من رفَع الأسعار؟.. ضعْف الرقابة.. أم ضمير بعض التجار؟

من رفَع الأسعار؟.. ضعْف الرقابة.. أم ضمير بعض التجار؟

الأزمنة

السبت، ١٤ يونيو ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
أشار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين في أحد تصريحاته عن سبب ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، بأن فوضى الأسواق ليس خطأ دوريات الرقابة التموينية، بل من ضمير التجار الذين يستغلون المواطن، ويقومون بمضاعفة الأسعار واحتكار بعض المواد الغذائية بحجة الظروف الراهنة.
ووفقاً لهذا التصريح فإن ارتفاع الأسعار ليس له علاقة بالرقابة سواء أكانت شديدة أم ضعيفة، ولكن السبب الرئيسي في ذلك هو ضمير المستغلين والمحتكرين الذين يقومون بمضاعفة الأسعار على هواهم. وهنا لابد من طرح سؤال حيال هذا الأمر: هل التاجر المستغل هو من رفع الأسعار أم ضعف الرقابة التموينية هي التي دفعت هذا النوع من التجار لرفع الأسعار؟.. وعلى من يقع اللوم؟.

دباس: بائع المفرق سبب ارتفاع الأسعار والرقابة تقوم بواجبها
رئيس اتحاد حرفيي دمشق مروان دباس أوضح في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن بائع المفرق هو الذي يتحكم بأسعار السلع في الأسواق، مشيراً إلى أن فروق الأسعار لنفس السلعة بين بائع مفرق وبائع آخر هو الدليل على ذلك. ولفت دباس إلى أن تجار الجملة يقومون بالبيع ضمن سعر محدد، وهو واحد لمختلف تجار المفرق في حين أن ذلك يختلف بين تجار المفرق الذين يسعّرون السلع على هواهم ومزاجهم وبأسعار غير معقولة، فهم من يرفعون الأسعار. وبالنسبة للدور الرقابي وما أشار إليه وزير التجارة الداخلية بأن فوضى الأسعار ليس خطأ دوريات الرقابة قال دباس: "تموين دمشق سطّر خلال شهر واحد نحو 4500 ضبط تمويني، فماذا ستفعل الجهات الرقابية أكثر من ذلك حيال التجار المخالفين؟"، لافتاً إلى أهمية تشديد العقوبات على التجار المخالفين، حيث أن بائع المفرق لم تعد "تفرق" معه المخالفة وغرامتها، فهو يربح 30 ألف ليرة يومياً ولن يضرّه إن دفع 3 آلاف ليرة كمخالفة تموينية. وأكد رئيس اتحاد حرفيي دمشق، أن هناك خطأً في عملية سير الضبوط التموينية، حيث أن الضبوط التموينية تذهب إلى القضاء ويصبح هناك مماطلة وأخذ ورد.. في حين يجب أن يتم ضبط المستغل وتحويله مباشرة إلى السجن في حال كانت مخالفته جسيمة كثيراً.. واستغرب دباس من بائع المفرق الذي كان يربح قبل الأزمة ألف ليرة في يوم واحد ويرضى بذلك، في حين حالياً لا يشبع أبداً ويحاول أن يستغل المستهلك ليربح 30 ألف ليرة.
وعن مدى تعاون اتحاد حرفيي دمشق مع وزارة التجارة الداخلية في الرقابة على الأسواق وهل باشر الاتحاد بمشاركة الفرق التموينية في جولاتها على الأسواق، أوضح دباس أنه يوجد اتصال يومي بين الاتحاد ومديرية التجارة الداخلية في دمشق، من أجل التزوّد بالمعلومات حيال المخالفات، لافتاً إلى أن هناك تعاوناً مستمراً بين الطرفين، ولم يشارك الاتحاد حتى الآن ضمن الجولات الرقابية التي ينفذها التموين على الأسواق.

خبير: عوامل عدة دفعت الأسعار للارتفاع.. وبائع المفرّق لا تأثير له
خبير اقتصادي فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح لـ"الأزمنة"، أن ارتفاع الأسعار بطبيعة الحال كان نتيجة مجموعة من العوامل المتراكمة حالياً وسابقاً، فالأزمة الراهنة، كان لها تأثير كبير على الأسواق سواء من حيث وفرة المواد وتوقف الإنتاج المحلي والاعتماد على الاستيراد الذي يعتمد بدوره على القطع الأجنبي الذي أخذ يتأرجح وارتفع ثلاثة أضعاف عمّا كان عليه سابقاً قبل الأزمة، عدا عن رفع أسعار المشتقات النفطية من مازوت وفيول وبنزين وكهرباء، فكل هذه العوامل وغيرها أدت بمقتضى الحالة لارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية وغيرها من الخدمات.
ولفت الخبير إلى أن بائع المفرق لعب دوراً في رفع الأسعار، ولكن ليس بدور كبير فهو يؤثر على فئة استهلاكية صغيرة، إلا أن تاجر الجملة كان له دور أكبر في رفع الأسعار كونه هو من يصنّع ويستورد، وكانت العديد من التقارير الصحفية أشارت سابقاً إلى أن بعض المستوردين يحصلون على أرباح مضاعفة من استيراد السلع والمواد، وبالطبع بائع الجملة يؤثر على السوق بجملته فهو مَن يحتكر وهو من يستغل إن أراد وهو من يرفع هامش ربحه أو يخفضه وفق مزاجه، في حين إن بائع المفرق في حال رفع سعر سلعة معينة فإن المستهلك سيتركه ويذهب إلى الأرخص، أي إن هناك احتمالات أمام المستهلك، في الوقت فإن بائع المفرق لا توجد لديه احتمالات؛ فهو ملزم بالأخذ من تاجر الجملة.
وبالنسبة للرقابة التموينية أوضح الخبير أن تحرير الأسعار كان له أثر على الأسواق وخاصة في الظروف الحالية، والحكومة حالياً توجهت لتقييد معظم السلع والمواد ووضع هوامش ربح محددة لها، وهذه العملية جاءت متأخرة في ظل الأزمة الراهنة، وعملية الانتقال من التحرير إلى التقييد أحدثت فوضى في الأسعار، وبالطبع المسؤولية تتحملها الحكومة في ذلك، كونها هي المسؤولة عن المستهلك وعن الأسواق وعن تلبية جميع متطلباته، فهي لم تضرب بيد من حديد، والرقابة كانت ضعيفة على الأسواق سابقاً، وبدأنا نلمس الرقابة حالياً على الأسواق منذ بدء عام 2014، في حين كانت سابقاً ضعيفة جداً، حتى على صالات التدخل الإيجابي، فوزارة التجارة تتحمل ضعف الرقابة سابقاً، وآلية العمل الرقابية لدينا ضعيفة جداً، فيوجد نقص في عدد المراقبين، فتموين دمشق لا يملك سوى 45 مراقباً بينما هو يحتاج إلى 500 مراقب، والأسواق لدينا واسعة والسلع كثيرة، والمستهلك لدينا لا يملك ثقافة الشكوى، وبالتالي مجموع هذه العوامل أدت إلى رفع الأسعار، فكل طرف يحمل المسؤولية ولكن المسؤولية الأكبر تحملها الحكومة، فهي يجب أن تضبط عملية الاستيراد وتتحقق من هوامش ربح التجار والمستوردين، وهي يجب أن تضبط الأسواق وهي يجب أن توعِّي المستهلك لكي يشتكي وهي من يجب أن تزود الجهات التموينية بالعناصر الرقابية، وبالطبع المهام السابقة صعبة حالياً وهي تحتاج إلى تعاون مختلف الأطراف مع الحكومة، كالغرف التجارية والصناعية، مع أهمية مكافحة الفساد في شتى مفاصل العمل.

الحكومة مسؤولة.. ويجب التعاون
بعد عرض السابق يبقى القول بأن الحكومة هي المسؤولة عن ضبط الأسواق كما ذكر الخبير، وهي ساعدت على رفع الأسعار من خلال قرارات رفع الضرائب ورفع أسعار المشتقات النفطية دون دعم الإنتاج المحلي، وهي المسؤولة عن رقابة الأسعار ورقابة التجار والمستوردين، وبالطبع لا ننسى أن الظروف الحالية هي من دفعت الحكومة لاتخاذ الخطوات السابقة من رفع الضرائب وأسعار المشتقات النفطية، ولكن أيضاً تلاعب التجار والبائعين بالأسعار يعتبر تقصيراً من الجهات الرقابية، بغض النظر عن مدى توفر مراقبين من عدمه، وبالطبع التعاون خير وسيلة لضبط الأسواق والتدقيق على المستوردين والمنتجين يعتبر بداية ضبط الأسعار في الأسواق، كونهم الموردين للسلع في الأسواق، والتدخل الإيجابي وسيلة هامة في خفض الأسعار، فعندما يتم ضخ السلع بأسعار منافسة فهذا ينعكس على أسعارها في الأسواق، لذا نؤكد على أهمية تشديد الرقابة على جميع الحلقات التجارية من حيث تداولها للفواتير الصحيحة وتعزيز ثقافة الشكوى لدى المستهلك، وتزويد الجهات الرقابية بمراقبين مؤهلين.