أسعار مواد "المونة" تتضاعف 100%.. موسم "المونة".. إقبال ضعيف والمستهلك يغيِّر عاداته

أسعار مواد "المونة" تتضاعف 100%.. موسم "المونة".. إقبال ضعيف والمستهلك يغيِّر عاداته

الأزمنة

الاثنين، ٩ يونيو ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
يواجه المستهلكون حالياً تحديات مالية كبيرة وخاصة أنهم يعاصرون موسم مونة الشتاء، وسيواجهون أيضاً رمضان، والمدارس عمّا قريب.
بالطبع الأسعار كعاداتها لم تعرف الانخفاض بل تعلمت الارتفاع فقط في أسواقنا، والغريب في الأمر أن أسعار مواد "المونة" الشتوية قفزت في فترة قصيرة بشكل مخيف، مقارنة مع الموسم خلال العام الماضي، فمثلاً كيلو البازلاء لم يتجاوز خلال العام الماضي 100 ليرة، حالياً تراوح ما بين 175 و200 ليرة، عدا عن أسعار الفول وبعض أنواع الخضار والفواكه أيضاً.
ولا ننسى أن موسم "المونة" تأثر حالياً وخاصة مع أزمة الكهرباء التي نعيشها، حيث بلغ عدد ساعات التقنين الكهربائي أكثر من 16 ساعة، وهذا يعتبر تحسناً عمّا كانت عليه سابقاً حيث كانت مدة قطع الكهرباء تصل لنحو 20 ساعة في اليوم الواحد، وبالطبع انقطاع التيار الكهربائي لعب دوراً بارزاً في التأثير على موسم "المونة" وخاصة أن درجات الحرارة في ارتفاع، وأن "المونة" قد تتعرض للتلف نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
البائعون حالياً لديهم حججهم لرفع الأسعار وكأن البازلاء والفول تسعّران وفقاً سعر الدولار في السوق السوداء، حتى بات فارق الأسعار لنفس السلعة بين بائع خضار وآخر واضحاً وكبيراً مما يثير تساؤلاً مفاده: من الذي يتحكم بأسعار المواد الغذائية؟..والسؤال الأهم هو كيف واجه المستهلك موسم "المونة" رغم كل المنغِّصات التي تواجه الموسم وتواجه المستهلك أيضاً؟.. وهل حافظت الأسَر على نفس الكمية التي كانت تشتريها في الأعوام السابقة أم طرأ عليها تغيّر؟.. وما الدور الذي لعبته الجهات الرقابية لضبط أسعار مواد "المونة"؟..

جمعية حماية المستهلك: المستهلك غيّر عاداته
رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عدنان دخاخني أوضح في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن العادات الاستهلاكية لدى المستهلك تغيّرت حالياً في ظل الأزمات التي تمر عليه وآخرها الكهرباء، حيث توجه المستهلك إلى أساليب الأجداد وبدأ يقوم بتجفيف "المونة" بدلاً من وضعها في الثلاجات، مشيراً إلى أن الحفظ الذي يعتمد على الكهرباء لم يعد مناسباً حالياً في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.
وأوضح أن الحفظ ضمن الثلاجات أيضاً من شأنه أن يفقد "المونة" قيمتها الغذائية، في حين التجفيف يحافظ على جميع القيمة الغذائية للمواد "المونة".
ولفت إلى أن قدرة المستهلك حالياً انخفضت كثيراً من حيث شراء "المونة"، حيث يكلف كيلو البازلاء نحو 500 ليرة مفصصاً، وأصبح كيلو الباذنجان بـ150 ليرة والجزر الذي كان يباع بـ20 ليرة أصبح حالياً يتراوح ما بين 125 و150 ليرة.
وأشار إلى أن هناك الكثير من المواد يتجه المستهلك لتموينها ولكن مع ارتفاع الأسعار لن يستطيع تموينها سواء الملوخية، والثوم والبازلاء والفول، والباذنجان والبندورة والخيار وأيضاً بعض أصناف الفواكه، مؤكداً على أن أسعار مواد "المونة" أصبحت عالية جداً، مع وجود تفاوت كبير في أسعار نفس السلعة بين بائع خضار وآخر بنسبة تصل إلى 25%، مما يؤكد على أن الحلقة الأخيرة من التجار "بائعي المفرق" هم من يتحكّمون بأسعار السلع الاستهلاكية ويتحكمون بلقمة المستهلك.
ولفت إلى أن الإقبال على موسم "المونة" الحالي يعتبر ضعيفاً جداً مقارنة مع المواسم الأخرى نتيجة للعوامل السابقة، كما أن نفاد المواد في الأسواق قليل، حيث لجأ المستهلك للترشيد في استهلاكه، مشيراً إلى أن المستهلك يواجه واقعاً مادياً أليماً يحتاج إلى معالجة من الجهات صاحبة الشأن.
ونوّه إلى أن الجمعية قامت برفع كتاب إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك طالبت فيه بتوفير سلّة غذائية لذوي الدخل المحدود توزع له في شهر رمضان المبارك، بأسعار مدعومة بحيث تحتوي على مواد أساسية مثل البقوليات من فول وحمص وأرز وسكر وغيرها من المواد، وتوزع بموجب البطاقة العائلية.
وبالنسبة للتكلفة المادية لهذا الاقتراح قال دخاخني: "الحكومة تستطيع التحمل من أجل دعم ذوي الدخل المحدود وهي المسؤولة عن تأمين حاجيات المواطن".

تضاعف أسعار "المونة" بنسبة فاقت 100%..
وشهدت أسعار مواد "المونة" ارتفاعاً ملحوظاً، وخاصة خلال الفترة الأخيرة، حيث تراوح سعر كيلو البازلاء ما بين 175 و200 ليرة بقشره، في حين بلغ سعره مفصصاً نحو 350 ليرة للكيلو، مع الإشارة إلى أن سعره خلال العام الماضي كان لا يتجاوز 200 ليرة وسعر كيلو البازلاء بقشره ما بين 70 و80 ليرة، وكان في عام 2012 يتراوح ما بين 35 و40 ليرة، أما الفول فنفس المصاب حيث ارتفعت أسعاره أيضاً مقترباً من سعر البازلاء، وكان سعره خلال العام الماضي، نحو 65 ليرة للكيلو، وفي عام 2012 كان بـ 15 ليرة فقط، أما الفاصوليا فارتفع سعرها حالياً، وفي حال أقدمت الأسرة على التموين فإن ذلك سيكلفها ما لا يقل عن 5 آلاف ليرة وبالطبع كنصف الكمية التي كانت تموّنها خلال الأعوام السابقة كون الأسعار تضاعفت بنسبة تجاوزت 100%، حيث أن الذي كان يموّن 10 كيلوات أصبح يموّن نصف الكمية أو أقل.

مدير حماية المستهلك: قلة العرض السبب في ارتفاع أسعار مواد "المونة"
وعن سبب ارتفاع أسعار مواد "المونة" حالياً، أوضح مدير مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية باسل الطحان في تصريحه لـ"الأزمنة"، أن أسعار مواد "المونة" ارتفعت منذ شهر إلى الآن وذلك لقلة العرض في الأسواق، حيث أن العرض والطلب هو من يحدد سعر المواد، لافتاً إلى أن كميات مواد "المونة" حالياً قليلة لذا فإن أسعارها مرتفعة.
وعن دور الرقابة التموينية في مراقبة أسواق مواد "المونة"، أوضح الطحان، أن دوريات التموين تجري دوريات يومية على الأسواق بما فيها أسواق "المونة" لمراقبة كل المواد وخاصة مواد الحاجة اليومية، لافتاً إلى أن نتائج الرقابة على الأسواق كانت جيدة.
وأشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية ستشدد من حملاتها التموينية على الأسواق خلال شهر رمضان.
أحد المتابعين لفت إلى أن الحالة المادية أصبحت صعبة جداً لدى معظم المستهلكين وخاصة أن العديد منهم فقدوا أعمالهم، لافتاً إلى أن "المونة" أصبحت من الكماليات لدى معظم الأسر ولم تعد تلتفت إليها حالياً كونها تشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانياتها، وفي حال أرادت أن تخزن بعض المواد الغذائية للشتاء فإن ذلك سيقتصر على كميات ضئيلة جداً مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث أن معظم الأسر حالياً تواجه ارتفاعاً في أسعار معظم السلع الأساسية والخدمات وأجور النقل والأطباء والأدوية والفواتير وغيرها، وبطبيعة الحال لم يكن دخل الأسرة يكفي سابقاً فكيف سيكفي حاليا لشراء "المونة"، إلا إذا ادخرت لهذه العملية وأعتقد أنها لم تستطع الادخار في ظل ضعف دخلها وقدرتها الشرائية.
وأشار إلى أهمية أن يكون هناك تدخّل من قبل مؤسسات التدخّل الإيجابي في هذا الموسم لطرح مواد "المونة" بأسعار منافسة ضمن صالاتها، لافتاً إلى أن على الحكومة أن تجد حلاً لضعف القدرة الشرائية للمواطن، وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل بمشاركة القطاعات الأخرى، وإحياء الصناعة المحلية لدفع عجلة الاقتصاد المحلي للتحرك وتخفيف الضرائب على ذوي الدخل المحدود كون دخلهم أصبح مستهلكاً بالكامل.

النقل أثّر على الأسعار
في حين أوضح أبو أحمد بائع خضار وفواكه، أن ارتفاع أسعار الخضار أثّر كثيراً على حركة البيع، لافتاً إلى إنه لو كانت أسعار مواد "المونة" منخفضة لكان هناك إقبال أكبر عليها من قبل المشترين، منوهاً إلى أن المشتري حالياً خفض كمية شرائه لنحو الربع ولمختلف المواد.
وعن سبب ارتفاع أسعار مواد "المونة"، لفت إلى أن أجور النقل أثرت على الأسعار وخاصة بعد رفع أسعار المازوت والبنزين، كما أن هناك العديد من الصعوبات تواجه المزارع، مع ارتفاع تكاليف الإنتاج واعتماده على الري باستخدام المازوت، وارتفاع أسعار الأسمدة، وصعوبة تسويق المواد من أماكن الإنتاج إلى أماكن الاستهلاك، فمجمل هذه العوامل أثرت على الأسعار النهائية للسلعة.
 أيضاً باسل صاحب أحد محلات الخضار أكد على أن موسم "المونة" بات شبه معدوم، لافتاً إلى أن المستهلك بات يشتري الغرامات فقط من أي مادة مثل الخيار والبندورة والبصل ولم يعد يشتري كالسابق، مؤكداً انخفاض الطلب على "المونة" من قبل المواطنين وخاصة مع أزمة الكهرباء الراهنة التي طالت كثيراً، والتي من شأنها أن تؤثر على كميات "المونة" كونها تعتمد على التبريد.
مواطن أوضح أن موسم "المونة" اقتصر على الأغنياء فقط، ولم يعد بمقدور ذوي الدخل المحدود من اتباع هذه العادة القديمة، وفي حال أراد فإن ذلك سيكون بكميات قليلة جداً مقارنة مع ما كان عليه سابقاً، حيث إن المستهلك حالياً انصرف إلى أمور أشد أهمية، كما لم يعد هناك فرق بين أسعار "المونة" حالياً وأسعارها في الشتاء، فلماذا يموِّن؟..ولماذا يضغط نفسه مادياً، وهل يأتي بـ"المونة" لكي يتلفها بعد ذلك في ظل انقطاع الكهرباء؟!!

تفعيل التدخل الإيجابي أكثر.. وتأمين فرص عمل
بعد عرض السابق، لابد من الإشارة إلى أن ضعف الإقبال على موسم "المونة" كان كغيره من المواسم الأخرى سواء مواسم الأعياد أو مواسم المدارس، وذلك نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلكين وتعطل الكثير من الأسر عن العمل، نتيجة الأزمة الراهنة.. وبالطبع هذا يحتم أهمية التدخل الحكومي والمجتمعي لتحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه ذوي الدخل المحدود وعديمي الدخل، بحيث يتم توفير فرص عمل سريعة وفورية للمتعطلين عن العمل وتفعيل التدخل الإيجابي أكثر في الأسواق، بحيث يتم ضخ مواد غذائية بأسعار تنافسية حقيقية وبنسب كبيرة مقارنة مع أسعار السوق، لا أن يكون التدخل الإيجابي بنسب ضئيلة.