الأسبوع الأول من رمضان.. بين ارتفاع الأسعار وبين انخفاضها.. ودخل المستهلك مكسور دائماً

الأسبوع الأول من رمضان.. بين ارتفاع الأسعار وبين انخفاضها.. ودخل المستهلك مكسور دائماً

الأزمنة

السبت، ١٢ يوليو ٢٠١٤

انقضى الأسبوع الأول من رمضان، وبالطبع حدث ما توقعه المستهلك، فالأسعار استنفرت لبعض السلع في حين استقرت في بعضها الآخر، إلا أنها لم تشهد انخفاضاً أبداً، وربما طريق الانخفاض لم يعد يعرف الأسواق بل وأصبح من الطرق المهجورة والمنسية لدى تجارنا وصناع القرارات الاقتصادية لدينا، فكل شيء يرتفع ولا ينخفض إلا الراتب الشهري فهو الوحيد الذي ينخفض.
الأسبوع الأول من رمضان شهد ارتفاعاً في أسعار الأجبان والألبان والبيض والخضار والفواكه، وتأرجحاً في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، واستقراراً في أسعار الزيوت والسمون والأرز والسكر والمعلبات، بالطبع.. شهر رمضان الكريم يتميز بطقوسه الخاصة من حيث الوجبات الغذائية، ومن المعروف أن في هذا الشهر يرتفع الطلب على المواد الغذائية، وتوقع المستهلك سابقاً أن ترتفع أسعار المواد الغذائية، في حين رأت الجهات الرقابية أن التموين منع ارتفاع الأسعار في الأسواق وضبطها وأن الأسعار شهدت ارتفاعاً بسيطاً في بداية رمضان إلا أنها عاودت للانخفاض مع الأيام.
وهنا طرحنا سؤالاً هاماً: هل حقا شهدت الأسواق ارتفاعاً "بسيطاً" في الأسعار وهل حقاً عادت الأسعار إلى سابق عهدها بجهود الرقابة التموينية؟..
هذا السؤال سيجيب عنه طرفا المعادلة: الجهة المسؤولة عن حماية المستهلك والمستهلك من ناحية أخرى.

متابع: الأسعار ارتفعت.. والرقابة محصورة بأسواق دمشق فقط..
متابع للأسواق أوضح في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن الأسعار السلع الأساسية شهدت ارتفاعاً في رمضان وخاصة الخضار والفواكه، حيث ارتفعت أسعار البندورة من 40 إلى 60 و70 ليرة للكيلو، وارتفع سعر الخيار من 60 إلى 120 ليرة أي الضعف، وارتفع سعر البطاطا من 40 إلى 60 ليرة، وارتفع سعر الخسة الواحدة إلى 100 ليرة، وارتفع سعر الليمون الحامض إلى 250 ليرة مع الإشارة إلى أننا بلد منتج لهكذا مادة وفي المراتب الأولى عربياً؛ إلا أننا نصدر بأسعار ربما تقل عن أسعار السوق المحلية، وأصبحت تباع الكزبرة والبقدونس بـ 20 ليرة للجرزة في حين كانت في أيام ما قبل رمضان 15 ليرة فقط، وأصبحت الزهرة بـ 100 ليرة في حين كانت بـ70 ليرة وسطياً، والفليفلة أصبحت بـ170 ليرة وكانت بـ 130 ليرة للكيلو، هذا بالنسبة للخضار، أما الفواكه التي يكثر الطلب عليها أثناء شهر الصيام فقد شهدت ارتفاعات مخيفة حيث بلغ سعر كيلو المشمش نحو 350 ليرة، وارتفع سعر الكرز إلى 350 ليرة أيضاً وأصبح سعر الدراق بـ 150 ليرة في حين كان لا يتجاوز 100 ليرة، وارتفع سعر كيلو البطيخ إلى 45 ليرة في حين كان بـ 35 ليرة.
أما أسعار الألبان والأجبان فقد ارتفعت هي أيضاً بشكل كبير وبلغ الارتفاع نحو 100 ليرة للكيلو الواحد فسعر كيلو الجبنة البلدية أصبح يتراوح ما بين 600 و700 ليرة في حين كان سعره قبل رمضان نحو 450 ليرة فقط، وارتفع سعر اللبنة أيضا لتصبح بـ 600 ليرة للكيلو في حين كانت لا تتجاوز 500 ليرة، حتى الجبنة المبسترة والمعلبة ارتفعت مابين 25 و50 ليرة، ويمكن أيضاً قياس ذلك على باقي أنواع الأجبان والألبان سواء المعلبة أو المبسترة أو الكريمة.
وأيضاً شهدت أسعار الفروج تذبذباً، وكذلك أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق مع عدم إقبال كبير على الشراء نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
ولفت المتابع إلى أن الأسواق حالياً تعيش حالة من الركود مقارنة مع رمضان من العام الماضي، وذلك لعدة أسباب أولها الغلاء الفاحش في الأسعار مقارنة مع دخول المواطنين، فالدخل يقسّم ما بين مواد غذائية وأطباء ومواصلات واتصالات وفواتير والكثير من الالتزامات، أما ثاني سبب في حدوث الركود هو عامل التيار الكهربائي الذي أثّر في كمية الطلب على المواد الغذائية سريعة التلف مثل الألبان الأجبان وبعض أنواع الحلويات والفواكه التي أصبحت تتعرض للتلف بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، حتى أن العديد من المستهلكين تعرضوا لخسائر كبيرة نتيجة تلف "مونة الشتاء" لديهم، وهذه العوامل أدت إلى ضعف الطلب على المواد الغذائية والشراء بكميات محدودة تكفي قوت اليوم فقط، في حين كان ذلك غير موجود خلال رمضان من العام الماضي.
كما لفت المتابع إلى أن أسواق رمضان حالياً لا تشهد أي نوع من العروض على المواد الغذائية والتي كانت تشهدها خلال السنوات السابقة، مثلا "اشتر ثلاث علب جبنة وخذ واحدة مجاناً"، ومن هذا القبيل، فحالياً الأسواق لا تحوي على أي عروض تشجع المستهلك على زيادة الطلب على المواد الغذائية، وخاصة أن هذه العروض من شأنها أن تحرك السوق في ظل ارتفاع الأسعار وتدفع المستهلك للشراء، إلا أن العديد من شركات المواد الغذائية لم تقْدم على طرح عروض لها في الأسواق.
ورأى المتابع أن الرقابة التموينية محصورة في أسواق معينة ضمن دمشق فقط، إلا أن أسواق ريف دمشق تشهد فلتاناً واضحاً ومزاجية في التسعير، وفوارق الأسعار لنفس المادة هي الدليل على هذا الأمر، فسعر كيلو البطاطا أصبح له أربعة أسعار وربما خمسة أيضاً، وكذلك الأمر لباقي السلع مما يدل على أن الأسواق في ريف دمشق تعيش حالة من الفوضى.
وأشار إلى أن مؤسسات التدخل الإيجابي لم تتحرك في شهر رمضان كما تحركت خلال رمضان الماضي، فهي لم تفتتح المولات ولم تقدم عروضاً مغرية كافية للمستهلكين وخاصة ذوي الدخل المحدود، واكتفت بطرح مواد غذائية بنسب أرباح قليلة مقارنة مع أسعار الأسواق، أي أنها لم تشكل منافساً حقيقياً للقطاع الخاص، وهذا ما أكدته دراسة لهيئة المنافسة ومنع الاحتكار في تقرير لها مؤخراً.
تموين دمشق: الأسعار تباع بشكل منطقي.. والرقابة استطاعت أن تعيد الأسعار قبل الارتفاع..
بالمقابل كان لمدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك فداء بدور رأي آخر حيث صرح مؤخراً، أن هناك ارتفاعاً طفيفاً على أسعار بعض السلع الغذائية خلال أول أيام شهر رمضان المبارك، نتيجة الطلب المتزايد عليها، "لكن دوريات الرقابة استطاعت أن تعيد السلع إلى أسعارها قبل الارتفاع، واستطاعت أيضاً أن تحقق استقراراً فيها".
وبيّن بدور أنه مع بداية شهر رمضان زاد الطلب على السلع الغذائية، رغم الاستمرار بتقديم السلل الغذائية، لافتاً إلى توافر السلع في الأسواق بوفرة.
وأوضح مدير تموين دمشق أن مؤسسات التدخل الإيجابي ساهمت في استقرار أسعار السلع، وخاصة مؤسسة الخزن والتسويق التي بدأت البيع للمواطنين بأسعار الجملة، منوهاً أن نسبة التدخل تصل إلى 35%.
وأشار بدور إلى أن بعض المنتجات الموسمية، المطروحة اليوم في الأسواق كالخيار والبندورة والبطيخ، تباع بأسعار "منطقية وطبيعية".

دخل المستهلك مكسور دائماً
بعد عرض السابق يبقى القول بأن رمضان هو شهر الكرم ولكن أصبح شهرا لكرم الأسعار حيث اعتاد المستهلك للأسف على ارتفاع الأسعار خلال هذا الشهر، دون أي مبرر اقتصادي أو منطقي لهذا الارتفاع، ولكن بمجرد اقتراب رمضان فإن الأسعار أوتوماتيكياً ترتفع، وبالطبع المستهلك بات لا يعلم كيف يدبر أموره اليومية والحياتية، ويبقى يضع الجدول الشهري للراتب وللمصاريف ويستمر في الضرب والتقسيم، إلا أن المعادلة لم تعد تعطي النتيجة المرجوة منها، فدائماً هناك كسر وفي كل شهر هناك دين وفي كل شهر هناك خسائر يتكبدها من دخله.