الإجراءات الحكومية على حالها في الإعلام فقط!!.. للعام الرابع تجّار الحرب يأخذون ضريبة من الصائم قبل وخلال وبعد رمضان

الإجراءات الحكومية على حالها في الإعلام فقط!!.. للعام الرابع تجّار الحرب يأخذون ضريبة من الصائم قبل وخلال وبعد رمضان

الأزمنة

الاثنين، ٣٠ يونيو ٢٠١٤

*أحمد سليمان

للسنة الرابعة على التوالي يحل شهر الصيام على السوريين وهم يحاولون تمرير طقوس هذا الشهر وكأنها قبل أيام الأزمة، في محاولة منهم لتفادي منعكسات الأزمة والحرب التي تعيشها بلادهم على كافة الصعد.. لكن!!، لا شهر الصيام هو شهر صيام حقيقي كما ألفوه على مدى العقود الماضية، ولا الطقوس هي، ولا قدراتهم المالية هي، رغم توفر قدر كبير من السلع والاحتياجات، ما دفعهم وبشكل تنازلي إلى التخلي عاماً بعد عام عن تلبية الكثير من طقوس واحتياجات هذا الشهر حتى غدا الصيام عبئاً على حياتهم لا يستطيعون القيام بأعبائه على أكمل وجه، أو كما كانوا يألفون.

ليست كما يجب
إذا كان هذا حال المواطنين العاديين وما وصلوا إليه، فإن هذا كان نتيجة طبيعية للحرب التي تخاض عليهم وعلى دولتهم، مؤسساتها ومقدراتها وقطاعاتها الاقتصادية والخدمية والتنموية بأدواتها الخارجية كالعقوبات والحصار وأدواته الداخلية من المتاجرين بلقمة عيش المواطن- وما أكثرهم-؛ إلا أن قدرات الدولة على إيجاد الحلول لهذه المنعكسات ليست كما يجب في ظل انتقال هذه الحرب من مكان إلى آخر، فليس وصول الدولة بمقدراتها ودعمها وسلعها وأدواتها الرقابية إلى كل الأماكن بالأمر السهل مع وجود ظروف أمنية تمنع ذلك ما يحتم البحث عن أدوات أكثر نجاعة ليتمكن المواطن من الحصول في كل الظروف على الخدمات التي تقدمها الدولة وليس خلال هذه الفترة التي تعد ضرورية ليشعر المواطن بشيء من أمان غذائه واحتياجاته في هذا الشهر.
 
ظروف موضوعية
فالحرب التي تُخاض على الأرض السورية ومع التدمير الممنهج للقدرات الإنتاجية أدى إلى انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي، وتعرّض قطاع الصناعات الاستخراجية والتحويلية لأضرار هائلة- حسب باحثين- وهذا ما حدث أيضاً لقطاعات التجارة والاتصالات والبناء إلى جانب انتشار الفقر بين شرائح المجتمع السوري وتغلغله في الطبقات الأكثر فقراً، حيث تشير تقديرات المركز السوري لبحوث السياسات أن من بين كل أربعة مواطنين سوريين هناك ثلاثة فقراء، كما أن البيانات تشير إلى أن أكثر من نصف السكان، يعيشون في حالة الفقر الشديد، حيث لا يستطيعون تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية إلى جانب ارتفاع معدل البطالة ليلامس نصف القادرين على العمل مع ارتفاع معدل الإعالة الاقتصادية إلى نحو ثلاثة أضعاف ما كان قبل الأزمة وارتفاع معدل التضخم نحو 173 حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية ما يشكل عبئاً كبيراً يتحمّله المواطن لجهة قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية الغذائية أو غير الغذائية.

دراماتيكياً
 وقبل أن يبدأ الشهر بدأت الكثير من المنتجات وخاصة السلع التي يحتاجها المواطن في هذا الشهر تشهد صعوداً دراماتيكياً في محاولة من تجارها لسحب ما تبقى من رمق في جيوب السوريين وأخذ ضريبة صيام الصائمين قبل أن يبدؤوا شهر الصيام رغم أنهم مستمرون باقتصاص هذه الضريبة أثناء وبعد هذا الشهر، ليضاف هؤلاء إلى قائمة الإرهاب والإرهابيين وإن لم يكن لديهم سلاح قتل مباشر لكنهم بذلك يملكون سلاح تجويع وإفقار وهو أشد فتكاً.
 نوايا طيبة!!
 وإن كنا لن نفترض سوء النية في كل ما يعلن أو تريد الحكومة أن تعلمه للمواطنين وخاصة فيما يتعلق بتشديد الرقابة على منافذ ومحال البيع المباشر وغير المباشر والتقيّد بالأسعار وعدم رفعها وتوفير الكميات الكافية من السلع والمنتجات من خلال منافذها أو بتسهيلات للتجار والمنتجين والمستوردين لطرحها في السوق والتشديد على عملية الاحتكار، فإن ما تعلنه يجب أن يترافق مع أدوات تنفيذ حقيقية يلمسها المواطن مباشرة كي لا ندخل في مساحة سوء النية.

 خطة لكن؟؟!
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أعلنت عن خطة متكاملة لمتابعة الأسواق خلال شهر رمضان، إذ وجهت مديريات التجارة الداخلية في المحافظات لتكثيف حملات الرقابة على الأسواق بشكل منظم، برئاسة مدير التجارة في المحافظة، بحيث يتم تنظيم المراقبين في مجموعات عمل مع الطلب من المديريات في المحافظات سحب العينات ومراقبة الأسعار والمستودعات، للتأكد من سلامة المواد الغذائية في الأسواق ولضبط أسعارها، إلى جانب الدور الذي تقوم به مؤسسات التدخّل الإيجابي من الخزن والتسويق، والاستهلاكية وسندس لجهة توفير المواد الغذائية قبل حلول شهر رمضان وأسعار منافسة ومنخفضة، وذلك لمنع ارتفاع الأسعار مع دخول شهر رمضان؛ مع التأكيد على ضرورة ضخ كميات من المواد الغذائية في صالات المؤسسات لتوفير حاجات المستهلكين، بالإضافة إلى ما ذكرته الوزارة الشقيقة وهي الاقتصاد والتجارة الخارجية عن وصول كميات كبيرة من المواد الغذائية المختلفة إلى مرفأي اللاذقية وطرطوس ليتم طرحها في الأسواق لتأمين احتياجات المواطنين في رمضان وضمان عدم ارتفاع الأسعار.

 على عيني
 إن كل ما ذكرته الوزارة كما يقال (على العين والرأس) لكن ما يثير التساؤل هل الدولة قادرة على ضبط هذه الأسواق بأدواتها الرقابية، أي دوريات حماية المستهلك التي تشكو من السمعة السيئة سابقاً عندما كانت الدولة حاضرة وموجودة في كل أماكنها قبل الأزمة فكيف هو الحال الآن؟!!. إلى جانب قدرات الدولة والوزارة ومؤسساتها التي كانت تغطي في فترة ما قبل الأزمة ما بين 10 إلى 15 بالمئة من احتياجات السوريين فكيف لها الآن أن تغطي احتياجات المواطنين الذين يعاني 6 ملايين منهم من ظروف التهجير.

تمنيات التجارة
 وإن كان على غرف التجارة التي تعد المظلة القانونية للتجار التي عليها، القيام بواجبها الوطني؛ فإن غرفة تجارة دمشق قد أهابت بتجار المواد الغذائية لتوفير المواد الرئيسة والعمل على بيعها بالأسعار المعتادة خلال شهر رمضان في بيان أصدرته بمناسبة شهر الصيام. إذ اعتبرت ومن باب التمني "أن توفير التجار للمواد الغذائية يُشعر المواطن أنه يعيش حالة من التلاحم الوطني والتراحم الأخوي لأبناء شعب واحد الجميع فيه مسؤولون عن استقرار الأسعار وتأمين المواد وضمان جودتها وتسهيل وصولها للمستهلك بالسعر المقبول"؛ لتجدد ثقتها بأن شهر رمضان سيكون مناسبة للتعاون والتعاضد والحرص على إظهار الغيرية والأخوّة والمواطنة التي هي أهم ركائز مجتمعنا السوري، متمنية أن يكون شهر رمضان هذا العام بداية الفرج وعودة الاستقرار وتحقيق الأمن والأمان.

لا مهرجانات تسوّق
 وفيما كانت أكثر من جهة أعلنت قبل رمضان الماضي عن إقامة مهرجانات وفعاليات للتسوق لاحتياجات شهر الصيام يبدو أن هذا العام لم تقدم أي جهة على إقامة هذا المهرجان في ظل الجمود الذي يسيطر على الأسواق وارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن، حيث يبدو أن هذه الجهات تعلم أنها لن تنجح في تحقيق أي مردود أو عائد في حين يعيش المستهلك حالياً على أمل أن يكون- حسب عدنان دخاخني رئيس جمعية حماية المستهلك- هناك تحرك إيجابي من قبل الحكومة من أجل خفض الأسعار، مع حلول شهر رمضان ليشير إلى أن هناك تخوفاً من قبل المستهلكين من ارتفاع للأسعار خلال هذا الشهر ما يتطلب من الدولة بأجهزتها أن تؤدي دورها المنوط بها وخاصة عبر مؤسساتها لضخ سلع بأسعار منافسة وحقيقية ضمن صالاتها مع تشديد الرقابة وقيام غرف التجارة بدورها في تنبيه التجار، وهو ما قامت به ممثلة بغرفة تجارة دمشق عبر البيان فقط!!.
 
آمال في عهدة الحكومة
 وإن لم يكن لدى الدولة من إجراء سابق على المدى البعيد عبر تشجيع القطاعات الإنتاجية وتوفير وسائل وظروف العمل المناسبة لتُلمس نتائجه عبر عرض كبير من المنتجات يوفر تشكيلة من السلع ويخفض الأسعار، فإنها في هذا الشهر يمكنها على المدى القصير تفعيل أدواتها المختلفة لكبح جماح تحكّم الحلقات الوسيطة ومنها حلقة النقل والطمع الذي يلف من يعملون في هذا القطاع ما زاد من تكلفة المنتج النهائي قبل وصوله إلى المستهلكين والعمل لوقف استنزاف قدرة المواطن الشرائية عند من تبقّى لديهم القدرة، والقيام بعقوبات أكثر من رادعة بحق هؤلاء ولتكن على الملأ وإصدار اللائحة السوداء للتشهير بهؤلاء المتاجرين بلقمة العيش.
 على كل لا تبدو الصورة كما يجب في رمضان هذا العام، والسوريون يتضاءل دخلهم وتضيق سبُل عيشهم آملين بإجراء حكومي ولو لجزء منهم (موظفي الدولة) عبر زيادة على الراتب أو منحة يمكن أن تسدّ بعضاً من الأبواب المفتوحة على عيشهم الضيّق.. فهل تفعلها الحكومة وتعيد جزءاً من بسمة السوريين؟!!