بعد تحويل خط الترانزيت من أوتوستراد محافظة درعا باتجاه طريق السويداء دمشق؛ شبكة الطرقات تتحول إلى مستنقعات

بعد تحويل خط الترانزيت من أوتوستراد محافظة درعا باتجاه طريق السويداء دمشق؛ شبكة الطرقات تتحول إلى مستنقعات

الأزمنة

الخميس، ١٩ ديسمبر ٢٠١٣

السويداء- فريال أبو فخر  firyal-af@hotmail.com 
هبوط وتشققات، وتشكّل للمستنقعات والبحيرات، هذا هو حال الكثير من الطرق المركزية والثانوية والفرعية في محافظة السويداء منذ البداية، وحتى قبل الأزمة!! فكيف سيؤول عليه الحال الآن بعد تحويل خط الترانزيت من أوتستراد محافظة درعا باتجاه طريق السويداء دمشق، سأترك لتفكيركم العنان في رسم صورة لهذه الطرق بعد هذا الحراك المروري الضاغط على المدينة، والتي أصبحت تشهده طرق المحافظة الداخلية والخارجية، وخاصة إذا ما علمنا- وحسب رأي بعض المختصين- أن هذه الطرق المحلية وحتى المركزية الرئيسة غير مؤهلة للنقل الدولي. 

لتخفيف الضغط عن المدينة
وبحسب مصدر في فرع المواصلات الطرقية بالسويداء أنه سبق للجهات المعنية في المحافظة أن قامت برفع العديد من الكتب الرسمية والمذكرات والمراسلات الخطية والشفهية إلى المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، وذلك للحصول على موافقة لإجراء صيانة وإعادة التأهيل لهذه الطرق، وذلك لمواجهة هذه الضغوطات التي طرأت بعد هذا التحويل الطارئ، ولكن النتيجة لا استجابة لكل هذه المطالبات والمذكرات، والتي كان آخرها الشهر الماضي حيث بيّن فيها فرع المؤسسة بالسويداء حاجة الطرق المركزية لأعمال صيانة، إضافة لبعض المشروعات الطرقية الملحّة والواجب تنفيذها, كما أشارت المذكرات إلى ضرورة إعداد دراسة حول تحويلة السويداء البالغ طولها30 كم بحيث يتم ربط طريق دمشق– السويداء بكافة الطرق المركزية الأخرى، كالسويداء- ازرع في محافظة درعا، والسويداء – الثعلة الواقعة إلى الغرب من المحافظة، والسويداء – القريا والتي تقع إلى الجنوب من المحافظة، والسويداء – صلخد، دون المرور بمدينة السويداء، وذلك لتخفيف الضغط عن المدينة ولاسيما بعد أن أصبح طريق الشاحنات من قلب مدينة السويداء، وهو المقطع الأول من الطريق الدولي السويداء – صلخد – الحدود الأردنية، إضافة لتحويل مقطع طريق صلخد – مثلث بكا – ذيبين – الطريق الحدودي الموازي بطول 25 كم إلى طريق مركزي، حيث يربط البادية ومنطقة صلخد بمعبر نصيب الحدودي في درعا، إضافة لربطه 4 طرق مركزية وهي صلخد – الحدود الأردنية – السويداء – صلخد، خاصة وأنه طريق حيوي وضروري كطريق بديل للعبور الخارجي، ولكن كل هذه المحاولات والمطالبات باءت بالفشل.. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يتم الاستجابة من قبل المؤسسة العامة لهذه المذكرات والمطالبات بأعمال الصيانة؟.. وكيف لها أن لا تستجيب- لبعضها على الأقل- وهي تدرك تماماً بأن طرق المحافظة أصبحت الحامل الرئيس لكل تلك الشاحنات والتي تأتي من الحدود الأردنية باتجاه العاصمة؟

بعد أن كلّفت ملايين الليرات أصبحت أشبه بالمستنقع!!
والطامة الكبرى أنه لم يكد يمر وقت طويل على الانتهاء من طريق دمشق- السويداء إلا سرعان ما باتت العيوب تظهر على عُقده وأجزاء منه- حيث بات كما قلنا يتحمل ضغطاً مرورياً في الآونة الأخيرة- والذي ردّه الكثيرون وكالعادة إلى سوء التنفيذ، وإن لم يكن كذلك كيف لهذه العيوب أن تظهر ولم يمر وقت طويل على الانتهاء من تسليمه!! وخاصة عقدة منطقة شهبا والتي حوّلتها الأمطار التي هطلت مؤخراً على المحافظة إلى مستنقع للمياه بعد أن كلفت ملايين الليرات والتي ستصبح أشبه بالمستنقع الدائم في فصل الشتاء، مع العلم بأن هذه العقدة هي نقطة التقاء لطريق دمشق– السويداء وطريق دمشق- شهبا، وشهبا- شقا، وشهبا منطقة اللوا بجميع مناطقها، وطبعاً الذي يعرف هذه المنطقة يدرك كم تشكل هذه العقدة من أهمية كمركز التقاء لهذه المناطق الحيوية بالمحافظة، وكم تشهد حراكاً مرورياً كبيراً، وبالتالي فهي معرضة لوقوع الحوادث الكارثية فيها، ومن هنا نستغرب كيف لا تتم مساءلة ومحاسبة الجهة المنفذة بعد أن ثبت وعلى أرض الواقع وبالعين المجردة أن مستنقعاً واضحاً للعيان بادٍ في هذه العقدة؟.. ومن هنا نسأل أيضاً والسؤال مشروع لماذا تظهر الكثير من العيوب بالمشروعات المنجزة مع أنها حديثة العهد؟ ولماذا لا يكتشف القائمون على هذا المشروع نواقص الدراسات المعدة والتي تكلف الكثير من الميزانيات إلا بعد أن ينفذ المشروع؟ وإذا كان هناك من يعبِّد الطريق لإنجاز هذه المشاريع بطرق لا شرعية للمنافع الشخصية، فأين هي الجهات الرقابية، وأين هي الجهات المشرفة على تنفيذ هذه المشروعات؟.. فهل يعقل أن يكلف مشروع ما ملايين الليرات ليُصار فيما بعد إلى إجراء الصيانة والتأهيل فيه بعد مدة زمنية قصيرة من الوقت، ليهدر مالاً إضافياً من موازنات الدولة والتي من المفروض أن تُصرف لمشاريع خدمية جديدة لتلبية حاجة المواطنين؟..

سوء بالإشراف والتنفيذ وظهور التشققات والفواصل
أحد المهندسين ذكر للأزمنة أن هناك خللاً في هذه العقدة وعادة ما نردُّ ذلك- والكلام للمهندس المختص- إلى عيوب إنشائية وتنفيذية أي سوء بالإشراف والتنفيذ، فظهور التشققات والفواصل والهبوطات الممتدة على الجسر الحامل لتلك العقدة، يمكن أن نحلله اختصاصياً بشح الكميات الإسمنتية التي استخدمت لهذه الغاية، وبالتالي هذا الشح بالإسمنت أو بأي مادة من مواد البناء، سيؤدي بالنهاية إلى تكشف الحديد المسلح المستخدم وتعرضه للتلف والالتواء ومن ثم الهبوطات، ونتيجة طبيعية إلى تجمّع المياه وتشكل المستنقعات التي نراها في كل طريق من طرقنا.    
وفي السياق ذاته تحدث رئيس مجلس مدينة شهبا المحامي عماد الطويل عن هذا الموضوع والذي بات حديث الأهالي في مدينة شهبا فذكر أن العيب التنفيذي الكبير والذي بات حالياً ولاسيما بعد دخولنا فصل الشتاء حديث الساعة من قبل الكثيرين هو عدم قيام الجهة المنفذة بتحقيق الميول المائي المطلوب باتجاه المصافي المطرية الموجودة على دوار العقدة المرورية والتي تعد ملتقى لأكثر من طريق وفي عدة اتجاهات، الأمر الذي حوّل جميع محاور العقدة ووسطها إلى مستنقع للمياه ولاسيما أثناء الهطولات المطرية؛ وكل هذا مردّه إلى التنفيذ السيئ لهذه العقدة ما أدى إلى عدم وصول المياه إلى هذه المصافي، الأمر الذي أبقاها متجمعة في الوسط بشكل كبير وبالتالي تشكّل هذا المستنقع الذي يلفت الأنظار..

ظروف صعبة في الشتاء
وإذا كانت المخاطبات والمراسلات والمذكرات والتي وُجهت إلى المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية ووزارة النقل من قبل مجلس المحافظة من خلال التوصيات التي تنبثق عنه باختتام كل دورة من أعماله، والذي يطلب فيها ضرورة صيانة الطرق المركزية نظراً للضغط الكبير على هذه الطرق من آليات وخط عبور خارجي، فكيف سيكون حال الطرق الفرعية والطرق المؤدية إلى مختلف المناطق بالمحافظة والتي تشهد ظروفاً وتحديات صعبة لأهالي هذه المناطق في فصل الشتاء؟.. أحد المواطنين من منطقة المشنف الجبلية والتي تشهد تساقطاً للثلوج وتراكمها طوال فصل الشتاء تقريباً، ذكر للأزمنة أن شبكة الطرقات الواصلة إلى منطقتهم والقرى الواقعة على نفس خط السير ومنها: مياماس، السهوة، رامي، عرمان، ملح، تل اللوز، الهويا، طليلين، خازمة، شعف، كلها تعاني من سوء في التنفيذ بالإضافة إلى ضيقها وقلة عرض هذه الطرقات، مما تسبب الكثير من الحوادث والإرباكات وخاصة أثناء تراكم الثلوج في مناطقهم، وطبعاً ذكر لنا أنهم دائماً يسطِّرون الكتب والعرائض المتضمنة الكثير من المطالبات بصيانة هذه الطرق، ولكن" فالج لا تعالج" حسب تعبيره. 
متعهد من إحدى القرى الجبلية ذكر أن جميع الطرق الجبلية بالمحافظة تعاني من سوء الشبكة الطرقية فيها، وعدم إقبال المتعهدين على تنفيذ مشاريع تحسين وشق هذه الطرق بسبب طبيعتها الجبلية القاسية وسوء المخططات التنظيمية التي لم تأخذ بعين الاعتبار مستقبل هذه الطرق حيث تتميز بضيقها وسوء تنفيذها لدرجة الشعور بالخطر إذا مرت سيارتان متجاورتان على نفس الطريق، ولهذا كان لتكاتف جميع أبناء القرية لصيانة وتوسيع هذه الطرق دور كبير حتى لو خسروا قسماً من أراضيهم، وسأذكر لك مثالاً – والكلام للمتعهد- على أهمية مساهمة المجتمع المحلي بحل المشاكل والصعوبات التي تواجهه بعد أن ملّ المواطنون من المطالبة والمناشدة بأهمية توسيع الطرقات في إحدى هذه القرى الجبلية والتي كانت تعاني مع المناطق الأخرى من كثرة الحوادث وإزهاق كثير من الأرواح.

كثافة مستخدميها تعرضهم للخطر وحاجة ماسة لتوسيعها..
في حديثه للأزمنة يقول مواطن إنه ولدى مراجعتهم للجهات المعنية يكون ردها بأنه تم إبرام عقود للصيانة وإعادة التأهيل وتمت الموافقة على 3 أو 4 من الطرق الرئيسة مثلاً والموضوعة ضمن الخطة لهذا العام للقيام بصيانتها وتأهيلها للعمل من جديد، والسؤال الذي يطرح نفسه أين هي بقية الطرق من هذه الصيانة والذي من المفروض أن تشمل الميزانية عدداً أكبر من الطرق، فليس من المعقول أن نطالب على سبيل المثال بصيانة 80% من الطرقات والتي هي بحالة يرثى لها ويتم إبرام العقود على 10% من المطلوب فقط، وكيف لهؤلاء المواطنين أن يتحملوا كل هذا الإهمال في هذه الطرقات والتي تسبب الكثير من الحوادث المؤلمة والذي يعد سوء الطريق والهبوطات الموجودة فيه أحد أسبابها الرئيسة.

كلمة أخيرة
تقارير مؤسسة المواصلات الطرقية تشير دائماً إلى مكامن الخطر الموجودة على الطرقات، وتعرف أيضاً أماكن تواجد هذه الطرقات، ولتجاوز كل هذه المشكلات فهي تصرح دائماً أنها بحاجة إلى تكاليف كبيرة مادياً وتنفيذياً، أما التقرير الوطني لتنافسية الاقتصاد السوري فيبيّن أن البنية التحتية للطرق تحتاج إلى تحديث دائم وإجراء الصيانة في وقتها حتى تتلاءم مع المواصفات الدولية، فتراجع مؤشر الطرق البرية إلى هبوط، الأمر الذي يشير إلى ازدياد حالة الطرق سوءاً، وما ارتفاع معدلات حوادث الطرق العامة في سورية بحسب التقرير إلا الدليل الأكبر على ذلك، كما ودلت الدراسات أن سوء حالة الطريق دخل ضمن المرتبة الثالثة كمسبب للحوادث بعد السرعة الزائدة وعدم التقيد بإشارات المرور، فالطريقة المتبعة حالياً - وحسب هذه الدراسات تلعب الصيانة الدائمة دوراً في تلافي العيوب الظاهرة على الطرق وتقليل الحوادث الناجمة عنها، والحدّ من مشكلات الطرقات عموماً- غير مجدية لمعالجة العيوب التي قد تطرأ على الأغطية الطرقية، وغياب المنهج العلمي في تقييم أداء الطريق وتحديد احتياجات الصيانة- حيث يوجد في كل دول العالم كود صيانة لكل نوع من أنواع العيوب، وهذا غير موجود لدينا- كما وإن أغلب العيوب الموجودة على الطرق ناجمة عن سوء التنفيذ والحمولات الشاذة، وعدم وجود معايير محددة لمعرفة نوع الصيانة المطلوبة، إذ غالباً ما يعتمد على الاجتهادات والخبرات الشخصية، كما أن الموارد المخصصة للصيانة لا تستخدم للصيانة بشكل فعال حسب هذه الدراسات..
وبعد.. ما زلنا ندرك سبب كل تلك المشكلات بالاعتماد على كل هذه التقارير والدراسات، ومازلنا نعرف الداء والدواء، فلماذا لا نتبع العلاج الشافي والذي يخلصنا من كل تلك الأوجاع؟ وما المانع من تخصيص مزيد من الميزانيات والأموال لضخها في الصيانة والتأهيل حتى لو كلّفنا هذا الكثير ما دام سيقابلها بالنهاية إنقاذ كثير من الأرواح؟ ولا نعتقد أن هناك أثمن من الإنسان..