الموسم الزراعي.. "تطمينات حكومية".. ولكن ماذا عن الأرقام السلبية؟!

الموسم الزراعي.. "تطمينات حكومية".. ولكن ماذا عن الأرقام السلبية؟!

الأزمنة

الثلاثاء، ١١ فبراير ٢٠١٤

وسيم وليد إبراهيم
هل هو انحباس مطري طال معظم المناطق والدول المجاورة؟..ربما، ولكن لا يمكن الحديث عن ذلك لأن ذلك خارج عن إرادة الإنسان، فلا نعلم متى تتكرم السماء على الأرض، ولكن يمكن القول إن الأمطار تأخرت في حال مقارنتها مع نفس الفترة من العام السابق، وخاصة أن هذه الفترة تشهد بداية زراعة بعض المحاصيل الزراعية الهامة وغيرها من المحاصيل، وهنا لا بد من طرح سؤال هام.. كيف هو حال زراعتنا حالياً وخاصة أن الكثير من المؤشرات تحذر من أضرار قد تطال القطاع الزراعي في حال عدم التدارك؟..وهل موسمنا الزراعي ضمن المستوى المقبول؟.. وماذا عن تأخر الأمطار وتأثيرها على الموسم الزراعي؟.

وزارة الزراعة: الموسم الزراعي أفضل مما كان عليه سابقاً
مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي عبد المعين قضماني أكد في تصريحه لـ الأزمنة، عدم وجود أي انخفاض في المساحات المزروعة وخاصة بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية مشيراً إلى أن الموسم الزراعي الشتوي كان أفضل بكثير عن الموسم السابق في حال مقارنة نسب الإنتاج.
وأكد أن الموسم الشتوي للقمح والشعير والمحاصيل البقولية كنسب تنفيذ أفضل من العام الماضي حيث أن نسبة تنفيذ زراعة محصول القمح بلغت 68% بالنسبة للمرويِّ في حين بلغت نسبة زراعة القمح البعل نحو 73%، لافتاً إلى أن زراعة القمح ستنتهي عمّا قريب ونأمل أن نحصل على رقم جيد، أما الشعير فقد سجل هو أيضاً وفق قضماني نسب تنفيذ جيدة بل وأفضل من الموسم السابق؛ حيث بلغت نسبة زراعة الشعير البعل نحو 78% في حين بلغت نسبة تنفيذ زراعة الشعير المروي نحو 60%.
وبالنسبة للمحاصيل البقولية التي تشمل الفول والحمص والعدس أوضح قضماني، أن محصول البقوليات لم ينتهِ إلى الآن ولكن المساحات المنفذة إلى اليوم تبلغ نحو مئة وعشرة آلاف هكتار.
ولفت قضماني إلى أن الأرقام السابقة تشير أن هناك رغبة حقيقية لدى الفلاح في تنفيذ واستمرار الخطط الزراعية.
وبالنسبة لقلة الأمطار وما قد يتمخض عنها في قلة الإنتاج أو تضرر بعض المحاصيل أكد قضماني إلى أن الأمطار في بداية الموسم لعبت دوراً هاماً ونأمل أن تساعد الأمطار التي قد تأتي خلال الأيام القادمة في تحسين المحاصيل الزراعية.
وبالنسبة للخسائر غير المباشرة للموسم الزراعي والتي تم الإعلان عنها في الصحف المحلية مؤخراً والتي بلغت نحو 31 مليار ليرة، أكد قضماني أن هذه الخسائر تشمل الموسم الزراعي الشتوي والصيفي معاً، مشيراً إلى أن هناك بعض المحاصيل انخفضت نسب تنفيذها زراعتها مثل القطن والشوندر السكري ولكن الموسم الزراعي الشتوي يعتبر جيداً وهو يشمل محاصيل استراتيجية أيضاً مثل القمح والشعير والبقوليات.
وعن ما تقوم به وزارة الزراعة من أجل تخفيف الأضرار عن المُزارع وتشجيعه على التمسك بالأرض لفت قضماني إلى أن وزارة الزراعة تعمل بشكل دائم على دعم المزارع سواء من حيث أسعار البذار الزراعية أو من خلال تسويق المحاصيل الزراعية في مؤسسات التدخل الإيجابي والتي يحصل من خلالها المزارع على أسعار مجزية.

اتحاد غرف الزراعة: نتوقع أن يكون الموسم الزراعي جيداً
رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد الكشتو أكد في تصريحه لـ الأزمنة، أن السنة الماضية كان هناك تراجع نسبي في المساحات المزروعة وفي كميات الإنتاج وكان هناك تخوف، ولكن المؤشرات الحالية تعتبر أفضل بكثير عما كانت عليه سابقاً.
وتوقع الكشتو أن يكون الموسم الحالي جيداً حيث يوجد إقبال على الزراعة من قبل الفلاحين، لافتاً إلى أن الموسم الزراعي سيكون جيداً سواء من حيث زراعة البقول أو الأشجار المثمرة أو حتى المحاصيل الاستراتيجية من قمح وشعر ويوجد أرقام جيدة جداً حيال المحاصيل السابقة.
وبالنسبة لقلة الأمطار ومدى تأثيرها على المحاصيل الزراعية، أوضح رئيس اتحاد الغرف الزراعية أن البدائل موجودة دائماً ولا تعتمد الزراع السورية بشكل كامل على الأمطار بل هناك محاصيل مروية ويمكن اللجوء إلى الري من أجل تعويض نقص الأمطار.

أسعار الخضار والفواكه.. التأرجح صعوداً
وبالطبع المتابع لأسواقناً يجد أن أسعار الخضار والفواكه لم تنخفض بل هي في حالة تأرجح مستمر بشكل تصاعدي، فالبطاطا إلى الآن لا تزال بنحو 120 ليرة للكيلو والبندورة أيضاً لا تزال تراوح ما بين 75 إلى 100 ليرة للكيلو، والباذنجان يبلغ نحو 125 ليرة، والخس الذي أصبحت الواحدة منه بـ75 ليرة، والتفاح بلغ نحو 120 ليرة بعد انخفاضه حيث كان بـ180 ليرة، والليمون 75 ليرة للكيلو غرام الواحد، والبرتقال بسعر 60 ليرة، والكلمنتينا نوع أول 75 ليرة والثاني بسعر 60 ليرة، وسجل الخيار 95 إلى 125 ليرة، والملفوف أصبح بسعر يتراوح بين 60 إلى 80 ليرة والفليفلة 135 والزهرة بواقع 90 ليرة للكغ، بالطبع هذه أسعار دمشق وهي تختلف عن باقي المحافظات وخاصة في ريف دمشق حيث تضاف أجور النقل على سعر كيلو الغرام، وبالطبع ارتفاع أسعار الخضار والفواكه وعدم انخفاضه لا يأتي من فراع بل هناك عوامل كثيرة أهمها تدني نسب تنفيذ المساحة المزروعة بالخضراوات والتي أدت إلى نقص في الخضراوات في الأسواق المحلية، وذلك وفق تأكيدات مديرية الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة العام الماضي.

ماذا عن انحباس الأمطار؟
ولكن بالمقابل وأثناء المطالعة اليومية لفتني خبر يتحدث عن أن الخضار والفواكه سيطالها ارتفاع في الأسعار في فلسطين المحتلة، كما أن المحاصيل الزراعية مهددة نتيجة تأخر الأمطار على الرغم من تعرض فلسطين المحتلة خلال العاصفة الثلجية الأخيرة إلى "بحار من الأمطار" إذا صح التعبير.
وهنا أيضاً يمكن القول إن هناك تأخراً في الأمطار قد طال سورية، وما نقرؤه في كل يوم عن الزراعة يختلف عمّا نسمعه وعمّا يصرّح به بعض المتابعين، فتأخر الأمطار قد يهدد الموسم الزراعي وإن كانت المحاصيل الزراعية لا تعتمد كلها على البعل، وهاهي وزارة الزراعة تصرّح في إحدى الصحف المحلية أن الخسائر غير المباشرة للموسم الزراعي بلغت نحو 31 مليار ليرة نتيجة لعدم تنفيذ كامل الخطة الإنتاجية للمحاصيل الهامة، خلال الموسم الزراعي 2012-2013.
كما أن تقريراً صادراً عن مديرية التخطيط في وزارة الزراعة لفت إلى أن المحاصيل الاستراتيجية سجلت انخفاضاً في نسبة المساحة المنفذة، خلال الموسم، بمقدار 83% للقمح، 86% للشعير، 47% للشوندر السكري، 33% للقطن، وأن كمية الإنتاج المسوق للمؤسسات الحكومية، في بعض المحاصيل انخفض بنسبة، 33% للقمح، 14% للشعير، 15% للشوندر السكري، 18% للقطن، وذلك بحسب ما نشرته إحدى الصحف الحكومية.
وبالطبع لا يمكن أن ننكر أن القطاع الزراعي يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني-حيث يشكل الأمن الغذائي- وأن أي خطر يواجه هذا القطاع فإن الاقتصاد الوطني في خطر، إذ إن اقتصادنا هو اقتصاد زراعي بالدرجة الأولى وهو يعتمد على المنتجات الزراعية في الصناعة كما أن أغلب الصادرات السورية هي من الزراعة، ومن ثم الصناعة.
كما أن مدير زراعة دمشق وريفها علي سعدات أكد مؤخراً في تصريحات له في الصحف المحلية على أن الزراعة في ريف دمشق تواجه الكثير من الصعوبات وتعرض الزراعة ضمن محافظة دمشق وريفها بشقيها النباتي والحيواني لأضرار غير مباشرة، حيث تضرر الناتج المحلي من القطاع النباتي بنسبة 40% وتقدر قيمته بحوالي 24 مليار ليرة سورية والقطاع الحيواني بنسبة 50% وتقدر قيمته بحوالي 60 مليار ليرة، وبالتالي بلغت الأضرار الإجمالية التي لحقت بالمزارعين على مستوى المحافظة حوالي 84 مليار ليرة سورية خلال ثلاث سنوات.
كما أن القطاع الزراعي في ريف دمشق وفق سعدات يواجه تحديات منها قلة الموارد المائية والتوسع العمراني نتيجة الكثافة السكانية العالية في دمشق وريفها.

"تطمينات".. ولكن هناك ما يثير القلق!!
بعد عرض السابق لابد من التأكيد على أهمية بذل الجهود الحثيثة لدعم القطاع الزراعي كونه العمود الفقري للاقتصاد السوري، وتذليل صعوباته حيث إن التصريحات السابقة تبعث على الطمأنينة ولكن الأرقام والمؤشرات تبعث على القلق، وخاصة بما يتعلق بانخفاض المساحات الإنتاجية، ولا ننسى أن الرقم التقديري لمجموع الأضرار الكلية للقطاع الزراعي تجاوز الـ 25 مليار ليرة سورية موزعة ما بين المحافظات وذلك وفق تصريحات سابقة لوزارة الزراعة منتصف العام الماضي، وبالطبع يعبِّر الرقم عن حجم خسائر ليس بقليل تعرضت لها زراعتنا وبالطبع الخسائر هذه يتعلق جزءٌ منها بالإنتاج وآخر بالمعدات والمستودعات والأبنية وسواها.
كما لابد من الوقوف على معاناة الفلاح حيث يواجه العديد من الصعوبات وخاصة فيما يتعلق بتوفير مستلزمات الإنتاج مثل المازوت والكهرباء، حيث يباع المازوت لبعض الفلاحين بأسعار تصل إلى 100 ليرة لليتر وصعوبة تسويق المنتجات بين المحافظات بسبب استهداف الطرق والانخفاض الكبير في عمليات تصدير المنتجات الزراعية وتوقف الآليات الثقيلة عن العمل مما أدى إلى انخفاض نسبة التنفيذ وارتفاع كلفة اليد العاملة وتذبذب أسعار الصرف وانعكاسه سلباً على أسعار مستلزمات الإنتاج، ولا ننسى استهداف المؤسسات والمنشآت والدوائر الزراعية والمراكز البحثية والمخابر واستهداف المحاصيل الزراعية وتخريبها وسرقة مستلزمات الإنتاج الزراعي وتهجير المزارعين ومنعهم من زراعة أراضيهم.
إذن، هناك الكثير من الصعوبات تعترض العمل الزراعي؛ وبالطبع على الحكومة أن تبذل قصارى جهدها في جعل الفلاح يتمسك بأرضه وتعويضه قدر الإمكان عن الخسائر التي تعرّض لها نتيجة الأزمة الراهنة.