هل يحقق "معرض الزيتون والحمضيات" النتائج المرجوة من قيامه؟

هل يحقق "معرض الزيتون والحمضيات" النتائج المرجوة من قيامه؟

الأزمنة

السبت، ١٤ ديسمبر ٢٠١٣

زهير جبور
افتتح في اللاذقية الأسبوع الماضي "معرض الزيتون والحمضيات" بحضور وزير الزراعة وعضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي والجهات المسؤولة والمعنية محلياً، وكانت التحضيرات له قائمة قبل زمن، وأكدت مصادر الزراعة إنه سيأتي استثنائياً، وقد وفرت ظروف نجاحه، وعملت على هندسة المعروضات بشكل جذاب، يتناسب مع طبيعة المنتج، وأهميته في الحياة الساحلية، ويبرز مدى العلاقة التي تربط الزراعة بالمنتجين الذين يعملون في الأرض طوال العام، في انتظار الموسم الذي طالما تعثّر في السنوات السابقة، بسبب سوء التخطيط وعدم توازي الإنتاج مع الاستهلاك، والخسائر المتعاقبة التي تكبّدها الفلاح بعد انتشار زراعة الحمضيات بشكل واسع جداً، وغيرها من القضايا التي تعود إلى زمن مضى شهدت فيه الأراضي تبدلات ارتجالية بين قلع الزيتون وزراعة الليمون، وقلع الاثنين معاً لإقامة الإسمنت والبناء المخالف، والموضوع يطول والمسؤول أولاً وأخيراً هو الفساد الذي أفسد جوانب متعددة من حياتنا، وعششّ في مفاصلنا، وشلّ ليس الزراعة فحسب بل نخر معظم مؤسساتنا، ونأمل أن تكون الأزمة المؤلمة التي نمر بها الآن درس عظة نخرج منه بمزيد من الإحساس الوطني والتفاني وعلاج الأمراض الأنانية التي ضربتنا.
   
المواصفات الإنتاجية
تشكل مساحة زراعة الحمضيات 32% من المساحة الزراعية في المحافظة، وتشير مصادر الزراعة أن سورية تأخذ المركز الثالث عربياً في إنتاج الحمضيات بعد المغرب ومصر، والسادس على مستوى دول المتوسط، وهذه مكانة رفيعة ومتقدمة، ينبغي أن نهيئ لها الوسائل الدعائية والإعلام الخارجي، وأن تأخذ سفاراتنا دورها في الترويج خاصة وأن مواصفات الإنتاج تتفرد في اللون والنكهة والطعم بسبب طبيعة المناخ، إلى جانب ذلك خلوّها من الآثار المتبقية للمبيدات، وهذا بفضل أسلوب الإدارة المتكاملة للآفات حسب المصدر المذكور، وثمة تعدد للأصناف وتوزعها على مدار العام، وملاحظة النضج المبكر لبعضها وهذه ميزة تنافسية ينبغي استثمارها، ففي الدول الأخرى يتأخر نضج الثمرة وقد يخلو منها السوق، بينما عندنا فهي تتقدم في ذلك، وهذا ما يعطي نتائج تصديرية جيدة في حال تم الاهتمام بالعمل. ولدينا أيضاً تنوع بين مجموعة الحامض والبرتقال واليوسفي والبوميلو والليمون الهندي، أما في الزيتون والمعرض خُصص له أيضاً، فهذه الشجرة تواجدت على الساحل منذ القدم، وفي منطقة (دمسرخو) تتحدث الذاكرة الشعبية عن شجرة يعود عمرها لأكثر من ألف عام، وكنّا في مجلة الأزمنة قد نشرنا عنها، وحصلنا على شهادات من مسنين كبار توارثوا حكايتها عن أجدادهم وهؤلاء عمّن سبقهم، ونبّهنا حينذاك إلى ضرورة المحافظة عليها وتسويرها، وتسجيل بطاقة تعريف بها، وحرصنا على ذلك كثيراً، واعتبرناها موقعاً سياحياً ينبغي تخديم ما حوله، لكن؛ للأسف قلعتها إحدى آليات الطرق الزراعية دون أي انتباه لأهميتها التاريخية، وعرف الإنسان السوري الذي انتقلت بواسطته شجرة الزيتون إلى دول المتوسط الأهمية الغذائية والصحية والطبية للزيت والزيتون.
   
المشاركون
أقسام متعددة ضمّها المعرض الذي أقيم في صالة المركز الثقافي العربي، وتم عرض المنتج بطريقة لا تتصف بالهندسة الفنية العالية، وظهرت بعض اللمسات، وقد يعود ذلك لضيق المكان وعدم التكيف به، أو لافتقار الخبرة التي إذا ما أنجزت بمواصفات متطورة ستكون لها كلفة عالية، وهذا ما جعل المعرض متواضعاً في تنسيقه الفني، لكنه مقبول في الظروف الصعبة التي نشهدها، ولعل إيجابية قيامه تكمن في فكرة استمرارية الحياة وممارسة الأنشطة المختلفة، والنهوض فوق المأساة، كما شاركت محافظات أخرى بين القطاع الخاص والعام: مشغل حمضيات طرطوس. هيئة تنمية الصادرات. دواي لصناعة الصابون. شركة التوفيق الدولية في الشرق الأوسط. شركة دوم بيولوجي للمنتجات العضوية مكتب الزيتون. مكتب حمضيات طرطوس. اتحاد الفلاحين اللاذقية. طرطوس. مديرية مكتب الإنتاج العضوي دمشق. زراعة حماة. زراعة حمص. المشروع الوطني لتمويل الري الحديث. البحوث العلمية الزراعية طرطوس اللاذقية. المؤسسة العامة للخزن والتسويق. تنمية المرأة الريفية. مديرية زراعة ريف دمشق. مكتب زيتون إدلب وزراعتها. وعدد المشاركين يوحي بالنوايا الطيبة التي عملت لإنجاح المعرض مع التوقف عند صعوبات النقل وأجوره المرتفعة جداً ومخاطره في المناطق الساخنة. وإذا اعتبرنا أن إقامته في ظروف استثنائية صعبة فينبغي أن تضع وزارة الزراعة ضمن خططها القادمة هذا المعرض وتجعله سنوياً وتخصص له مساحة أوسع، بهندسة تتناسب وطبيعة المعروض، ولا بأس أن تطول مدة إقامته، وقد استمر هذا العام من 1 ولغاية 4 كانون الأول 2013 وكان من الأفضل قبل يوم الافتتاح لو أن مجموعة عربات زُينت بالمنتج وجالت الشوارع ترافقها فرقة موسيقية، والأفضل لو حولت أيام المعرض إلى مناسبة وطنية احتفالية وأقيمت من أجلها الأمسيات الأدبية والفنية، مترافقة مع معرض فن تشكيلي خاص بطبيعة المعرض، أي جعله عامّاً وليس مقتصراً على مكان العرض، نأمل أن يتطور ويعطي نتائج تنعكس على الاقتصاد الوطني إيجابياً، وأن يكون مناسبة للنهوض بموضوع التصدير والتعاقد الخارجي، وإقامة معامل العصير الطبيعي التي نحن بأمسِّ الحاجة لها، وهي غير متوفرة، وكانت الزراعة قد درست هذا الأمر منذ ثمانينات القرن الماضي لكنه لم ينجز لأسباب غير معروفة، وورد في النشرة التي تم توزيعها على زوار المعرض أن الدور الرئيس لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي هو تحقيق وتوفير المنتج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بمواصفاته الآمنة وفق متطلبات الأسواق المحلية والعالمية، ومن ثم التنسيق المباشر مع كافة الجهات المعنية بتسويق تلك المنتجات والمنافذ الحكومية التي أحدثتها لتسهيل أسباب المنتج الزراعي بالسوق المحلية واستهداف أسواق تصديرية عالمية، وهو ما يأمل به المواطن العربي السوري، والذي يرغب في أن يتحقق ذلك، وأن تسعى الوزارة للتنفيذ، وليس الاكتفاء بالقول عبر نشرة مخصصة لمعرض، وينبغي أن تبادر لإقامة معمل العصائر الطبيعي وتسعى مع الجهات المختصة لإلغاء عصائر الملونات المستوردة، وتحويل المصنعة محلياً إلى طبيعية، وأن تكون ثمة توعية صحية فيما يخص المصنع والطبيعي، ولا ننسى حاجتنا الماسة جداً في الساحل السوري لمصنع الألبان والأجبان، ولا بد أن الشعور سوف يختلف حين الحصول على المادة من مصدر رسمي، خصصت له مواصفات عالية الجودة للإنتاج وسلامته.
   
تضارب الآراء
خُصص في المعرض ركن صغير مريح لاستراحة الزوار وشرب القهوة والشاي، وفي الواقع فإن فنجان القهوة بين منظر الحمضيات المعروضة وعبوات الزيت وصابون الغار كان له مذاق آخر، وفي هذا الركن سمعنا الكثير من الآراء المتضاربة، فمنهم من وجدها بادرة ممتازة، ومنهم من اكتفى بقوله إنها للإعلام فقط وليس لها فوائد أخرى، ومنهم من عبّر أن المعارض تقام عملياً للدعاية في التصدير الخارجي ويجب أن يكون غرضها الأول، و وجد آخرون أن العرض يخلو من الفنية المطلوبة واستشهدوا بمعارض من هذا النوع رأوها في الخارج، و وردت ملاحظة أن المشاركات كانت ضعيفة، ولا دعاية، وكثيرون لم يسمعوا به ولم تُحضر له الطرق العلمية للعرض والإعلان.
ولعل الرأي الذي وصلنا في النهاية هو الأكثر علمية.. إذا لم تنعكس فوائد أي عمل على أرض الواقع فما هي مبرراته؟ وهل هذا المعرض سيحقق تصريفاً مهماً للمنتج أم أن الأمور ستبقى كما كانت عليه؟..ومنّا لوزارة الزراعة.. ولا بد من تقديم الشكر أخيراً لكل من ساهم في العمل وهي مبادرة نرجو أن تعقبها مبادرات.