الشركة العامة للبناء والتعمير...مشاريع غير منجزة... وقرارات انتقامية

الشركة العامة للبناء والتعمير...مشاريع غير منجزة... وقرارات انتقامية

الأزمنة

الخميس، ٢ أغسطس ٢٠١٢

جاء مرسوم إحداث شركة الساحل للبناء عام 1976 أثناء التحضير لإنشاء جامعة تشرين، واعتبرت حينها القفزة النوعية في الحياة الاجتماعية والثقافية والتعليمية ليس للاذقية فقط بل لكامل أبناء سورية، وهو ما تحقق فعلاً، والأمر يتطلب أن تتصدى هذه الشركة لمشروع له أهميته القصوى، ويحتاج خبرات معينة تحمل اختصاصاتها بكامل الإتقان والمهنية، وهو ما حصل حين تم اختيارهم بدقة، وباشروا عملهم بآليات ومعدات وتجهيزات حديثة ومعاصرة تنسجم مع طبيعة الدراسة التي استمدت هندستها من أحدث جامعات العالم، في الأبنية والمدرجات والفراغات والحدائق، وما يمكن أن يجعلها جامعة دولية في البناء والعلم، تصدت الشركة وأظهرت الخبرات مقدرتها وبكاملها سورية إلا في بعض الحالات التي كانت تتطلب وجود خبرات أجنبية، ونظراً للنجاح الذي حققته افتتح لها فروع في محافظات سورية، وراحت تنجز فيها مشاريع، وامتدت أيضاً إلى أكثر من دولة عربية، تعاقب عليها عدة مدراء: قصي أصلان ثم بسام حنا وأديب زغيبة وأخيراً نبهان نبهان، حصل هذا بعد أن دمجت شركة الساحل مع الشركة العامة للبناء والتعمير، وحتى الآن لم تتضح للجهات التي تواصلنا معها الأسباب الاقتصادية لهذا الدمج الذي شمل الكثير من الإدارات الخدمية والهندسية وغيرها، وكانت إحدى الحكومات السابقة قد اتخذت هذا القرار، وعرفت بعد ذلك بقراراتها الارتجالية، والتي في مضمونها الفساد، علماً أن الذي روج حينذاك أن المطلوب هو: الحد من الهدر، وضبط حركة العمل، وتوفير جهد الآليات، والتخفيف من مبالغ صيانتها، لم يظهر حتى الآن وبعد مرور أكثر من (15) سنة على هذا الدمج أي تأثير إيجابي، والملاحظ أن معظم الشركات التي دمجت قد تراجعت في أعمالها ومنها ما نخرها الفساد كما هو حال الشركة العامة للبناء والتعمير حالياً، وتشير المصادر أن ثمة فساداً مالياً وإدارياً وتقصيراً في المشاريع التي تنفذ، وأقلها منذ عشر سنوات وحتى خمس عشرة، كما هو حال مبنى مشفى جراحة القلب، ومديرية الخدمات الفنية، ومبنى التأمينات الاجتماعية، ومبنى كلية التربية في جامعة تشرين، إلى جانب العديد من المشاريع المتوقفة، وعدم تأمين المرتبات الشهرية للعمال الذين يحصلون عليها بعد مرور أربعة أو خمسة أشهر، كما تحدثوا هم أنفسهم، وقد عبروا أنهم كانوا يخططون لإقامة مظاهرة ضد الإدارة الحالية لكنهم وتقديراً للظروف التي تمر بها البلاد انصرفوا عن ذلك، وهم يواجهون معاناتهم، وتسلط إدارتهم وشلليتها، وإبعاد الخبرات وشلها، والاعتماد على من يقدمون الطاعة، ولا يرفضون، ومن يحققون مصالحهم الفردية، بعيداً عن العامة دون أي شعور بمسؤولية يحملونها وهي أمانة وطنية مقدسة، كما انفض المتعهدون الذين كانوا يحصلون على بعض الأعمال عن الشركة بسبب السمعة غير الجيدة التي انتشرت حولها وقضايا الفساد التي تجري بداخلها.
• النقل التعسفي
أمام هذا الواقع اتبعت الإدارة أسلوباً آخر في مواجهة العمال الذين يتحدثون ويرفضون وهذا ما جعلها تتخذ قرارات نقل تعسفية، خاصة للمهندسين، والسيدة وزيرة الإسكان على علم بالموضوع، وكذلك الجهات المعنية في محافظة اللاذقية، وعدم تدخل المحافظ السابق الذي نقلت إليه صورة الأمر، وحيادية اتحاد العمال، والنقابة المعنية، ويظهر أن منطق التسلط قد ساد على كامل الشركة، ما عدا المقربين والانتهازيين، كما تم نقل أحد مدراء فرع الشركة في ريف دمشق إلى درعا، ورفض النقل بكتاب من السيدة الوزيرة، أما الملف الأكثر فساداً فهو المتعلق بتغريم عمال الشركة بمبلغ /30/ مليون ليرة سورية والموضوع طويل مرتبط في مشروع إكساء المجمع الحكومي في مدينة حرستا، وتجري فصوله بين خروج ودخول لمواد وهمية على قيوده، وتلاعب وغيرها مما يمكن أن يمارسه الفساد على حساب المشاريع العامة، وفي جانب آخر ثمة حركة تنقلات شهدها فرع ريف دمشق حيث تم تعيين أحد المهندسين في مشروع المعهد الطبي في النبك كرئيس له لكن المكلف وضع ملاحظاته على التنفيذ فتم إنهاء عمله مباشرة وكُلف مهندسٌ آخر، وتبيّن المراسلات أن رئيسي المشروع اللذين تسلماه مدة 36 يوماً إلى جانب بعض المهندسين سجلوا ملاحظات تخص سوء التنفيذ والهدر المالي والخلل الظاهر في بعض الأعمال واقترحوا تشكيل لجنة لجرد الأعمال المنفذة ومطابقتها والكشوف الشهرية، ولجنة أخرى لجرد كميات الحديد المستلمة ومطابقتها مع الكميات المصروفة، ويظهر أن مثل هذه الطلبات لا تتفق وطبيعة العمل السائدة، كما شملت ملاحظات هؤلاء الأعمال البيتونية التي لم تكن في المستوى الهندسي وأعمال الطينة وغيرها، ونؤكد أن السيدة الوزيرة على علم بقضايا النقل التعسفي الذي لا يخدم إلا الأغراض الشخصية للدائرة المركزية وفروعها.
 أما القضية الأخرى فهي تتلخص بما حصل مع أحد موظفي فرع اللاذقية وهو نقابي أيضاً وتم نقله إلى الإدارة العامة بشكل مخالف للمادة 31 من قانون العاملين الأساسي وتنص على عدم جواز نقل عناصر القيادات النقابية من التجمع العمالي الذي انتخبوا فيه خلال فترة ممارستهم للمهام القيادية وبرغم تدخل اللجنة واتحاد العمال رفضت الإدارة إعادته إلى العمل، مما جعله يتجه للقضاء وتمت إعادته بعد الطلب إليه إسقاط الدعوى بحق الإدارة، كما أن المذكور كلف بمهام نقابية، وبرغم حصوله على إذن رسمي في المغادرة إلا إنه سجل غياباً، هذه مؤشرات منها جماعي أو فردي وكلها تحمل صوراً عن واقع الشركة وحالها الإنتاجية والإدارية والممارسات اللاقانونية.
• أين الرقابة؟
إنه السؤال الأكثر إلحاحاً في محافظة اللاذقية، وإذا أردنا هنا أنموذجا فثمة نماذج، بدأت منذ ما يسمى الدمج الذي لم تعرف إيجابياته إلى الآن، ولم ترد تقارير حول ذلك، تم الدمج وكفى، وهذا يقودنا إلى دور لاتحاد العمال ينبغي أن يبرز، وآخر للمكتب التنفيذي في المحافظة الذي لم يتعرض في دورته السابقة لأية مشكلة ذات أهمية، وكذلك رأس هرمه المحافظ السابق عبد القادر الشيخ الذي كان يكتفي بالاجتماعات والتوجيهات دون عمل ميداني على أرض الواقع، ويستمع من المدراء إلى تقاريرهم الوهمية، وكلمات (نفذ سيدي.. وأمركم سيدي) وكانت تُرضيه على أنها حققت ولم يتحقق أي شيء سوى تراجع الأداء والفوضى والتسيب وزيادة في الفساد، وثمة مشاكل أخرى في شركات كانت منتجة ورائدة، مثل المحركات والألمنيوم التي عرضت أرضها للبيع، هل تصدقون أن وزارة توقف مصنعاً وتعجز عن تشغيله؟ علمنا أن اتحاد العمال عارض بيع الأرض لكن لماذا لم تخطط الوزارة لقلب طبيعة الشركة؟ ماذا لو تحولت إلى مصنع للعصائر والحمضيات؟ وهي في ساحلنا تتساقط على الأرض دون أية فائدة، وكيف نجح القطاع الخاص في معمل "لتوضيب الزيت"، وقصر القطاع العام حتى في التفكير بمثل ذلك، وكيف نفسر ما قيل عن الشركة التي نحن بصددها البناء والتعمير، وفيها مخالفات صريحة وواضحة واختراقات، وتطنيش حتى على كتب السيدة الوزيرة، ولم تحاسب حتى الآن، ولم يتخذ اتحاد العمال أو النقابة موقفاً يسجل لهما، كيف سنحارب الفساد وهو مزروع وجذوره قوية ومن يحميه؟ يقال - على ذمة من قالوا- إن شركة البناء والتعمير، ولندقق في التسمية جيداً، البناء والتعمير، وفيها شمولية خدمية ضمن واجبها أن تبني وتعمر، وهذه مسؤولية كبيرة جداً، يقال إن الإدارة تعرف كيف تصل إلى المعنيين بأمرها، وتسكتهم عن طريق التعيين، فرز العربات، تسهيل الشؤون، منح المكافآت، إرضاء الذقون، وإذا كان قطاعنا العام سيتابع على هذا المنوال دون حسيب أو رقيب فهو سيبقى خاسراً وفاشلاً، وعبئاً على الوطن، وما جرى في اللاذقية أن نهضتها السياحية تراجعت، والصناعة تكاد تكون مشلولة، وزراعتها الأساسية البرتقال والزيتون بلا تصريف، والخدمية متعثرة، والفساد ينخرها، فماذا تبقى منها؟
• السيد المحافظ
استقبلت اللاذقية قبل عدة أيام سليمان محمد الناصر محافظاً لها.. نرحب به باسم مجلة الأزمنة ونرجو أن يتمكن من الدخول في تفاصيل المحافظة التي تحتاج لكل شيء، وقد مر عليها أكثر من / 13/ محافظاً، وعدد قليل منهم تركوا بصمتهم والأكثرية غادروا دون بصمة ولم يتركوا أي أثر وكان آخرهم السابق، ونحن إذ ننقل أنموذجاً عن الفساد في هذا الموضوع فثمة فساد في معظم المفاصل والمواقع والدوائر والمؤسسات والخدمات والبلديات، والأمر يتطلب عملاً ميدانياً، ولا يحتمل الاجتماعات، والخطابات، والتمثيل، والانحناء الكاذب، ونسبة كبيرة من الوجوه منافقة وإظهار حقيقتها أمر مطلوب.