إجابات تائهة ما بين كسر حدة الأسعار عن طريق التدخّل الإيجابي وبين دخل المواطن.. والوساطات التجارية تأكل البيضة والتقشيرة

إجابات تائهة ما بين كسر حدة الأسعار عن طريق التدخّل الإيجابي وبين دخل المواطن.. والوساطات التجارية تأكل البيضة والتقشيرة

الأزمنة

الثلاثاء، ١ يوليو ٢٠١٤

السويداء- فريال أبو فخر firyal-af@hotmail.com
لم تنته حلقات مسلسل ارتفاع الأسعار التي عانى ويعاني منها المواطن السوري بشكل عام ومواطن السويداء بشكل خاص، الجميع يتساءل: وآخرتها مع هالأسعار؟.. متى سنتخلص من هذا الكابوس الذي بات يؤرقنا كل يوم!!. ليأتي الرد سريعاً من قبل فرع دائرة الخزن والتسويق في السويداء بطرح تشكيلة واسعة من الخضار والفواكه والمواد الغذائية ضمن معرض وخيمة للتسوق في مدينة السويداء وبأسعار منافسة لكسر أسعار السوق المحلية بحسب التصريحات، ولكن هل ساهم هذا التدخل الإيجابي من قبل دائرة الخزن بشكل إيجابي بالفعل؟.. تساؤل- يكاد للوهلة الأولى- تقليدي مع تكراره بشكل مستمر أثناء الأزمة التي دخلت عامها الرابع وعلى ما يبدو ما تزال الإجابة تائهة بين كسر حدة الأسعار لكافة السلع المطروحة ضمن هذه المعارض والتي لا تتجاوز فروقات الأسعار فيها العشرين ليرة سورية عن الأسواق المحلية، وبين دخل المواطن والذي لا يكفي زيادته 400% لكي يعود إلى ما كانت عليه حاله ما قبل الأزمة التي عصفت بنا.  
 
وسطاء تجاريون.. يأكلون البيضة والتقشيرة..
وعلى ما يبدو فإن الارتفاع غير المبرر في الأسعار بحاجة إلى مبادرات جادة وليس إلى تصريحات تكاد تكون في شكلها إيجابية نوعاً ما، أما باطنها فيحمل الكثير من الخذلان والإحباط واليأس للمواطن الذي أعيَته كثرة الشكوى للرأفة بحاله في ظل أسعار فاقت دخله أضعافاً مضاعفة ولسان حاله يقول: المشكلة في سعر السلعة بحد ذاته، وليس في إقامة المعارض والتي تساهم فقط بتخفيض سعر هذه السلعة من 15-20 ليرة سورية هذا المبلغ الذي أصبح لا يساوي شيئاً إن قاموا بتوفيره أو لم يوفروه!!. والمشكلة الأكبر هو بوجود الوسطاء التجاريين الذين يأكلون البيضة والتقشيرة بحيث تصل السلعة إلى المستهلك إلى ما يقارب الضعفين عن طريق شرائها من بائعي الجملة ومن ثم طرحها في الأسواق، لتعلو أصوات الكثيرين بالمطالبة بوضع الخطط من قبل القائمين على التدخّل الإيجابي بشراء هذه السلع من تجار الجملة وتوفيرها في كافة الصالات بعد إضافة هامش قليل من الربح، وإلغاء دور الوسيط الذي تتجاوز أرباحه الضعف عن كل سلعة دون أن يكلّف نفسه عناء التعب والجهد الذي يبذله الفلاح مثلاً في إنتاج هذه المادة أو المنتج، وهنا فقط يمكن أن نطلق على هذه المبادرات" التدخل الإيجابي" وهنا يمكن أن نقول بالفعل إن هناك معارض تساهم بكسر حدة أسعار الأسواق المحلية قولاً وفعلاً.
السعر يتضاعف ما بين المنتج والمستهلك
أمثلة على كل ما ذكرنا ساقها لنا أحد المواطنين الذي خبِر العمل بالمجال التسويقي من أسواق العاصمة دمشق إلى السويداء حيث عمل لفترة باستجرار كميات من الفواكه والخضار بالإضافة لمواد وحاجات ضرورية للاستهلاك اليومي وبيّن للأزمنة أن سعر كيلو الفواكه والخضار يتضاعف ما بين المنتج والمستهلك الذي يتحمّل وحده هذه الفروقات الهائلة المرهقة له ولدخله، مؤكداً أن هذه النتيجة طبيعية طالما أن هناك وساطات تجارية متسائلاً عن عدم محاربتها ومن المستفيد من إبقائها تتحكم بأسواقنا وبمواطننا وبمستهلكنا؟!!. وأضاف: لقد كنّا نأتي بكميات من مادة البندورة من سوق الهال (بسعر الجملة) 40 ل.س للكلغ؛ ليصل إلى المستهلك بـ 90 ل.س، ومثال آخر الفاصولياء من سوق الجملة كنا نشتريها بـ 60 ل.س بينما تصل إلى المستهلك بـ 130 ليرة سورية، والخيار من 60 ليصل إلى 120 ل.س للمستهلك، وهذه أمثلة محددة ويمكن أن تعممي هذه الفروقات على كافة السلع والحاجات الأساسية للمواطنين، ومن ناحية أخرى يعتبر سوق الهال الجديد المزمع إنشاؤه التي تنام إضبارته نومة أهل الكهف من المشاريع الهامة التي لم تنجز بعد بالرغم من مرور وقت طويل على البدء فيه، ما تزال الأتربة متراكمة على شوارعه التي لم تشق أصلاً، وما تزال أيضاً خطوط الصرف الصحي متوقفة بسبب عدم تمديدها، ونتيجة طبيعية أن لا تسلّم محاضره إلى المكتتبين.

لمَ لا نأتي بالمنتجات من حقول الفلاحين؟..
إذا كان هناك نيّة جادة بالفعل بالتدخل الإيجابي وذلك لتخفيف العبء على المواطن الذي اكتوى بنيران الأسعار يجب أولاً أن نأتي بالمنتجات من حقول الفلاحين والمنتجين الأساسيين لكافة المواد الاستهلاكية، وأن لا تمر هذه المنتجات بالعديد من الحلقات التجارية والوسطاء المستفيدين، هذا ما قاله لنا أحد المواطنين وتساءل: لماذا يصل كيلو العنب أو التفاح إلى أسعار خيالية مع أنهما منتجان محلّيان وتشتهر بهما محافظة السويداء، فمؤسسة الخزن والتسويق بفرعها الموجود بالسويداء وامتلاكها العديد من وسائل النقل ومنافذ البيع المنتشرة على ساحة المحافظة تستطيع من خلال كل هذا أن تقوم بهذه المهمة، والتي ستنعكس بشكل إيجابي على المواطن ودخله، وبهذا فقط نستطيع أن نساهم بكسر حدة الأسعار، وليس بإقامة المعارض المؤقتة التي يقوم بها فرع المؤسسة، ومع هذا لا نستطيع أن ننكر المبادرات التي يقوم بها للتدخل الإيجابي، ولكن هذا المجهود لو تم توظيفه بمجالات أخرى لكانت له منعكسات إيجابية أكثر على المواطنين.    

سأختار السعر الأعلى بالتأكيد إن كان حكومياً أو خاصاً..
جميع الذين التقيناهم طالبوا بضرورة الوقوف على حقيقة وفاعلية الدور التي تنهض به مؤسسات التدخل الإيجابي في محافظة السويداء بشكل فعلي وليس مجرد كلام وتصريحات، وتساءلوا عن مدى تلبية هذه المؤسسات لاحتياجات المستهلكين من المواد والسلع المختلفة، وتقدير متطلباتها من المنافذ الجديدة، وهل بالفعل تغني عن الأسواق المحلية، وبحسب أحد المواطنين: هناك عدم ثقة بالقطاع العام ويفضلون تلبية حاجاتهم من الأسواق المحلية، وبأن الشعارات الرنانة والطنانة التي يصرِّح بها المعنيون عن أن القطاع العام يشكل ضمانة للمواطن من خلال مساهمته في كسر الاحتكار وضبط أسعار الكثير من المواد، ما هي إلا مسكِّن لأوجاع المواطنين، فهم وإن قاموا بتخفيض بعض السلع، إلا أن هناك سلعاً أخرى يوازي سعرها الأسعار الموجودة في الأسواق ويزيد على ذلك أن المواد التي يتم شراؤها من الأسواق المحلية يتم اختيارها وانتقاؤها بعناية، فضلاً عن وجود الكثير من الأصناف والأنواع، بينما في مؤسسات الدولة فإنها تكون محصورة ضمن صنف أو صنفين وعلينا نحن المواطنين أن نختار ما بينهما، وأضاف: دائماً يصرّحون بأن دائرة الخزن والتسويق تشجع على استجرار الخضار والفواكه وخاصة المنتجات التي تشتهر بها محافظة السويداء من المصدر أو المنتج والمزارع مباشرة لطرحها في الصالات بدلاً من الشراء من التاجر الأمر الذي يؤدي فيما لو تم هذا الأمر إلى تخفيض الأسعار في الصالات بنحو 30% على الأقل من السوق المحلية لكون ارتفاع الأسعار وسبب الغلاء لجميع المواد الغذائية وغير الغذائية مرده إلى المصدر وارتفاع أجور النقل، ولكن ما الذي يحدث؟ الذي يحدث أن المزارع أو المنتج أو الفلاح تُعرض عليه أسعارٌ مضاعفة من قبل التجار والقطاع الخاص، ويتم دعمه عن قصد أو عن غير قصد من قبل القطاع الخاص لا القطاع الحكومي كما يقال ويُصرَّح به دائماً، وأنا كمزارع إذا جاء إلي أحدهم وطلب مني بيع محصولي بخمسين ل.س للكيلو الواحد، وأتاني مصدر آخر حكومي أو غير حكومي يريد أن يشتري سعر الكيلو بأربعين ل.س، فأنا بالتأكيد سوف أختار السعر الأعلى لتعويض تعبي وجهدي وكافة المستلزمات التي قمت بدفعها، لكي أرد جزءاً ولو قليلاً مما دفعته لكي أستطيع الاستمرار بالعملية الإنتاجية كوني أعتمد فقط على هذه الأرض في تأمين دخلي.

بصدد البحث عن أماكن مناسبة لإحداثها
هناك ازدحام واضح كما ترين، وحبذا لو تواجد مثل هذه الخيمة في جميع المناطق وخاصة في الأرياف وخصوصاً أن هناك الكثير من أبناء المناطق الأخرى لا يستطيعون الوصول إلى هنا بسبب التكاليف المادية وأجور النقل، هذا ما قاله أحدهم للأزمنة، مضيفاً أن فرع المؤسسة العامة للخزن والتسويق في السويداء كان قد أعلن أن العمل جار لفتح صالات بيع إضافية في بعض المناطق التي تشهد حركة وكثافة سكانية ولاسيما في مناطق قنوات وشهبا والقريا وذلك لتعزيز دور المؤسسة في التدخل الإيجابي، وأنهم بصدد البحث عن أماكن مناسبة لإحداثها، وعندما تتواجد مثل هذه الأماكن وفتح مزيد من الصالات فإنهم بالتأكيد سوف يطلبون مزيداً من العمال لإتاحة المجال أمام البعض للحصول على وظيفة مناسبة لهم، وتساءل: أين أصبحت كل تلك الوعود؟  لنحمل كل هذه التساؤلات لمدير فرع الخزن والتسويق في السويداء والذي أكد أنهم يعانون من مشكلة عدم توسيع ملاكات الفرع الذي يعاني نقصاً في الأيدي العاملة عموماً وانعكس بدوره على طبيعة العمل وخاصة في مواسم استقبال المحاصيل من التفاح والأجاص وغيرها من المواسم، كما وأضاف أيضاً أن الصالات هي الأخرى تعاني نقصاً شديداً في اليد العاملة من عمال عتالة إلى عمال تنظيف وعمال تنسيق وتوضيب وهذا ما يدفع الفرع إلى السعي إلى التعاقد مع المؤقّتين بشكل يومي أو شهري وحسب الحاجة، كما ويسعى الفرع دائماً إلى إقامة وفتح منافذ بيع في جميع الوحدات الإدارية-حسب الحاجة- كما ويتم تزويد هذه الوحدات بالمواد الغذائية اللازمة وخاصة السكر. وبالنسبة لمحصول التفاح والعمل على استجراره من قبل المنتج (الفلاح) ولماذا يعمد الفرع إلى رفع أسعار هذا المحصول مع أنه منتج محلي أجابنا: يقوم الفرع برفع سعر محصول التفاح الذي يستجره من المزارعين بما يتناسب مع الأسعار الرائجة في الأسواق بهدف تأمين حاجة المؤسسة من التفاح لأن الكميات الواردة إليها في معظم الأحيان قليلة، ويصنّف السعر حسب النوعية والتي تتوزع ما بين النوع الثالث فالثاني فالأول، ويقوم فرع المؤسسة دائماً بدعوة الإخوة المزارعين إلى توريد محصولهم إلى الفرع وهو على استعداد تام لاستلام أصناف التفاح كلها حيث 24 غرفة تبريد جاهزة لاستلام الكميات المورّدة.

تخزين المواد بعيداً عن غرف التبريد من المنظفات
وبهدف توسيع عمل الفرع والسعي إلى تأمين جميع احتياجات المواطنين أوضح مدير الفرع أنهم دائماً يعملون على مخاطبة الإدارة المركزية للموافقة على بناء مزيد من الهنكارات التخزينية بمواصفات عالية، وذلك لتخزين المواد بعيداً عن غرف التبريد من المنظفات والمعلبات والسكر التي تحتاج فقط إلى تهوية وتخزين نظامي، كما يقوم الفرع دائماً بتخفيض أسعار المواد، كما وأن هناك خدمات أخرى يقدمها الفرع كالسعي دائماً إلى تزويد الصالات باللحوم المجمدة وبأسعار جيدة بعد أن كان عملُ الفرع محصوراً بتزويد اللحوم للمشافي مباشرة، هذا مع التأكيد أن هناك إقبالاً جيداً جداً على هذه الأصناف كما أن الفرع جرى وعْده من الإدارة بتزويده بمادة الفروج المجمّد، أما ما يتعلق بالخضار والفواكه فقد ساهم الفرع بفترة من الفترات بتأمينها ضمن صالاته؛ ولكن عدم استقرار الأسعار والغلاء الفاحش بسبب التكلفة للمزروعات بأرضها حال دون ذلك، فضلاً عن الوضع الأمني الذي حال دون وصول جميع المواسم إلى الصالات وقلّل من تدخّل الفرع وخاصة مع عدم تعاون مزارعي السويداء مع الصالات رغم العروض الجيدة والسخية.. وطالب المواطن التفاعل مع الصالات ومساعدتها على نجاح عملها لأنها سبيله الوحيد والأمثل على التعاون بعد أن ثبت بأن القطاع العام هو القطاع الفعال والداعم للمواطن بعيداً عن ابتزاز واحتكار وسمسرة التجار.