بين الاضطرار.. وبين الاتجار.. الرقابة بعيدة عن المستغلين الكبار وتلاحق الصغار

بين الاضطرار.. وبين الاتجار.. الرقابة بعيدة عن المستغلين الكبار وتلاحق الصغار

الأزمنة

السبت، ١١ يناير ٢٠١٤

خاص
تنوي الحكومة محاربة باعة الخبز على أبواب الأفران حيث أثير في الصحف المحلية، أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين سيناقش مسألة الازدحام الملاحظة على الأفران وسيضع حداً للمتاجرين السماسرة الذين يحصلون على موافقات من الجهات المعنية تتيح لهم شراء كميات كبيرة من الخبز وبيعها بأسعار ترتفع عن سعرها المدعوم من قبل الحكومة إلى أربعة أو خمسة أضعاف.
وهنا لا بد من السؤال: هل من يقوم بالمتاجرة بالخبز الذي يعتبر مادة مدعومة يدخل ضمن نشاط السوق السوداء ويجب محاسبته ومعاقبته؟.. أم أن هناك جوانب أخرى يجب النظر فيها مثل المتاجرة بالطحين والمازوت المقدم للأفران الحكومية؟.. وعلى من يقع اللوم في هذا الأمر؟.

شركة المخابز الآلية.. لا يوجد سوق سوداء ولسنا مسؤولين عن ما يحدث خارج الفرن
مدير عام شركة المخابز الآلية عثمان حامد أكد في تصريحه لـ الأزمنة، إنه لم يعد هناك أي ازدحام على الأفران وكل المخابز يتوفر بها الطحين والمازوت وجميع العمال متواجدون على رأس عملهم، لافتاً إلى إنه كان يوجد ازدحام على الأفران وذلك عندما تعرضت سورية لمنخفض جوي إلا أن سرعان ما عادت الأمور إلى مجرياتها الطبيعية، لافتاً إلى أن المخابز الآلية ستبقى مفتوحة أثناء الأعياد ولن تغلق أبوابها.
وعن انتشار بيع الخبز على الأرصفة بأسعار مضاعفة جداً قال حامد: "بالنسبة للمخابز الآلية يتم بيع ربطة الخبز بسعرها النظامي وهو 15 ليرة ولا يوجد أي سوق سوداء لها، في حين أن ما يجري خارج إطار الأفران فليس للمخابز الآلية علاقة به".
وعن زيادة الطلب على مادة الخبز قال مدير شركة المخابز الآلية: "كان هناك زيادة في الطلب على مادة الخبز أثناء المنخفض الجوي، ولكن عادت الأمور إلى مجرياتها الطبيعية حيث يزيد الطلب في مكان ما في حين ينقص الطلب في مكان آخر، ويمكن القول بأن الطلب على الخبز لم يزد وهو متقارب من حجم الطلب الذي تم تسجيله في العام الماضي".

متابع: الأفران السياحية والمعجنات تخبز بطحين تمويني.. عن طريق اللف والدوران
متابع لشؤون الأفران فضّل عدم ذكر اسمه قال في تصريحه لـ الأزمنة: "إنه يجب مراقبة الأفران السياحية والمعجنات"، مؤكداً أنه لا يوجد أي فرن سياحي أو محل يقوم بصناعة المعجنات يقوم باستخدام طحين سياحي، بل إن جميع كميات الطحين المستخدمة في تلك الأفران هي طحين تمويني ويتم الحصول عليها عن طريق "اللف والدوران".
وأشار إلى أن الحكومة تخسر نحو 7 ليرات في كل كيلو طحين تمويني يتم توزيعه على الأفران الحكومية، إلا أن جزءاً كبيراً من الطحين يذهب إلى الأفران الخاصة ويحققون أرباحاً طائلة حيث يقومون ببيع سعر المعجنات والخبز السياحي بأسعار مرتفعة للمواطن.
ولفت إلى أن الحكومة تدفع الكثير لتأمين رغيف خبز جيد للمواطن وبسعر لا يمكن أن يحصل عليه أي شخص في العالم كله، إلا أن ضعاف النفوس أخذوا يتاجرون بالطحين المدعوم، ولو تمّ ضبط عمليات المتاجرة لما كانت الحكومة صرفت ربع كميات الطحين التي تقوم بتوزيعها حالياً على المخابز العامة.
ونوّه إلى أن الذي يقوم ببيع ربطات الخبز على الأرصفة وفي الشوارع لا يلام، كونه قد يكون مهجراً وقد اضطرته الظروف التي يواجهها إلى التوجه لهذا العمل، فهو غير مرتاح في عمله هذا ولكن لكي يكسب لقمة عيشه، كما أنهم يقدمون خدمة للمواطن على الرغم من أنه مجبر على ذلك".
وكان رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني أوضح في إحدى تصريحاته، إنه لو كانت هناك عائلة تقوم كل يوم ببيع 30 أو 40 ربطة خبز بهذه الطريقة فإنها من المؤكد عائلة تبحث عن رزقها وعيشها مع هذه الظروف القاسية، في حين هناك من يدخل إلى الأفران يومياً ليحصل على أكثر من 100 ربطة للمتاجرة بها بأسعار خيالية وهذه هي الحالة التي يجب إيقافها حيث وّجه دخاخني رسالة إلى الحكومة قال فيها: "إن المرأة التي تقف أمام الفرن حتى منتصف الليل وتبيع الخبز لا تعتبر تاجرة خبز وإنما هي امرأة أو فتاة تريد العيش بكرامتها ولا تقوم باستغلال الناس، مع ضرورة محاسبة من هو داخل الأفران وليس في خارجها فقط لأن البعض منهم يبيع الخبز داخل الفرن بأسعار مرتفعة وكأن الفرن ملكه الخاص وبمزاجيته، فالفرق كبير بين من يتعيّش من هذا العمل ومن يتاجر ويجني أرباحاً طائلة من هذا الأمر بشكل مخالف".

ماذا عن المتاجرين بالطحين والمازوت..؟
بعد عرض السابق يجب التأكيد على أن الذين يقومون ببيع الخبز على الأرصفة أو في الشوارع لا يشكلون الخطر الكبير على الاقتصاد كما أنهم يعتاشون من خلال هذه العملية، ولا نعلم ما هي حالتهم، فقد يكونون مهجرين من المناطق الساخنة وقد تكون ظروفهم المادية صعبة مما يضع اللوم على جهات حكومية مقصرة في تلبية احتياجاتهم مثل وزارة الشؤون الاجتماعية والتي يجب أن تعمل على توفير احتياجاتهم اليومية بدلاً من تركهم يتوجهون إلى السوق السوداء، كما أن اللوم يقع في نفس الوقت على وزارة العمل التي يجب أن تعمل على توفير فرص عمل لهؤلاء وغيرهم.
ونعود ونؤكد على أن بائعي الخبز على الأرصفة ليسوا بخطر بل الخطر الحقيقي يأتي من الذين يقومون ببيع الطحين التمويني والمازوت المدعوم المقدم إلى الأفران الحكومية للأفران الخاصة ولبعض المستغلين حيث يتم جني الكثير من الأرباح من خلال عمليات المتاجرة هذه والتي تتم على حساب الحكومة أولاً والخزينة العامة وعلى حساب المواطن ثانياً ولقمة عيشه، فليس من المنطقي أن نترك المتاجرين والمستغلين الكبار والذين يؤثّرون على الإنتاج ويحصدون مئات الألوف يومياً من المتاجرة بمواد مدعومة ونقوم بضبط وملاحقة ومكافحة ومعاقبة من يقوم ببيع ربطة خبز بسعر قد يصل إلى 75 ليرة، فهناك أولويات يجب التوجه إليها، وكما يقال:"عندما يعرف السبب يبطل العجب"، فعندما يتم توفير الخبز بشكل سهل في الأفران الحكومية فإن ذلك سيوقف المتاجرة بالخبز ولكن لن يوقف المتاجرة بالطحين والمازوت، فهلّا قامت الجهات الرقابية بملاحقة هؤلاء المتاجرين بدلاً من ملاحقة المعتاشين على بيع ربطات الخبز على الأرصفة؟..