السويداء.. جمعية المحافظة الاستهلاكية: الحلول عقيمة والمشاكل مستعصية وطلبات العمال لا يُستجاب لها!

السويداء.. جمعية المحافظة الاستهلاكية: الحلول عقيمة والمشاكل مستعصية وطلبات العمال لا يُستجاب لها!

الأزمنة

الثلاثاء، ٢٢ أبريل ٢٠١٤

السويداء- فريال أبو فخر firyal-af@hotmail.com
عندما نسمع أن عمالاً في قطاع ما من قطاعات الدولة لم يستلموا رواتبهم منذ عامين، ومع هذا فهم مستمرون في العمل ضمن هذا القطاع، ندرك جيداً حجم المعاناة التي تقع على كاهل هؤلاء العمال وخاصة في ظل هذه الأزمة وما خلفته من ارتفاعات بالأسعار تفوق الخيال وتفوق دخول المواطنين أضعافاً مضاعفة، ليستمروا ولسان حالهم يقول: "عصفور بالإيد ولا عشرة عالشجرة" فالوظيفة في القطاع الحكومي هي الضمان الوحيد في رأي الكثيرين حتى لو تأخرت الرواتب فالمهم برأيهم هو الحفاظ على هذه الوظيفة لمستقبلهم القادم.

تراجع بحركة المشتريات وقلة الموردين لهذه الاستهلاكية
هذا هو حال عمال جمعية المحافظة الاستهلاكية والتي وقعت بإفلاس مالي كبير بسبب الخسائر المالية التي مُنيت بها منذ عام 2000 وحتى 2008 وهذه الخسائر أشار إليها تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والذي يحمل الرقم 3688/9 والتي حصلت الأزمنة على نسخة منه حيث وصلت الخسائر إلى حوالي 40 مليون ل.س والسبب وجود الأقساط المنظمة ولكن بسندات غير نظامية، وبوقتها أي منذ عام 2000 ولغاية 2008 لم يتم تسديد هذه الأقساط للجمعية كون السندات غير نظامية، بالإضافة لوجود نقص بالمواد في بعض الصالات كصالة الريان والقريا وصلخد، وارتفاع النفقات المالية للجمعية، والتغيير المتكرر لمجالس الإدارة، كل هذه الأسباب أدت بالنهاية إلى تراجع بحركة المشتريات وقلة الموردين لهذه الاستهلاكية، والأهم من كل هذا هو وقوع هذه الجمعية بالكثير من المخالفات الإدارية والمالية الناتجة عن عدم التقيد من قبل مجالس الإدارات المتعاقبة بالتعليمات الناظمة لعمل الجمعية، وبناء على كل تلك الأسباب مجتمعة أدى ذلك إلى عدم استلام العاملين في هذه الجمعية لرواتبهم منذ أكثر من عامين.

تسيّب وانفلات الإدارات المتعاقبة أدى إلى هذه الخسائر
أحد العاملين والذي اتصل بالأزمنة لشرح معاناة العمال قال: ما ذنبنا نحن العمال إذا كان هناك تسيّب وانفلات من قبل الإدارات المتعاقبة والذي أدى إلى خسائر مالية كبيرة أدت إلى حرماننا من رواتبنا؟!! وما ذنبنا إذا كان هناك قلة بالحركة العامة للمشتريات لينعكس كل هذا علينا وعلى رواتبنا التي بالكاد تكفي لسد رمقنا لنصف الشهر ومع هذا فقد حُرمنا من هذا الدخل البسيط والذي كان يكفينا شر الحاجة ومدّ أيدينا للاستدانة في ظل هذا الواقع المعيشي الصعب بعد كل هذا الغلاء.. ومن هنا وعبر مجلتكم نطالب المسؤولين بالتحرك سريعاً ومعالجة الأمر فليس من المعقول أن تبقى الجمعية بدون اعتمادات مالية، وليس من المعقول أن تبقى صالاتها والبالغ عددها 30 صالة خالية من المواد بسبب الخسائر التي منيت بها الجمعية، وفيما لو أعيد العمل بها وتم التخطيط والدراسة الجيدة لاستثمارها لكانت عوضت كل هذه الخسائر من جهة، ولكانت سهّلت حركة الشراء بالنسبة للمواطنين الذين يضطرون أحياناً للذهاب إلى المدينة لشراء حاجاتهم وما يترتب عليهم من أعباء أجور النقل والتي باتت لا تحتمل في ظل ارتفاع أسعار أنواع الوقود كافة، بالإضافة لكل هذا؛ تأمين استلام رواتبنا والتي بتنا غير قادرين على متابعة تلبية حاجاتنا في ظل انقطاعها منذ أكثر من عامين، ومع هذا فأنا لم أترك وظيفتي والتي تعبت كثيراً للحصول عليها لتأمين دخل ثابت عوضاً عن العمل في القطاع الخاص والذي يبقى الموظف لديه مهدداً بالتسريح وترك العمل في حال تعرض ربّ العمل لأية انتكاسة مادية كما حدث منذ بدء الأزمة التي تتعرض لها بلادنا ومئات آلاف العمال الذين سُرّحوا من أعمالهم الخاصة، على عكس الوظيفة الحكومية التي تُشعر العامل بالاستقرار، ومع هذا فقد عانينا من الحظ التعيس بعد أن حُرمنا من رواتبنا منذ عامين.

الحل بالتخطيط والدراسة الجيدة وتقديم النيّة بالعمل الجاد
إصرار هؤلاء العمال وخوفهم من المجهول وتعلقهم بهذه الوظيفة حتى لو لم يستلموا الرواتب جعلهم يدفعون كذلك ما يترتب عليهم من تأمينات اجتماعية لفرع التأمينات في السويداء؛ وذلك للمحافظة على حقوقهم التأمينية وضمان مستقبل يحمل دخلاً حتى لو كان بسيطاً أفضل من مستقبل لا يحمل دخلاً، وبذلك يقيهم خطر الشيخوخة والعجز، وبحسب أحدهم فإن الحل بسيط ويتجسد بالتخطيط والدراسة الجيدة وتقديم النية بالعمل الجاد وأهمه استثمار هذه الصالات حتى لو كان من قبل القطاع الخاص وتأجير صالاتها للمستثمرين وخاصة أن القطاع العام قد أثبت فشله في إدارة هذه الصالات، مع قيام الوزارة أي التجارة الداخلية بتنفيذ مقترحات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش باسترداد المبالغ من رؤساء الصالات قانوناً، وإذا تعذّر عليها ذلك فما عليها إلا عد الجمعية أحد فروع الوزارة في المحافظة؛ علماً بأن صالات الخزن والتسويق بحاجة لعمال وهي تعاني ما تعانيه من نقص الكادر العمالي.. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت تعاني من نقص اليد العاملة وبحاجة إلى عدد من العمال بعد أن صَرّح كثير من العمال ضمن صالاتها بأنهم يقدمون مجهوداً مضاعفاً بسبب قلة العمال، وأن العامل الواحد يقوم بعمل شخصين، فلماذا إذاً لا يقومون بنقل هؤلاء العمال الذين مضى سنتان على عدم استلام رواتبهم؟!!.
بدوره مدير جمعية المحافظة الاستهلاكية نعيم الحسين؛ وفي رد على تساؤلاتنا حول الإجراءات التي يقومون بها إزاء هذه المشكلة التي تهدد كثيراً من العمال قال: لقد خاطبْنا المؤسسة الاستهلاكية والإدارة العامة للخزن والتسويق بغية نقل عمال الجمعية إلى ملاكهم إضافة لاستثمارهم المقرات العائدة للجمعية التعاونية الاستهلاكية لكننا لم نحصل على الموافقة حتى الآن، وأكد أن عمال الجمعية من دون رواتب منذ عامين.

يجب تقديم الرعاية وتحقيق عنصر الاستقرار والأمان للعامل
أحد العمال بفرع المؤسسة الاستهلاكية بالسويداء طالب بضرورة إعطاء الرواتب التقاعدية للعمال المياومين أسوة بإخوانهم في القطاعات المختلفة، فهؤلاء العمال يقومون بعملهم وواجباتهم على أكمل وجه، وكون المؤسسة بحاجة إليهم ولأعمالهم فلماذا لا يُنظر بأمرهم ويعطون حقوقهم، ولماذا لا يقومون بتثبيتهم إذا كانت المؤسسة أصلاً مستمرة كونها جزءاً لا يتجزأ من قطاعات الدولة، وبالتالي فإن عملها مستمر وخاصة أن هؤلاء العمال أصبح لديهم خبرة بالعمل لا يملكها غيرهم، وعلى هذا الأساس يجب تقديم الرعاية وتحقيق عنصر الاستقرار والأمان اللذين يفتقدهما العامل ليبقى مشوشاً وبحالة نفسية غير مستقرة ومطمئنة، وكذلك النظر بصرف إجازات عمال الاستهلاكية الذين لم ينالوا حقوقهم إلى الآن، فهم وإن كانوا لم ينالوا هذه الحقوق إلا أنهم بشر وبحاجة إلى الإجازات التي تعتبر حافزاً لكي يقدم العامل كل ما لديه من طاقة ومجهود بعد تجدد نشاطه وهمته. كما وأن من واجب الدولة إنصاف هذه الشريحة العمالية من حيث العمل على طريق إشراكها بالتأمينات الاجتماعية، والحد الأدنى لإصابات العمل، حيث أن بعض العمال تعرضوا لكثير من الإصابات، ولم يقم المستثمر بمعالجتهم، كما ومن واجب الدولة كذلك ضرورة العمل على تشميل هؤلاء العمال بالتأمين الصحي والوجبة الوقائية وغيرها من التعويضات التي يتقاضاها زملاؤهم في القطاعات الأخرى.
وبذات السياق تحدثت للأزمنة إحدى الموظفات بفرع المؤسسة الاستهلاكية بالسويداء وهي خريجة كلية الاقتصاد وقد ذكرت أن الموظفين في فرع الاستهلاكية لا يحصلون على الضمان الصحي أسوة بزملائهم الموظفين في القطاعات الأخرى وساقت مثالاً على ذلك مديرية التربية والصحة وغيرها من القطاعات، وتساءلت: هل نحن نعمل في دولة مختلفة عن الدولة التي تعمل بها باقي القطاعات؟.. وهل يقدم الموظفون في القطاعات الأخرى خدمات أكثر من التي نقدمها نحن في فرع الاستهلاكية حتى تكون لهم امتيازات نفتقدها نحن؟.. ولماذا هذه التفرقة بين قطاع وآخر من قطاعات الدولة؟.. تصوروا نحن في فرع الاستهلاكية نحصل على مبلغ مقداره 500 ل.س في الربع الواحد من السنة كتعويض أو ضمان صحي ليكون المبلغ 2000 ل.س في السنة كلها، والآن وفي ظل ارتفاع جميع الأسعار الجنوني لكل الحاجات ومن ضمنها الأدوية، فهل سيكفي هذا المبلغ الزهيد على مدار العام؟!! علماً بأن الحكومة وعدت بتطبيق الضمان والتأمين الصحي على كافة القطاعات الاقتصادية بعد أن طبقته على القطاعات الإدارية.
موظف آخر دخل على الحديث وأفادنا: نعم كلام الزميلة صحيح، التأمين الصحي طُبق على العاملين في القطاعات الإدارية، ولكن هذا التطبيق تمخّض عنه كثير من المشكلات والمتاعب التي تستوجب الحل الجذري والسريع وخاصة وأن العجز في تأمين هذه المتطلبات يحول دون وصول المشروع إلى الغاية المأمول منها، فالتعويضات العمالية، ونظام الحوافز الإنتاجية ما يزال متبايناً، ولا يحقق العدالة في التوزيع بحسب طبيعة العمل والجهد الذي يبذله العاملون!! حتى أننا نرى تبايناً وظلماً بين قطاع وآخر على الرغم من اللجان التي شُكلت والاجتماعات التي عُقدت والمؤتمرات العمالية السنوية التي سُويت والتي تركّز على مقترحات العمال والموظفين وتوصياتهم، وعلى مجموعة من القضايا والمطالب التي تهمهم، ولكن كل هذا لا يتعدى منهج المطالبة لتبقى الحلول عقيمة والمشاكل مستعصية والطلبات لا يستجاب لها.

لا يوجد لنا تأمين صحي أو أي نوع من أنواع العلاج
وعلى ما يبدو فإن قضية التأمين الصحي تشغل بال الكثير من الموظفين، كيف لا وأسعار الدواء باتت أضعافاً مضاعفة وكما قال لي أحد الموظفين في فرع الاستهلاكية إنه باستطاعته الاقتصاد والتوفير والتقتير بجميع المستلزمات التي يحتاجها، ولكن كيف له أن يوفر بكمية من الدواء لطفله، وأضاف ساخراً: هل أعطيه نصف الدواء على سبيل المثال؟!!. فنحن الموظفين هنا لا يوجد لنا تأمين صحي أو أي نوع من أنواع العلاج، وهناك مخاطبة واقتراح إلى شركة التأمين من أجل تشميلنا في التأمين الصحي، وتطبيق المادة/65/ من القانون رقم/91/ لعام 1959 أسوة بالعديد من الشركات والمؤسسات المشابهة، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يبقى كل هذا ضمن المقترحات والمخاطبات؟!! ولماذا لا يطبق هذا الأمر ضمن فرع المؤسسة الاستهلاكية بالسويداء وبباقي الفروع بالمحافظات؟!!

كلمة أخيرة
من خلال جميع المقابلات التي أجريناها ومن خلال العاملين الذين التقتهم الأزمنة.. الجميع أكد على إنه لا بد من إعادة دراسة الوضع التنظيمي للمنظمات النقابية والتي تدافع عن حقوق الموظفين والعمال، والتي تطالب وتطالب ولكن ما من طلب مستجاب، والعمل كذلك على سد الثغرات الكثيرة مستغربين ومتسائلين عن دور هذه النقابات وتأثيرها، وبالتالي ما نفْع كل هذه النقابات إن لم تحصّل أدنى حقوق العمال وهو الضمان الصحي، وخاصة أنه وفي كل مؤتمر سنوي للعمال يطالبون الجهات المعنية بالانتقال إلى العمل الميداني والالتصاق بالعمال في مواقع العمل، والإصغاء إلى همومهم ومشكلاتهم، والعمل على تلبيتها، كما ويطالب العمال والموظفون وفي كل مؤتمراتهم بزيادة مخصصات الدواء لهم، وزيادة اعتمادات المعالجة الطبية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأدوية وأجور الأطباء، كما ويطالبون بتعديل قانون التأمين الصحي، وإصدار بطاقة تأمينية لكل عامل حتى يمكنه العلاج في كل محافظات القطر، وأن يشمل التأمين المتقاعد أسرته ووالديه وذلك تقديراً وعرفاناً بالمجهود الذي يقدمه لخدمة بلده وأرضه، مع زيادة قيمة اللباس العمالي وضرورة إيجاد حلول لمشكلة الصيدلية الوحيدة التي تقدم الأدوية للعمال المشمولين بالتأمين الصحي وأثر ذلك على خدمات العمال، وبما يرتبط بالظروف الاقتصادية وتداعيات الأزمة التي نعيشها وأثر ذلك على الظروف المعيشية فليس من المعقول برأيهم أن تقتصر الخدمات التي تُقدم على صيدلية واحدة لجميع العمال المشمولين والأزمة التي تسببها الزحمة ما يسبب مزيداً من الضيق والضغوطات على عمالنا، ولكن ما النتيجة لكل تلك المطالبات؟!!.. النتيجة إنه ما من مطلب من كل هذه المطالب يتحقق!!.