استحقاقات الشتاء.. فصل معاناة متكررة وكل عام بنكهة جديدة..مواطنون يعيشون على حد الفقر..ارتفاع أسعار ودخل متراجع

استحقاقات الشتاء.. فصل معاناة متكررة وكل عام بنكهة جديدة..مواطنون يعيشون على حد الفقر..ارتفاع أسعار ودخل متراجع

الأزمنة

السبت، ٥ سبتمبر ٢٠١٥

أحمد سليمان
إذا كانت مقولة (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان)، قد تكون صحيحة في بلدان أخرى، وفي ظروف طبيعية يعيشها مواطنو تلك البلدان، إلا أن ما يواجهه المواطنون السوريون في هذه الظروف في ظل الحرب التي تجري على بلدهم وفيه وأتت على معظم مطارح الإنتاج الصناعي والزراعي تخريباً وتدميراً وتوقفاً، وما رافقها من عقوبات اقتصادية طالت كل متطلبات الحياة، فإن مقولة السيد المسيح تلك قد لا تصح في بلدنا، ولا في ظروفنا، ويبدو أن المواطنين سيختصرون كل متطلبات حياتهم، والتي يختصرها بالتتالي، ليعيش على الكفاف.. هذا إذا تمكن من العيش على حدوده..!!
حدود التسول
 فلم يعد بين معظم المواطنين والتسول، سوى حاجز الخجل، في ظل توقف مطارح الإنتاج في معظم القطاعات الإنتاجية والخدمية التي التهمتها الحرب ودمرتها وخربتها وأوقفت معظم ما كان يعمل عن الإنتاج، وبالتالي عدم توفير فرص عمل لمئات الآلاف من أرباب الأسر إن لم نقل للملايين في القطاع الخاص، فيما ما زال موظفو القطاع العام ينالون رواتبهم الثابتة في قيمتها قبل أن تتراجع قيمة العملة الوطنية إلى أكثر من ست مرات إن لم يكن أكثر تحت ضربات ارتفاع سعر الصرف الذي لم يتم إيجاد حل له، والذي ينعكس بشكل أوتوماتيكي على أسعار كل ما هو في السوق، حتى أبسط المنتجات حتى الزراعية منها، رغم أن المزارعين هم أقل الفئات استفادة من ارتفاع الأسعار، لعدم قدرتهم على التأثير في أسعار السوق، والتي يتحكم بها التجار والسماسرة والوسطاء، والحلقات التجارية المختلفة، حيث يصل سعر السلعة النهائي إلى المستهلك عدة أضعاف ما باعها المزارع، فيما لا يتجاوز الفارق بين سعر السلعة الصناعية عند بيعها من المنتج، وسعر بيعها للمستهلك الضعف، وهذا ينعكس بالتالي على المستهلك، صاحب الدخل المحدود والمتآكل، بفعل كل ما ذكر..
لحق بالربع
وهذا الشتاء يبدو أننا أمام حملة جديدة في ارتفاع الأسعار، بدأت بالدولار الذي ارتفع فوق حاجز الـ300 ليرة، رغم كل المعالجات التي يحاول المصرف المركزي العمل بها وبيع عشرات ملايين الدولارات لشركات الصرافة في محاولة منه لوقف التدهور المتوالي للعملة الوطنية، وهذه المحاولة ـ كما المحاولات السابقة ـ لم تشفع لليرة من التراجع فما كان من المصرف إلا ولحق سعر الصرف المرتفع وكالعادة وأصبح يبيع الدولار بأقل من سعر السوق ببضع ليرات..
والمازت والكهرباء
وفيما اتخذت الدولة قبل فترة وجيزة قراراً برفع سعر المازوت من 125 ليرة إلى 130 ليرة ما زاد في انعكاس جديد على الأسعار في السوق المحلية وأن حاولت ضبط بعض المنعكسات على بعض القطاعات كأجور النقل الداخلي إلا أن باقي الأسعار والأجور بشكل عام ارتفع بأكثر من نسبة ارتفاع المازوت بشكل أوتوماتيكي ودون ضوابط لها.. وزاد في الطين بلة ارتفاع أسعار الكهرباء بشكل عام بعد رفع أسعار الكهرباء الصناعية والتجارية قبل فترة وجيزة مما زاد في تكاليف مدخلات الإنتاج الصناعية والخدمات الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بل كان مبرراً للصناعيين وتلتهم الحلقات التجارية في رفع الأسعار لكافة المواد والسلع المتوافرة في السوق المحلية.
أكثر ضراوة
أمام كل هذا مما خلقته الحكومة من ظروف لكل العاملين في الحقلين الصناعي والتجاري لرفع الأسعار، ثمة حديث ربما يطال رفع الأسعار لمواد أخرى ستزيد من التأثير على ارتفاع الأسعار ربما يكون المازوت مرة أخرى والبنزين وربما الغاز مما يقوي مبررات رفع الأسعار مرة أخرى للمواد والسلع بالنسبة للعديد من الحلقات التجارية والتي لا تحتاج إلى مبررات..الأمر الذي يدفع المواطنين للتساؤل كيف يتدبرون أمرهم المواطن المنهك من متطلبات قوت أيامهم في الوقت الذي تتحدث الحكومة وعبر جلسات أسبوعية عن توفير عوامل صمود المواطنين.. في الوقت الذي يجدون أنفسهم مهزومين في أولى المعارك وهي معركة توفير القوت اليومي لهم ولأسرهم..!! فكيف في معاركهم الأخرى والتي تبدو أكثر ضراوة مع بداية هذا الشتاء..
 استحقاقات المدارس
 ففي مجال استحقاقات المدارس والتي يواجهها عدنان ـ وهو واحد عشرات آلاف أرباب الأسر، إن لم نقل مئات الآلاف ـ بالتحايل على شراء بعض الحاجيات قبل بدء الفصل الدراسي.. يقول لدي أربعة أولاد كلهم في المدارس، وإذا أردت شراء كل متطلباتهم جديدة لهذا العام، فإن خمسين ألف ليرة قد لا تكفي وهو ما يعادل راتب شهرين، وأنا الموظف في القطاع العام منذ أكثر من 15 عاماً، وبالكاد راتبي يكفي الطعام في الحدود الدنيا، مع المساعدات التي تصلني إضافة إلى عملي كسائق سرفيس بعد الظهر لست ساعات كحد أدنى في اليوم، ويتابع عدنان قد أكون محسوداً من الغير، لأنني موظف وثانياً تمكنت من الحصول على فرص عمل إضافية، وكل ذلك لا يكاد يغطي احتياجات أسرتي.. ولكن هذا العام وقبل بدء العام الدراسي حاولت شراء محافظ لثلاثة من أولادي الأربعة بعد أن أصبحت محافظ العام الماضي بلا شكل بعد ترميمها عدة مرات، وعندما ذهبت لشراء المحافظ كانت الاسعار تبدأ من 1500 ليرة وتصل إلى أربعة أو خمسة آلاف ليرة ولأنني لست كالبخيل الذي يأكل في السوق مرتين في محاولة التوفير أردت أن أوفر طول العام لأشتري محافظ تكون جيدة الصناعة ومتينة كي لا تتمزق فاشتريت ثلاث حقائب وبعد المماحكات مع البائع استطعت أن احصل عليها بـ 5ر7 آلاف ليرة ثم جاء دور الصداري والبدلات المدرسية فاشتريت ثلاثاً أيضاً بـ 12 ألف ليرة مع العلم أنني لم أكن مقتنعاً وراضياً عن نوعية الأقمشة والتي ارتفعت أسعارها هذا العام عن العام الماضي بنحو 40 بالمئة وهذا ما يستدعي التساؤل حول ما تتحدث عنه الحكومة عن الرقابة على أسعار احتياجات المدارس التي لم تنتهِ معركتي معها بعد فهناك الأحذية وهناك الدفاتر والكتب والأقلام وغيرها والتي أيضاً ارتفعت قبل بدء العام الدراسي ولم ينفع تحايلي على هذا الجانب من احتياجات هذا الفصل..!!
 50 ألفاً للتدفئة
وهذا الفصل سيكون بارداً قياساً بما حصل في صيف العام الماضي والذي قبله وشتائهما ـ كما يقول إبراهيم.. في العام الماضي لم يكفني الـ 200 لتر من المازوت التي كنت قد سجلت عليها واضطررت إلى شراء نحو 150 لتراً آخر لزوم التدفئة لتصل كلفة مازوت الشتاء في العام الماضي إلى نحو 50 ألف ليرة لم يكن معظمها متوافرة معي واضطررت إلى الاستدانة لنحو نصفها وخاصة أنني اشتريت كل عبوة عشرين لتراً ما بين 5ر3 آلاف و4 آلاف ليرة وخاصة أن بيتي بارد ولا تصله الشمس في الشتاء وأولادي صغار ولا أستطيع إطفاء المدفأة طوال فترة استيقاظهم مع عدم وجود الكهرباء وانقطاعها الطويل..
ذكاء الكهرباء
 وعن انقطاع الكهرباء الطويل يتساءل عبد الله الذي يفاجأ من ارتفاع فواتير الكهرباء رغم أن الكهرباء لا تصل ويقول عندما آتي لأدفع فواتير الكهرباء بالعادة أجد أن بعض الدورات لا وجود لاستهلاك فيها في حين أجد دورات أخرى أرقام لا يمكن أن أكون قد استهلكتها مما يعني ارتفاعا في قيمة الاستهلاك.. ويتهم عبد الله المسؤولين عن قراءة العدادات بأنهم لا يأتون بشكل دوري وانه يضعون الأرقام وهم في مكاتبهم الأمر الذي يحملني كما كل المشتركين أعباء مالية غير عادلة وستزيد مع الرفع الأخير لأسعار الكهرباء متسائلا إذا كانت بالكاد تأتي الكهرباء كيف لهم أن يرفعوا أسعارها.. واستهجن إبراهيم ما خرجت به وزارة الكهرباء من أسعار لاستهلاك الكهرباء في الذروة المسائية وأسعار لباقي ساعات اليوم وقال لا تتوافر عدادات تحسب استهلاك الذروة وهي بالكاد تحسب الاستهلاك بشكل عام فكيف ستحسب استهلاك الذروة وغيرها من ساعات النهار.. أم أن ذلك سيفتح الباب على فواتير كيفية على حسب مزاج شركات الكهرباء وموظفيها..
 
نسي المكودس
ونسي أبو محمد مونة الشتاء بسبب كلفتها الكبيرة كالمكدوس الذي يخاف من التفكير فيه بسبب ارتفاع تكاليف كل مكوناته من الزيت الذي ارتفاع لأكثر من أربعة أضعاف والباذنجان والفليلفة والتي ارتفتعت أيضاً إلى حدود المئة ليرة..يقول صرت اعتمد على (الكسيد) لبعض الخضروات والزراعات الصيفي عندما ينخفض سعرها وهي لم تنخفض نهائيا كالبامياء التي لم تنزل عن الـ 300 ليرة والفاصولياء أيضاً واليقطين حيث تمكنت من الحصول على بعض الكميات بأسعار منخفضة بعد ترصد طويل للأسعار في حين لا أستطيع وضع تموين الشتاء من الجبنة والتي لم ينخفض سعر الكيلو منها هذا العام عن الـ 500 ليرة، معتبرا أن مادة البرغل والحبوب أصبحت أساسية في مونة الشتاء..
 وهؤلاء المواطنون نماذج للأغلبية العظمى من السوريين الذين يواجهون معارك استحقاقات هذا الشتاء ونضالهم للحصول على بعضها أو جزء منها لأنهم لا يستطيعون الحصول على كل شيء إلا أن لسان حالهم يقول أين  ما وفرته الحكومة من عوامل صمودهم فجيوبهم خاوية فهل وفرت عوامل صمود عملية يلمسها المواطنون وليست إعلامية...!!!؟؟؟