بعد الشكاوى الكثيرة بحقّهم.. سائقو السويداء يشتكون!!

بعد الشكاوى الكثيرة بحقّهم.. سائقو السويداء يشتكون!!

الأزمنة

السبت، ١٨ يناير ٢٠١٤

السويداء- فريال أبو فخر  firyal-af@hotmail.com
أدت الشكاوى المتلاحقة والمستمرة والتي يتقدم بها الكثير من المواطنين بحق  أصحاب السيارات العاملة على خطوط المحافظة الداخلية والخارجية من سائقي الميكروباصات والسرافيس إلى خروج هؤلاء عن طورهم ونفاد صبرهم، لكثرة ما يتعرضون له من شكاوى من قبل المواطنين، معتبرين أنهم ضحية لتبعات هذه الأزمة مثلهم مثل المواطنين، لا بل أنهم يتعرضون للكثير من الظلم أكثر بكثير مما يتوقعه المواطنون، وبأنهم يحصلون على الفتات مقارنة مع التعب والجهد الذي يقدمونه في هذا العمل الشاق حسب تعبير أحد السائقين.

بعيدة كل البعد عن التسعيرة النظامية
وتبدأ أحداث هذه القصة عندما قام أبناء بلدة القريا والتي تقع إلى الجنوب من محافظة السويداء بتقديم الكثير من الشكاوى بحق أصحاب السرافيس والميكروباصات العاملة على هذا الخط، وخصوصاً بعد أن توقف عدد كبير من الميكروباصات عن العمل بعد ساعات الظهر على خط السويداء- القريا، ما جعل أبناء هذه القرية يتعرضون للابتزاز من قبل سائقي التكاسي والسرافيس والذين يعملون بدلاً من هذه الميكروباصات، مستغلين بهذا حاجة المواطنين للتنقل من بلدتهم وإلى السويداء ليطلبوا أجرة الراكب الواحد أضعافاً مضاعفة، وبعيدة كل البعد عن التسعيرة النظامية، بالإضافة إلى أنهم يضطرون وفي كثير من الأحيان إلى استخدام السرافيس العاملة على خط قريتهم والقرى الواقعة على نفس الخط، ما يجعلهم يتحملون أعباء وأجرة البلدات البعيدة بحجة أنهم يحجزون أماكن في هذه الوسيلة، وليس ذنب السائق إن كان هذا المواطن من ركاب هذه البلدة القريبة أو البعيدة فهو بالنهاية يحجز مقعداً ضمن هذه الوسيلة التي يملكها ومصدر رزقه.

نحن أيضاً نتعرض للظلم!!
أحد السائقين والذي كان مستاء جداً من هذه الشكاوى التي يتعرض لها هو وزملاؤه بتحميلهم الذنب بأنهم هم دائماً من يبتزون ويستغلون ظروف المواطنين لدرجة أنهم باتوا منبوذين أو مكروهين من بعض الشرائح الاجتماعية الأخرى؛ أحدهم صرّح للأزمنة قائلاً: نحن أيضاً نتعرض للظلم كباقي المواطنين، هل يعلم من يتقدمون بشكاوى ضدنا أننا قمنا بالإحجام عن العمل بسبب عدم معالجة مطالبنا والمشاكل التي نتعرض لها؟. وهل يعلم المواطنون أننا دائماً نسطّر الكتب والمراسلات إلى الجهات المعنيّة للنظر بما نواجهه من صعوبات ولا أحد يلتفت لهذه الكتب والمراسلات ونبقى ندور في حلقة مفرغة ولا شيء يتغير أو يُعالج، لقد طالبنا مراراً وتكراراً بإلغاء مواقف التاكسي والتي تمتد من إشارة التجنيد وحتى دوار المشنقة- وللعلم هذه التكاسي تأخذ أماكننا في الوقوف وتحجز الطريق وتسبب عرقلة واضحة بالمرور- ومع هذا لا أحد يحرك ساكناً، مع أن هذه التكاسي كان لها انعكاس سلبي على عملنا ورزقنا وعدد ركابنا الذين باتوا يتناقصون ويفضلون استقلال التاكسي بدلاً من الباص العامل على هذا الخط.
لو أنني أملك عملاً آخر لتركت هذه المهنة
مستاء آخر من السائقين أكد للأزمنة أنهم يعانون الأمرّين في الحصول على مادة المازوت لتعبئة آلياتهم لكي يتابعوا عملهم للحصول على قوت يومهم وأضاف: لو أنني أملك عملاً آخر لتركت مهنة السواقة وبعت الآلية التي أعمل عليها، هم يعتقدون أننا نجني الأموال الكثيرة جراء عملنا بهذه المهنة وبالنتيجة" هالشغلي مش جايبي همّا" وخصوصاً أن الكميات التي توزع علينا في مراكز الانطلاق لا تكفي لتشغيلنا نصف اليوم، وهذا ما يجبرنا على شراء هذه المادة من السوق السوداء لإكمال يوم عملنا أو أن نذهب ونجلس بالبيت، عندها نفضل العمل والتعبئة بسعر مرتفع حتى لو لم نجْنِ إلا القليل من المال فهذا أفضل من التوقف عن العمل، أحد السائقين والذي يعمل على خط  صلخد- السويداء تحدث للأزمنة عن آلية العمل المتّبعة في توزيع مادة المازوت على السائقين الذين يعملون على جميع الخطوط ومنها خط السويداء- صلخد حيث يوزع على كل سائق ما يقارب الأربعين ليتراً من المازوت كل خمسة أيام مع العلم أنهم يحتاجون إلى ما يقارب الألف ليتر وأكثر شهرياً لكي لا يضطر السائق إلى اللجوء للسوق السوداء لشراء المادة عندما تفرغ لديه، وأضاف: كل السائقين الذين أعرفهم يسلكون هذا الطريق وإلا فمصيرهم هو نفاد الكمية التي تعبّأ لهم والجلوس دون عمل، عندها يفضل السائق العمل بأصعب الظروف وبالمقابل بإنتاجية ومردود يكاد لا يذكر، أو أحياناً يعمد الكثيرون إلى رفع التسعيرة لكي يستطيعوا الاستمرارية" ومنشان توفي معن شوي" ما يقابله شكاوى عديدة من المواطنين وتذمّر واستياء من قبلهم وكأننا نحن سبب أزماته ومشاكله وضعف دخله ومرتبه، أو كأننا السبب في تقليص مصروفه عندما يطلب السائق 5 ليرات إضافية. 
أ سعار الزيوت ارتفعت أضعافاً مضاعفة
إذا بقيت المشكلة على المعاناة الكبيرة التي نواجهها في الحصول على مادة المازوت لهان الأمر، ولكن هناك مشاكل أخرى نتعرض لها نحن السائقين لا يعيها المواطن ولا يحسب لها حساباً، فهل يعلم المواطن الذي يقدم الشكاوى تلو الأخرى بحقنا أن الزيت الذي نستخدمه لآلياتنا قد ارتفع أضعافاً مضاعفة؟. وبتنا نهكل الهم عندما نقدم على تغيير الزيت لآلياتنا لأن هذا يعني مزيداً من المصاريف والتكاليف الإضافية والتي لا نستطيع ادّخارها بسبب أن ما ننتجه يومياً نصرفه على حاجياتنا وحاجات أسرنا وأطفالنا والمتطلبات الكثيرة من خضار وفواكه ومواد تنظيف ومواد وقود ومواد تموينية في ظل هذا الارتفاع المحلق والجنوني للأسعار، والتي تضاعفت 3-4 مرات وبالمقابل مازال دخلنا ثابتاً، معادلة باتت تشكل هاجساً للجميع، في ظل عدم استيعاب ما يحدث من غلاء فاحش بدأ يهدد لقمة عيشنا وعيش أطفالنا، ونأتي بالنهاية لنتحمّل الضغوطات الكثيرة التي نواجهها جراء الشكاوى المتتالية من قبل المواطنين، لتولد حالة من المراقبة الشديدة على ما نفعله، والأهم أننا لا نغتني جراء عملنا بل نحاول قدر الإمكان أن نوازن بين الجهد والتعب الذي نقوم به عندما نقوم بعملنا وبين ما ننتجه بما يوازي هذا الجهد. 

ارتفاعات جنونية لجميع قطع الغيار والإطارات وأجور التصليح
وتحدث سائق آخر فقال: الجميع يستغلون السائق، فجميع قطع الغيار التي تستهلكها آليته أصبح سعرها أضعافاً مضاعفة فأسعار الإطارات وصلت لأكثر من أربعين ألف ل.س، أما سعر ليتر الزيت فقد ارتفع من 85 ل.س حتى وصل إلى أكثر من 250 ل.س، حتى أصحاب محلات إصلاح السيارات يستغلوننا، وعندما أريد أن أفك إطار في محل لتصليح السيارات فهذا يكلفني 800 ل.س، فأي عدل هذا، هناك فوضى عارمة تجتاح عملنا في ظل غياب الأجهزة الرقابية والتي تقف عاجزة أمام هذه الارتفاعات الجنونية لجميع قطع الغيار والإطارات والزيوت وأجور التصليح، وعندما نراجع الجهات المعنية لمعرفة من هو المسؤول عن هذه الارتفاعات يأتيك الرد: بعدم المعرفة فالسوق وتجّاره الذين لا يرحمون هم من يتحكمون بالأسعار التي بتنا عاجزين عن تحمّلها وتحمّل تكاليفها، وبعد ذلك يحاسبوننا على إحجامنا على العمل، وتساءل: كيف سنعمل في ظل كل هذا الغلاء، والذي طال جميع مستلزمات آلياتنا، ومن هنا يجب على الجهات المعنية أن تدرس ارتفاع جميع المستلزمات وليس مادة المازوت فقط، وعلى أساس كل هذه مجتمعة تضع نسبة الأجور المناسبة التي نستحقها، لأن الأوضاع إذا ما بقيت على ما هي عليه فسوف نعمل" ببلاش" والذي يحزّ بأنفسنا نحن السائقين أن المواطنين يعتقدون أننا نستغلهم ونبتزّهم، مع أننا نتعرض لموجات الغلاء والارتفاعات المستمرة لمختلف المواد مثلهم مع فارق بسيط أن عملنا متعب ومجهد بشكل كبير.
لا تغيّر في أسعار المواد.. حتى مللنا المطالبة
لقد اعترف كلٌّ من اتحاد العمال ومكتب النقل ونقابة النقل البري ومراكز الانطلاق ومن خلال معاينتهم للواقع بأن هناك ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الإطارات والتي بات سعرها لا يطاق، كذلك الزيوت وأجور التصليح والتي تصل شهرياً لأكثر من 90 ألف ل.س بالإضافة لارتفاع أسعار قطع الغيار، وطالبوا مراراً وتكراراً بمراقبة هذه التجاوزات لكي لا يبقى السائق عرضة للاستغلال والابتزاز، هذا ما ذكره لنا أحد السائقين وأضاف: ومع هذا كله مازال الواقع كما هو لا تغيّر في جميع أسعار هذه المواد حتى مللنا المطالبة والمناشدة لكسر حدة هذه الأسعار التي أرهقت كاهلنا.
 أحد السائقين على خط المزرعة السويداء قال: والله العظيم أصبحنا نطلع للعمل على أعصابنا خوفاً من المشادات الكلامية التي تحدث بيننا وبين المواطن، وأمام هذا الغلاء نحن نضطر أحياناً أن نعمل بشكل شبه مجاني والذي طال كل شيء، فلا يكاد السائق يخرج من أزمة نقص المازوت وشرائه من حرامية المازوت ليقع في مطب إصلاح آليته، والميكانيكي الذي يصلح الميكروباص والذي لا يرضى بأقل من700 ليرة سورية أجرة عمل بسيط، هذا عداك عن الرسوم السنوية التي يدفعها السائق لخزينة الدولة.

تعرضت للموت بسبب الاشتباكات العنيفة
أحد سائقي الصهاريج الذين ينقلون مواد الوقود إلى السويداء ذكر للأزمنة أن هناك كثيراً من الظلم يقع عليهم من قبل الجهة التي يعملون بها بالإضافة إلى تحريض مدير الدائرة من قبل المواطنين عليهم فهم دائماً يقولون لهم" إنتو ما بتمونو على شوفيرية صهاريجكن" في إشارة واضحة إلى أنهم لا يقدِّرون مدى الخطورة التي نتعرض لها جراء ذهابنا إلى المناطق الساخنة لجلب مواد الوقود، لقد تعرضت للموت أكثر من مرة بسبب الاشتباكات العنيفة والوضع الأمني الخطير على الطريق الدولي ما بين حمص ودمشق، وفيما بعد يأتي بعض المواطنين ويقدمون الشكوى تلو الأخرى بحقنا لأننا نطلب أجوراً عالية لنقل مواد الوقود وإيصالها إلى السويداء، وأضاف: صحيح أن هذا عملنا، وصحيح أن من واجبنا نقل المواد لكي لا تحدث أزمة وقود بالمحافظة، ولكننا بالوقت نفسه نحن بشر من لحم ودم ونشعر بالخوف على حياتنا من السير في أماكن الاشتباكات والخطر.   
وفي ذات السياق تعتبر مديرية نقل السويداء إحدى المديريات التابعة لوزارة النقل والتي تقع خارج الحدود الإدارية للمدينة وتبعد عن المركز مسافة/6/ كم ويطبق فيها مبدأ الصالة الواحدة حيث يتواجد فيها مندوبو كل من التأمينات الاجتماعية - المرور- نقابة عمال النقل البري- صندوق المالية، كما وأن جميع الأعمال فيها مؤتمتة بالإضافة إلى أن كافة عقود الآليات تنجز في مديرية النقل بدلاً من نقابة عمال النقل البري وتعتبر مديرية نقل السويداء الوحيدة التي أنجزت هذا العمل لتخفيف العناء على الإخوة المواطنين، ولكن ولاستكمال تقديم الخدمات للمواطنين وتخيف الأعباء عليهم طالب أحد المواطنين بفتح مراكز للمؤسسة العامة السورية للتأمين واتحاد الشركات السورية للتأمين ضمن مركز المدينة والمناطق والنواحي التابعة لها وذلك لتخفيف الأعباء المادية عنهم من أجور التاكسي أو أي وسيلة أخرى يستقلونها لكون التعرفة أصبحت مرتفعة بعد ارتفاع أسعار كافة مواد الوقود.

كلمة أخيرة
المشكلة ليست بالسائقين، وكذلك الأمر ليست بالمواطنين، فالطرفان وفي ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة أصبحا" فشة خلق" لبعضهما بعضاً، كل طرف يتّهم الآخر بأنه يلحق الظلم به، وبأنه سبب معاناته اليومية والتي يسعى لها السائق بكل قواه للبحث عن الكمية اللازمة من مادة الوقود، التي يستهلكها ليكتشف أنها لا تكفيه ليضطر مجبراً لشرائها من السوق السوداء لتكملة يومه والذي يؤكد دوماً أنه شبه مجاني، ليفاجأ بعد حين بأسعار قطع التبديل والزيوت الجنونية وأجور التصليح والإطارات والتي باتت هي الأخرى في سباق ماراثوني لتحقيق النسبة الأعلى من الارتفاعات غير المسبوقة، أما المواطن "الحلقة الأضعف في هذه المعادلة" والذي يعتبر الخاسر الوحيد جراء ثبات دخله وما يقابله من ارتفاعات في شتى أنواع حاجاته، فهو يسعى دائماً إلى الشح والاقتصاد والتقتير حتى يستطيع أن يكمل شهره حتى لو وصل الأمر به للتوفير عن طريق وسائل النقل التي تقله، وبهذا يتحاشى طلب المعونة من الآخرين دون أن يقصدهم للاستدانة منهم، كل هذه الضغوطات باتت تؤرق نومهم وتقض مضاجعهم، يتحمّلها المواطن والسائق والموظف وكافة الشرائح الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود على أمل الانفراج القريب..