اللحوم غائبة عن حسابات المواطن..!! مع تراجع أعداد الثروة الحيوانية

اللحوم غائبة عن حسابات المواطن..!! مع تراجع أعداد الثروة الحيوانية

الأزمنة

الأحد، ٦ مارس ٢٠١٦

محمد العمر
يمر قطاع الثروة الحيوانية بمرحلة صعبة، فبعد خمس سنوات من الأزمة، وبسبب الأحداث الراهنة، تراجعت أعداد الثروة الحيوانية وخاصة بعد الاعتداءات الإرهابية المسلحة على مزارع القطاع العام. فالمعلومات الإحصائية في مديرية الزراعة كشفت أن آخر إحصاء معتمد للثروة الحيوانية في محافظة درعا يعود لعام 2012، وبناء عليه فإن عدد الأغنام بلغ 671318 رأساً، والماعز 113 ألف رأس، والأبقار 56 ألف رأس، لكن هذه القطعان تأثرت كثيراً في السنوات الأخيرة، ناهيك عن التهريب وخروج مزارع عامة لتربية الأبقار مثل مزرعة الشركة السورية الليبية بجلين ومحطة تربية الأبقار بمزيريب والتي كانت تضم مئات الأبقار المحسنة والتي تنتج عدة أطنان من الحليب يومياً.‏ وحسب مصادر مديرية الزراعة فإنه لا تتوافر حالياً إحصاءات دقيقة عن أعداد الثروة الحيوانية لعدم المقدرة على رصدها على أرض الواقع في ظل الظروف الراهنة.‏
أسعار اللحوم..طارت...!
لا يخفي سراً أن انخفاض عدد الذبائح اليومية كان له أثر سلبي للعديد من القصابين الذين باتوا يعلقون الذبيحة لمدة أسبوعين ليتم بيعها بعد أن كانت يومين لا ثالث لهما، خاصة أن الأسعار كانت نوعاً ما مقبولة، لا تتجاوز 2000 ليرة منذ ثلاثة أشهر ولكن اليوم تتجاوز الكيلو منها للأغنام فوق 4000 ليرة سورية، والأبقار فوق 3500 ليرة سورية، ومن المؤكد أن الارتفاع الجنوني في أسعار الأعلاف بكل أشكالها بات الشغل الشاغل لمربي الثروة الحيوانية وخاصة بعد تحكّم تجار القطاع الخاص بأسعار هذه المادة في ظل عدم توافر المادة من جهة وعدم قدرة مؤسسة الأعلاف تقديم الكميات الكافية لأعداد الثروة الحيوانية في المحافظة، بالرغم من جهود المؤسسة خلال هذه الفترة في فتح دورات علفية جديدة لكنها لا تكاد تكفي الكميات التي يتم توزيعها للمربين إلا أياماً قليلة..
محمد عيسى مربي أغنام قال: إن أغلب مربي الثروة الحيوانية الغنمية يعانون من زيادة تعرضهم للخسائر لعدم كفاية الأعلاف التي توزعها مؤسسة الأعلاف على المربين، وقيامهم بتأمينها من القطاع الخاص وبأسعار مضاعفة عن المؤسسة، وهذا الواقع دفع الكثير من المربين لبيع بعض قطعانهم ليتسنى لهم تربية ما تبقى لديهم من الأغنام خاصة خلال هذه الفترة وعدم توافر المراعي الخضراء والأعشاب، وبالتالي هذا الارتفاع بأسعار المواد العلفية أدى بالضرورة إلى ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته ما بين 20-40 ليرة للكيلو.
‏ وأشار العديد من مربي الثروة الحيوانية إلى أن المقنن العلفي الذي يتم توزيعه كل شهرين لا يفي بحاجة مربي الأغنام والماء والأبقار ولاسيّما خلال هذه الفترة لعدم توافر المراعي والأعشاب، وبالتالي اعتماد الثروة الحيوانية على المادة العلفية، ما دفع القطاع الخاص للتحكم بالأسعار وزيادتها بشكل جنوني، ويتم تأمينها من القطاع الخاص وبأسعار مرتفعة جداً ليصل سعر الطن من الشعير أكثر مما كان.
أيمن مخلوف رئيس قسم الثروة الحيوانية في مديرية الزراعة أشار إلى أن الدائرة تقدم كل الخدمات البيطرية للقطعان، وقامت منذ بداية العام الماضي وحتى تاريخه بتنفيذ 174205 لقاحات بيطرية لتحصين الأبقار والأغنام والماعز والدواجن ضد الأنتروتوكسيميا والحمى القلاعية وجدري الأغنام والباستوريلا والبروسيلاوكوماروف والجمرة الخبيثة والتهاب الجلد الكتلي المعقد.‏ حتى بالنسبة لقطاع الدواجن فكان نصيبه أيضاً من التراجع، وهذا ما شكل تأثيراً على سعره، فقد أوضح المهندس عبد الرزاق الرشيدات -رئيس دائرة الإنتاج الحيواني- أن الملاحظ انخفاض كبير وتدنٍ في تربية الدواجن في المحافظة، حيث لم يبق سوى 73 مدجنة بطاقة 585160 فروجاً.‏ كما لوحظ الانخفاض في تربية الدجاج البياض، حيث لم يعد من أصل 122 مدجنة لتربية البياض بطاقة 1,439 مليون طير في الدورة سوى 20 مدجنة بطاقة 23511 طيراً في الدورة، إضافة إلى أن المستثمر من معامل الأعلاف لا يتعدى 5 من أصل 17 مرخصة، ومن الجواريش 15 من أصل 157 مرخصة، وكل ذلك انعكس ارتفاعاً على أسعار الفروج والبيض والحليب في السوق نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف وبقية المستلزمات.‏ وحسب المربين فإن قطاع الثروة الحيوانية في محافظة درعا قد تأثر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث تراجعت أعداد القطعان كما انخفض الإنتاج وذلك لعدة عوامل أهمها: ارتفاع تكاليف التربية ومستلزمات الإنتاج في ظل تراجع المراعي والارتفاع الباهظ لأسعار الأعلاف وعدم القدرة على تقديم الرعاية اللازمة، وقد أوضحت مديرية الزراعة أن المعتمد حالياً إحصاءات 2012 بواقع 671318 رأس غنم و113 ألف رأس ماعز و56 ألف رأس أبقار.
معاناة ومشكلات
عبد الفتاح الرحال مدير الزراعة في المحافظة بيّن من جهته أن الأغنام تحتل المرتبة الأولى في الأهمية بالنسبة للثروة الحيوانية لمساهمتها في إنتاج اللحم والحليب والصوف فهي تساهم بحوالي 73% من اللحوم الحمراء المنتجة و32% من إجمالي الحليب المنتج وهي من عرق العواس الذي يعتبر أفضل عروق الأغنام في المنطقة، إلا أن قطاع الإنتاج الحيواني يعاني كما يشير الرحال من مشكلات كعدم كفاية الموارد العلفية المحلية اللازمة لتطوير إنتاجية الثروة الحيوانية وزيادة أعدادها، وعدم الاستثمار الأفضل لمخلفات المحاصيل ومخلفات الصناعات الغذائية، وتدهور البادية وعدم كفايتها كمورد علفي للثروة الحيوانية الغنمية وحمولتها الرعوية العالية وكذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج وخاصة الأعلاف، وهذا ينعكس سلباً على المنتِج والمستهلك وإيجاباً على الوسطاء في سلة التسويق والتصنيع.. وتضع مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي -كما يضيف الرحال- التعليمات اللازمة لعمليات الحجر الصحي البيطري وتمنح الموافقات الصحية البيطرية وفقاً للأنظمة النافذة شريطة إبراز إشعار تسديد المبلغ المذكور في المادة (2) من هذا القرار.
إذا عرف السبب..!
يمكن القول: إن المخاوف للمربي من ارتفاع أسعار الأعلاف وعدم القدرة على تأمين المادة للأغنام جعله يفكر ملياً في بيع أغنامه أو تصديرها، لكن الأمر الذي يكون فائدة له، يكون سلباً على المستهلك بعد أن ارتفعت أسعار اللحوم إلى أضعاف مضاعفة، ما خلق إثارة الجدل بين أصحاب الشأن لأثر التصدير للأغنام أو عدم جدواه، فشهدت أسعار اللحوم الحمراء اليوم في المحافظة لهيباً سعرياً حامي الوطيس، بعدما وصل سعر كيلو لحم الغنم بالأسواق بين 3500-4000 ليرة، وهذا لأول مرة منذ نشوء الأزمة، يكون هذا السعر، فالأسعار متذبذبة بين سوق وآخر في وسط غياب الرقابة التموينية عنها، ويرى العديد من التجار أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق يعود إلى السماح بتصدير الأغنام، الأمر الذي جعل العرض أقل من الطلب، في الوقت الذي تؤكد به وزارة الاقتصاد المعنية بالتصدير غير هذه الحقيقة، فالتصدير حسب رأيها ليس له علاقة برفع الأسعار خاصة أن هناك دراسة لديها، تؤكد حاجة السوق من اللحوم، ورغم توقف التصدير في المرات الماضية حسب كلامها، إلا أن الأسعار لم تهبط، لأن عمليات التهريب حلّت محل التصدير، بل على العكس خسر مربو الأغنام بذلك فارق السعر، هم الذين لا يكفون عن إلقاء الويل في تربية أغنامهم للظروف العصيبة، وخسارة الدولة بذلك الرسوم والضرائب التي كانت تحصّلها والعملة الصعبة التي كانت تحوّل لها ليكون المهرب وحده الرابح. وليبقى الطرف الخاسر أمام هذا المد المعقد هو المستهلك الذي يصارع ويكابد ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق وحده من دون أذن مصغية، خاصة بعد ارتفاع أسعار اللحوم إلى أرقام قياسية لا يتحملها دخل ولا عقل.!
الاتحاد العام للفلاحين بدرعا بين من جهته أن التصدير لا يعدّ سبباً في ارتفاع الأسعار في الأسواق خاصة أن أعداد الأغنام المعدة للتصدير فائضة عن احتياجات السوق، متّهماً الاتحاد تجار الأغنام بحدوث الشرخ بأسعار السوق الذين يسعون حسب قوله لتحقيق الأرباح عن طريق التهريب، ناهيك عن سبب أزمة الأعلاف، مع انخفاض نسبة مخصصات المربين.. وهذا ما أكدته جمعية اللحامين التي أشارت إلى أنه رغم عدم فتح باب التصدير هذا العام، إلا أن ذلك لم يؤثر في أسعار اللحوم، فالأسعار ارتفعت كثيراً مقارنة بالعام الماضي، وهذا ما سببه التهريب هذا العام باتجاه الدول المجاورة.
وبكلمة أخيرة، يبقى المتضرر الوحيد من جراء ذلك في دوامة التصدير ونقص الأعلاف وارتفاعها وتراجع الثروة الحيوانية بسبب الظروف المحيطة، هو المستهلك الذي همه الحصول على استقرار معيشي يوفر له قوت يومه بدلاً من الارتفاعات المتزايدة كل يوم جراء ارتفاع الدولار، وهو السبب الرئيسي في ارتفاع جميع المواد الغذائية وغير الغذائية حسب قول المواطن..!