الإمكانيات متواضعة.. ومشكلة النقل مستفحلة

الإمكانيات متواضعة.. ومشكلة النقل مستفحلة

الأزمنة

الأحد، ٨ ديسمبر ٢٠١٣

زهير جبور
ما يجري اليوم في أزمة النقل الداخلي لمدينة اللاذقية يعيدنا في الذكرى إلى ما كانت تعيشه مدينة دمشق مع بدايات سبعينيات القرن الماضي، ووقوف الناس ساعات طويلة في انتظار الباص، تحملت باصات القطاع العام هذه المهمة وواجهت صعوبات، ثم حلت التشاركية بين العام والخاص، وبعدها فتح المجال للسرافيس، وهكذا.. لكن المشكلة لم تحل بسبب ازدياد عدد السكان، وتوسع العمران، وتداخل الريف مع المدينة، وغيرها من القضايا الأخرى ذات الصلة بعدم التخطيط والتنظيم، وسوء الإدارة، حينذاك كانت اللاذقية مجرد قرية كبيرة تعتمد على عدد قليل من وسائط النقل، وكان (الموتور المشنص) يعتبر الأهم في التنقل بين الأحياء والأرياف وللمسافات القصيرة كان الاعتماد على المشي هو الحل الأمثل للموضوع.
•    الأزمة الحالية
حالة اختناق شديد تشهدها شوارع اللاذقية في ازدحام مروري، لم نكن نعرفه سابقاً، وهو من نتائج الأزمة المؤسفة التي تعيشها البلاد وأدت إلى قدوم أكثر من مليون وافد من المحافظات الساخنة، فتضاعف عدد السكان والآليات، والآلاف من الإخوة الوافدين أحضروا عرباتهم الخاصة، وآخرون العامة، وهم يعملون لكسب الرزق، كما أن عدد العربات بحد ذاته تضاعف في السنوات الأخيرة، لتبقى الشوارع على حالها، وهي أنجزت فيما مضى لخدمة النقل التي تجاوزت عدد السكان، وأغفلت زحف الريف المجاور إلى المدينة ليغدو حالياً في وسطها إلى حد ما، وكان لأعداد الطلبة الذين احتضنتهم جامعة تشرين الدور الرئيس في حالة الأزمة المعاشة حالياً، مما دفع السيد المحافظ للبحث في سبل حل مشكلة نقل الطلاب من وإلى الجامعة.
•    محور الاجتماع
تركّز الاجتماع حول محور واحد فقط هو كيفية السبل والإجراءات في بعض الشوارع الرئيسة خاصة مقابل جامعة تشرين وحضَره مندوبون من الجامعة وفرع المرور ومجلس المدينة والنقل الداخلي، ونوقش موضوع ضرورة تخديم الخطوط الداخلية لسير باصات النقل الداخلي، وطلب السيد المحافظ أن تتوفر في ذلك الراحة والشكل اللائق، ودراسة الحلول لمشكلة الازدحام أمام الجامعة عند خروج ودخول الطلاب، ووجد المجتمعون أن زيادة عدد الباصات في وقت الذروة قد يخفف من ذلك.
•    الواقع لا يشجع
ربما تكون زيادة عدد الباصات حلاً إسعافياً لمدخل الجامعة، لكن الأزمة لا تنحصر هنا فقط، فمنذ الثامنة صباحاً وجدنا الموظفين ينتشرون على المواقف في انتظار من يقلهم إلى أعمالهم، وهذا الأمر يتكرر من الثانية والنصف ويستمر حتى الخامسة أحياناً، ناهيك عن الذين يرغبون في الوصول إلى موقع كراج الأرياف جبلة. القرداحة. الحفة. والبلدات الأخرى. وحقيقة الأمر فإن واقع مديرية النقل يواجه نقصاً في الباصات، وحسب مصادرها فإنها تملك 145 باصاً، تعمل منها داخل المدينة 43 متوسطة الحجم بسعة 24 مقعداً للجلوس ويمكن استيعاب 50 راكباً، و/52/ بحجم كبير 33 مقعداً وسعة 80 إلى جانب 40 تعمل بحالة معقولة بسبب قدمها، وثمة باصات تنفذ عقوداً مع بعض الجهات لنقل موظفيها وعمالها على ثلاث دوريات، أما طول مسافة الخدمة فهو 73 كم موزعة على أحياء الزراعة المرفأ. موقع الكراجات. الجامعة. ساحة الشيخ ضاهر. الرمل الشمالي المشفى الوطني. المشروع. قصر العدل. شيخ ضاهر. المشفى الوطني. كما تقدم الخدمة إلى بعض المدن والقرى في المحافظة خاصة في ساعات الذروة الصباحية والمسائية، ومن خلال ما ورد فسوف نتوقع أن لا حلول جذرية لمشكلة النقل الداخلي في الوقت الراهن، وأن الحالة ستبقى قائمة إلى أن تنفذ الحلول العملية، وهذا يتعلق مبدئياً بتأمين باصات جديدة حسب الخطط، والخطة الخمسية الحادية عشرة، وإلى حين وصول الباصات المطلوبة، وقد لا تصل حالياً بسبب الظروف المؤسفة التي تمر بها البلاد.. وكانت المديرية قد طرحت سابقاً خطوطاً ليصار إلى استثمارها من قبل القطاع الخاص، لكن هذا الطرح لم يلق استجابة خاصة وأن هؤلاء يبحثون عن الربح أولاً، فيما أسعار الخدمة للقطاع العام تأخذ طابعاً اجتماعياً مراعية الظروف الاقتصادية للمواطنين خاصة وأن الذين يلجؤون إلى النقل الداخلي هم الفقراء، وأصحاب الدخل المحدود، وإجمالاً من لا يملكون عربات خاصة. ولا يتأثرون لو ارتفع سعر الوقود مع ملاحظة أن البعض منهم لا يحركون سياراتهم ويتوجهون إلى الإنفاق الأرخص. كان من الممكن أن تحل مشكلة النقل في اللاذقية لو أن مشروع المترو أنجز منذ زمن سابق, حين بوشر بإقامة الأنفاق المرورية ضمن حملة الاستعدادات لإقامة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1978 لكن هذا التخطيط لم يرد في أذهان القائمين على العمل وقتذاك. مع أن الظروف الأرضية للموقع كانت تسمح بذلك. وهم لم يراعوا توسع المدينة. ولا سياحتها. وحركة العمران التي شهدتها بشكل حوّلها من القرية الوديعة. إلى مدينة تحتاج فعلاً للشوارع العريضة، والمترو الذي يربطها ببعضها. ويسهل حركة المرور والسير فيها. وعلمنا منذ سنوات أن ثمة مشروع كهذا سيقام في مدينة دمشق. تحدثوا عنه ونقلته وسائل الإعلام، ثم طمست أخباره لاحقاً. مما جعل الناس هناك يترحمون على أيام (الترامواي) حين كانت تلمهم وتقذفهم كلاً إلى مقصده دون ذلك الانتظار الذي يطول ساعات في الوقت الحاضر.
•    ماهي الحلول؟
موضوع الازدحام يشغل الجهات المعنية حالياً. والأمر يدرس في مجلس المحافظة والاجتماعات حوله تتم. ونقترح أن يتم تشجيع القطاع الخاص ضمن شروط تضمن لهؤلاء حقهم في الربح المعقول. وتؤمن للمواطن وسيلة نقل تليق به. ولعل ذلك يساهم إلى حد ما بتخفيف الأزمة. وعلمنا أن ثمة فكرة حول إعادة إدخال(السرافيس) إلى شوارع المدينة, وهذا أمر غير مقبول من وجهة نظرنا خاصة وأن التجربة معها مريرة جداً. وقد أدت إلى وقوع حوادث مؤسفة جداً وعرقلة في المرور، وخروج عن الانضباط السلوكي العام. وهي تمارس أعمالها تلك في أطراف المدينة دون التقيد بأي قانون, أو انضباط. وتؤدي سرعتها الجنونية إلى وقوع الكثير من الحوادث المؤلمة. وما المانع من دراسة إنشاء نفق(المترو) خاصة وأننا في مدينة سياحية نتطلع مستقبلاً أن تنشط وتزدهر, وتعود إلى طبيعتها بعد الانتهاء من تلك الظروف المفجعة.
•    هي معاناة
حصلنا على مجموعة من الآراء. التي جمعناها من خلال المواقف المزدحمة. وهي بحاجة للمظلات في معظمها. وكان همّ الطلبة القادمين من جبلة هو الساعات التي تطول انتظاراً في كراج جبلة. والعودة إليها. ويصرون على أن تأخرهم عن المحاضرات بسبب النقل. أما داخل المدينة فثمة معاناة يتحمّلها المواطنين. وقد حدثتنا إحدى السيدات أنها حين تجبر للذهاب إلى سوق الخضار تشعر أنها مهمة شاقة جداً تؤديها مرغمة لتأمين الطعام. وفي الغلاء الفاحش لأجور عربات التكسي. وعدم تقيّد السائقين بأية تسعيرة نظامية. وتضيف: يا أخي المواطن يواجه ظلم التاجر, والسائق, وبائع المفرق ماذا سيتحمّل هذا المواطن ليتحمّل. وهو يفعل، ويضحي ,ويقدم من أجل الوطن. وانتصاره. حاملاً أمله الكبير وصبره الجليل. وحلمه في التغير والمستقبل القادم.