إجت الكهرباء.. ؟! المواطن ودوامة الصبر.. وبريق الأمل الكهربائي المنطفئ..يسأل: متى ستعود الكهرباء إلى طبيعتها؟..

إجت الكهرباء.. ؟! المواطن ودوامة الصبر.. وبريق الأمل الكهربائي المنطفئ..يسأل: متى ستعود الكهرباء إلى طبيعتها؟..

الأزمنة

الخميس، ١٠ يوليو ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
"إجت الكهرباء؟..."، ربما هذه العبارة تعتبر من أكثر الكلمات التي يذكرها المواطن في اليوم الواحد وربما في الدقيقة الواحدة، وعلى اختلاف الأعمار سواء الطفل الصغير أو الرجل أو المرأة، وأيضاً على اختلاف الأنشطة من عامل أو مدرس أو دكتور وحتى ربة المنزل، فحالياً الكهرباء زادت من ساعات ظلامها على المواطن، فهي أصبحت تفارق المنازل والشركات والمصانع لمدة 20 ساعة متواصلة وربما أكثر، وفي حال أتت الكهرباء وتمنّنت على المواطن، فهي تأتي كما يقال "مثل قلتها" فهي لا تشغل لا ثلاجة ولا مكنة صناعية أو مروحة ولا مكيف، بل فقط للإضاءة، وكما ذكرنا بلغت ساعات التقنين حالياً وخاصة في مناطق ريف دمشق نحو 20 ساعة، وتوقع المواطن أنه مع دخول رمضان سيكون هناك برنامج للتقنين خاص به سيتم وضعه من قبل وزارة الكهرباء، إلا أن ساعات التقنين زادت على المواطن بشكل كبير، وهذا ما أثر كثيراً على مجمل حياته اليومية.
بالطبع المواطن هنا وخاصة مع دخول رمضان واشتداد الحر، بات يبحث عن الطرق البديلة لتأمين الطاقة الكهربائية لقضاء حوائجه وللحصول على بعض البرودة، ولكن كانت معظم الحلول مكلفة للغاية بدءاً من المدخرات "البطاريات" ووصولاً إلى المولدات الكهربائية، فهو قد احتار مع احتراق الأسعار، وبات الظلام سيد الموقف لديه، وأصبح يعتاد على أمور جديدة من شأنها أن تملأ عليه وقته أثناء انقطاع التيار الكهربائي.

المدخرات للحصول على الضوء..
المواطن توجه لشراء البطاريات و"الليدات "للحصول على الإضاءة ليلاً، وبالطبع ذلك أدى إلى رفع الطلب عليها بشكل كبير مع تأرجح في أسعارها، فعملية الحصول على الضوء من بطارية صغيرة و"ليد" لا يتجاوز طوله المتر فقط يكلف المستهلك ما لا يقل عن 3500 إلى 4 آلاف ليرة، ولكن أيضاً أصبحت تصطدم بطول ساعات التقنين الكهربائي، حيث أنها لم تعد تشحن كثيراً مما يعرضها للنفاد السريع، وبالطبع المدخرات الخاصة بالسيارات كانت ملجأ هي الأخرى، حيث اتجه المواطن الذي لديه سيارة باستعمال بطارية سيارته في الحصول على الضوء ضمن منزله حيث قام بوصل شريط كهربائي إلى "الليدات" الموجودة في منزله وتغذيتها من بطارية السيارة.

المولدات: شكوك.. وأسعار ملتهبة..
أما المولدات فلم تكن أفضل حالاً بل زاد الطلب عليها رغم ارتفاع أسعارها وسوء تصنيعها، ولم يعد منزل يخلو من مولدة كهربائية، رغم ارتفاع أسعار البنزين والمازوت، وصعوبة الحصول عليهما، إلا أن هذا الحل كان مدرجاً ضمن الحلول التي اتبعها المواطن لمواجهة أزمة الكهرباء وأصبح المواطن في حال مرّ بأي شارع يحتاج إلى "سدادة أذنين" من شدة الضوضاء الصادرة من المولدات والتي تستمر حتى لما بعد منتصف الليل، وذكر مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مؤخراً، أن العديد من السلع تدخل إلى سورية من لبنان دون رسوم لافتاً إلى أن نسبتها تصل إلى 90%، مؤكداً على أن هناك شحنات كبيرة دخلت سورية تحمل مولدات كهربائية مشكوك بمنشئها..!

المستهلك تعرض لغبن تلف مؤونة الشتاء
وكما كان لأزمة الكهرباء أثر بالغ على حياة المواطن أيضاً كان لها أثر على الأسواق بشكل بالغ وعلى الصناعة وعلى التجارة وعلى أساليب الاستهلاك وعلى النظام اليومي للمستهلك، فحالياً تعرّض المستهلك إلى غبن كبير وخاصة من قام بتموين المواد الغذائية الخاصة بالشتاء من فول وبازلاء وغيرها من الخضار والفواكه، حيث تعرضت معظم هذه المواد إلى التلف بسرعة مع ارتفاع درجات الحرارة والساعات الطويلة في انقطاع التيار الكهربائي، كما تعرضت كميات ليست بقليلة من اللحوم الحمراء والبيضاء وكميات من الفروج إلى التلف نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وبات المستهلك يتعرض للغبن المادي من جهة، والغبن الصحي من جهة أخرى كونه يشتري سلعة مرتفعة الثمن وغير صالحة للاستهلاك البشري، وكان رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني حذر المستهلكين من مغبة الشراء العشوائي للسلع خلال شهر رمضان، وخاصة السلع والمواد الغذائية التي تباع على الأرصفة في الطرقات.
ومع دخول رمضان أصبح المستهلك لا يتجرأ على شراء المواد الغذائية التي تتعرض للتلف السريع مثل الألبان والأجبان والحليب، والفواكه والخضار التي تتلف بسرعة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود برودة في الثلاجات المنزلية أو ضمن محالات البقالة، مما أثر على الطلب رغم أن هذه المواد يرتفع الطلب عليها في رمضان وخاصة مع بدايته، إلا أن الكهرباء عكست الموازين وجعلت من الطلب على المواد الغذائية ذات التلف السريع قليلاً أو بكميات قليلة، في حين رفعت الطلب على المعلبات الأخرى التي لا تحتاج إلى تخزين في الثلاجات.

المواطن يتحايل.. برنامج التقنين زاد في سرقة الكهرباء
بالطبع برنامج التقنين الذي زاد بشكل مفاجئ في الآونة الأخيرة اعتمد حالياً وسابقا على قطع خط وتغذية خط آخر، وبالطبع ما لم يخطر على بال وزارة الكهرباء هو أن هذا الأمر دفع المستغلين إلى سرقة الكهرباء وتبديل الخطوط مما زاد التعديات على الشبكات الكهربائية بشكل كبير نتيجة فرض برنامج تقنين يقوم على قطع خط وتغذية خط مجاور له، وارتفع الطلب على الكابلات الكهربائية بسبب زيادة سرقة الكهرباء وعلى أعين الجميع دون أدنى محاسبة؟!.
أما الوسيلة الأوفر للحصول على الضوء فكان "الليد" الخاص بالهاتف الذي حافظ على أدائه طوال أزمة الكهرباء، مما زاد الضغط على مقاسم الهاتف وأدى ذلك في بعض الأحيان إلى نفاد مدخرات المقاسم، وانقطاع الاتصالات، حيث حافظ الليد على سعره وهو بين 150 و200 ليرة، ولكن المواطن لا يحتاج فقط إلى ضوء، بل يحتاج إلى كهرباء تقضي معظم حوائجه اليومية، وهناك من المواطنين اكتفى بشراء الشموع والشواحن العادية.

الكهرباء تعاكس حسابات الشباب..
بالطبع الكهرباء أثّرت على شريحة واسعة من الشباب وخاصة مع بدء مونديال كأس العالم، ودخول شهر رمضان الذي يشتهر بعرض سلة من المسلسلات والبرامج المنوعة، إلا أن الكهرباء لم تأتِ وفق حسابات الشباب، بل عاكست جميع الحسابات وأطالت بساعاتها كثيراً، مما دفع الكثير من المواطنين للتوجه إلى المقاهي لحضور مجريات كأس العالم أو حتى مشاهدة المسلسلات، كما دفع بشريحة ليست بقليلة إلى شراء المولدات الكهربائية في سبيل متابعة ما ذكرنا سابقاً.

الكهرباء والمياه..هل سيجتمعان؟
وكما هو معروف فإن الكهرباء تعتبر عصب الاقتصاد وبتوقفها يعني توقف العجلة الإنتاجية وغيرها من الخدمات، ويرتبط بالكهرباء العديد من العمليات الاقتصادية سواء الصناعية أو غيرها، كما أن العديد من الخدمات ترتبط بالكهرباء وأهمها مياه الشرب، حيث أن انقطاع التيار الكهربائي كما ذكرنا، أدى إلى حدوث أزمة مياه في بعض مناطق ريف دمشق خاصة، وبدأت عمليات الاستغلال والمتاجرة في مياه الشرب تنتشر للأسف، ولكن جابه ذلك المواطن من خلال شراء خزانات مياه كبيرة السعة يضعها على الأسطح أو أي مكان آخر ويقوم بتركيب مضخة مياه عليها، وبالطبع صاحَب ذلك ارتفاع الطلب على خزانات المياه سواء الحديدية أو البلاستيكية، مما رفع أسعارها لتبلغ ما بين 14 و16 ألف ليرة لخزان سعة  ألف ليتر، وسأل المواطن: متى ستتوفر المياه والكهرباء معاً؟..
غياب الكهرباء جعلت من جميع الآلات الصناعية والأدوات المنزلية في عداد الأموات، وكما ذكرت مؤسسة توزيع الكهرباء فإن خسائر الاقتصاد السوري بلغت نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بضعة مليارات الليرات، بالطبع الأرقام مهما كانت ضخمة فهي لا تعبر عن الخسائر الحقيقية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، حيث أدّى هذا الانقطاع إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى أغلب الصناعات وبالطبع تحمّل صاحب العمل مشقات كثيرة وصعوبات في تأمين الطاقة البديلة مثل السعي وراء الحصول على المازوت والبنزين من أجل تشغيل المولدات الكهربائية، وكل ذلك كان على حساب العمل وعلى الإنتاج وبالتالي على الأسواق وعلى الصناعة المحلية، وأخيراً على المستهلك النهائي للسلع.

المواطن يتكيف وينتظر الأمل الكهربائي
المواطن السوري يتميّز بميزة نادرة لا يمكن إيجادها لدى أغلب سكان الأرض، وهي قدرته على التكيف السريع والتعايش مع أحلك الظروف، فهو تعايش حالياً مع الانقطاع الطويل والمستمر للتيار الكهربائي، فأصبح يسأل نفسه عندما تأتي الكهرباء مستغرباً: "غريب لماذا أتت الكهرباء في هذا الوقت؟!"، فهو اعتاد على انقطاعها لساعات طويلة.
يبقى المواطن رغم أزمة الكهرباء التي طالت عليه منتظراً الأمل في عودتها إلى ما كانت عليه قبل عام كأقل الإيمان، فهو يتمنى أن يكون برنامج التقنين 8 ساعات انقطاع كما كان في العام الماضي، وفق ما أذكر، وهو يتابع بشوق وصبر كل التصريحات التي تدلي بها وزارة الكهرباء عن مصير برنامج التقنين الذي أصبح لا يطاق ولا يحتمل مع غياب العدالة في التوزيع بين المناطق نفسها،،..ما نود الإشارة إليه هو أنه على الرغم من قلة إنتاج الطاقة الكهربائية في سورية والتي بلغت نصف الكمية الملباة وفق رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي ينتظر المواطن عدالة التقنين وعدالة التوزيع، وينتظر مكافحة السرقة التي أصبحت تحت أعين المسؤولين عنها، ويطالب أن تكون الخدمة المقدمة من وزارة الكهرباء جيدة وليس مجرد خدمة، ومن ثم تطالب المواطن بدفع الفواتير، المواطن مازال ينتظر أن تعود بلاده منيرة، وغير مظلمة، فمتى يتحقق ذلك؟..
وكان وزير النفط والثروة المعدنية أوضح مؤخراً، أن الوزارة بدأت بإصلاح خط الغاز العربي الذي تسبب ببرنامج التقنين الحالي المفروض على المنطقة الجنوبية، في حين أكد مصدر في مؤسسة نقل الكهرباء في تصريح لأحد المواقع الإعلامية المحلية، على أن الكهرباء ربما تعود إلى ما كانت عليه سابقاً بعد 60 يوماً، وأنه نتيجة ارتفاع درجات الحرارة كثيراً أدّى ذلك إلى ضعف عملية الإنتاج، لافتاً إلى أنه كلما زادت درجات الحرارة انخفضت الاستطاعة على التوليد.