تكلفة الكساء أصبحت توازي سعر شقة جاهزة قبل الأزمة.. ارتفاع جنوني بأسعار مواد الكساء والبناء.. وبواقع 25 ألف ليرة تقريباً للمتر المربع

تكلفة الكساء أصبحت توازي سعر شقة جاهزة قبل الأزمة.. ارتفاع جنوني بأسعار مواد الكساء والبناء.. وبواقع 25 ألف ليرة تقريباً للمتر المربع

الأزمنة

الأحد، ١٣ أبريل ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
أضرار كبيرة أصابت آلاف المنازل في سورية نتيجة الأزمة الراهنة، حيث بلغ عدد طلبات التعويض على الأضرار في ريف دمشق وحدها نحو 42 ألف طلب، بقيمة أولية 260 مليار ليرة فيما تم صرف 700 مليون ليرة للمتضررين، وبلغت قيمة الأضرار نحو 200 مليار ليرة منها 170 ملياراً ممتلكات خاصة و30 مليار ليرة ممتلكات عامة؛ وذلك وفق تصريحات أدلت بها محافظة ريف دمشق، واستطاعت دراسة لـ "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا" (الاسكوا)، أن توضح أن ما يقرب من مليون ونصف المليون منزل تعرض للدمار في سورية، منها 315 ألف منزل تعرض للدمار الكامل، و 300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي، ولفتت أيضاً إلى أنّ ما يقرب من 7 ملايين شخص تأثروا بالدمار، وأنّ 3 ملايين شخص اضطروا للنزوح، وفقد مليون مواطن ممتلكاتهم بشكل كامل، ووضعت الحكومة أرقاماً مبدئية لحجم الخسائر قُدرت بأكثر من 4.7 تريليون ليرة، في حين خصصت مبلغاً لصرف التعويضات قُدر بنحو  81.5 مليار ليرة للتعويض خلال الفترة الماضية وتم توزيع 17.9 مليار ليرة، وذلك وفق تصريحات حكومية سابقة.
وفي ضوء الأرقام السابقة، فإن من البديهي أن يكون هناك زيادة في الطلب على المواد الخاصة بترميم المنازل في المناطق التي أعيد إليها الأمان، وبالطبع الأزمة الراهنة رفعت الطلب على العديد من مواد البناء والكساء مما أدى إلى ارتفاع جائر في أسعار هذه المواد لدرجات غير معقولة، ولا يخفى على أحد أن الحكومة حالياً تدرس وتخطط لإعادة إعمار سورية، ولكن أسعار مواد البناء تشهد بشكل دائم ارتفاعات متتالية وهو ما يعاني منه المواطن العادي والمقاول والمتعهد، مما يشكل حجر عثرة في تنفيذ المشاريع القائمة أو الجديدة أو ترميم المنازل كون ذلك أدى إلى ارتفاع تكلفة عمليات إعادة الإعمار والكساء في ظل ضعف القوة الشرائية وضعف الدخل لدى المواطن بشكل عام.
واستطاعت الأزمنة الوقوف على آراء بعض الخبراء والتجار حيال أسباب ارتفاع مواد الكساء والوقوف على رقم تقديري لكساء المتر المربع ولو بشكل وسطي.

تكلفة كساء المتر المربع لشقة عادية تتراوح ما بين 15 إلى 25 ألف ليرة
الخبير العقاري عمّار يوسف أوضح لـ"الأزمنة"،أن تكلفة كساء المتر المربع لشقة من النوع الوسط وليس الديلوكس يكلف نحو 25 ألف ليرة سورية، أي إن شقة مساحتها نحو 100 متر مربع تكلفة كسائها تصل لنحو 2.5 مليون ليرة.. "هذا المبلغ كان سعراً لشقة جاهزة قبل الأزمة"، في حين كان سعر الكساء لا يتجاوز 8 آلاف ليرة قبل الأزمة مما يدل على حجم الارتفاع الكبير في أسعار مواد الكساء وهو يشكل تحدياً حقيقياً للمواطن وللحكومة أيضاً.
في حين أكد رئيس اتحاد الحرفيين بدمشق مروان دباس، لـ"الأزمنة"، أن تكلفة كساء المتر المربع لشقة من النوع الوسط تبلغ نحو 15 ألف ليرة وما فوق وهذا بالنسبة للمتر العادي، في حين كانت تكلفة كساء المتر المربع من نوع الديلوكس يكلف نحو 5 آلاف ليرة والعادي نحو 3 آلاف ليرة سورية.
ولفت دباس إلى أن أسباب ارتفاع أسعار مواد الكساء الخاصة بالأبنية يعود إلى الغش والاحتكار والسرقة، حيث تشكلت طبقات من المليارديرية خلال الأزمة التي تمر على سورية وذلك على حساب المستهلك، فكثير من التجار كانت لديهم بضائع استوردوها قبل الأزمة بعدة ملايين من الليرات واحتكروها ومن ثم طرحوها في السوق بأسعار ملتهبة محققين أرباحاً بلغت مئات الملايين من الليرات.
وعن دور الحرفي في ارتفاع تكاليف كساء الشقق قال دباس: "الحرفي رفع "أجرة يديه" ولكن ماذا يحصّل الحرفي؟..إن أجره لا يشكل إلا جزءاً ضئيلاً جداً من التكلفة، فمثلاً إذا جاء وركّب خلاط مياه والذي بلغ سعره حالياً نحو 20 ألف ليرة في حين كان سعره لا يتجاوز 3 آلاف ليرة، وأخذ أجرة يده 500 ليرة، فماذا تشكل هذه الأجرة من تكلفة الخلاط؟.. بالطبع لا شيء".
وبالنسبة للرقابة على أسعار الأدوات الصحية والكهربائية من قبل الجهات الرقابية، لفت دباس إلى أنه لا يوجد أي رقابة تموينية على هذه السلع، حيث كانت هناك مضاربة في السوق وهي التي كانت تحكم الأسعار، أما حالياً لا يوجد مضاربة والذي لديه بضائع هو الذي يتحكم بالأسعار، والحكومة لم تغلِّ على التجار ولم تقم برفع الضرائب في حين نجد أن التجار هم من يقومون برفع الأسعار.
وقال رئيس اتحاد حرفيي دمشق: "هل يُعقل أن يصل سعر طن الإسمنت إلى 16 ألف ليرة"، لافتاً إلى أن المستهلك أصبح يخشى أن يصاب أي جهاز كهربائي بأي عطل أو أن يعطل لديه أي خلاط للمياه أو مفتاح كهرباء لأن الصيانة أصبحت تكلف الكثير الكثير، وربما أكثر من سعر القطعة التي تعطلت عندما قام بشرائها قبل الأزمة.

شعيب: دراسة تحديد أسعار مواد البناء تحضيراً لمرحلة إعادة الإعمار
معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب لفت في تصريحه لـ"الأزمنة"، إلى أن الوزارة قامت بتحديد هوامش أرباح الإطارات والدهانات والإسمنت الأبيض وطلبت من المديريات في المحافظات أن تدرس فروقات أسعار مواد البناء المختلفة من أجل ووضع دراسة لها وتحديد هوامش أرباحها هي أيضاً، حيث تقرر تحديد هوامش أرباحها وذلك تحضيراً لمرحلة إعادة الإعمار وخفض أسعار هذه المواد قدر الإمكان، سواء البورسلان أو التمديدات حيث سيتم التركيز على السلع الأكثر طلباً من قبل المستهلكين.

ارتفاع أسعار مواد الكساء نحو 300%
أحد تجار مواد البناء أوضح، أن أسعار جميع المواد الخاصة بعمليات الكساء شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعارها سواء المواد الصحية أو الكهربائية، لافتاً إلى أن هذا الارتفاع بلغ نحو 300% على أقل تقدير مقارنة مع أسعار نفس المواد قبل الأزمة، لافتاً إلى أنه رغم ارتفاع أسعار المواد الخاصة بعمليات الكساء، فإن عدم توفّرها هو الذي يزيد من ارتفاع سعرها حيث يوجد نقص في جميع أنواع المواد الصحية والكهربائية، وفي حال توفرت فهي ليست بالجودة التي كنا نعْهدها سابقاً، مع وجود فارق كبير بالأسعار يصل لحدود 5 آلاف ليرة لنفس القطعة من منطقة لأخرى، مما يدل على المزاجية في التسعير وعدم الوقوف على السعر الحقيقي للقطع الصحية والكهربائية.
ولفت إلى أن سعر "الصنبور" أصبح حالياً لا يقل عن 5000 ليرة في حين كان سعره قبل الأزمة لا يتجاوز ألف ليرة، حتى أدنى أنواع "الحنفيات" تضاعفت أسعارها بحدود 400%، سعر "الكوع" البلاستيكي أصبح حالياً بحدود 50 ليرة في حين كان سعره 10 ليرات بالجملة، وأصبح سعر "مفتاح الكهرباء" نحو 100 ليرة كحد أدنى في حين كان سعره بالجملة نحو 40 ليرة، حتى اللمبات ارتفعت أسعارها بشكل كبير "فالنواصة" حالياً أصبح سعرها 50 ليرة في حين كان سعرها 10 ليرات، وسعر اللمبة الصينية بالجملة أصبح نحو 100 ليرة في حين كان سعرها نحو 20 ليرة لا أكثر، وأي وصلة "حديد كانت أم بلاستيك" أيضاً أسعارها لا تقل عن 100 ليرة للمتر، في حين كانت أقل من ذلك بكثير، مؤكداً على أن هناك طلباً كبيراً على المواد الصحة والكهربائية، ولكن للأسف هذا الطلب يواجهه شح في المواد وتأخر في وصولها للأسواق، عدا عن تذبذب أسعارها بين الحين والآخر، فلا يوجد سعر ثابت لأي شيء حالياً، كون معظم هذه المواد يتم استيرادها من الخارج وهي بالتالي تعتمد على سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
وأكد أن هناك العديد من التجار ممن لديهم مستودعات تحوي الأطنان من الأدوات الصحية والكهربائية تم استيرادها قبل الأزمة وهي تباع بالأسواق بالأسعار الرائجة أي بأضعاف كثيرة، مما حققوا أرباحاً فاحشة على حساب المستهلك.
وذكر تاجر أخر أن هناك ارتفاعاً كبيراً طال أسعار مواد الكساء مثل الجبس حيث أصبح سعره يتراوح ما بين 850 ليرة إلى 3 آلاف ليرة، وارتفع سعر السيراميك من ألف ليرة إلى 4 آلاف ليرة للنخب الأول في حين إن النخب الثاني كان بـ 700 ليرة وأصبح بحدود 3 آلاف ليرة، أما عن الألمنيوم فقد أوضح أحد التجار أن سعره بلغ نحو 12 ألف ليرة للمتر ، وذلك بعد أن كان سعره 3000 ليرة.. أما الأخشاب فقد بلغ سعر خشب السنديان نحو 200 ألف ليرة للمتر المربع، في حين كان ثمنه 50 ألف ليرة.

ارتفاع أجرة اليد العاملة إلى أكثر من الضعف!
وبالطبع رافق ارتفاع أسعار مواد الكساء ارتفاعٌ آخر بأجور الأيدي العاملة مما عزّز ارتفاع تكلفة كساء المتر المربع لأي شقة كانت، فمثلاً ارتفعت أجرة تركيب السيراميك من 100 إلى 350 ليرة، بينما ارتفعت أجرة تركيبه على السقف من 250 إلى 700 ليرة، وسعر الرخام الإيطالي قفز من 900 إلى 2500 ليرة، فيما ازداد ثمن المتر المربع من الرخام التركي إلى 2500 بعد أن كان 700 ليرة، أما النجارون، فقد بلغت أجرة المتر المربع 3500 ليرة، بعد أن كانت 1500 ليرة، أما الطينة فارتفع ثمن المتر المربع من 250 إلى 750 ليرة، وارتفعت معها أجرة الطيان من 60 ليرة للمتر الواحد إلى 250 ليرة.

ضعف المنافسة يرفع الأسعار.. وتدخّل الحكومة يخفّضها
بعد عرض السابق يبقى القول بأن الأوضاع الراهنة أدت إلى انكماش المنافسة في الأسواق المحلية، وبالتالي تعزيز الاحتكار من قبل بعض التجار وخاصة بالنسبة للمواد التي يتم تسعيرها بناء على حدّة المنافسة في السوق المحلية، إلا أنه حالياً أصبحت المنافسة ضعيفة وبالتالي أصبح التاجر هو المتحكم بالأسعار، وهنا لابد من تحرك الحكومة للتدخل في توفير الأدوات الصحية والكهربائية وطرحها في السوق كمنافس حقيقي للقطاع الخاص وبأسعار منافسة تحقق من خلالها أرباحاً معقولة وتحدّ بنفس الوقت من أسعار هذه المواد المرتفعة، خاصة أنها تضع الخطوات الأولية لإعادة الإعمار، أي إنها كلما عملت على تخفيض أسعار هذه المواد كلما كان ذلك أفضل، مع أهمية تشديد الرقابة على هذه المواد سواء من حيث الجودة أو من حيث الأسعار؛ فالطرفان لا يمكن الفصل بينهما أبداً وخاصة بالنسبة لهذه المواد مع العمل على تحديد هوامش أرباحها قدر الإمكان.