رغم أن أضراره تجاوزت 365 مليار ليرة  ..القطاع العام الصناعي في خطة الوزارة لمرحلة التكيف مع الأزمة لترميم القدرات الوطنية التصنيعية

رغم أن أضراره تجاوزت 365 مليار ليرة ..القطاع العام الصناعي في خطة الوزارة لمرحلة التكيف مع الأزمة لترميم القدرات الوطنية التصنيعية

الأزمنة

السبت، ٢١ نوفمبر ٢٠١٥

*أحمد سليمان
 من المؤكد أن لا أحد يختلف مع آخر على منعكسات الأزمة على القطاع الصناعي والتي خلفت دماراً لآلاف المنشآت على مختلف أحجامها وخروجاً من دائرة الإنتاج ومن تزويد السوق المحلية بمنتجاتها  وتراجعاً لمساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي  من 13 بالمئة لمرحلة ما قبل الأزمة  إلى أقل من 8 بالمئة في مرحلة الأزمة  مع  انخفاض عدد المعامل بنسبة 40 بالمئة عما كان عليه قبل الأزمة إضافةً إلى المعامل المهمة التي توقفت بسبب عدم إمكانية تأمين المادة الأولية والطرق الآمنة والطاقة بأنواعها.
 وهذا الضرر الذي أصاب  الصناعة الوطنية انسحب على قطاعيها العام والخاص ما يعد تراجعاً في عملية  التصنيع  التي هي محرك التنمية نظراً لطبيعتها في تزيد في الإنتاجية وإيجاد فرص العمل و دخلاً يساهم في رفع المستوى المعيشي وفي التوجه نحو تحقيق أهداف إنمائية أخرى يبدو أننا خسرنا التطلع إليها في ظل منعكسات هذه الأزمة.
تمكينه من الوقوف
 وإن كان القطاع الخاص استطاع أن يستجمع بعضاً من قواه وتمكن من إعادة تشغيل جزء من آلاته ومنشآته التي تضررت جزئياً أو نقل بعض خطوط الإنتاج إلى أماكن آمنة واعدة ضخ إنتاجه في السوق المحلية إلا أن الضرر الذي أصاب القطاع العام و الذي بلغ حسب إحصائيات وزارة الصناعة أكثر من 365 مليار ليرة دفع الوزارة إلى إعداد خطة  عملت على تنفيذها للتكيف مع الأزمة  تؤكد في مذكرة أعدته في هذا المجال على الخطوات التي عملت عليها لتمكين هذا القطاع من الوقوف واعدة ضخ منتجاته في السوق المحلية وتشغيل العمالة لديه و بخاصة الشركات المتضررة جزئياً انطلاقاً من تأكيدها في المذكرة  على أن تنمية الصناعة تدفع باتجاه زيادة القيمة المضافة وتعزز تطبيق العلوم والتكنولوجيا والابتكارات ما يشجع على المزيد من الاستثمار في تطوير المهارات والتعليم ومن ثم يؤمن الموارد اللازمة لتحقيق أهداف التنمية الشاملة للجميع والمستدامة الأوسع نطاقاً.
أعباء الوزارة
  فمنطلقات الوزارة كما تشير المذكرة تعتبر أن التنمية الصناعية الشاملة للجميع والمستدامة أساساً للنمو الاقتصادي المستدام و خاصة أن التجارب أثبتت أن الدول التي تمتلك قاعدة صناعية قوية تكون أكثر تحملاً للأزمات المحلية والدولية التي تنعكس على الاقتصاد الوطني  ما دفع ببعض الدول لوضع تطوير الصناعة هدفاً رئيساً لمدة خمسين عاماً كإستراتيجية تندمج فيها بشكل متكامل أبعاد التنمية الثلاثة  /الاقتصادية والاجتماعية والبيئية/ على نحو متواز موضحة أن القطاع الصناعي في سورية  شهد خلال السنوات العشر الماضية التي سبقت الأزمة الحالية تباطؤاً يعزى إلى الترهل الإداري فأضحت التكنولوجيا المستخدمة لا تواكب التطورات العلمية الحاصلة في أنواع الصناعة المختلفة وهذه انعكست على تكلفة ونوعية المنتج وبالتالي انخفض مستوى المنافسة وجاءت الأزمة بتداعياتها السلبية لتزيد من الأعباء الملقاة على وزارة الصناعة التي أضحى همها المحافظة على الشركات القائمة وتأمين مستلزمات استمرارها في العمل والإنتاج وتأهيل الشركات المتضررة وإعداد الدراسات الاقتصادية والفنية للمشاريع الجديدة ووضع إستراتيجية لمرحلة ما بعد الأزمة.
مراجعة السياسات
فما أولته الحكومة وانطلاقاً من بيانها الوزاري للأهمية الخاصة للصناعة الوطنية التي اعتمدت سياسة واضحة لتعزيزها وحمايتها عملت وزارة الصناعة كما توضح المذكرة التي حصلت        (الأزمنة) على نسخة منها على ترجمة هذه البيان إلى برامج وخطط عمل وأهداف تتعلق أولا بالتكيف مع الأزمة  من خلال التركيز  بشكل عام على تعزيز القطاع العام والخاص لترميم القدرات الوطنية التصنيعية وخاصة في صناعة النسيج والأقمشة والملابس والصناعات الغذائية وإنتاج الأدوية وصناعة القوالب والصناعات الهندسية وصناعة المواد الأساسية ومواد البناء  وخاصة أنه نتيجة الأزمة أضحت الحاجة ماسة لمراجعة السياسات الصناعية المعتمدة بهدف تطويرها لتحاكي الواقع الجديد الذي فرضته الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد بحيث تتكيف تلك السياسات مع المتغيرات والمستجدات ذات التأثير المباشر بالعملية الإنتاجية والتسويقية والمالية والعمالية للحد منها والتخفيف ما أمكن من تأثيرها.
26 شركة
 فالسياسات والإجراءات التي اعتمدتها الوزارة لمرحلة الأزمة  تضمنت إعادة تأهيل وتشغيل الشركات المتضررة جزئياً من خلال الموارد الذاتية المتاحة والدعم الحكومي عبر الخطة الإسعافية  لـ 26 شركة في الصناعات النسيجية والأدوية والهندسية والغذائية والكيميائية إضافة إلى تأمين مستلزمات استمرار عمل 27 شركة من الشركات العاملة في وزارة الصناعة والتي لم يلحق بها أضرار مباشرة نتيجة الأزمة وكانت أضرارها غير مباشرة  إلى جانب التريث في معالجة وضع الشركات المتوقفة كلياً نتيجة التدمير. وعددها /43/ شركة لكونها تحتاج إلى استثمارات كبيرة، إضافة إلى إعادة النظر في بعض هذه الشركات في ضوء الحاجة إليها  كاشفة المذكرة عن اعتماد التشاركية مع القطاع الخاص كمنهاج عمل لإعادة تأهيل الشركات التي تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة  وخبرات فنية متميزة  مع مراعاة مبدأي الحفاظ على ملكية القطاع العام لوسائل الإنتاج والبنى التحتية والحفاظ على حقوق العمال  وعدم المساس بأيٍ منها.
استثمار ما أمكن
 وبشأن ما تم تنفيذه بشأن تعزيز القطاع العام والخاص لترميم القدرات الوطنية التصنيعية في مجال الصناعات ذات الأولوية تبين الوزارة أنه في مجال  صناعة مواد البناء والإسمنت  أبرمت عقود إعادة تأهيل معملي الاسمنت في طرطوس وعدرا وهي بصدد إعداد العقد اللازم لإقامة معمل إسمنت جديد بطاقة إنتاجية وقدرها /2/ مليون طن وفق نظام B O T  فيما أبرمت عقود تشغيل لصالح الغير في مجال  صناعة النسيج والأقمشة والملابس لمعامل الغزل الوليد، الساحل للغزل،  جبلة للغزل وشركة حماة للخيوط القطنية الشركة العامة للخيوط القطنية باللاذقية إلى جانب معامل الزيوت في حماة وحمص مبينة أن الإيرادات الإجمالية لهذه العقود وصلت إلى 6ر4 مليارات ليرة فيما بلغت أرباح تصدير عشرة آلاف طن قطن محلوج 6ر2 مليار ليرة.
قيم مفقودة
وتشير  الوزارة إلى الدراسات التشخيصية لقطاع الصناعة النسيجية التي أعدتها وتبين أنه لكي يحقق قطاع الصناعة النسيجية الغاية المنشودة منه لابد من تكامل سلسلة القيمة والإنتاج بدءاً من القطن المحبوب وانتهاءً بالألبسة، إذ إن القيمة المضافة تتصاعد في كل مرحلة إنتاجية لتبلغ ذروتها بمرحلة الألبسة الجاهزة وليست متساوية في كل مرحلة  مبينة أن الصناعة النسيجية لم تمر بمراحل تطوير متوازنة الأمر الذي أدى إلى حدوث اختناقات في سلسلة الإنتاج، فالطاقات الإنتاجية المتاحة  في معامل الغزل أكبر بكثير من الطاقات الإنتاجية المتاحة في معامل النسيج ما دعا المؤسسة النسيجية إلى تصدير الغزول في مرحلة إنتاجية تعتبر فيها القيمة المضافة متدنية بعد تأمين حاجة القطاع الخاص الذي استوعب جزءاً مهماً من طاقة معامل الغزل، كما لم يتم تطوير المصابغ بالشكل الذي يؤدي إلى إنتاج قماش يرضي أذواق المستهلكين الأمر الذي دعا المؤسسة النسيجية إلى بيع الأقمشة بشكلها الخام أو اللجوء إلى تصنيعها أكياساً لتعبئة الطحين  ما حقق خسائر للمؤسسة بسبب البيع بأقل من التكلفة وأضاع فرصة تحقيق قيمة مضافة أعلى بمرحلة النسيج المصبوغ الجاهز للتصنيع كألبسة وغيرها  حيث لم يتم إعارة تكلفة الفرصة البديلة الاهتمام اللازم.
سيرومات شراب جاف 
  وحول ما يتعلق بالصناعة الدوائية  تم فتح فروع للشركات ذات الصفة الإستراتيجية وتأمين متطلبات عملها .../ الشركة الطبية العربية / تاميكو  إضافة إلى إنجاز كافة الدراسات والإعلان عن مشروع لإنتاج السيرومات وخط الشراب الجاف و إدراجهما في الخطة الاستثمارية للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية للعام القادم كما تقول المذكرة التي أشارت إلى وضع الصناعة الهندسية والقوالب  في شركتي الإنشاءات المعدنية وبردى للصناعات المعدنية  لافتة إلى أنه تم افتتاح ثلاثة فروع في دمشق وحمص  تنفيذ عقدين لتصنيع الأبراج لصالح وزارة الكهرباء إضافة إلى المباشرة بقسم إنتاج القوالب في شركة بردى وإنتاج ثلاثة قوالب بلاستيكية بانتظار توريد بعض الآلات وتشغيل معمل الصهر في حماة لإنتاج القوالب المعدنية, كما تم افتتاح فرع للشركة الأهلية للمنتجات المطاطية.
عمالة ومؤشرات
 وتتابع الوزارة عملها بشأن  العمالة في المؤسسات والشركات الصناعية والتي تم إعادة توزيع العمالة الفائضة والناجمة عن التدمير الكلي لعدد من الشركات الصناعية التابعة والتي لا يتوقع تشغيلها خلال السنوات الخمس القادمة حيث تزيد رواتب هذه الشركات من أعباء الوزارة وترهق ميزانيتها وقد تم نقلها إلى وزارات أخرى للاستفادة منها في أعمال تناسب كفاءتهم  مع الحفاظ التام على حقوق هذه العمالة  إلى جانب التشدد بالمواصفة القياسية السورية كأداة لحماية ودعم الصناعة المحلية مع الإشارة إلى أن  الوزارة  تقوم بإجراء تقويم دوري لأداء عمل المؤسسات والشركات التابعة حيث يتم الاعتماد على مؤشرات اقتصادية علمية وهي نقطة التعادل والتكلفة المعيارية ومقارنتها مع التكلفة الفعلية وبيان الانحرافات الحاصلة وتحديد أسبابها ودراسة الإنفاق الحاصل في بنود  الموازنة الجارية لا سيما البنود المرتبطة بالإنتاج وقياس التناسب بين الإنفاق المذكور مع معدلات تحقيق الخطط الإنتاجية  ويتم اتخاذ القرارات اللازمة لتصحيح مسارات العمل كلما دعت الحاجة  إلى جانب احتساب التكاليف الثابتة وتوزيعها على الإنتاج المخطط بدلاً من الإنتاج الفعلي للشركات التي حققت معدلات تنفيذ متدنية استطاعت تخفيض كلفة الإنتاج وتصريف المخزون وإعادة تشغيل الشركات المتوقفة بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج.