنها لم تكن كالمعتاد كما كانت في السنوات الماضية، إذ إن هناك محالّ تجارية لا بأس بعددها ما زالت مقفلة نتيجة الظروف المحيطة، وهناك عدد من المحال التجارية التي تبيع الألبسة والأحذية تحدت الظروف وما زالت تعمل بعضاً من ساعات النهار، الأمر الذي أدّى إلى طغيان ارتفاع أسعار الألبسة والأحذية على حركة الشراء في أسواق درعا بالرغم من لحظ نشاط نسبي في حركة هذه الأسواق خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، وساعد في ذلك عدم توفر موديلات جديدة منها في الأسواق. من هنا تبدو أسواق المحافظة اليوم مرتبكة بأسعارها المتفاوتة بين منطقة وأخرى أكثر من الأعوام الماضية  بعد أن وصلت لمستويات قياسية، ليرتفع لهيب الأسواق بالأسعار ويزداد الضغط توتراً على الدخل المعيشي، لكن مع استمرار صعود الأسعار واستقرارها كما هي رغم انخفاض الدولار إلى 100% عما كان عليه منذ عامين، ثمة تساؤلات مهمة تطرح نفسها، أمام تناقضات الأسواق بالمحافظة وما تفرضه من أسعار حارقة وانعكاسات على قدرة ذوي الدخل المحدود، ولعل ما تفرزه حالة الأسواق اليوم من فوضى سعرية بكافة المواد، كان حسب قول العديد من المراقبين كفيلاً بحدوث شرخ واسع فيها بعدما باتت الأسعار تحدد وفق الأهواء والمزاجية لتنعكس هذه الحالة على المستهلك الذي كاد يفقد الثقة الكاملة بالأسواق، وكذلك بالإجراءات المتخذة لضبطها سواء أكان ذلك من خلال النشرات التأشيرية أم عبر أجهزة الرقابة التموينية، وما إلى ذلك، من إجراءات بقيت جميعها عاجزة عن تحقيق المطلوب منها في ضبط السوق وما آلت إليه الأسعار مسببة تآكل الدخل المعيشي..
إذن أصبح ارتفاع الأسعار الجنوني الشغل الشاغل للناس جميعاً لأنه يرهق أغلب الأسر ولاسيما ذات الدخل المحدود. إذ ذكر العديد من المواطنين الذين التقينا بهم  خلال جولتنا أن الأسعار مرتفعة جداً ولاسيما في شهر رمضان حيث يستغل تجار الجملة والمفرق والباعة هذا الشهر ويقومون برفع أسعار موادهم، والخاسر الوحيد هنا هو المواطن المستهلك الذي لا حول له ولا قوة، وذكر لنا المواطن أحمد الزوباني أن البضائع الموجودة في الأسواق قديمة ومنها ما هو تالف قبل استخدامه بسبب التخزين بالمستودعات التي لا تتوفر فيها أيضاً المواصفات الفنية المناسبة. فالمواطن  حسب قول الزوباني لا يستطيع تأمين احتياجاته من المواد الغذائية إلا بصعوبة بالغة..
 وفي رمضان بالخصوص يبدو الوضع مختلفاً كثيراً عما قبله من حيث الأسعار التي أصبحت فاحشة.. يقول أبو محمد من سكان المدينة بدرعا "حي الكاشف": "ليس لدينا الإمكانية لشراء احتياجاتنا من اللحوم والخضار والمواد الغذائية، أسعارها مرتفعة ولا يمكننا تأمينها، نعتمد على زراعة بعض الخضروات في حديقة منزلنا بالريف، لكن لا نستطيع تأمين اللحوم ولا حتى المعلب أو المجمد منها". ويضيف: "أصبحت الحياة صعبة جداً بظل الأسعار الفاحشة".

ارتفاع متواصل.!
يمكن القول إن أسعار أغلب المواد والسلع وخاصة الغذائية منها، بقيت على ارتفاعها المتواصل، فقد شهدت الأسواق ارتفاعات كبيرة بالمواد والسلع الغذائية، إذ ارتفع سعر صحن البيض بسبب ارتفاع ملحوظ في أسعار الأعلاف والتدفئة ونقص العرض، ولا يزال بين 550- 600 ليرة سورية ، أما الفروج المنظف فقد وصل سعره - بسبب نقص العرض وخروج بعض المربين وارتفاع كبير في سعر العلف والمحروقات - إلى 478- 685 ل.س، وارتفع سعر اللحم البلدي (الآن) 1250 بعظمه، 2000 مجروماً، رغم أنه يباع مجروماً في مناطق أخرى بـ 1700 ليرة سورية ، أما الخضروات فقد شهدت، على غير عادتها وخاصة عن رمضان الماضي وعن غيرها من السنوات، انخفاضاً وبقي البعض منها وما هو خارج موسمه مرتفعاً، ويمكن القول إن أسعار الخضروات بالمجمل قد انخفضت عما كانت عليه الأشهر الماضية، فأسعار البندورة  بين50-80 ل.س، والخيار أيضاً بين 70- 100 ليرة سورية بعد أن تجاوزت 150 ليرة العام الماضي ، لتشهد مادة البطاطا انخفاضاً أيضاً ملحوظاً في السعر، رغم قلة المعروض وصعوبة النقل، يبلغ سعرها بين 90- 100 ل.س، وفي مناطق الريف بدرعا سعرها 60-70 ليرة فقط، وارتفعت أسعار البرغل، ليبلغ سعره الحالي 90-125 ل.س، وشهد الحمص الحب أيضاً انخفاضاً طفيفاً؛ علماً أن إنتاجه المحلي لا يغطي حاجة الاستهلاك المحلي ويباع لدى مؤسسة الخزن والتسويق والاستهلاكية بأسعار تقل عن أسعار السوق، وسعره الحالي 140- 160 ل.س، أما الرز القصير فارتفعت أسعاره بحسب النوع والمنشأ بسبب ارتفاع كلفة الاستيراد، ويبلغ سعره 140-180 ل.س، بالنسبة للعدس بأنواعه مجروشاً، فشهد ارتفاعاً في أسعاره، المجروش سعره الحالي 160- 225 ل.س، أما العدس الحب فسعره 150-235 ل.س، أما السكر فشهد استقراراً وبقي سعره الحالي 115-120 ل.س، وبالنسبة للسمن النباتي فقد ارتفع سعره إلى 450- 825 ل.س، وأما سعر الزيت النباتي فهو 325-450 ل.س..

تآكل الدخل المعيشي
بهذه الأسعار ومع ما يجتاح الأسواق من ارتفاعات قياسية شملت جميع المستلزمات المنزلية والتي أضعفت وأرهقت الكثير من نسب الدخل المحدود، صار المواطن يبحث عن أسواق شعبية أكثر قرباً منه تكون متناسبة مع دخله المعيشي، ولكن هيهات في ظل ظروف أزمة يشتد وقعها أكثر على اقتصاد الدخل، فهناك الكثير من الأسواق المشهورة في المحافظة، ولكنها اليوم ونتيجة الظروف الأمنية باتت شبه خالية من روّادها بعد زيادة الأسعار أكثر من 60% وهي على الأغلب أسواق الخضار والفواكه المعروفة بأسواق الهال كسوق: طفس، درعا ونوى، إلا أن المشكلة لم تكن تتعلق بالأسعار بقدر ما تتعلق بعملية التنظيم بالبيع والشراء والمساحة المخصّصة للتجارة والاستغلال لظروف الناس.

سلع مغشوشة ومنتهية الصلاحية
 مروان الصفدي من بلدة الشجرة لم يخفِ حرقته من الغش المتزايد بالأسواق والفوضى السعرية الجامحة بالمناسبات وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، إذ مع دخول شهر رمضان حسب قوله أُغرقت الأسواق بالسلع المغشوشة والمنتهية الصلاحية في ظل غياب الرقابة التموينية، مضيفاً كان في السابق السلع والمواد المغشوشة تتواجد في الأسواق الشعبية ولدى الباعة الجوالين والبسطات، الآن تطورت المشكلة، حتى المراكز التجارية الكبيرة أصبحت تبيع سلعاً لا يوجد عليها تاريخ إنتاج السلعة أو نهاية الصلاحية". وتابع: "بعض السلع يتم الغش بها أيضاً من خلال وضع تاريخ إنتاج وانتهاء مزور عليها، تكتشف ذلك عند الاستخدام إذ تجدها مادة فاسدة وغير قابلة للاستخدام البشري، قائلا "للأسف كل شيء بات مغشوشاً، إذ نجمع المال طوال العام لنصرفه ونرتاح في رمضان، لكن مشكلتنا في عدم وجود أي نوع من الرقابة على الأسواق بشكل عام، فقط الجهات الرقابية مجرد ظاهرة صوتية عبر وسائل الإعلام الرسمية، ونحن نتجرع المشكلة يومياً..!

بين قوسين
من جهتها أشارت مديرية التجارة الداخلية بدرعا بأن جميع المواد الاستهلاكية والغذائية بشهر رمضان المبارك متوافرة في الأسواق وبأسعار مناسبة تختلف عن السوق، وتباع في معظمها حسب حالة العرض والطلب، وقد قامت المديرية بتكثيف دورياتها على كافة أسواق المحافظة لمنع الاحتكار والغش والتلاعب بالأسعار خلال هذا الشهر، وتم خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان تنظيم عدد من الضبوط التموينية من خلال سحب عينات عديدة  من أجل تحليلها ومدى مطابقتها للمواصفة القياسية، إضافة إلى وضع خطة لمتابعة الأسواق من ناحية مراقبة السعر والجودة، أما عن مساهمة القطاع العام والممثل بالمؤسسة الاستهلاكية في توفير المواد الغذائية والمقننة خلال شهر رمضان فقد أوضحت المديرية إنه تم توفير تشكيلة واسعة من جميع المواد الغذائية من معلبات وزيوت نباتية وسمون وأجبان في المجمعات الاستهلاكية وبأسعار موازية للقطاع الخاص، ولكن يبقى الإقبال للقطاع الخاص من قبل المواطنين أكثر كون القطاع الخاص يقوم بعرضها بهامش ربح ومرونة وبأسعار أقل من أسعار الاستهلاكية ويعود سبب ذلك إلى ضريبة الاستعلام الضريبي الذي يقوم التاجر بتحميل هذا الفرق على أسعار المواد المباعة للمؤسسة?‏‏
 
دون مبرر..!
يمكن القول إنه رغم الإجراءات الكثيرة التي قامت وتقوم بها مديرية حماية المستهلك والتجارة الداخلية بدرعا بالرقابة والتشديد على الأسواق لضبط الأسعار والغش مروراً بإصدار النشرات التأشيرية ورقابة السوق طيلة أيام الأسبوع وتقسيم المناطق إلى محاور، وبعض الخطوات لتعديل قانون حماية المستهلك، ما زالت مكانك راوح دون أن تقدم وصفة علاجية للسوق المكتوي بنار الأسعار، على ما يبدو إن الكثير من الإجراءات التي يجب أن تُتخذ حسب قول أحد التجار الذي لم يفصح عن اسمه، ليست عند أصحاب القرار، بل هناك أطراف أخرى تتحكّم في هذا القرار، ويبقى المتضرّر الوحيد من ذلك هو المستهلك، وحتى بعد انخفاض الدولار، وتحسّن الأوضاع السياسية، وبالتالي اختفاء الذرائع حول رفع الأسعار، لاحظنا مقاومة من بعض الأطراف في اتجاه تخفيض الأسعار، بينما لم تكن هذه المقاومة موجودة أمام ارتفاع الأسعار التي كانت ترتفع بين ساعة وأخرى.
المفارقة، والمضحك المبكي كما يتحدث الناس هنا، أن أسعار السلع الغذائية الأساسية لم ترتفع إلى هذه المستويات غير المسبوقة حتى في ذروة صرف الدولار وصعوده إلى أعلى المستويات مقابل الليرة وذلك عندما وصل إلى حدود الـ300 ليرة للدولار الواحد حيث لم يعد المواطن يعرف هل ارتفاع الدولار كان ارتفاعاً وهمياً وغير حقيقي أو هو عبارة عن متاجرة ومضاربة به أمام الليرة وإن قيمته الحقيقية في السوق لا تتعدى الـ100 ليرة ويمكن أن تصل إلى 120 ليرة في أسوأ الأحوال..!!.